الهجوم التركي على كردستان
موقف امريكا ودعوات "الاشتراكية الشوفينية"
سمير نوري
Samir_norry@yahoo.com
حسب الاخبار المعلنة فان امريكا تسلم الجيش التركي معلومات حول قواعد حزب العمال الكردستاني وفتحت المجال واسعا للجيش التركي لممارسة انتهاكاته العسكرية بل ان الحكومة الامريكية حتى لم تندد بهذا الهجوم. لقد طلبت الحكومة الامريكية من تركيا ضبظ النفس وعدم ادامة الهجوم وغير تلك من التعبيرات الدبلوماسية الناعمة والمائعة. ومن جهة اخرى فان حكومة المالكي والقوميين الكرد وجلال الطالباني قد وقفوا دوماً مع الدولة التركية وذهبوا وزاروها لعقد مفاوضات ويبدو انهم خططوا للعملية معا.
جلال الطالباني مثلا يتمنى ان يزور انقرة ويتمنى ان تدعوه الدولة التركية لزيارتها. ان اركان السلطة الاسلامية والقومية الحاكمة في العراق يدعون كذباً انهم سيتصدون للدولة التركية في حال دخولها الى المناطق السكنية او قصفها للسكان وغير ذلك ولكن تلك مجرد تصريحات جوفاء و هراء اعلامي للاستهلاك الداخلي. المعروف ان مستشفيات اربيل استقبلت الجرحى المدنيين كما ان هنالك صور لفتيات من كردستان قطعت ارجلهن من جراء القصف التركي كما ان بعض اسماء النساء اللواتي قتلن في عمليات القصف منشورة. وهنالك عدد كبير من المهجرين من سكان القرى والمناطق التي تتعرض للقصف والهجوم وقد فقد الكادحون مصادر معيشتهم ويعيشون بمعاناة كبيرة في ظروف البرد القارس والثلوج والوعورة الجبلية.
جماهير كردستان والعراق اليوم تسأل السلطة : "اي حكومة انتم ومن تمثلون"؟ اين حكومة "اقليم كرستان"؟ واين حكومة العراق؟ بينما الالاف من الجندرمة التركية تصول وتجول داخل مناطق كردستان العراق و تهاجم الجماهير وتتعدى على الناس وتقوم باعمال القصف بالطائرات والمدفعية وتدمر الجسور والطرق والقرى وهم صامتين. لقد خرج مؤخرا البرلمان الكردستاني عن صمته وقال بوجوب خروج مقرات تركيا من داخل العراق. فقط اليوم فقط عرف الناس من القوميين الكرد الحاكمين في العراق ان تركيا قد اقامت مقرات لها على الاراضي العراقية وبعد ان دخلت قوات الجيش التركي اراضي كردستان!!.
ان الحكومة الامريكية لا يهمها حياة الناس؛ لا جماهير كردستان ولا العراق. يعرف الناس في كل انحاء العالم ان امريكا بحربها في العام 2003 قد خلقت ظروف قتل فيها اكثر من مليون انسان . اما الجيش الامريكي فقد خلق اكبر كارثة للجماهير وهو متهم بتدمير العراق. اليوم فان امريكا لا يهمها مطلقا ان تقف الى صف الجماهير ضد الجيش التركي واي ادعاء بذلك انما هو كذب فاضح. ان جماهير العراق تعرف هذه الحقيقة جيدا.
لقد كانت الدولة التركية دائما احد اهم حلفاء امريكا. وبرغم ان قوى القوميين الكرد هم ايضا حلفاء مقربين من امريكا الا ان هؤلاء القوميين لا يمتلكون نفس المكانة التي تتمتع بها البرجوازية التركية والجيش التركي ازاء الغرب وامريكا. فتركيا تعد ركنا اساسيا من اركان الحفاظ على المصالح الامريكية في المنطقة. وقد فقدت تركيا مكانتها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وهي التي كانت تمثل الحاجز بوجه الاتحاد السوفييتي وحلف وارشو. اليوم وبعد فقدانها لمكانتها تلك فانها تحاول ارجاع تلك المكانة وتسحب اعتراف امريكا مجددا بهذه المكانة.
