كلمة جورج بوش بمناسبة الذكرى 60 لتأسيس دولة اسرائيل
60 عاماً من الاجرام بحق جماهير فلسطين
زار جورج بوش اسرائيل والقى خطابا في الكنيست الاسرائيلي بمناسبة الذكرى الستين لقيام دولة اسرائيل. قال بوش في كلمته تلك ان بلاده فخورة بالتحالف المتين مع دولة اسرائيل ممتدحا بما وصفه النموذج الاسرائيلي للديمقراطية.
ان ذكرى تاسيس دولة هو في الوقت نفسه اعلان مأساة جماهير فلسطين. انها جريمة كبرى ارتكبت بحق البشرية.
بم يتم الاحتفال؟
ان تشكيل دولة اسرائيل لم يكن استقلالا لشعب من احتلال او طغيان او حكومة مستبدة. ان تلك الدولة شكلت بطريقة امبريالية وبمعونة الامبريالية العالمية. لقد قاموا بجمع معتنقي الديانة اليهودية من ارجاء العالم وتم ترحيلهم الى فلسطين وشكلوا دولة اسرائيل في العام 48. ولكن الامر لم يكن مجرد اعلان دولة. فلقد خلقت هذه الدولة مأساة فظيعة وجرائم لا تحصى خلال ستين سنة من وجودها. ان 60 سنة من تأسيس دولة اسرائيل هو ذكرى ستين عاما من جرائم هذه الدولة ضد الشعب الفلسطيني. ان دولة اسرائيل قد خلقت جرحا كبيرا في جسد البشرية وقد خلقت الوضع المأساوي في المنطقة وما يسمى الصراع العربي - الاسرائيلي. ان قيام دولة اسرائيل قد سبب حروب عدة منها حرب 1948 و 1967 و 1973 واجتياح لبنان عام 1982 وقيام جيش اسرائيل بارتكاب جرائم كبرى ومنها جرائم عملاء اسرائيل في القتل الجماعي للفلسطينين في مخيمات صبرا وشاتيلا في بيروت وتشريد مئات الالاف وقتل الاطفال وتدمير البيوت وتجريفها واخيرا وليس اخرا حرب تموز 2006 على لبنان وحصار غزة. يجب ذكر تلك الجرائم في ذكرى تأسيس هذه الدولة. جورج بوش يأتي ليحتفل مع هذه الحكومة الرجعية اليمينية في المنطقة بتلك الجرائم !!.
حلفاء
ومن المعروف ان الولايات المتحدة بالطبع حليف لدولة اسرائيل وان دولة اسرائيل تعني من الناحية العملية السياسية الامريكية في المنطقة. ان اسرائيل ليست وحدها ولن تتمكن من الاستمرار بسياساتها دون دعم امريكا. لقد قال جورج بوش في الكنيست:“ يجب ان تعتبروا انفسكم انكم 307 ملايين نسمة“ في اشارة الى ان امريكا واسرائيل شعب واحد. ان ذلك كذب بالطبع ولكنه يؤشر على ماهية السياسة الامريكية. لقد اعلن جورج بوش بذلك انه طرف ضد الشعب الفلسطيني وليس طرفا محايدا فيما يسمونه عملية السلام في المنطقة او تشكيل الدولة الفلسطينية ولكنهم اعلنوا انهم جزءا من الصراع وليس خلق اجواء المفاوضات وتشكيل الدولتين لانهاء هذه المجزرة في المنطقة.
وفي اشارته الى اهدافهم المشتركة قال بوش ان الولايات المتحدة واسرائيل تقفان معا في مواجهة التحديات الرئيسية لهذا العصر وهي الارهاب والتطرف مشيرا الى موقف البلدان الموحد لمواجهة الطموحات الايرانية بامتلاك السلاح النووي. ورغم اننا عبرنا عن رأينا حول الارهاب ومن هي اطراف الارهاب في العالم الا انني اشير هنا الى بحث مهم لمنصور حكمت بعنوان " العالم بعد 11 ايلول ” ويتحدث فيه بان العالم قد تغير كليا بعد ضرب البرجين في نيويورك من قبل قوى الاسلام السياسي وتحول هذه المناسبة لاستقطاب على الصعيد العالمي بين قوتين ارهابيتين هي ارهاب الدولة الامريكية وحلفاءها وارهاب الاسلام السياسي.
