مقابلة مع سمير نوري عضو المكتب السياسي للحزب حول قانون العمل المقترح واجتماعه
بعدد من كوادر العمال ببغداد
نحو الاشتراكية:
سمير نوري
:
قمنا بعقد الندوة لتسليط الضوء على القانون العمل المقترح الذي جرت عليه قراءة
اولية في البرلمان العراقي ومن المفترض ان يقوم البرلمان بالقراءة الثانية قريبا
وايضا من اجل التعبئة الجماهيرية وخاصة العمالية ضد ذلك القانون. جوهر القانون
يستند الى القوانين التي صدرت من قبل بحق العمال. انا اعتبر كل القوانين و القرارات
التي صدرت من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة معادية للعمال و لا تضمن ادنى مستوى
من حقوق العمال. ضمن هذه القرارات قرار 150 الذي صدر سنة 1987 والمعروف بقرار تحويل
العمال الى موظفين. ولا
تزال الحكومة العراقية تعمل بنفس القرار في كل القطاعات الحكومية الخدمية
والانتاجية المعروفة بالقطاع الأشتراكي. ان القرار ينكر وجود طبقة مستغلة (بفتح
الغاء) تعيش على بيع قوت عملها وبالتأكيد اذا انكرت وجود مكون اجتماعي ستنكر جميع
الحقوق السياسية والمدنية والنضالية لهذه الطبقة.
ان اسباب اصدار هكذا قرار (تحول العمال الى موظفين) مرتبط بنضال طبقة اساسية في
المجتمع الرأسمالي وبالوضع الأجتماعي في تلك الحقبة وخاصة في بلد تحت السلطة
الأمبريالية التي تستغل العامل الى ابعد و ابشع استغلال وبارخص الاجور وكان الهدف
اسكات العمال وقادتهم وشق صفوف الطبقة العاملة وخاصة ان العراق كان في ازمة خانقة
اواخر الحرب العراقية الأيرانية وكانت هناك ديون ضخمة تراكمت على العراق دمرت البلد
وبحاجة الى اعمار. ان الأمر لم يكن هين للنظام البعثي ان يجبر العامل على العمل 12
ساعة عمل متتالية وبنفس الأجر او اقل لفرض تعمير العراق على عاتق العمال. فبدون
هكذا قرار كانوا سيتوقعون ظهور نضالات عمالية واسعة في هكذا ظروف لذالك لجأوا الى
الهجوم على الطبقة العاملة قبل فوات الآوان كوقاية من شر الحركة العمالية.
نحو الاشتراكية:
لديكم تحفظات كبيرة على قانون العمل العراقي المقترح وتصفونه بالرجعي. ماهو
موقفكم العام من هذا القانون ولم تعتبرونه معادي للعمال ؟
سمير نوري: ان
الفرق بين التشكيلات ما قبل الرأسمالية والتشكيلة الأقتصادية-الأجتماعية للنظام
الرأسمالي، هو ان النظام السلعي اصبع طاغيا على كل شيء و خاصة قوة العمل - اي
السلعة الأساسية التي تعتبر اساس كل السلع او الوحدة الأساسية لتشخيص قيمة اي سلعة
اخرى. وامل هذه السلعة (قوة العمل) هو العامل والذي يعتبر حراً في النظام الرأسمالي
بمعنى حرً من الملكية الخاصة (من الارتباط بالارض) وحر بمعنى حر في بيع قوة عمله في
اي مكان و زمان و بأي قيمة يشاء. الرأسمالي حر في التصرف برأسماله و ممتلكاته و لكن
العامل غير حرُ وهناك وكلاء له في الدولة يمثلون البائع والمشتري لقوة العمل وتعتبر
الدولة هي كيان غير طبقي وفوق الجميع و حامي مصالح الجميع والكل سواسية، ولكن في
الواقع ان هذه الدولة لا تمثل الأ الطبقة البرجوازية الرأسمالية . اني اعتبر ان هذه
النقطة الجوهرية تتفرع منها بقية النقاط الأخرى سوف اشير الى بعض النقاط الاساسية:
اولا: هذه القانون لا يعترف بالطبقة العاملة ولا بحق التنظيم ولا بحق الأضراب ولا
بقيادة وممثلي الطبقة العاملة الا شكليا فقط حيث يعترف بجزء قليل من العمال او فئة
منهم وهم الذين ليس لديهم دور جوهري في عملية الانتاج.
