مقابلة مع سمير نوري عضو المكتب السياسي للحزب

حول الوضع السياسي وبديل الحزب للسلطة في العراق

 

نحو الاشتراكية: قبل حوالي الشهر تم اغتيال الناشط الثوري المعارض هادي المهدي باطلاق رصاص على رأسه داخل منزله بعد تهديده عدة مرات. وقبل ايام اعتقلت الشابة آية اللامي وهي ناشطة من ناشطات ساحة التحرير ومورس ضدها التعذيب والانتهاكات الوحشية قبل اطلاق سراحها، وقبلها اعتقلوا الناشطة سناء الدليمي بعد تظاهرات الجمعة. من الواضح ان السلطة تقوم بمحاولة ممنهجة لارهاب الناشطين والمتحجين ضدها من اجل خنق صوت الحرية والاعتراض لكل الجماهير. كيف تنظر الى هذه الاعتداءات الوحشية على الناشطين وما هو سبب هذا الارهاب من قبل بلطجية حكومة المالكي؟ وما كلمتكم لهؤلاء التحرريين ؟

 

سمير نوري: اولا هذا ليس المرة الأولى ولن تكون الأخيرة. انهم يهاجمون التظاهرات في ساحة التحرير والأماكن الأخرى ويهددون المتظاهرين والناشطين والناشطات ليس في بغداد و ساحة التحرير فحسب وانما في كل بقعة من العراق. انهم مستبدون ومجرمون يمارسون ابشع الممارسات القمعية ضد الجماهير والفعالين السياسيين والناشطين الأجتماعيين. لقد هاجموا المظاهرات في بغداد في اول يوم من بدأ الموجة الثورية في بغداد، وهي الموجة التي نعتبرها جزءا من الثورة المندلعة في المنطقة التي بدأت بتونس ومصر واسقطت ثلاثة حكومات دكتاتورية لحد الآن وهناك قائمة اخرى من الحكومات المستبدة و القمعية على قائمة السقوط، من اجل الخبز والحرية والرفاه والكرامة ألأنسانية. لقد اطقوا النار على المتظاهرين واستعملوا الهليكوبترات والقناصة وكل ما لديهم من قوى قمعية وعصابات وقتلة مأجورين، وهاجموا خيم المتظاهرين في ساحة التحرير اثناء الليل وامام انظار القوى الموجودة والمرابطة في المنطقة ، طبعا بعد انسحابهم لتنفيذ الجريمة. في كردستان العراق فان القوميين الكرد قمعوا المظاهرات المندلعة ضد سلطتهم وقتلوا عددا كبيرا من الشباب وحتى الأطفال وسيطروا على ساحة الحرية في السليمانية بقوة السلاح ولا يزالوا يمنعون اي تظاهرة في السليمانية تمس حكومة الأقليم وضربوا طوقا حول اربيل للحيلولة دون تطور المظاهرات الى اربيل.

 

ان الأدعاءت بالديموقراطية وحرية التعبير والأحتجاجات، كذب فاضح ويبين الواقع، ان الحكومة المنصبة من قبل امريكا تحت راية " تحرير العراق" و " الديموقراطية"، لا تفرق كثيرا عن حكومة البعث ولا عن الحكومات الموالية للغرب وامريكا مثل الدول المستبدة لحسني مبارك وبن علي. لقد ساند الغرب تلك الحكومات بكل قوة وان بقائهم في السلطة لعدة عقود يرجع الى دعم الغرب وامريكا لهم. حكومة العراق هي حكومتهم وهم من نصبها ايضا واعلنوا هذه هي الديموقراطية. انهم على حق في قولهم هذا لان الديموقراطية في هذا العصر لا تعني غير سلطة الرأسمال العالمي والسوق الحرة؛ اي بربرية النظام الرأسمالي وتجويع وافقار الجماهير المليونية وسلب الحريات السياسية وحرية التعبير ومنع السعي لعيش كريم. ان هذه الحكومات لا تستطيع القبول بالحرية للجماهير ولا يمكنها توفير الرفاه لهم، بل ان فلسفة وجودهم مبنية على القمع والأستبداد لتضمين اكبر نسبة للربح ومليارات الدولارات للبرجوازية العالمية والمحلية. ولهذا، فان التوقع منهم ان يكونوا ديموقراطيين من وجهة نظر الجماهير، سيكون شيء غير واقعي بل وهم قاتل. فالقمع والبربرية تقع في صلب فلسفة وجود الطبقة البرجوازية المعاصرة وخاصة في البلدان الواقعة تحت سلطة الأمبريالية. انني واحد من الناشطين والتحررين وادعوالجماهير الى مواصلة العمل الثوري وجمع القوى والقيام بتغير التكتيكات النضالية والسعي لجر الجماهير المحرومة الى العمل السياسي ولعب دور اكثر وخاصة الشباب منهم والسعي لتقوية جبهة الجماهير والأستفادة من تجربة الجماهير في البلدان الأخرى.

