بدعوة من ”حملة قانون واحد للجميع“ ومنسقة الحملة مريم نمازي
سركول احمد تشارك في مراسيم يوم المرأة العالمي في لندن وتلقي خطاباً باسم منظمة
تحرير المرأة في العراق - نص الخطاب
الاصدقاء والصديقات الحضور. اسمي سركول أحمد من منظمة تحرير المرأة في العراق
ومسؤولة الحملة العالمية لإلغاء قانون الأحوال الشخصية في كردستان العراق. بداية"
أهنئكم تهنئة" حارة بمناسبة 8 مارس يوم المرأة العالمي وأشكر حملة ( قانون واحد
للجميع ) وذلك لمنحهم لي هذه الفرصة بغية إيصال كلمتي إليكم.
كلنا على علم بحقيقة كيف أنه بسبب النظام العالمي الجديد والديمقراطية ومفاهيم
مابعد الحداثة، وقعت مصائب رهيبة على المجتمع البشري وكيف أن قسماً كبيراً من
ضحاياها كانوا من النساء. وكما هو الآن في البلدان المتقدمة فإن الملايين من النساء
يخضعن لتهديد التمييز والتحرش الجنسي. وفي هذه البلدان المتقدمة وبسبب مفهوم
التعددية الثقافية او النسبية الثقافية
Multi-culturalism
الذي هو منظور غربي يميني معادي للإنسان وتحت تسمية حرية الفكر وأحترام الآخرين
والتسامح تحولت تلك المفاهيم والممارسات إلى عناصر لفسح المجال أكثر أمام تمرير
الممارسات الرجعية لكل الأديان ومن ضمنها الإسلام السياسي. فعلى سبيل المثال إتاحت
الفرصة لفتح المزيد من المساجد في مختلف بلدان العالم الغربي المتمدن وسعي
الإسلاميين لسوق الأطفال إلى تلك المساجد. وكذلك تحت تسمية التعددية الثقافية أطلقت
أيادي الاباء والأخوة والأزواج في قتل البنات والنساء بالإضافة إلى فرض الكثير من
المسائل الرجعية الأخرى.
وقد شهدنا كيف أنه في قلب أوربا وأمريكا وكندا،
تعرضت النساء للقتل على أيدي الأباء والأزواج، يذريعة الدفاع عن الشرف.
وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك، ففي السويد تم قتل فاطمة، وفي كندا قتلت فتاة
صغيرة بعمر 16 اسمها اقصى برويز.
لقد قام بتلك الجريمة ابوها بسبب نزع تلك الفتاة لحجابها ورغبتها، أسوةً ببقية
زميلاتها، في لبس الملابس المدنية العصرية. ونفس الشيء يحدث في الكثير من البلدان
الأخرى وترتكب الكثير من مثل تلك الجرائم.
إن مقولة وقانون التعددية الثقافية في الغرب هي مفهوم رجعي يهدف الى إطلاق بد
الإسلاميين للتدخل في قوانين هذه البلدان بغية وضع القوانين والشريعة الإسلامية
المتفسخة ضمن القوانين العلمانية لتلك البلدان. قبل خمسة سنين
كان الإسلاميون منهمكين في محاولة انشاء محاكم الشريعة الاسلامية في كندا،
وقد حاولوا كثيرا" أن يحققوا ذلك الهدف، ولكن وبكل سرور، وبهمة الشيوعيين وكل
المتمدنين والعلمانيين تم قطع الطريق أمام هذه المحاولات الرجعية الخبيثة
للإسلاميين وتم إفشال مسعاهم.
فيما يتعلق بالعراق. فقد أصبحت النساء ضحايا الحروب واحدة" بعد الأخرى وخصوصا" حرب
أمريكا التي اصبحت سببا" لأنبعاث العشرات من الزمر والمجاميع الرجعية والقومية
والدينية من الذين ينفرون من النساء والعلمانيين والمدنية داخل المجتمع العراقي.