اليوم فان راية انهاء الارهاب يدعي حملها جورج بوش ولكنه في الواقع قطب من قطبي الارهاب العالمية وهو ارهاب الدولة . والا فما هو تفسير قتل مليون انسان في العراق لمدة 5 سنوات اذا لم يكن ذلك ارهابا؟ من المسبب بقتل مليون انسان؟ وان كانت اسرائيل حليف لامريكا فنسال : من وراء قتل محمد الدرة ومئات الاطفال الفلسطينيين من عمر 5 شهور الى اعمار 10 و11 و12 سنة؟ واليوم فقط قتل طفل في فلسطين اثناء خطاب جورج بوش في الكنيست. من هم المجرمون؟ من هم الارهابيون؟. ارى ان جورج بوش هو ايضا طرف ارهابي يمثل ارهاب الدولة.
ان جورج بوش لا يسمي الاشياء بمسمياتها. انه يطلق على الاسلام السياسي اسم قوى الارهاب او المتطرفين ولكنه لا يجروا على القول الاسلام السياسي - اي الجزء المعادي لامريكا: من الجمهورية الاسلامية وحماس والقاعدة وحسن نصر الله ومقتدى الصدر. هؤلاء لا فرق بينهم عن الاسلام السياسي الموالي لامريكا مالفرق بين الانظمة الاسلامية الموالية والمعادية لامريكا، بين السعودية والجمهورية الاسلامية مثلا؟ كلاهما يحكمها الشريعة الاسلامية. ان الفرق هو ان السعودية موالية لامريكا، فهي اذن غير ارهابية ( بنظر بوش ) بينما ايران المعادية لامريكا فهي ارهابية. ان قمع المرأة والشباب واستعمال الشريعة الاسلامية والرجم وقطع الاعناق والايادي وكل تلك الاعمال ليس ارهابية اذا ما اتت من السعودية. ان امريكا وجورج بوش يكيلون بمكيالين ازاء موضوع الارهاب.
الطبقة العاملة بامكانها انهاء الارهاب
ان الطبقة العاملة هي التي بامكانها ايقاف الارهاب وليس جورج بوش. انه بسياساته من خلال احتلال العراق قد اظهر للعالم انه عاجز عن ايقاف الارهاب بل قد زاد الارهاب في المنطقة والعالم. ان جورج بوش هو من اكثر الرؤساء الامريكيين سوءا حتى في نظر المواطن الامريكي. واليوم يقف جورج بوش مع الدولة الارهابية لاسرائيل ضد جماهير فلسطين.
تعليقات احمدي نجاد
لقد اصبحت القضية الفلسطينية مطية لكل من يريد ان يمرر سياساته. واحمدي نجاد هو احد قادة ارهاب قطب الاسلام السياسي. ان ادعاءاته هي نفس ادعاءات جورج بوش. الخميني ايضا كان يقول ان تحرير القدس يمر عبر كربلاء. نفس الادعاءات اليوم يستعملها احمدي نجاد والاسلام السياسي لادامة نفوذهم. القضية الاساسية هو الصراع على السلطة. يريد الاسلام السياسي ان يدير الصراع على السلطة. وباسم فلسطين تريد الجمهورية الاسلامية ان تكون صاحبة القضية الفلسطينية. ان اسرائيل الان دولة قائمة. ان ادعاءات احمدي نجاد حول محو اسرائيل من الخارطة او رمي اليهود في البحر هي تصريحات وحشية و ضد الانسانية. ان تلك ليست طريقة لحل المشكلة وانما يجب انتهاج الحل الانساني لانهاء الصراع. ان انهاء الصراع عن طريق تشكيل دولتين متساويتي الحقوق هو في خدمة الجماهير. الا ان الاسلام السياسي من حسن نصر الله واحمدي نجاد ومقتدى الصدر وكل الشراذم الاخرى قد اصبحوا عائقا امام حل القضية الفلسطينية بادعاءاتهم واستراتيجيتهم الرجعية والارهابية . فهؤلاء لا يهتموا باعادة تنفيذ الهولوكوست او المحرقة ضد اليهود مرة اخرى. لقد انكر احمدي نجاد حصول المحرقة اليهودية ولا يريد ان يعترف بهذه الجريمة الفظيعة بحق اليهود. ان احمدي نجاد لا يقل وحشية عن ادولف هتلر. ففي كل يوم يهدد بالقتل والابادة ورمي الناس في البحر.
