مقابلة مع الرفيق سردار عبد الله عضو المكتب السياسي حول تصريحات مسعود البرزاني في
اوربا والاوضاع المتردية لجماهير كردستان
نحو الاشتراكية: اصدرت حكومة اقليم كردستان
بيان ادان لحكومة بغداد برئاسة نوري المالكي حول قتل قوات الجيش لمتظاهرين في
الفلوجة يوم الجمعة المصادف 25 كانون الثاني. ما هو تعليقك على اعتراض حكومة اقليم
كردستان هذا وما هو موقف الحزب من جريمة الاعتداء على المتظاهرين؟
سردار عبد الله:الجماهير تعرف جيدا ان الاوضاع السياسية في كردستان كانت محتقنة قبل
حوالي العام. كان هناك تظاهرات واحتجاجات ونفس الظاهرة التي يدعون هم اليوم ادانتها
قد قاموا بها هم انفسهم، اي الاعتداء على المتظاهرين وقتلهم في تظاهرات 17 شباط
2011. ولحد هذه اللحظة فان حكومة اقليم كردستان لم تفعل اي شئ لمحاسبة قتلة
الجماهير. ولكن السؤال المطروح هو
لماذا تصدر حكومة البرزاني بيانا للتنديد بوحشية حكومة المالكي بحق المتظاهرين في
الفلوجة ؟. بالطبع ان وحشية الجيش في التصدي للمتظاهرين كما حدثت في الفلوجة قد
ادناه وهي جريمة وحشية لا جدال فيها، ولكن حكومة اقليم كردستان لا تنطلق من زاوية
انسانية بل ان تريد ان تخدم اهدافها الخاصة حيث لديها صراع قومي مع حكومة المالكي.
هذا الصراع القومي يتعقب مصالح خاصة بهم سواء سياسية او اقتصادية. وبرأيي ان سبب
اصدار بيان التنديد او اي بيانات اخرى من حكومة اقليم كردستان ضد المالكي وجيشه
فانه ينطلق من هذه المصالح الخاصة ومن التنافس القومي بين القوميين الكرد وحكومة
المالكي. لا علاقة مطلقا لهذا الاعتراض بالدفاع عن الحقوق الانسانية للمواطنين او
الجماهير او الدفاع عن حريات التظاهر. وكما اوضحت فحكومة اقليم كردستان تمتلك
تأريخا في القمع. كل جماهير كردستان تعرف ان هذا البيان كاذب وليس لديه اي مصداقية.
نحو الاشتراكية:
قبل فترة قصيرة زار مسعود البرزاني اوربا واجتمع مع لجنة الصليب الاحمر الدولي
واطلق تصريحات حول توفر الحريات السياسية وغياب القمع في كردستان واستتباب
الديمقراطية وغير ذلك. هناك قوى سياسية معينة داخل كردستان في البرلمان وخارجه قد
شجبت تصريحات مسعود البرزاني وبينت ان هناك سجناء سياسيين وان هناك قمع وتكميم
افواه ومنع حرية التعبير وهناك العديد ممن تم اختطافهم وتعذيبهم من قبل الاسايش.
ماهي برأيك اهداف تصريحات السيد البرزاني وماهي اهداف هذه التصريحات ؟
سردار عبد الله:
ان المتابع للوضع في كردستان يعرف ان هناك تململ واعتراضات قوية ضد حكومة اقليم
كردستان حول مسالة مفقودي الحرب الداخلية التي نشبت بين القوميين الكرد انفسهم.