وكما يعلم الجميع إن نساء العراق يقضون حياتهن في مجتمع فقد كل خصائص ومقومات
الحياة المدنية وانهار بسبب واقع الأحتلال وتداعياته. ذلك لأن الحرب والقتل
والتفجيرات والأختطاف والحرب الطائفية والقومية سببت ضياع الحقوق الأساسية، وشيوع
البطالة والفقر والحرمان من التعليم. وكما هو معلوم يسود في العراق قانون رجعي هو
من أخمص قدميه ولقمة رأسه معاد للمرأة. يقوم هذا القانون على أساس الأبارتيد
والتمييز الجنسي الذي ينبع من مصادر الشريعة الإسلامية، التي تبيح أنتهاك كل الحقوق
الفردية والمدنية.
في كردستان العراق، وبنفس الصورة التي ذكرناها، يتم إهانة النساء والأستهتار بهن،
في ظل سيطرة الأحزاب القومية الكردية، لا لشيء بل، فقط لمطالبتهن
بأبسط حقوقهن الإنسانية، وعلى أعقابها ربما يتعرض البعض من النساء لقطع
الأنف، ومن ثم يدعي ذووها أنها تمت بسبب الدفاع عن الشرف، أو رجمها بالحجارة حتى
الموت، وهذا ماحدث مع ( دعاء خليل ) في منطقة بهدينان وفينك في قلعة دزه.
ما هذه سوى قطرة من بحر الجرائم التي ترتكب يوميا" بحق المرأة في كردستان العراق.
وأحيانا" تضطر النساء تحت تهديد مختلف العصابات إلى بيع أجسادهن من أجل تأمين
معيشتهن ومعيشة أطفالهن، علما" إن الكثير من مرتكبي تلك الجرائم هم من مسؤولي
الأحزاب الحاكمة أو من المتنفذين داخل مختلف مؤسسات الحكومة. وقد نشرت بهذا الخصوص
الكثير من الكتب التي وثقت تلك الجرائم البشعة بحق النساء في كردستان العراق. وفي
أغلب الأحوال تتعرض النساء اللواتي يطالبن بالعمل للتحرش الجنسي من قبل المسؤولين
المعنيين. وبموجب دراسة أجراها الدكتور يونس عثمان في كردستان العراق فقد تعرضت
(435 ) من النساء والبنات للتحرش الجنسي. ولكن الأبشع من ذلك هو أنه حسب آخر
الإحصائيات فإن أكثر من ( 30000 ) إمرأة قد تم قتلهن في السنين القليلة الماضية.
والآلاف منهن إضطررن لحرق أنفسهن، فإذا تفضلتم الآن بزيارة مستشفيات السليمانية
وأربيل ودهوك فسوف تجدون فيها ما تؤكد هذه الحقيقة، كما وأنه بموجب الإحصائيات
الرسمية لمنظمة يونيسيف
فإن
60% من نساء كردستان قد تعرضن لقطع أجزاء من أعضائهن التناسلية والتي تسمى في
كردستان ( بالختان ). وإن ما هو جدير بالذكر في هذا الأثناء هو أنه عندما بدأ قتل
النساء في كردستان العراق على يد الأحزاب القومية الكردية بذريعة الدفاع عن الشرف،
وعندما كان هؤلاء يتباهون بالقوائم الطويلة التي أدرجت فيها أسماء ضحاياهم من نساء
كردستان، فإن اليساريين والشيوعيين هم الوحيدين الذين وقفوا بوجه مرتكبي تلك
الجرائم، وبغية تشويه هذا الهدف الإنساني النبيل تم توجيه تهمة الدفاع عن الأنحطاط
الأخلاقي إليهم من قبل الأحزاب الحاكمة ومؤيديهم من الرجعيين في كردستان.
