يوم المرأة العالمــي
يوم النساء والعمال والاشتراكيين !
سمير نوري
ليس بالإمكان فصل يوم المرأة العالمي عن النضال الطبقي للعمال و نضال الشيوعية العمالية لتحرير البشرية من مظالم النظام الرأسمالي وبناء مجتمع اشتراكي خال من عبودية العمل المأجور. هذه ليست نظرية أو وجهة نظر مجردة. انها صيرورة و حركة عملية تاريخية وواقع موضوعي.
إن يوم 8 آذار يشكل جزءاً من النضال الطبقي والذي بدأ تاريخه مع إضراب عاملات احد معامل النسيج في نيويورك واللواتي تعرضن لأقسى إشكال الإبادة الجماعية من قبل الرأسماليين في أمريكا. ومنذ ذلك الوقت تحول يوم 8 آذار إلى يوم لنضال المرأة العالمي وعلى أيدي الاشتراكيين وخاصة باقتراح روزا لكسمبورغ احدى القائدات الاشتراكيات في احد اجتماعات الأممية. ومنذ ذلك التاريخ و من بعده ارتبط نضال المرأة و الحركة النسوية المطالبة بالمساواة بنضال العمال الطبقي ونضال الشيوعيين على الصعيد العالمي واصبح تقليدا نضاليا وثوريا لرفع المظالم بحق المرأة، والمرأة العاملة ضد الراسمال والرأسمالية على الصعيد العالمي.
إن قضية المرأة هي قضية الإنسان ورفع الظلم عنه على اساس التمييز الجنسي ”الأبارتايد الجنسي" sexual apartheid. لا يمكن إن تتأطر هذه القضية في إطار قومي أو ديني أو إقليمي. إن مساواة المرأة بالرجل هي قضية عالمية بغض النظر من حصول المرأة على بعض حقوقها في هذه البلد أو عدمه في هذا البلد او ذاك. لا الاضطهاد الجنسي و لا العنف ضد المرأة في المجتمع او داخل الأسرة ولا قتل الشرف ولا البطريركية او دونية المرأة في المجتمع هي قضايا محلية لكي تناضل المرأة ضدها على نطاق محلي. إن حقوق المرأة في العراق أيضا لا يمكن إن تعرف خارج هذه الإطار ومن ثم إلحاقها بتحرير الوطن كما تقول الكاتبة سعاد خيري في مقالتها "تحرير الوطن السبيل الوحيد لتحرير المرأة" * فيما إذا غضضنا النظر الآن عن مفهوم تحرير الوطن و الوطنية ومدى محتواها الفارغ اجتماعيا وسياسيا. إن المرأة العراقية حالها حال المرأة في كل إرجاء العالم لها الحق في المساواة الكاملة وعلى كل مستويات الحياة مع الرجل، من حق الطلاق و حق اختيار حياتها الزوجية و الجنسية وحرية السفر و حرية اختيار الملابس التي تلبسها و حقها في الاشتراك في النشاط السياسي و ممارسة دورها في تربية الأولاد ودورها في القضاء الخ. فهل هذه الحقوق تشمل المرأة بشكل عام على الصعيد العالمي أم لا؟! لكي نرسم خطوط عامة لنضال المرأة في العراق لوحده. ومن جانب أخر فهل ان النضال من اجل نصرة قضية المرأة هي مهام و وظيفة المرأة لوحدها فقط أم وظيفة المجتمع ككل؟. وإذا كان الحكم الذي يقول بأن مقياس تقدم أي مجتمع هو مدى تحرر المرأة في ذلك المجتمع، فأن تحرير المرأة بالتأكيد مسؤولية تقع على عاتق الرجال و النساء معا وليس فقط على عاتق المرأة وحدها. وهنا اود إن استغل رسالة الكاتبة سعاد خيري الموجهة إلى "أخواتي" فقط ، لأوجه نقدي إلى التصوير" الفمنستي" ( حركة تحرر المرأة في الغرب) النسوي من قبل اوساط اليسار التقليدي التي تعتبر إن قضية المرأة هي قضية المرأة وحدها. وكناشط لتحرير للمرأة ارى ان ليس لي مكان في رسالة الكاتبة سعاد خيري و اليسار التقليدي عموماَ والذي يحرم المرأة من مشاركة الرجال في النضال من اجل نصرة قضيتها. في الوقت الذي تكون فيه قضية المرأة هي قضية نصف المجتمع أو بالأحرى كل المجتمع لانها قضية العمال وتشكل جزءا مهما من النضال الطبقي لهم. وبقدر ما تتقدم هذه القضية إلى الإمام فان قضية العمال و الاشتراكية تتقدم هي الاخرى إلى الأمام و العكس صحيح.