هناك اعتراضات عديدة داخل البرلمان من قبل عوائل المفقودين الذين فقدوا اثناء الحرب
بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني في السنوات السابقة. هناك عشرات
من الاسر تطالب بمعرفة مصير ابناءهم ولا احد يعطيهم اي جواب. اصدرت حكومة اقليم
كردستان تحت الضغط بيانا قالت فيه انه ليس هناك اي اسرى او مسجونين. اذن هم يرتكبون
جرائم قتل السجناء السياسيين ويرتكبون عمليات الاختطاف للفعالين السياسيين
والصحفيين ومن ثم يتم تصفيتهم. ليس ثمة محاكمات او اجراءات قانونية لمحاكمة هؤلاء
بل هناك عمليات تصفية خفية. ان الاخطر هو ان الذين اسروا داخل حروبهم قد فقدوا
والاصح تم تصفيتهم. ان هذه ممارسة واقعية وكل المجتمع يتحدث عنها، من الطفل الى
الشيخ يعرف هذا. هناك شئ اخر. العديد من الصحفيين او الكتاب المنتقدين يقبعون في
السجون ولكن ماذا تقول الحكومة عن هؤلاء؟ يقولون انهم لم يعتقلوا لانهم كتاب او
صحافيين معترضين بل هم مرتبطين بارهابيين وحركات ارهابية !. ولكن الحقيقة هي ان
هؤلاء هم سجناء رأي او تم اعتقالهم بسبب ارائهم السياسية وافكارهم. انهم صحفيين.
الصليب الاحمر يشكر مسعود البرزاني على هذه الحريات ! ولكنه لا يتابع مطلقا صدقية
هذه الادعاءات في كردستان بشكل عيني. كيف تم قتل الابرياء في مظاهرات 17 شباط في
العديد من مدن كردستان ولا حملات اختطاف الفعالين ورميهم في السجون بعد تهديدهم من
قبل قوات الامن للكف عن اعتراضاتهم وتخويفهم لعدم القيام باي فعالية سياسية ليطلقوا
سراحهم بعد هذه التهديدات بالتصفية. كل هذا القمع موجود بكردستان والجماهير تعرف ان
هذه التصريحات كلها كاذبة وليس لها اي مصداقية لدى الجماهير. حتى الناس غير
السياسيين يعرفون ان كلام رئيس الحكومة حول توفر الحريات وان ليس هناك وجود للقمع
او السجناء هو شئ ساخر وهزلي.
نحو
الاشتراكية:
سقطت امطار شديدة في انحاء متفرقة من العراق حيث تعرضت بغداد والعديد من المحافظات
الى حالات من الفيضان نتيجة انسداد شبكات تصريف المياه واختلاطها بالمجاري وحدوث
مخاطر صحية كبيرة واضرار. وكان كردستان هو احد المناطق التي اجتاحتها الفيضانات
وغرقت بالامطار. هل لك ان تشرح ماذا حدث في كردستان وهل حصلت حالات وفاة نتيجة لهذه
الامطار؟ كما حصلت اعتراضات من الجماهير حول تقصير اجهزة الحكومة في توفير الخدمات
او الوقاية من هذه الامطار.
سردار عبد الله:
ابدأ من كلمة قالها احد الكادحين المتضررين من فيضانات الامطار في مناطق كردستان
متحدثا في التلفزيون قائلا "تتحدثون دائما في اعلامكم وصحافتكم وتلفزيوناتكم عن
منجزاتكم وتعددوها واحدة واحدة ولكن الحقيقة هي انكم كلكم كذابين. انتم لم تفعلوا
اي شئ لجماهير كردستان. ارحلوا من الحكم ولا تبقوا على كذبكم وريائكم هذا". هذا
كلام لاحد المواطنين المتضررين تعليقا على ما جرى من كارثة. لقد تهدمت بيوت وانهارت
اسقف منازل وحصلت حالات جرف واضرار نتيجة الفيضانات التي غمرت المدن والقرى وقد قتل
عدد من المواطنين واضرار مادية وخسائر وايضا سببت الجزع والقلق للجماهير نتيجة هذه
الظروف التعسة وعدم توفر اي بدائل. الحكومة لم تفعل اي شئ لمساعدة الجماهير كما
انها لا تتخذ اي اجراءات وقائية من اجل منع حدوث الفيضانات. لماذا ؟ لان الناس
ليسوا مهمين لهؤلاء المتسلطين عليهم. الشئ المهم لهؤلاء هو المال وسرقة موارد
المجتمع والفساد ومراكمة الارباح في جيوبهم والحصول على معيشة مرفهة وباذخة. الناس
تغمرها المياه القذرة ويعيشون في البرد والطين وهؤلاء يعيشون في بذخ ورفاه خيالي.