 

نحو الاشتراكية: صرح مقتدى الصدر منذ فترة وجيزة بانه يقف الى جانب حكومة المالكي ضد الاحتجاجات الجماهيرية. هذا هو المؤشر الاكثر وضوحا له منذ ان كان يجيش التظاهرات الاستعراضية التي تصرخ ب"كلا كلا امريكا" وغيرها من شعارات الاسلام السياسي. الان واضح ان قوى الاسلام السياسي تتكوم على بعضها وتنحشر في خندق واحد يكاد يخنقها. ما تعليقك على موقف الصدر الجديد ومالهدف من هذا الاصطفاف بينه وبين نوري المالكي ؟

 

 

سمير نوري: ببدأ الثورات في المنطقة انهت دورة مهمة في تاريخ البشرية، وهي حوالي عقدين من الزمن، اي مرحلة ما بعد سقوط الكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفييتي و خاصة مرحلة الهجوم على برجي التجارة العالمية في نيويورك التي اعتبرت ذروة الصراع بين قطبين ارهابين هما قطب امريكا وحلفائها في طرف والأسلام السياسي في الطرف الأخر. هذه المرحلة حولت العالم الى جحيم. دمروا عدة بلدان وكان تدمير العراق  اوضح نتيجة لعمل القطبين الأرهابيين حيث قتل اكثر من مليون انسان وشرد الملايين الى بلدان المنطقة وحول العراق الى ساحة لتصفية صراعاتهم الاجرامية. ان كل ذلك هو قمة الجرائم التي نفذوها. ان المجاعة في الصومال ليس بسبب الجفاف انما بسبب صراع قطبي الارهاب هذين. فالطفل الصومالي يموت بسببهم وان دمه برقبتهم كما يقال.

الموجة الثورية في المنطقة لا علاقة لها بالأسلام السياسي ولا بالحركة القومية العربية ولا يوجد اي شيء "عربي" او "اسلامي" في تلك الثورات، انما هدف الثورات هو انهاء الجوع والفقر والبطالة والأستبداد وكما نعرف ان الثورة تتطور كالنار في الهشيم في كل مكان وان الشباب في اليونان ومدريد يسمون ساحات تجمعهم واعتراضهم بساحات التحرير. ان الثورات الحالية هي ثورات تحررية عميقة تهدف الى تحرير البشر من بربرية النظام الرأسمالي ومن اجل الخبز والحرية والرفاه والكرامة الأنسانية. لذا فكل حركة لا تنتمي الى هذه الثورة دفعت الى الانعزال والتهميش وتقوقعت وانعزلت. بن لادن العملاق اصبح قزماً وتم قتله دون ان يتحول الى صدى بل وحتى لم يجلب انظار الاعلام العالمي. لهذا نرى ان امريكا و الغرب الذين كانوا يساندون الحكومات الأرهابية والأستبدادية الآن اصبحوا موالين للثورة لكي ينقذوا ما يمكن انقاذه من انظمتهم في المنطقة. ان الأسلام السياسي تراجع وانعزل ولا يربطه اي مصالح مع نزول الجماهير الى الشوارع. ونحن نرى بام اعيننا كيف اصبح الأخوان المسلمين في مصر والأسلاميين في تونس كالعصي في عجلة الثورة. انها مرحلة جديدة وهي مرحلة لعب الجماهير دورا في مصير المجتمع وهذا الدور المليوني الذي انهى التاريخ الذي بدأ اوائل التسعينات واقصد مرحلة صعود النظام الدموي المسمى النظام العالمي الجديد، هذه المرحلة هي مرحلة الجماهير، اللاعب الثالث الذي نزلت كالعملاق الى ساحة النزال، هذه الجبهة التي كنا سميناها الجبهة الثالثة لا يربطها اي رابط بالجبهتين الارهابيتين وفي فانها معادية لكليهما.