وللاسف فإن هذا التيار قد اصبح سائدا داخل اليســار التقليدي على صعيد عالمي. وإذا ذهبت لأي تجمع في يوم المرأة العالمي تلاحظ إن الخطباء كلهن من النساء وإن المنظمات النسائية هي التي تنظم المناسبات، وكأن القضية محصورة في جنس المرأة وليست قضية المجتمع بأسره. ان هذا هو تصور اليسار التقليدي الفمنستي. إن هذا التقليد وبدلا من إن يطور الحركة اجتماعيا فقد أدى على العكس إلى انكماشها يوما بعد اخر وإلى فقدان قوتها وبريقها الاشتراكي. اليوم يواجه المرأة صراعا شرسا ليس فقط في الدول الذي يسيطر فيها الإسلام السياسي على السلطة فحسب بل انها تواجه الصراع لإرجاعها إلى البيت والمطبخ ولفرض القوانين الرجعية عليها ليس في البلدان المعروفة ب"العالم الثالث" بل في مراكز التمدن في أوروبا و أمريكا وكندا واستراليا وروسيا أيضا . لقد بدأت هذه الحملة الشرسة بمقترحات ماركريت ثاتشر ورونالد ريغن و جورباتشوف لإرجاعها إلى المنزل وحصرها في الخدمة، وفي ظل أطروحات ”النسبية الثقافية“ و ”التعددية الثقافية“ يفرض الحجاب على المرأة في تلك البلدان و يعتدى عليها جسدياً و تهان و يحاول الإسلاميون إن يفرضوا قوانين الشريعة الإسلامية عليها لولا تصدي الشيوعيين لهم . ان اوضح دليل على كلامي هو ماحدث في كندا. وفي الوقت الذي يدافع فيه اليسار المتخاذل عن الحجاب رمز الإسلام السياسي باعتباره ممارسة حرية اختيار الملبس بينما يقوم الإسلاميون بفرض الحجاب على الفتيات الصغيرات وفي ارقى بلدان العالم واكثرها علمانية و تمدنا وبظل حماية هذه النظريات والقوانين الرجعية و العنصرية ( النسبية والتعددية الثقافية).
إن الهجمة الشرسة التي تطحن المرأة و المجتمع ككل وتحرق الأخضر و اليابس الآن في العراق والتي تشكل قاعدة انبثاق محرقة السيناريو والحرب الأهلية، هي نتيجة مباشرة للحرب ضد العراق و تقسيم الناس إلى طوائف وأقوام وأديان. و إن صراع القطبين الإرهابيين—إرهاب الدولة بقيادة أمريكا و بمساعدة حلفائها وإرهاب الإسلام السياسي بكلى شقيها ألاجتماعي"الشيعي" و الفــدائي"السني" قد وضع بصماته على كل جوانب حياة الجماهير في العراق. إن هذا الصراع هو صراع عالمي و ليس محلي و ليس بإمكان الشعب العراقي وحده إن يقف بوجه هذه البربرية و الخلاص منها لا يمكن بدون مساعدة الجماهير الواسعة عالميا، الجماهير المتحررة والمناضلة والرافضة لمظالم هذه القطبين.
وعلى نفس الصعيد فان المرأة العراقية تحتاج إلى مساعدة الحركة المناهضة للرأسمالية والداعية إلى تحرير الشعب العراقي ويجب إن تقف معها لأجل الحصول على تحررها ومساواتها الكاملة. العراق اليوم هو ساحة حرب بين هذين القطبين الرجعيين والبربريين وان مواجهة احد هذين القطبين دون الأخر يدفع الجماهير إلى إن تكون وقودا لسيطرة القطب الاخر إن جهدهم ونضالهم سيذهب هباءً. إن الشعار الوارد في مقالة الكاتبة سعاد خيري: " لنجعل من اليوم المئوي ليوم المرأة العالمي يوم كفاح لتحرير العراق من الاحتلال" سيدفع الجماهير إلى جانب الإسلاميين و القوميين شئنا أم أبينا . تماما كما و قف نعوم تشومسكي مع حسن نصرالله.
يجب على الحركة التحررية للمرأة إن تختار شعاراتها التي تبعدها في الوقوع إلى إحدى الجانبين و ليس ذلك فقط بل ان تختار شعارا تقف فيه ضد الطرفين، إن شعار "لا للإسلام السياسي و لا لأمريكا و حلفائها" أو " الخروج الفوري لأمريكا وحلفائها من العراق و نزع سلاح الميليشيات الإسلامية و القومية" يمكن إن تكون شعارات واقعية و ثورية و تعطيها افقأ مستقلا عن كلا قطبي البرجوازية الإرهابيين.