حتى اللاجئون القادمون من سوريا قد تضرروا بشدة من هذه الفيضانات نتيجة اجتياح
المياه لخيامهم الرثة وجرفتها. اما الحكومة فلم تحرك ساكن ولم تفعل اي اجراء.
الجماهير باختصار تعرف ماهية هذه الحكومة وانها لم تقم باية اصلاحات او خدمات. حتى
المعارضة للحكومة تتحدث في بعض الاحيان عن ضرورة تغيير السلطة. طبعا ان قضية تغيير
السلطة تأتي اساسا من رغبة الجماهير في قلب السلطة والخلاص منها. المعارضة تأتي
بهذا المطلب كوسيلة لاستثمار اعتراض الجماهير. لا امل للجماهير باحداث السلطة لاي
اصلاحات او خدمات ولو بابسط المعايير.
نحو الاشتراكية:
هناك لغط داخل وخارج السلطة وخلافات بين القوى السياسية حول مسألة رئاسة اقليم
كردستان وباي الية او صيغة. ما موقفكم من هذا الموضوع وهل لديكم اعتراض او نقد لاحد
الاطراف وماهو موقفكم من الشروط الموضوعة على انتخاب رئيس للحكومة؟
سردار عبد الله:
هذا الموضوع ساخن داخل القوى السياسية سواء داخل السلطة او خارجها. هناك اتجاهان.
المعارضة قدمت بلاتفورم ينص على ضرورة انتخاب رئيس اقليم كردستان من صلاحيات برلمان
كردستان لانه الجهة الوحيدة المخولة لهذا ولديه الصلاحية باقامة رقابة على رئيس
الحكومة ولا يمكن للرئيس ان يكون لديه صلاحيات واسعة. الاتجاه الاخر وطبعا تمثله
السلطة ومسعود البرزاني شخصيا فيقول ان على الشعب ان ينتخب رئيسه.
انه بتعبير اخر يقول" يا جماهير صوتوا لي وليس لديكم اي علاقة بالامر
بعدها". الحزب الوطني الكردستاني وهو
حزب لديه تحالف مع حزب مسعود البرزاني غير موافق هو الاخر على هذا ولديه توافق مع
بقية القوى المعارضة مثل كوران والحزب الشيوعي الكردستاني والاسلاميين باجمعهم ضد
حزب البارتي. اما انا فلدي موقف اخر. قبل اي شئ. اقول ان ما موجود ليس برلمان وكل
الانتخابات التي حصلت هي انتخابات كاريكاتورية. هذه الاحزاب ديكورية. انهم يشترون
الاصوات بالفلوس. يوزعون الاموال على الجماهير لجلب الاصوات. هذه الانتخابات
والياتها كلها مزيفة ولا تمتلك ادنى معايير للنزاهة. كلهم ببرلمانهم ومسؤوليهم ليس
لديهم مشروعية. وبرأيي ان الحل هو في نزول الجماهير للشارع ورفضهم لهذه السلطة ، لا
ببرلمانها ولا برئيسها، ويطالبون بسلطة جماهيرية تكون ارادتهم فيها مجسدة كان تكون
سلطة مجالسية. انا ادافع عن المجالسية لان باستطاعتها ان تنتخب الرئيس وهي تمثل
ارادة الجماهير المباشرة. برأيي هذا هو المعيار الصحيح والواقعي لانتخاب الحكومة
والرئيس وغير من السلطات التنفيذية في كردستان. السلطة المجالسية برأيي لديها
امكانية لتحقيق ارادة الجماهير.