 

مقتدى الصدر وحماس والقاعدة والأخوان وغيرهم ينظمون الى احد الأقطاب التي بطشت بالجماهير. اسألوا النساء في البصرة كيف كان عصابات جيش المهدي تقتل النساء وتحت اعذار شتى ويرمون جثثهم في الساحات العامة. ان هذه القوى الان هي جزء من الثورة المضادة وهم يشترون الوقت لبقاء حكومة المالكي الذي هم جزء منها ويسعون لتخفيف المظاهرات وتحت ادعائات سخيفة ووهمية وغير واقعية. ان شعار الشيطان الأكبر ومعاداة امريكا، لا تجد مشترين لها اليوم في ثورات المنطقة. اهداف الجماهير تفرق فرقا شاسعا مع هذه الأدعاءات والشعارات.

 

ان اسقاط حكومة المالكي اي حكومة الشراكة بين ايران وامريكا، بين القطبين الارهابيين، يعني سقوط احد اعمدة الاسلام السياسي و خاصة جبهة الجمهورية الأسلامية وفي نفس الوقت فان سقوط هذا الحكومة وهذه المؤسسة سيمثل احراج واضح للغرب. لهذا لا تستغربوا عندما تروا الطرفان يدافعان عنها؛ مقتدى الصدر وايران يعرفون حق المعرفة ان سقوط هذا الحكومة يعني مسحهم وازاحتهم من السلطة و دفعهم الى حاشية المجتمع، وان ذلك سيساعد على اسقاط الجهورية الاسلامية في ايران ايضا.

نحو الاشتراكية: اعلن رئيس لجنة النزاهة البرلمانية بهاء الأعرجي يوم 4 تشرين الاول بأن لجنته تحقق  بصرف مليوني دولار لتغطية نفقات رحلة رئيس الجمهورية جلال طالباني إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وايضا بين بان وزارتي الدفاع والداخلية فيها فساد كبير وإذا لم تتجاوبا مع اللجنة سيحيلهم إلى هيئة النزاهة والقضاء. قبله اعلن شوان محمد طه عضو لجنة الامن والدفاع عن ان الوضع الامني وصل الى مرحلة الانهيار الكامل وان استتبابه اصبح مستحيلا بسبب الفساد الاداري والمالي والتواطئ بين الحكومة والتنظيمات الارهابية. ما تعليقك على كل هذه "الاكتشافات" الفذة ؟ هل ستحل لجان النزاهة مشاكل الفساد والارهاب والتجويع والبطالة التي تمارسها هذه السلطة ؟ مالحل برأيكم ؟

 

سمير نوري: الفساد و النهب و السلب جزء من واقع هذه الأنظمة. انها غارقة فيها من رأسها الى اخمص قدميها. ما دور اللجان امثال لجنة النزاهة الأ ذر الرمال في عيون الناس وماذا فعلوا خلال هذه السنين غير" الأكتشافات الفذة !" ماذا جنت الجماهير من اكتشافاتهم تلك ؟ هل رجع فلس واحد الى جيوب الجماهير ؟ هل بنيت مستشفى او مدرسة للاطفال من عملهم ؟ لا اتصور. انهم لجنة شكلت من قبل اللصوص انفسهم. لا تغني ولا تسمن احد. الوضع الأمني والأمان الأقتصادي كلها تنتمى الى النظام الموجود. اننا نشاهد يوميا كيف تتدهور تلك الاوضاع اكثر فاكثر و لا ارى اي امل في هذه التوجهات والمساعي.

 

جماهير العراق و المنطقة فهموا فهما جيدا و نتيجة لممارسات حياتهم اليومية بأن لا يوجد حل ضمن هذه الأوضاع. لهذا لجأوا الى الثورة. و برأيي فان الوضع قد بين بأن الطريق الوحيد للخلاص من هذه الأوضاع هي الثورة. الثورة هي الحل ونحن نراه يوميا وانه تجربة واقعية تجري امام اعيننا و ليس نظرية فكرية. ان الحل يكمن باسقاط هذه الأنظمة من خلال الثورة. لانجاح الثورة يجب ان تلتف الجماهير حول الحزب الثوري والشيوعي الذي يعبر عن تطلعاتهم على مرر الزمن و في كل مناسبة و حدث، الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي هو ذلك الحزب الذي عقد العزم على مواصلة النضال في هذا الاتجاه.

