انفصالنا ... كيف ولماذا؟
صادق كريم داود
يقول منصور حكمت في كتابه، اسس وآفاق الحزب الشيوعي العمالي:" ظاهر المسألة ان هذا الحزب ( ويقصد الحزب الشيوعي العمالي) قد نشأ كنتاج للخلافات والصراعات داخل الحزب الشيوعي الايراني وباعتقادي ان البحث عن جذور هذا الحزب في الصراعات الداخلية للحزب الشيوعي الايراني هو تحليل غير صحيح."
اما نحن فنقول ان انفصالنا عن الحزب الشيوعي العمالي العراقي كان في ظاهر الامور نتيجة خلافات وصراعات ولكن في باطن الامور تكمن أشياء وأشياء، كونت رؤى ايديولوجية ( يمينية ويسارية) في قلب هذه الخلافات والصراعات القت بظلالها على حركة العمل الحزبي وافرزت مواقف تقدمية ورجعية من مجمل الصراع الاجتماعي والسياسي الذي يدور داخل المجتمع. ولأكون اكثر دقة في تناولي لهذا الموضوع وبعلمية وحيادية، فمنذ بداية بروز الصراعات والخلافات التي انبثقت معها وتبلورت مع الزمن الرؤيا اليسارية التقدمية داخل الحزب وتيارها الذي يمثل حقانية الشيوعية العمالية اي في 3 -6-2005 عندما دعت لجنة تنظيم الناصرية في الحزب الشيوعي العمالي العراقي الى تظاهرة للعاطلين عن العمل ، لم يكن لدى رفاقنا القدامى في الحزب اي تصور او آلية لقيادة التظاهرة ولم يكن لديهم أي اعداد مسبق او برنامج عمل ولم يكن هنالك اي نوع من التشاور في الرأي او حتى اجتماع لاعضاء اللجنة المحلية لتدارس الامر. لقد كان ذلك قرار فردي ادى بالنتيجة الى افشال التظاهرة، ولقد ترك رفاقنا القدامى الجماهير وحدها في الميدان مفسحين المجال لجماعات الاسلام السياسي لتقضي على التظاهرة نهائيا وبالتالي افشال اتحاد العاطلين عن العمل الذي كان من الممكن ان يتحول الى قوة اجتماعية كبيرة تستطيع ان تؤثر على مجمل صراعات الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. وبنفس الطريقة فشلت تجربة اتحاد المجالس والنقابات العمالية التي كانت بأيدي اناس بعيدين كل البعد عن هموم الطبقة العاملة وواقعها الاجتماعي.
ان طفيليات البرجوازية الصغيرة ممثلة في البيروقراطية والفردية والانعزالية والتقوقع والفوقية التي اتصف بها رفاقنا القدامى هي السلبيات الاساسية التي شلت حركة الحزب ومؤسساته داخل المجتمع. ان ذلك يدل على ان التخلي عن هموم الطبقة العاملة لصالح البرجوازية هو التخلي عن شيوعية منصور حكمت وهذا هو بالذات مافعله الرفاق القدامى. وحتى اكون صريحا ودون تجريح احد، أسأل ، ماذا فعل رفاقنا السابقين في الحزب عندما اقتحمت جماعات الاسلام السياسي لمقر الحزب في شارع الكورنيش في الناصرية؟ تلك العملية التي كادت ان تنهي الحزب فيزيائيا ومعنويا؟ ببساطة، لقد اختفوا مهزومين وتركونا وحدنا وسط النيران، عادوا لبيوتهم ولمزاولة اعمالهم وكأن الامر لا يعنيهم من بعيد او قريب، اعلنوا انسحابهم او تقاعدهم. لقد اعدنا في هذه الظروف الصعبة والحساسة للغاية اعادة هيكلة تنظيمات الحزب وانتخبنا لجنة محلية جديدة واستمر الحزب يعمل بفاعلية وجدية ويستعيد جماهيريته. واجهنا قوى الشر وحدنا نحن الذين امتلكنا رؤية يسارية واعلنا الانفصال فيما بعد. وبعد ان انفرجت الغمة وزالت الظروف الحساسة جداً، عاد رفاقنا القدامى هذه المرة او بُعثوا من تحت الرمال بهامات عالية ليطالبوا بانتخابات لجنة جديدة او الصحيح تعيين لجنة جديدة وهو ما يعني عودتهم (المباركة) وعودة سرطانهم اليميني البرجوازي. حاولوا هذه المرة بكافة اسلحتهم وامراضهم المستعصية العمل على عزلنا واقصاءنا وبالتالي عزلة وانزواء الحزب نفسه، وعندما حدث الانفصال في قيادة الحزب كان هنالك تكتما شديدا وتعتيما كثيفا حول هذا الموضوع. وعندما تثار هذه المسألة كانوا يقولون ( اقرأوا مقابلات كورش مدرسي في جريدة الشيوعية العمالية !)، وكأن الانفصال قد حدث فقط في صفوف الحزب الشيوعي العالمي الايراني ولم يحدث في صفوفنا وكأنما لم تكن هنالك كتلة يسارية داخل حزبنا قد اعلنت عن برنامجها ازاء قرار القيادة ومن ثم اعلنت عن تأسيس الحزب الشيوعي العمالي اليساري. ان الرضوخ للبرجوازية والانحراف نحو اليمين هو ما جعل الحزب يفقد اسم ومعنى الشيوعية العمالية، وما مؤتمر حرية العراق الذي تأسس حديثاً وبهالة اعلامية وتطبيلية كثيفة الا دليل على ذلك . فهذا المؤتمر ان هو الا رضوخ واضح للبرجوازية وتحالف مفضوح مع رموزها الرجعية في العراق.
هذه الاسباب وهذه السلبيات وهذا الالتفاف لتزييف الشيوعية العمالية هو ما دعانا وبكل قوة الى الانفصال عن الحزب الشيوعي العمالي العراقي والانظمام الى الحزب الشيوعي العمالي اليساري.
لم يتركنا الرفاق السابقون في حالنا بل انهم وحال سماعهم لخبر انفصالنا لجأوا الى أشد الاساليب عشائرية ورجعية بحيث انهم لم يختلفوا بشئ عن اساليب احزاب الاسلام السياسي في استعمالهما لاساليب الترغيب والترهيب والتجسس والقرصنة في محاولتهم لثنينا عن عزمنا. لقد احدث انفصالنا هزة كبيرة اقلقت نومهم الطويل وهدمت بيوتهم الزجاجية.
لقد اعلنا الا