اللا سامية
وفي اشارة الى معاداة السامية قال بوش: ”اننا نعتقد ان الحرية الدينية هي جزء اساسي من المجتمع المدني ولهذا نحن ندين اللاسامية بجميع اشكالها سواء جاءت من هؤلاء الذين يشككون بحق اسرائيل في الوجود او من اؤلئك الذين يعذرونهم بالصمت“. ان المجتمع المدني يعتمد على حق المواطنة وفصل الدين عن الدولة وعن التربية والتعليم وتقليل دور الدين في حياة المجتمع. ولكن جورج بوش يريد ارجاع الدين في حياة المجتمع ويدافع عن هذه القضية ويريد ان يبرزها عن طريق قضية اسرائيل. ان مسألة اسرائيل اليوم ليست الدين. وبالاحرى لا توجد قضية اسرائيل بل مشكلة اسمها فلسطين. هناك شعب يعاني ويظطهد ويحاصر ومن المفترض ان تحل مشكلته الانسانية. اما اسرائيل فلديها دولة وحكومة ونظام واطر لقوانين معينة. ولكن الشعب الفلسطيني مشرد ويعاني من ظلم الاحتلال الاسرائيلي والقصف والتعدي من قبل دولة اسرائيل. المفترض ان نحل هذه المشكلة. من الصحيح ان هناك جريمة ارتكبت بحق الشعب اليهودي على يد هتلر. ولكن هتلر غير موجود اليوم والهولوكوست اصبح جزءا من التاريخ. باسم المظلومية تقوم دولة اسرائيل اليوم بممارسة الظلم على جماهير فلسطين وتحاصر مليون انسان في غزة وتقوم بتجريف البيوت وقصفها. ان الهولوكوست لا يبرر مثل هذا الظلم والتعسف. اذا كان جورج بوش يريد حل القضية الفلسطينية فعليه اليوم ان يتحدث عن الحل. نحن نعتقد ان الحل هو تشكيل الدولة الفلسطينية المتساوية الحقوق مع دولة اسرائيل ودعم الشعب الفلسطيني لبناء هذه الدولة. ان الواقع يبين ان جورج بوش يقف مع اسرائيل لمنع حل القضية الفلسطينية على هذا الاساس.
انتقاد بوش لاوباما
يمثل جورج بوش اليمين العالمي المتطرف. كل من يقترب الى الاعتدال يعتبره يحاول مساعدة الارهاب او الاقتراب من الارهابيين. وهو بالطبع ينتقد الديمقراطيين الذين ينادون بسياسة خارجية معتدلة (بافتراض ان لهم تلك السياسية حيث ان بيل كلنتن هو الذي شدد الحصار على جماهير العراق...) ولكن بقياسها بسياسة المحافظين الجدد فانها تعد معتدلة. جورج بوش يريد التشدد ، وتشديد اليمين المتطرف على الصعيد العالمي. ان اليمين المتطرف يسوق العالم الى موضع خطر والبشرية في خطر دائم على يد هؤلاء المحافظين الجدد ولكن الشعب الامريكي اليوم له موقف من هذه القضية. اعتقد ان الحزب الجمهوري لن يحصل على الاصوات للانتخابات الرئاسية المقبلة.
حل القضية الفلسطينية
بالرغم من تشديد بوش على امله بتأسيس دولة فلسطينية قبل نهاية العام الحالي، الا انه في الحقيقة لا يريد ذلك والاهم انه لا يقدر على تحقيق ذلك و الامر ليس مطروحا في برنامجه. ان اي سياسة معتدلة لامريكا في المستقبل قد تسهل الامور لايجاد حل اي في حال عدم اصطفاف امريكا مع اسرائيل والدفاع المستميت عنها فان من المحتمل ان يؤدي ذلك الى ضعف موقف دولة اسرائيل اليمينية وتراجعها امام قوة اليسار في كل من فلسطين واسرائيل. ان جورج بوش يحاول ان يقوي اليمين المتطرف في اسرائيل، وفي نفس الوقت يقوي اليمين في الطرف الاخر اي الاسلام السياسي في الطرف الفلسطيني. انه يعطي لاشخاص كعبد الباري عطوان وغيرهم من الكتاب الرجعيين المجال لابراز اراءهم الاسلامية. ان اليسار وقوة الطبقة العاملة في فلسطين واسرائيل ومن خلال ابراز دورهم ضد اليمين على طرفي الصراع يمكنهم حل المسألة. ولكن في نفس الوقت فان وجود دولة امريكية معتدلة سيسهل من الموضوع ويساعد على حل القضية الفلسطينية.
لقد شهد العالم فترات كانت السياسة الامريكية اكثر اعتدالا واقتربت القضية الفلسطينية خطوات اكبر من الحل. اما في حال تقوية اليمين في المنطقة فلن ترى الجماهير الا المناوشات والحرب والتصعيد والقتل والغزو والتفجيرات وبالتالي تبتعد احتمالات حل للقضية الفلسطينية وتضعف قوى اليســار والانسانية.