في السنين الماضية ناضلنا ضد كل أشكال حرمان النساء من الحقوق، وضد كل هذه القسوة
التي مورست ضد النساء ولنفس الغرض وبغية حماية النساء من الموت فقد قمنا يتأسيس (
مركز الدفاع عن النساء ) وأثناء ممارستنا لأعمالنا بهذا الخصوص تمكنا من إنقاذ حياة
العشرات من النساء وتم تحريرهن من الموت المحقق. وكذلك قمنا بتشكيل ( مركز الدفاع
عن حقوق الأطفال في كردستان ) وقد ركزنا كل جهودنا ونضالنا من أجل إقرار حقوق أطفال
كردستان على شكل قوانين رسمية. ولكننا تعرضنا لهجوم مسلح من قبل حكام كردستان
وأقتحمت مراكزنا وتم غلقها بالقوة المسلحة وتم منع كل نشاطاتنا وفعالياتنا المتعلقة
بالدفاع عن النساء والأطفال وزج بالكثير من ناشطات الحركة النسوية في سجونهم
ومعتقلاتهم. وعلى الرغم من كل ذلك فإن الحركة المساواتية للنساء باقية ومستمرة.
وإننا الآن في منظمة تحرير المرأة في العراق، في حالة نضال مستمرة، ضد ذلك القانون
الرجعي الذي يسمى ( قانون الأحوال الشخصية العراقي ) والتي تم سنه في عام 1959.
وأستنادا" على ذلك القانون فقد قامت الأجهزة القمعية للنظام البعثي المقبور ( اثر
اعلان الحملة الايمانية لنظام البعث)، في بعض مدن الوسط والجنوب، بقطع رؤوس أكثر من
( 200 ) إمرأة وتعليق اجسادهن العارية أمام أبواب بيوتهن لبضعة أيام. نعم! ذلك
القانون الذي أقر على اساس التمييزالجنسي ضد النساء في جميع المجالات،هو نفس
القانون الذي يعمل به حالياً في كردستان، بعد أن أجروا عليها بعض التعديلات التافهة
وبعد أن تم توقيعه من قبل البرلمان والحكومة وسموه (قانون الأحوال الشخصية في
كردستان العراق). وبموجبه يحق للرجل أن يتزوج بأكثر من إمرأة وذلك وفق بعض الشروط
التافهة التي تفرض الخضوع والدونية على النساء وتضفي الصفة الرسمية والشرعية
القانونية للسيطرة الذكورية داخل المجتمع.
إن إحدى الوظائف التي تسعى منظمة تحرير المرأة في العراق من الآن إلى تحقيقها هي:
تنظيم حملة عالمية من أجل إلغاء قانون الأحوال الشخصية في كردستان العراق، على أن
تحل محله قانون متمدن، علماني، على أساس فصل الدين عن الدولة وعن مناهج التربية
والتعليم. وبالإضافة إلى ذلك فإن لدى منظمتنا العديد من الأعمال والمشاريع الأخرى
على جدول أعمالها. وبغية تحقيق كل تلك المشاريع والأعمال فإننا بحاجة ماسة إلى
دعمكم المادي والمعنوي. ومن هنا أدعوكم أولا" إلى ضرورة وضع توقيعاتكم على حملتنا
المذكورة وهذا من شأنه أن يضاعف قوة هذه الحملة. وثانيا" أن تقدموا لهذه المنظمة
الدعم المادي بكل الأشكال الممكنة، إن دعمكم لهذه المنظمة، ستكون دلالة على وقوفكم
معنا ضد كل الأوضاع البربرية الحالية التي تعيش بظلها نساء العراق. وأنا متأكدة من
أن وقفتنا المشتركة والجماعية ( في جبهة العلمانية ) ستكون من شأنها تحقيق السلام
والحرية وعالم دون أضطهاد للنساء خصوصا" ولكل الناس عموما.
في النهاية أشكركم مرة أخرى لهذه الفرصة التي منحتموني للأستماع إلى كلمتي.
سركول احمد
sargulah@yahoo.com