ثانيا: هذا القانون يعتمد على العلاقات الأبوية في تنظيم علاقة العمال وارباب العمل
ولا يعتمد على المواطنة المتساوية خاصة في المشاريع الصغيرة حيث يعتبر افراد
العائلة تابعين للاب (ًصاحب المشروع) وليسوا مواطنين ولا يشملهم قانون العمل ويسمح
للاب بعدم دفع الاجرة لهم. في بعض الأحيان يقبل بدفع اي سلعة بدلا من الأجر وليس
شرطا ان تكون نقدا، وهناك مفاهيم مثل " العامل تكون تحت تصرف رب العمل" وغيرها من
المفاهيم الرجعية المعادية للعمال.
ثالثا: هذا القانون لا يعترف بشكل رسمي بقادة العمال ومنظماتهم كطرف رسمي وممثليين
للطبقة الأ جزئيا وان الوزير والمدراء ومكاتب الشؤون الأجتماعية وغيرهم هم ممثلي
العمال.
رابعا: حسب هذا القانون فان الأجرة مقسمة الى اقسام وذلك لكي تسهل على البرجوازي
اسقطاع اي جزء منها كيفما يشاء وان تحديد الحد الأدنى الأجرة غير واضح وغير انساني
والعامل صاحب السلعة غائب عن الصورة كليا.
خامسا: حسب هذا القانون فان العامل " يقع تحت تصرف ارباب العمل !!" ليس لتفيذ عمل
معين مقابل اجرة معينة لاكثر من
ثمانية ساعات في اليوم اي 48 ساعة في الأسبوع كحد أدنى وتصل هذا المدة في اكثرية
الأحيان الى 13 ساعة عمل في اليوم اي يبقى للعامل لاستراحته وتربية اطفاله ووقت
الأكل والنوم فقط 11 ساعة.
سادسا: اوقات استراحة العامل اثناء العمل حسب هذا القانون شنيع وبربري. فالراسمالي
يستطيع ان يشغل العامل لمدة 5 ساعات متتالية دون استراحة.
سابعا: عمل الأطفال والأحداث لم يمنع بل سن قانون عمل الأحداث تحت سن الثامنة عشر
ولم يحرم عمل الأطفال.
ثامنا ان الأضراب حسب هذا القانون معترف به شكليا ولكن بناء على هذا القانون لا
يمكن للعامل الاضراب عن العمل. هذا الحق او الشرعية ليس بيد العمال ومنظماتهم انما
بيد الوزارة والمسؤولين الحكوميين.
تاسعا التنظيم العمالي ممنوع لاكثرية العمال في القطاع العام والذين يشكلون العمود
الفقري للطبقة العاملة.
عاشرا: ان الأجازات وسن التقاعد وغيرها غير انساني او غير وارد في القانون.
اللجان التفتيشية بيد الدولة و مؤسساتها ولا تمثيل للعمال فيها الا بشكل ضئيل. واذا
سنحت لي الفرصة ساحاول توضيح هذه النقاط بشكل اوسع.
نحو الاشتراكية:
سمير نوري:
اولا نحن بصدد الحديث عن الطبقة العاملة اي الذين يعملون للرأسمالي او ارباب العمل
و يبعون قوت عملهم لمدة معينة و نحن نتحدث عن هذه الطبقة العاملة في القرن الواحد و
العشرين ونتحدث عن حقوق هذه الطبقة في ظل التطورات الاقتصادية السياسية والاجتماعية
والثقافية واذا كان اي قانون عمل لا يجسد هذه التطورات فهو يعتبر معادي للعمال
ورجعي.
ان القوات المسلحة جزء من حفظ النظام والدولة وهي قوات للقمع بيد الدولة وان خلط
وذكر الشرطة و القوات المسلحة ضمن قانون العمل وسيلة لتمويه الموضوع. ان استعمال
تعبير "موظفي الدولة" هو الاخر تعبيرا يراد به اعتبار العمال موظفين حيث ان مدير
شركة النفط والعامل في احد الفروع الانتاجية والعامل الموقت الذي يعمل باجر ضئيل
جدا يبدون سواسية. ان المسألة اكثر من حق التنظيم وحق الأضراب. انه انكار اعتبار
العمال عمالا وخاصة في الحقول الأنتاجية التي تعتبر شرايين الدولة البرجوازية
كالنفط والكهرباء وانتاج المعادن والبتروكيمياويات والأنتاج الضخم. هذا القانون
يمنع الطبقة العاملة ان تواجه البرجوازية كطبقة على صعيد البلد. والهدف الأخر هو
تقسيم العمال الى عمال مؤقتين وعمال رسميين والذين في الوقت الحالي يشكلون جزئا
كبيرا من العمال و لكنهم محرومين من حقوقهم واجرهم لا يتجاوز 30%من اجر بقية العمال
في نفس القسم الأنتاجي ومحرومون من حق التقاعد والأجازات. حسب هذا القانون فقط
الذين يعملون بعقد هم عمال وهذا تفرقة واضحة وتقسيم العمال الى عمال بالعقد
وموظفين.
