انتفاضة البصرة و مأزق السلطة
سمير نوري
انتفاضة الجماهير في المدن الجنوبية و الوسط
من اول ايامها كانت بمثابة كابوس على صدر السلطة و قواها و احزابها السياسية
و ميليشياتها. و لكن انتفاضة البصرة كانت تطورا جديا في الموضوع و ازادادت حدتها
كيفيا و كميا.
بعد نزول الاف الشباب و الشابات و الجماهير البصرية الى الشوارع اجبر
حيدر العبادي ان تتردد في استعمال حتى كلمة " المندس" خوفا منه ان يثير غضب
المتظاهرين و يدفعهم الى تصعيد التظاهرات.
خروج الاف المتظاهرين و حرق مراكز السلطة و مقرات الأحزاب الأسلامية و خاصتا مقرات
الذين لا يترددون في قتل اي شخص، اعلان لرفض كل هذه المجاميع المسلحة في البصرة كان
تطورا جديا و كان بمثابة اسقاط سلطة الأحزاب الأسلامية و الأسلام السياسي و خاصتا
بعد حرق قنصلية جمهورية ايران الأسلامية. كان اعلانا شاملا بانفصال الجماهير من كل
حزب اسلامي و كل طرف اسلامي و كل مرجع و شخصية خرافية في المجتمع و كل سلطة دينية.
ان الأستهزاء بتوصيات علي السيستاني من قبل الشباب و رفض تدخل اي طرف باسم الأصلاح
كان خطوة مهمة و تغيرا جذريا في المزاج الثوري للجماهير. ان الشعار" هذا الشعب وحدة
طلع لا تركب الموجة" كان رفضا لمقتدى
الصدر و تياره " الأصلاحي" مع شركائه من الحزب الشيوعي العراقي.
كثيرا ما يتحدثون عن اطراف سياسية كان لهم دور في احراق المقرات او بعض المراكز او
استهداف طرف من قبل طرف اخر، لكن هذا لا يفسر بان الشباب و غضبهم و تطلعاتهم هي
كانت الأصل و المحور في القضية و ان المحرك هو الحركة الأعتراضية، بقية الأحداث
احداث خارجية عن صيرورة الحركة. و محاولات لاجهاضها و تغير مسارها.
انتفاضة البصرة لم يكن حدثا بسيط طارئ بل هي بداية لنهاية سلطة الأحزاب الأسلامية و
كنسهم في السلطة و المجتمع. ان التخبط بين القوى السياسية و دعوة اجتماع عاجل
للبرلمان بدعوة من مقتدى الصدر و دعوة حيدر العبادي و محافظ البصرة الى البرلمان
كان احساسا بالخطر و خطر الثورة و توسيعها الى كل المدن العراقية. و الأجتماع بحد
ذاته كان فضيحة بالنسبة لهم، انهم فضحوا انفسهم امام العالم و على الهواء، و
المشادة الكلامية و الهجوم على البعض و كسر سيقان البعض لا يعكس الا عمق ازمتهم و
مأزقهم.
الآن الأوضاع تشبه الهدوء قبل العاصفة و لا احد يتصور كيف تنفجر و اين تنفجر و ماذا
تزيح و تزيل من المجتمع، اذا انتفاضة البصرة ازاح حيدر العبادي عن رئاسة الوزراء
القادمة و هو اصبح ضحيتها , جولة اخرى من الأنتفاضة احد لا يتنبأ بنتائجها. و احد
لا يستطيع ان يقول بان الطوفات انتهى و ابتعدت بل الكل يراقب الوضع بقلق.
الكتل السياسية في البرلمان و الحكومة لا يعرفون كيف يخرجون من المأزق و كيف يهدئون
الوضع ، و انهم يعيشون وضعا لا يحسد عليها. لا يوجد حل امامهم و افاقهم مسدودة.
انهم لا يستطيعون حل مشكيلة الماء و الكهرباء و البطالة و الخدمات. اذا حيدر
العبادي قررالبقاء في البصرة لحل الاوضاع و متابعة الوعود الكاذبة. فأن حل المعضلات
اعمق من ان تحل ببعض الخدمات البسيطة
.
ان تراكم الثروات تحت ايادي اقلية متعفنة و فاسدة
و مسيطرة على مصادر الحياة في المجتمع و فرض الفقر و البطالة و الجحيم على
اكثرية المجتمع لا يمكن حلها بقرارات و صرف بعض المبالغ البسيطة على خدمات طفيفة.
ان التقسيم الطبقي و التقسيم بين الغني و الفقر بشكل رهيب و السيطرة على ثروات
المجتمع من قبل مسؤوليين سياسيين لا يمكن حلها نهائيا في هذه الأطار.
ان الحركة الاعتراضة تطور بشكل حتى
القيادات التقليدية عاجزة عن مواكبتها. ان الشارع اصبح ثوريا بشكل يحتاج الى قيادات
ثورية لا يتراجع و لديه رؤيا واضحة عن تطور الحركة و يسلحها بالاهداف و الخطة
الواضحة و يخطو خطوة بعد خطوة نحو الأمام. و يدير الصراع بشكل ثوري و حكمة و حنكة.
ان المطالب وتركيبة الانتفاضة يسارية بكل معنى الكلمة و يوما بعد يوم تتقوى الجانب
اليساري من الحركة، من الناحية العلمانية و عدم قبل اي طرف ديني و اسلامي، و ظهور
مشاركة النساء بشكل واضح و جريء، يثبت هذا الكلام.
ان الجماهير بحاجة الى قبول بقيادة يسارية و ثورية و بحاجة الى حزب ثوري و الى
لائحة ثورية و الى حزب منظم
ليس له اي وهم بالبرجوازية و اجنحتها المتعددة، حزب يمثل النفي لكل النظام
السياسي و الأجتماعي الموجود. ان هذا الحزب هو الحزب الشيوعي العمالي اليساري
العراقي الذي تسعى الى قبوله و اختياره
من قبل الجماهير.نجاح الثورة مرهون بوجود حزب قيادي و ثوري مثل حزبنا.