 

نحو الاشتراكية: في اعلان صدر عن الحزب قبل فترة طرحتم بديل الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراق للسلطة السياسية في العراق. هل لك ان توضح للقراء اهم النقاط الواردة في ذلك البديل والى ماهية طرحكم بشكل مختصر ؟ الى ماذا تدعون الجماهير ليجعلوا من هذا البديل امكانية واقعية تنقذ المجتمع من هذه العصابات المتربعة على سدة السلطة ؟

سمير نوري:  اهم نقاط بياننا الآن الجماهير يماسونها في حياتهم في ساحات التحرير وقد طرحت بعض النقاط من خلال اجاباتي الاخرى. اهم نقاط هذه البيان او جوهر البيان هو النضال لاسقاط الحكومة الدينية القومية الطائفية عن طريق الحركات الثورية وبناء سلطة تعترف بالحقوق الأساسية  من الحريات السياسية والمدنية وتوفير الرفاه وحل قضايا الجوع والبطالة و الخدمات بشكل فوري. و هذه الأهداف طرحت من قبل جماهير تونس ومصر وسوريا واليمن وليبيا والبحرين وبغداد والسليمانية. نحن لم نطرح شيء غريب تطلعاتهم بل بالعكس انها نفس التطلعات بحذافيرها.

 

اني كما حسام الحملاوي القائد العمالي و لأشتراكي  في مصر،  لست انسانا عنيفا ولكن الثورة والطريق الثوري هي الطريق الوحيد لاسقاط الأنظمة المستبدة وبقوة الجماهير،اي بالعنف الثوري الذي يخشاه الكثيرون من الذين يدعون الى الاساليب الاعنف، ويقولون انها شيء غير مرغوب فيه. لقد شكلنا نحن حزبنا على اساس الثورية والجدال حول قضية الثورة و الأشتراكية والآن تمارس الجماهير هذا العمل الخلاق وهي التي دحضت كل هذه الأدعاءات اليمينية بعملهم الجبار هذا.

 

فقط الجماهير تستطيع ان تجعل هذا البديل شيء واقعي وتنفذه بنضالها الجبار. ان صفوف الملايين؛ هذا المارد العظيم القوي المعادي لكلا القطبين الأرهابيين تسطيع ان  تنقذ اطفال العراق و ان تنهي كل المظالم على الجماهير. ان البربرية البرجوازية التي تجسدها حكومة المالكي والنظام البرلماني والقوى القمعية في العراق يمكن اسقاطها فقط بواسطة النضال الجماهيري ونضال الطبقة العاملة العراقية.

 

جزء مهم من بديلنا هو بناء نظام سياسي يضمن التدخل المباشر للجماهير في مصيرها السياسي وهو تشكيل وتأسيس المجالس الجماهيرية والشعبية وبناء السلطة المجالسية التي تضمن التدخل المباشر والديموقراطية المباشرة. بغض النظر عن ادعاءات الغرب بان الجماهير موالية للديموقراطية، ففي الحقيقة ان الجماهير تريد التدخل المباشر والحرية، ومن هنا فان تطلعات الجماهير وادعاءات الغرب ليسا شيئا واحدا بل بالعكس انها معاكسة لبعضها. الغرب يريد البرلمان وسيطرة السوق الحرة والتجوع والافقار وتقسيم الجماهير والثانية تريد التدخل المباشر في السياسة وشكل السلطة وتوفير الرفاه والكرامة والهوية الأنسانية. ان المجالس والسلطة المجالسية هي الطريق لتدخل الجماهير في رسم مصيرها السياسي.

اني ادعو الى تنظم المجالس كنواة للسلطة في كل مكان في كل معمل ومحلة وزقاق وقرية  يجب على الشيوعيين والثوريين والتحررين ان يبداوا بعملهم القاعدي هذا؛ اي تنظيم الجماهير في المجالس القاعدية في كل المؤسسات لمارسة السلطة وتحويل هذا الموديل من السلطة الى واقع عملي ملموس.