نحو الاشتراكية:
من يقول ان الاوضاع في كردستان اكثر طبيعية من العراق. هل يمكن القول ان البرلمان
في كردستان اذن يشابه البرلمانات في الدول الاخرى المتعارفة بالمقاييس البرجوازية ؟
هل يمكن مقارنته بالبرلمان التركي او الاردني او غيره؟ لم تنفون الية استخدام
البرلمانية هنا ؟ اليس هناك برأيك امكانية لاصلاح هذا البرلمان مثلا بدخول قوى
شيوعية وراديكالية كالحزب الشيوعي
العمالي اليساري العراقي بدلا من نفي البرلمان ؟ هل ثمة حل اخر غير الحل الثوري
الذي تطرحه ؟
سردار عبد الله:
انا ارى انه لو كان هناك ارضية واقعية لتجسيد ارادة الناس او ان هناك ارضية واقعية
للديمقراطية في واقع كردستان لقلت ان ذلك ممكن. ولكن يجب ان نلاحظ ان السلطة
الحالية هي سلطة ميليشياتية قومية وعشائرية. لقد جلبوا هذه السلطة بالضغط واستخدام
الترهيب والقوة وان الانتخابات في منطقة كردستان وايضا العراق هي انتخابات صورية
ومزيفة. ليس ثمة معايير انتخابية كما هو سائد في برلمانات دول اخرى.
في دول اخرى لربما يكون هناك فرصة لقوى راديكالية وشيوعية ان تناضل من داخل
البرلمان ولكن في واقع كردستان فان الامر ليس كذلك. ان الاوضاع في كردستان ليست
متعارفة او راسخة وان القوى التي تحكم وشكلت البرلمان هي قوى ميليشياتية وبالتالي
فان البرلمان ليس واقعيا او حقيقيا. معروف ان من يأتي بالاصوات في هكذا برلمان هي
الاحزاب المسيطرة على لاسلطة والتي تمتلك النفوذ المالي وشراء الذمم والترهيب.
برأيي ان الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي هو حزب اغلبية الجماهير واكثرية
المجتمع ولكن في هكذا اجواء بالطبع لن يستطيع ان يتنافس مع هذه الاحزاب لان
البرجوازية تستحوذ على كل الثروات لصالحهم ولصالح ترسيخ نفوذهم وهيمنتهم ونشر
اكاذيبهم وسيناريوياتهم عن الواقع.
نحو الاشتراكية:
ولكن هناك مطالب جماهيرية ملحة تتطلب اجوبة انية وسريعة. لا يمكن مثلا انتظار
الجواب من مجلس جماهيري غير موجود. ماذا تقول لامرأة او عامل او كادح يطلبون حلولا
سريعة لمشاكل عاجلة وخطيرة. مالحل برأيك ؟
سردار عبد الله:
افضل طريقة للجماهير هو في اسقاط هذه السلطة الميليشياتية. ولكننا لا نستطيع القفز
فوق الواقع لان هؤلاء متسلطين حاليا على السلطة سواء باسم البرلمان او الرئاسة او
الوزارات. الجماهير يوميا تطالب
بالخبز والحرية والكرامة والخدمات والاصلاحات وفي هذه الحالة فان الحل هو في تصعيد
الاعتراضات والتظاهرات. ان النزول الى الشارع وتنظيم الجماهير لانفسها ليس مسألة
مؤقتة. ان النضال اليومي من اجل مطالبهم وحرياتهم وكرامتهم هي مسألة صراع يومي
ومواجهة يومية ومصيرية. علينا ان نفرض مطالبنا عليهم ونوحد صفوفنا من اجل انتزاع
هذه المطالب المعيشية الملحة منهم.
نحو الاشتراكية:
شكرا جزيلا.