اما حق التنظيم و الأضراب فهو يشمل العمال الموقتين فقط كمثال اذا كان يعمل في شركة
نفط الشمال 10000 عامل فان للعمال المؤقتين فقط حق التنظيم والأضراب وعددهم مثلا
2000 اي عشرين بالمائة من العمال و لا يلعبون دورا مهما في الأنتاج واضرابهم لايؤثر
على الشركة وان اخراجهم شيء سهل وبسيط بانتهاء عقدهم يطردون وحسب القانون. لذا يبقى
حق الأضراب والتنظيم حبرا على ورق لا يستطيع احد ان يمارسه لانه سيفتح باب جهنم على
نفسه وعائلته.
اما القسم الأخير من السؤال كما اشرت من قبل فهو الاعتماد على العلاقات الابوية
وليس الراسمالية. في هذه العصر لا تعترف بالمواطن و مساواته انما يتم الاعتراف
بالعائلة واصولها وفروعها، وهذا نفي لعلاقة رب العمل (ألرأسمالي) بالعامل و يستثني
هذا القانون الانتاج الصغير او المشاريع الصغيرة التي تشكل جزئا مهما ومكملا من
الأنتاج الرأسمالي والعمال في هذه المجالات يشكلون جزئا مهما. ونحن نرى باعيننا كيف
يتم استغلال الأطفال والنساء في حقول الزراعة والخدمة كالمطاعم او الورش الصغيرة
والميكانيك ...الخ ويتم استغلال الأطفال بشكل بربري والنساء لا يتمتعون باي حقوق في
هذه المجالات. ايادي الأباء او "رب" الأسرة مطلقة في استغلال افراد عائلته بدون ان
يشمل ورشته او مشروعه الصغير قانون العمل. اكثرية الأطفال الذين يعملون فانهم
يعملون بهذه المجالات، و المرأة ليس لها حقوق اقتصادية ومعنوية في هذه المجالات،
وساعات العمل والأستراحة و غيرها غير متوفرة نهائيا.
نحو الاشتراكية:
سمير نوري:
اما بما يخص عمل الأطفال لا يوجد نص يمنع منعا باتا عمل الأطفال وبرأي يجب منع عمل
الاحداث ايضا الا للاغراض التدريبية والتاهيلية. وكما اشرت ان القانون يعتمد على
العلاقات الأبوية ولهذا شيء مسموح به ان يستغل الاب ابنه او ابنته في مجال عمل
للرعي للعمل في ورشة او دكان او كبائع متجول كما نرى ذلك في الأسواق والأزقة
والشوارع على طول العراق وعرضه. ان عمل الأطفال مسموح به حسب هذا القرار و هذا جانب
اخر من الجوانب غير الانسانية للقانون.
نحو الاشتراكية:
سمير نوري: هناك طرق كثيرة لتقليل نسبة البطالة و اهمها هو تقليل
ساعات العمل حتى يتسنى للاخرين ان يشتغلوا. ولكن حسب هذا القانون ان العامل يكون
تحت تصرف صاحب العمل: المادة ـ 60 ـ
يقصد بـ ( وقت العمل ) هو الوقت الذي يكون فيه العامل تحت تصرف صاحب العمل الذي
يستخدمه ولا تدخل فيه فترات الراحة وتناول الطعام ويحدد صاحب العمل موعد بدء العمل
وانتهائه. المادة ـ 61 ـ اولاًـ
لايزيد وقت العمل اليومي على (8) ثماني ساعات في اليوم مع مراعاة
الاستثناءات المنصوص عليها في هذا القانون. ثانياًـ
في الاعمال التي تؤدى بدوامين وفي الاعمال المتقطعة لايجوز ان تزيد مدة بقاء
العامل في مكان العمل على (12) اثنتي عشرة ساعة على ان لاتزيد ساعات عمله الفعلية
على (8) ثماني ساعات في اليوم (ص31)
ان اوقات ذهاب واياب العامل لم تحسب ضمن ساعات العمل ووقت االاستحمام واذا اعتبرنا
ساعة للذهاب والأياب يبقى اقل من 11 ساعة للعامل. واني فقط اريد ان اذكر بان في
الثمانينات القرن الماضي طرحت من قبل الجمهورية الأسلامية في ايران مشروع قانون عمل
حددت ساعات العمل الأسبوعبة ب 44 ساعة في بلد بربري مثل ايران و معادي للعمل تطرح
44 ساعة عمل وفي العراق وبعد 30 سنة تطرح 48 ساعة عمل اسبوعي زائدا الاستثناءات.
