بعد انتهاء الاحتلال الداخلي للجماهير ( ألبعث) وبداية حقبة أخرى من تاريخ العراق
الدموي متمثلة بالاحتلال الأميركي والسعي لإقامة دولة الديمقراطية (على حد تعبيرهم)
جعلت العراق ومؤسساته مرتعا لرجال الإسلام السياسي يوجهون سياساته حسب أهوائهم
ومتطلباتهم، مما نتج عنه ولادة المليشيات الإسلامية المسلحة لحماية مكتسباتهم
المادية والسلطوية من خلال السيطرة على الشارع وفرض أجندتهم الخاصة والمحاولة
الحثيثة لاسلمة الشارع من خلال استخدام الخطاب المقدس ونموذج الإرهاب ألبعثي والذي
أصبح شعار جميع المليشيات بكل مسمياتها في الوقت الذي كان فيه سياسيو الساعة و رجال
الدين والملالي (مؤسسي المليشيات) ينكرون ظاهريا تلك الأساليب تلك وفي الوقت نفسه
يمارسونها لأنها الطريق
الأسرع لردع المخالفين ويقدمون التبريرات التي يقنعون بها أنفسهم والمستفيدين من
هذه العملية فحسب.
الشعب العراقي المبتلى، شعب التجربة الواحدة ( البعثية ) كان يسعى للتخلص منها
والبحث عن الشعور بالأمان والطمأنينة ، لكنه في الوقت نفسه كان ثمة امر خفي يدفعه
حثيثا ألى ممارسة كل تلك الأساليب المتكررة وأحيانا وبشكل لا إرادي و“عفوي“ يعيد به
تجارب الإرهاب والتعذيب المستمدة من تجارب ديكتاتوريات أخرى ولت. ان جزء من ذلك
نابع من خضوع الفرد في المجتمع الى سنين طويلة من طغيان الدين وتحميق المجتمع سلبت
معه اي قدرة على مقاومة كلام لابسي العمائم ورجال الدين الذين يبدو واضحا انهم
متخلفين لايحملون اي فهما للسياسة ولا يكنون اية عاطفة لبلدهم ولا اعتبار لهم
للشعور الإنساني ولا ادنى المفاهيم الأخلاقية.
أن
القاعدة هي نتاج القمة وهذا هو جوهر الشكل العربي وكل اشكال المجتمعات المعاصرة.
ان تحويل المجتمع الى انساني يتطلب النضال ضد تلك ”القمة“ وتغييرها.