موقف القوى المدعية بالشيوعية من الهجوم التركي على كردستان
يمتاز الشيوعيون بموقف واضح وشفاف وناقد ازاء الحروب والصراعات العسكرية بين البرجوازيات وموقفها في الدفاع عن الوطن وعن الممتلكات وعن الاراضي. لقد كان موقف الشيوعيين بشكل دائمي هو الدفاع عن الانسان والهوية الانسانية وعن رفاه وكرامة الانسان وليس الدفاع عن الوطن او التراب او الارض او ممتلكات البرجوازية القومية. ان التاريخ ملئ بالامثلة التي ضرب فيها العمال والاشتراكيين امثلة رائعة في الاممية العمالية ومناهضة الشوفينية القومية وقواها. وكمثال على ذلك اذكر انه خلال الحرب الالمانية - الفرنسية ( البروسية - الفرنسية) وقبل حصول ثورة كومونة باريس في العام 1871 تم احتلال باريس من قبل القوات البروسية. لقد استنفرت البرجوازية الفرنسية والعسكر في تعبئة الجماهير من اجل الدفاع عن الوطن ضد المحتل..الخ. الا ان عمال الكومونة لم ينصتوا الى تلك النداءات وهجموا بدلا من ذلك على مقر سلطة برجوازيتهم "الوطنية" في باريس واعلنوا الحكومة العمالية، في الوقت الذي كانت فيه القوات البروسية تحاصر مدينة باريس. لم يذهب عمال الكومونة لقتال الجيش البروسي الى جانب البرجوازية الفرنسية وداخل خندقها. لقد كان ذلك مثالا رائعا على الوعي الاشتراكي والاممي لعمال الكومونة وعدم انصاتهم لكلام البرجوازية حول الدفاع عن الوطن والذي هدف الى افشال أي انتفاضة او تحرك طبقي لهم. مثال اخر: خلال الحرب العالمية الاولى وعند قيام ثورة اكتوبر الاشتراكية رفع لينين شعار الصلح ولم يدعوا العمال الى الذهاب الى الجبهة لقتال العدو ومن ثم عمل الصلح. لقد انقض البلاشفة والمجالس العمالية اثناء الحرب على القيصرية وسيطروا على السلطة واوقفوا الحرب. استطاع البلاشفة بعد الاستيلاء على السلطة انهاء الحرب من خلال الصلح.
ان ما يحدث اليوم ازاء الهجوم العسكري التركي على كردستان العراق هو ان هناك اطراف تدعي الشيوعية والشيوعية العمالية ولكنها تدعوا الجماهير لحمل السلاح والذهاب لقتال الجيش التركي في الجبهة. ان الجماهير تعرف ان هناك جبهة قتال واحدة وهي جبهة (قنديل) !!. فهل لدى هؤلاء غير جبهة القوميين الكرد للقتال داخلها؟!. ان دعواتهم للجماهير بحمل السلاح او قتال الجيش التركي تؤدي حتماً الى خدمة اهداف القوى القومية الكردية والتخندق معهم في جبهتهم!. ان ذلك الموقف وطني وقومي معاد للعمال ولا علاقة له بالدفاع عن الناس او الجماهير. انه يقوي ساعد البرجوازية القومية الكردية ومواقعها ضد العمال والكادحين في كردستان. ان نفس القوميين الكرد يسرهم سماع ذلك الكلام وتلك الدعوات لانهم هم انفسهم يلعبون نفس هذه الورقة. ها هو مسعود البرزاني يقول لقوات الزرفاني اذهبوا الى الجبهة ودافعوا عن الناس غيرها من الادعاءات "الوطنية". ان مدعي الشيوعية يدعون الجماهير الى حمل السلاح والذهاب للدفاع عن البرجوازية القومية الكردية ضد البرجوازية التركية. تلك القوى عاجزة عن تمثيل الاشتراكية. ان تشكيل الحكومة الاشتراكية والمجالسية في كردستان ومن ثم الدفاع عن حكومة العمال والاشتراكية سيكون، في حال حصوله، موقفا اشتراكيا وامميا صحيحا. اما في ظل الوضع الراهن وسيطرة القوميين الكرد وتجييرهم لاي حركة تقف بوجه الدولة التركية لصالحهم فان موقف ادعياء الشيوعية العمالية هو موقف انتهازي يصب الماء في طاحونة الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.
ان موقف الشيوعية العمالية هو في تعبئة الجماهير وتصعيد نضالها الواسع وعلى صعيد عالمي و داخل تركيا بمواجهة الحكومة الفاشية القومية الاسلامية التركية. وبنفس الوقت تعبئة عمال وجماهير كردستان الغفيرة لتشكيل الحكومة المجالسية وتأسيس الجمهورية الاشتراكية. عند تحقيق تلك الدولة فانه سيكون بامكان الاشتراكيين والعمال الدفاع عن دولتهم التي ستكون في ايدي العمال الاشتراكيين؛ وطن الجميع. نعتقد بان ليس للعمال وطن وان جبهة العمال هي جبهة مستقلة عن جبهة البرجوازية ولا يمكن ان تكون داخلها. ان موقف الشيوعية العمالية هو موقف حزبنا وهو موقف مبدأي اممي وانساني.