إن احد الجوانب الأساسية من نضال الحركة التحررية للمرأة هي مواجهتها للإسلام السياسي و تشكل ركنا أساسيا من نضال هذه الحركة، و إن المرأة تعاني من قبضة الإسلاميين و القوانين الإسلامية و الدساتير و القمع المستمر بشكل بشع ووحشي. لقد أجبرت المرأة على التخلي من كل المكتسبات التي حصلت عليها خلال نضالها لعدة عقود، و إن العصابات و القتلة الإسلاميون يمارسون في وضح النهار قتل و اغتصاب المرأة و على مرأى ومسمع العالم.، إن الدستور السيئ الصيت يجسد هذه الممارسات و يجعلها ممارسات ”شرعية“. إن الحجاب يفرض بقوة السلاح على المرأة العراقية و كل من لا تغطي رأسها اليوم تعتبر ”شريكة في قتل الحسين“ !!.
إن إجبار البنات من دون عمر الثانية عشرة بالزواج من قبل عصابات تنظيم القاعدة في مناطق نفوذهم هو جزء أخر من السيناريو الإسلامي المفروض على الجماهير المحرومة و المضطهدة. و في الحقيقة فان الحركة التحررية للمرأة تأخذ طابعا معاديا للإسلام السياسي والإسلام و قوانينه ودساتيره وإعماله البربرية، شئنا ذلك ام ابينا. إن الحركة التحررية للمرأة في العراق أو أي مكان في العالم يجب إن تطرح مطالبها و شعاراتها على ارقى المستويات والتوقعات والتطورات التي توصلت إليها الحركة، و إن أي تقليل من شأنها و افقها و مطالبها سيعيقها ويخذلها ولن يساعدها على تجاوز الحدود المرسومة لها من قبل البرجوازية العالمية و المحلية. إن المطالبة بــ"حث الحكومة العراقية فضلا عن الحكومة الأمريكية لتحقيق الحرية والمساواة" و "إلغاء المادة 41 التي تحل الشريعة الإسلامية محل قانون الأحوال الشخصية الأكثر تطورا " شعارات تنبع من الوهم بأن أمريكا و الحكومة الدمية و بالأحرى الميليشيات المسلطة على رقاب الجماهير من قبل أمريكا، بإمكانها إن تجلب الحرية والمساواة إلى المرأة. وفي الواقع إن الوجود الأمريكي وهذه "الحكومة " هما المسئولان عن سلب كل المكتسبات التي حصلت عليها المرأة من خلال نضالها لعشرات السنين. كما إن شعار تغيير بند من بنود الدستور هو تجزئة لمطالب الحركة و تقليصها (تتضمن فصل الدين عن الدولة و إلغاء الدستور الإسلامي وحماية المجتمع من الدين و رجال الدين و المواجهة مع الإسلام السياسي). إن الحرية و المساواة غير ممكنة بدون النضال الشجاع و الثوري ضد أمريكا والإسلام السياسي وطرح شعارات لتوسيع الحركة وفتح أفاقها لا الى تحويلها إلى ذيل للبورجوازية لتصليح و“ترقيع“ قوانينهم الرجعية و المعادية للمرأة، كما تقوم الجماعات اليسارية بنفس العملية في كردستان ضد ”الدستور“ المطروح في الوقت الذي يجب على تلك القوى ان تقوم برفض الدستور برمته.
إن شعارات الحركة التحررية للمرأة في العراق يجب إن تأخذ من شعارات الحركة المساواتية للمرأة العالمية و إن شعار المساواة الكاملة للمرأة مع الرجل في كل الميادين، وفصل الدين عن الدولة و التربية و التعليم، و لا لاضطهاد المرأة ، ولا للحجاب، ولاللقوانين الإسلامية، ولا لحرمان الإنسان العراقي من الأمان والخبز والحرية، و لا للحرب و الاحتلال، تشكل كلها شعارات أساسية لهذه الحركة. إن الحركة المساواتية للمرأة هي حركة طبقية و اشتراكية، و إن تحرر المرأة اليوم مرهون بشكل مباشر بالحركة الاشتراكية. بدون قيادة و دور الاشتراكيين و الشيوعيين العماليين لهذه الحركة، فان هذه الحركة ستتقوقع في قالب "الفيمنستية" ولن تتجاوز الخطوط التي ترسمها لها البرجوازية.
إن راية تحرر المرأة اليوم بيد الشيوعيين والاشتراكين، فلنخطو إلى الأمام بجرأة نحو يوم عالمي للمرأة، يوم العامل والاشتراكية.
————————————————
* مقالة الكاتبة سعاد خيري المنشور في الانترنيت - صفحة الحوار المتمدن - بتاريخ 27\1\2007