لماذا تأسس الحزب الشيوعي العمالي اليســاري العراقي؟
نـوزاد خالد
جاء تأسيس الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي كضرورة طبقية لحركة الشيوعية العمالية في العراق. حيث ان تأسيس هذا الحزب هو باعث امل في قلوب الالآف من المتطلعين لعالم ومستقبل افضل يليق بالانسان المعاصر، بعدما خذل الحزب الشيوعي العمالي العراقي الذي رفع في بداية تأسيسه هذا الشعار للملايين من المتطلعين لهذا الامل لينشغل بصراعاته الداخلية حول قيادة الحزب والتي ادت الى سيطرة كتلة لاتمت بصلة للطبقة العاملة والحركة العمالية على قيادة الحزب والذي سار به الى اعلان انتمائه الى الخط اليميني (الحكمتي) المنشق عن الحزب الشيوعي العمالي الايراني، والمنكر للثورة العمالية وتحرير البشرية من كابوس الظلم الرأسمالي والعمل المأجور.
لم يكن هذا الانعطاف بغريب عن مجرى الاتجاه السياسي والتنظيمي لهذا الحزب. فهو كان ومنذ تسلط القادة الحاليين على قيادة الحزب بعد تصفيات جماعية لكوادر حقيقية شيوعية وفعالة داخل حركة الشيوعية العمالية، يسير باتجاه ابتعد عن مجرى الصراع الطبقي والحركة العمالية وصب كل تركيزه على ابراز قياداته ورموزه داخل المجتمع ليتحول الى فرقة معزولة همها نشر صور قادتها والخوض في حملات سياسية بعيدة عن الواقع اليومي لصراع العامل في كسب لقمة عيشه.
لم يأخذ قادة هذا الحزب درساً من فشل سياساتهم في كردستان واضمحلال نفوذ الحزب فيها بل وحتى لم ينتقدوا ولم يبحثوا عن سبب فشل تلك السياسات التي كانت بالاساس ناجمة عن ابتعاد سياسات الحزب عن حركة الشيوعية العمالية وقاعدتها الاجتماعية، حينما كانت الاحزاب القومية الكردية اكثر دراية من الحزب نفسه عن مدى نفوذه الاجتماعي وسعة قاعدته الاجتماعية، مما سهل لهم مهاجمة تلك المقرات بشكل وحشي ومصادرة ممتلكاته وسدل الستار عن نشاط هذا الحزب ومنظماته في كردستان وحصرها بالعمل السري، في وقت كان قادة الحزب يتباهون بأنهم القوة الثالثة في كردستان.
السياسات ذاتها نراها اليوم تتكرر مرة اخرى بشكل او بآخر في وسط وجنوب العراق، فهو يصب كل نضاله في ابراز قادته وتأسيس المنظمات الجماهيرية من منظمات النساء والاطفال وغيرها.
تأسيس المنظمات الجماهيرية هي مسألة مهمة بالنسبة لحركة الشيوعية العمالية ولكن ذلك وحده لايجعل من الحزب حزباً للطبقة العاملة يقودها الى الثورة الاشتراكية ويطيح بالنظام الرأسمالي، وهو في احسن الاحوال يعرف الحزب كحزب راديكالي انساني، ضعيف في مواجهة ابسط هجمات القوى البرجوازية الشرسة لارتكازها على قاعدة اجتماعية لاتجمعها صفات طبقية ومصالح طبقية مشتركة. فالحركات الاجتماعية الراديكالية تستنبط فوتها من قوة حركة الشيوعية العمالية وحزبها وليس العكس.
جاء تأسيس الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي كجواب على حاجة حركة الشيوعية العمالية الى حزبها السياسي الذي يساندها في نضالها الطبقي اليومي ويقودها الى الثورة الاشتراكية، جاء استجابة لحزب يعمل على تربية الكوادر الشيوعية ويرصن صفوفهم (بدل من طردهم وعزلهم وبعثرة آمالهم) ويسلحهم بسلاح الماركسية والنهج الثوري لمنصور حكمت قائد حركة الشيوعية العمالية. جاء استجابة لخصاص حزب عمالي يعمل على تشكيل المجالس العمالية لتكون نواة سلطة الغد، جاء استجابة للنضال والثورة من اجل انهاء الواقع المظلم في العراق وطرد القوات الامريكية والقوى السوداء المتسلطة على رقاب الجماهير والطبقة العاملة.
لذا فأن الانخراط والنضال في صفوف هذا الحزب مهمة تأريخية لكل العمال والشيوعيين والمؤمنين بفناء عالم الاضطهاد والعبودية والمستقبل المظلم الذي تحيكه لنا قوى الظلام الرأسمالي.
19-10-2004