أرفعوا أصواتكم ضد التجويع والموت البطيء لأطفال العراق
سركول أحمد*
بعد نشر الخبر والمناظر المرعبة عن ما يسمى دار حماية الأطفال المشردين في مدينة بغداد من قبل مراسل صحفي أمريكي يدعى ( لارا لوغان ) من قناة سي بي أيس. فقد هزت من الأعماق الضمائر الحية لكل مناصري النزعة الإنسانية وكل مؤيدي وحماة حقوق الأطفال .
إن حقيقة هذه الحادثة ومناظرها المفزعة هي مؤثرة إلى درجة ، بحيث أن الضمير الإنساني لا يستطيع أن يسكت عنها حتى ولو للحظة واحدة ، دون إدانة واستنكار هذه الجريمة الكبرى . وهذه الجريمة بدأت عندما تم فتح عدد من البيوت شكليا" لرعاية الأطفال اليتامى، وقد تم تحديد ميزانية لها من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية من أجل تلبية احتياجات هؤلاء الأطفال . إلا أنه على عكس ذلك فإن الأطفال في تلك البيوت قد حرموا حتى من أبسط مقومات الحياة المتمثلة بالمأكل والملبس وهم في نفس الوقت يواجهون خطر الموت من جراء الجوع والمرض وانعدام أماكن العيش المناسبة والرعاية الصحية. فإذا ما ألقينا نظرة خاطفة على مكان معيشتهم فأنها لا تفرق كثيرا" عن السجون. إن صراخ هؤلاء الأطفال وإحساسات الطفولة البريئة، والأجساد العارية والجوع في تلك الزنزانة الرهيبة تنادي الضمائر الحية لمناجاتهم وانقاذهم من ذلك الجحيم. إن الأطفال المحرومين من أولياء الأمور والذين تم خطف البسمة من شفاههم وحبس الدمعة في عيونهم، هم أطفال جياع وعراة ، أطفال محرومين من التربية والتعليم الإنساني ومن كل إحساس إنساني، أطفال حالتهم تشبه الاضطهاد والآلام الروحية والجسدية . وفيما عدا كل ذلك فإن هؤلاء الأطفال المتعودين بتأثير الدين على الرعب والخوف ، وهم أطفال الشوارع المضطرين على العمل القاسي والهدام، والمعرضين لأمواج شبكات عصابات المافيا الذين يعودونهم على الإدمان بالمواد المخدرة والمحرومين من كل الأحتياجات الصحية، وكذلك هؤلاء الأطفال هم ضحايا هجمة الاعتداءات الجنسية ، وعليه فإن هذا الحرمان من الحقوق وكل الحقوق الاخرى لأطفال العراق وإضافة إلى كل ذلك انعدام قانون مدني وعلماني يقر فيها حقوق الإنسان بصورة رسمية ويعاقب بصورة قاسية، على ممارسة الجرائم ضد الإنسانية ويمنع بقية الجرائم بحق الأطفال. في مجتمع كهذا ، والتي لا يتم الاعتراف بحقوق الأطفال والنساء بشكل رسمي وفيها تتكاثر معاناة أطفال الشوارع، فإن قتل النساء والرجم بالحجارة ستصبح فيها أمورا" أعتيادية بالنسبة للناس الأشرار ، ولأنه لا يجري مسائلة قانونية جدية بحق كل تلك الجرائم ، وفي الوقت الذي يرتفع الصوت العالمي المعترض، من قبل المنظمات المدافعة عن حقوق الأطفال ومن قبل الناس والمنظمات الإنسانية والسياسية والأحزاب الراديكالية والشخصيات الداعية للحرية ، بوجههم فأنهم يفضحون ، وإن المسؤولين عن تلك الجرائم وخصوصا" وزير الشؤون الاجتماعية ، يحاولون إيجاد الذرائع والمبررات الواهية وكما يفعلون دوما" ويقولون : بأن هؤلاء الأطفال هم مجانين ومرضى ولهذا السبب يقومون بتعرية أنفسهم ويوسخون أنفسهم ويضعون أيديهم في وساختهم !! وهل يجب أن يتم التعامل مع الأطفال المرضى بهذه الصورة ؟ من الواضح إن هذه هي ماهية وممارسة هذا المجتمع الذي حكامه يرفعون بلاغا" ليس له صلة لا من قريب ولا بعيد مع أماني ومطاليب الأطفال. إن هذه الجريمة الكبيرة التي اقترفت بحق الأطفال هي جزء صغير من الجرائم ‘ وعليه فعندما يكون هذا هو حظ الأطفال في الدور المحمية، فأين يتجه مصير هؤلاء الآلاف من الأطفال القابعين في شوارع وازقة مختلف مدن العراق والذين يتعرضون يوميا" لتهديد الموت والمحرومين من أبسط المقومات اللائقة بحياة الأطفال. هذه حقيقة مرة ووضع مأساوي وحبلى بالموت وهذه المظلة هي المفروضة على حياة الأطفال ، هذه هي النتيجة الطبيعية للاحتلال الأمريكي وحلفائه الذين جعلوها هدية للناس وهو في نفس الوقت جزء من السيناريو الاسود الذي يعيق ويعكر حياة الجماهير في هذا البلد . وقد أعلنا ذلك مرارا" وتكرارا" بأن أمريكا لا تستطيع أن تؤمن الحرية والرفاه والعيش الرغيد من خلال الاحتلال .
إننا بوصفنا منظمة مدافعة عن حقوق أطفال العراق نعلن بأن سلطة قومية وطائفية ودينية لا تستطيع أن تقف مع نزعة الحياة المدنية والإنسانية . إن أمريكا عندما تفرض هذا الشكل من السلطة فستكون هذه هي نتيجتها الحتمية، إن السبيل الرئيسي لحرية أطفال العراق هو تحقيق حياة لائقة بهم كأطفال وجيل المستقبل ، هو فقط الاشتراكية والتي لا يفسح المجال ، بتسمية الاطفال باليتامى ولا يوجد فيها أطفال دون مربي، وعليه فإن هذه التفرقة وهذا الحرمان من الحقوق والجرائم الحالية التي نراها بحق الأطفال ستنتهي في المجتمع الاشتراكي إلى الأبد . ومع هذا يجب أن نطالب فورا" ، ليس بسحب الثقة فقط من وزير الشؤون الاجتماعية بل ويجب تقديمه ومقاضاته في محكمة مستقلة ، وكذلك يجب محاكمة المسؤولين في ذلك الدار للأيتام أيضا" . إن الأطفال المحرومين من كل احتياجاتهم ينبغي منحهم كامل حقوق الأطفال . وإننا نعلن من طرفنا بأننا سوف نحاول القيام بالكثير من الفعاليات الاخرى التي من شأنها أن تمارس الضغط على سلطة المليشيا القومية والطائفية والدينية تلك بغية تحسين أوضاع الأطفال المشردين وبقية المحرومين من أطفال العراق .
———————————————-
* سكرتيرة منظمة الدفاع عن أطفال العراق