انا ادعو الى قانون عمل يقترب من 30 ساعة عمل اسبوعي ويومين عطلة متتالية وهذه
طريقة لحل البطالة او التقليل منها و حسب هذا الطرح تستطيع ان توفر فرصة عمل لاكثر
من نصف العدد الذين يعملون في الوقت الحالي في العراق. ان مكاتب التشغيل والتدريب
ضرورية ومن واجب الدولة ان توفر المجالات لتاهيل العمال وتدريبهم و لكن هذا لا يزال
ليس جواب على الموضوع. فالعامل الذي يفقد عمله او يطرد او لا يجد عمل ماذا سيفعل
هذا القانون لا يتحدث عن هذا الموضوع. كتب اكثر من عشرة اوراق حول هذا الموضوع ولم
يقل جملة مفيدة للعامل وهو ضمان البطالة والضمان الأجتماعي. يجب ان يضمن قانون
العمل حياة العامل بعد طرده من العمل وهذا جزء اساسي من قانون العمل كما هو حال
وصول العمال لسن التقاعد وفي حال المرض والأضرار تقع عليه اثناء العمل و يمنعه من
اداء العمل.
نحو الاشتراكية:
سمير نوري: يجب الاعتراف الرسمي بكل المنظمات العمالية الذي
ينظمها العمال والتنظيم العمالي هو شأن عمالي ويجب ايقاف الدولة من التدخل في
التنظيمات العمالية. ان شرعية التنظيمات مصدرها العمال وليس الدولة، ولكننا نرى ان
الدولة تمنع ممارسة هذا الحق من قبل العمال
لا تعترف بقادة العمال ومنظماتهم بل على العكس يهددونهم ويعتقلونهم
ويفصلونهم من العمل وهذا القانون ايضا لا يضمن هذا الحق بشكل واضح و شفاف و خاصة في
قطاعات الدولة. وبدون الغاء قرار 150 كل حديث عن حق التنظيم يبقى حبرا على ورق وهو
انكار واضح و فاضح لهذا الحق.
ان العامل دون حق الاضراب كالجندي دون سلاح، فكيف يدافع العامل عن حقه دون استعمال
سلاحه، ان هذا القانون يعترف بحق الأضراب لكن ان قرأنا بمتعن نعرف انه اذا ما قرر
العمال القيام باضراب فانهم يحتاجون الى اكثر من 45 يوما او اكثر للقيام بجولات في
الدوائر والوزارات ولاقناع المسؤولين والمرور عبر قنوات لافشال هذا الاضراب. ولكن
كان من الضروري ان يعترف هذا القانون بان العمال لهم حق الأضراب متى ارادوا. هذا
الحق مضمون للراسماليين ولهم الحق ان يوقفوا الأنتاج ويسدوا ابواب معاملهم او
ينقلونها الى اماكن اخرى ولا يستطيع احد منعهم من ذلك لكن عندما يريد العامل ان
يوقف العمل فان رئيس الوزراء وكل الوزراء والخدم والحشم يعلنون القيامة.
نحو الاشتراكية:
سمير نوري:
اني ارى انه يجب نفي هذا القانون كليا من الفه لياءه ولا يوجد نقطة واحدة يمكن
الدفاع عنها او هي في صالح العمال. واذا تم اقرار هذا القانون سوف يدفع وضع العمال
الى الاسوأ و بالقانون. اننا لسنا بحاجة الى 76 صفحة فارغة من المحتوى ومعادية
لمصالح العمال. اننا بحاجة الى قانون ببضعة صفحات ولكنها تضمن حقوق العمال بشكل
واضح وشفاف واهم نقطة في هذا القانون هو الأعتراف بقادة العمال كممثلين للطبقة
العاملة لتحديد النقاط الرئيسية لقانون العمل.
ناقشنا مع يعض القادة العماليين وتحدثنا عن تنظيم اعتراض عمالي جماهيري وبشكل راقي
ونأخذ التوازن الطبقي بنظر الأعتبار للرد على هذا القانون والآن نحاول اى نعمل عليه
ونجمع شمل قادة العمال و المنظمات العمالية.
نحو الاشتراكية:
هل لديكم اي كلمة توجهونها للطبقة العاملة وكوادرها وقادتها بهذه المناسبة
؟
سمير نوري:
نحو الاشتراكية: