نهتم بنقد الاســـــــــــلام
بسبب الاسلام السيـاسي*
مريم نمازي
مؤسسة مجلس المسلمين السابقين في بريطانيا وعضوة المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي الايراني.
اكثر من امور كثيرة، فان نقد الاسلام يهمنا 1. ولكني اعتقد انه يهم بشكل اساسي بسبب كونه يافطة لحركة سياسية رجعية. والا، فان الاسلام ليس مختلفا عن اي دين اخر. بامكانك ان تجد نفس الكراهية للمرأة، والقسوة وانعدام الانسانية في الانجيل والكتب الدينية الاخرى كما تجدها في القرآن والاسلام. ان المسيحية او اليهودية في الاساس لا تختلف عن كنيسة توحيد مون او الكنيسة التوحيدية الساينتولوجية 2، والتي تعتبرها الحكومة الالمانية "عقائد تشكل خطرا على التطور الاجتماعي والفردي". ولكن ماذا يظنون الدين ؟.
مع ذلك، اليوم وفي الوقت الذي نتحدث فيه، مايزال هنالك تمييز بين الدين في عمومه وبين الاسلام على وجه الخصوص لا لسبب سوى كونه ايديولوجيا تكمن خلف حركة، والتي هي في معظم المناطق، جزءاً لا يتجزأ من الدولة، القانون، نظام "العدالة" الجنائي، الانظمة القضائية والتعليمية. اعتقد ان هذه النقطة اساسية من اجل توجيه نقد مبدأي للاسلام والاكثر اهمية لجواب تقدمي وانساني للشمولية التي نراها في عصرنا الراهن. هذا يعني، اولا، ان لدينا واجب نقد الاسلام؛ ان ذلك يتجاوز مجرد حق حرية التعبير والخطاب. من الواضح، ان الحكومة الالمانية، وفي الحقيقة كل الحكومات الاوربية، الامم المتحدة، واليسار الاوربي الديني والقومي والمعتذرين الاخرين للاسلام لايعتقدون ذلك. فوزير الداخلية الالماني فولفغانك شوبل، على سبيل المثال، قلق جدا على صورة الاسلام حتى تم اقتباس كلماته قائلا بان تقارير الاعلام عن الاسلام تركز غالبا على موضوع العنف وقلما تركز على حقيقة الاسلام في الحياة اليومية . ولكن حقيقة الاسلام اليومية هي اكثر عنفا بكثير من اي شئ يمكن للوزير الالماني وحكومته، ذات الصلات الوثيقة بحركة الاسلام السياسي، استيعابها. ان اجيال باكملها قد ذبحت خلال عقود ودفنت في المقابر الجماعية في ايران والعراق وافغانستان واماكن اخرى. ان الكلفة الانسانية من جراء وجود الاسلام في السلطة كافية كسبب – سبب وحيد ضروري – لجعل النقد مهمة وواجب علينا. من المستحيل – ودعوني اكرر مستحيل – تحدي حركة سياسية سببت الدمار اساسا لجماهير الشرق الاوسط وشمال افريقيا اذا لم يكن مسموحا لك انتقاد ايديولوجيتها ويافطتها بشكل كامل وصريح.
والان اعرف ان هناك من سيقول ان المشكلة ليست الاسلام ولكن التفسير المتزمت للاسلام. ولكن في رأيي، لا يمكن ان يكون هناك فمنستية 3 اسلامية، او اصلاح اسلامي ، او ديمقراطية اسلامية، او حقوق انسان اسلامية، وتفسيرات معتدلة للاسلام عندما يكون الاسلام في السلطة. بالطبع هناك مسلمين او اؤلئك المصنفين كذلك والذين لديهم نظرات انسانية، علمانية، معتدلة، فمنستية، الحادية، شيوعية، او نظرات تقدمية اخرى، ولكن ذلك ليس نفس الشيئ حينما يكون الاسلام في السلطة. برأيي، فان دين "معتدل" او "محسن" هو ذلك الدين الذي تم دفعه للوراء وتم الانقضاض عليه من قبل حركة تنويرية. كان نقد الدين دائما وسيلة مهمة للتقدم وتطوير حياة البشرية. وانه لمن خلال هذا السياق يجد نقد الاسلام معناه. ان النقد الحاد الموجه من قبل الجناح اليميني 4، للاسلام وانتصاره الفجائي لحقوق المرأة في الشرق الاوسط – بينما يستمر في تشريع الاخلاقية الدينية وكراهية المرأة هنا – يتنكر من اجل خدمة مصالحه للنقطة الاساسية التي نتناولها، والتي هي الدين والسلطة السياسية. ولو كنا سنفوز بالسلطة مرة اخرى – كما حدث منذ قرون مضت 5– فان علينا ان ندفع الاسلام والدين دفعاً خارج الحياة العامة. نقطة على السطر. لا يمكن ان يكون هناك اي تفاوض، لان العديد من حيوات البشر على المحك. وان التفاوض يتظمن محاولات الليبراليين المظللة عمل تحالفات بين الاديان من اجل زيادة عدد الاديان والمعتقدات التي لديها مسلك الى السلطة في المجتمع وانواع رجعية اكثر من التملق الذي تمارسه الحكومة الالمانية او ذلك الذي تقوم به مؤسسة توني بلير. وفي حال لم تسمعوا بعد بالامر، فان مؤسسة توني بلير الايمانية قد اطلقت مؤخرا ومن اجل " نشر الاحترام والفهم حول اديان العالم الرئيسية وتوضيح كيف ان الايمان هو قوة قوية من اجل الخير في العالم الحديث". ولكن الدين ليس بحاجة الى حملة علاقات عامة لو كان الدين هكذا شئ جيد، اليس كذلك؟ حتى ان اطلاق كلمة "ايمان" عليه وتفادي كلمة الدين لن تفلح في تفادي حقيقة انه المسبب في حملات الابادة في عصرنا الراهن.
وفي كل الاحوال – سواء كان الامر بسبب التظليل او بسبب المصالح الاقتصادية او السياسية – فان تلك المحاولات تخدم تصعيد، وتبرير وزيادة دور الدين في المجتمع – وكجزء من المشكلة وليس كحل لها. ان المشكلة الاساسية هي انهم يكترثون للدين – سواء من خلال الاعتذار له او محاولة تصوير كيف ان دينهم "الخاص بهم" هو الاحسن – بدلا من الاكتراث بالبشر الاحياء الحقيقيين.
برأيي عليكم الاختيار. اما الدفاع عن الانسان او الدفاع عن الاسلام والدين. لا يمكن الدفاع عن كليهما في نفس الوقت لانهما لا يتطابقان مع بعضهما البعض وهما متناقضان.
بالطبع ان ذلك لا يعني ان الناس لا يمتلكون حق التدين او الالحاد. وبالطبع لديهم هذا الحق ولكن كشأن شخصي. ان وصم الملايين من الناس كمسلمين والتواطئ مع المنظمات الاسلامية كما تفعله الحكومة الالمانية مع مؤتمراتها الاسلامية يؤدي فقط لتسليم الملايين من الناس ممن هم يقاومون الاسلام، الى حركة الاسلام السياسي. ذلك رغم حقيقة، انه وفق اعترافات الحكومات انفسها فان المنظمات الاسلامية في المؤتمرات السنوية تمثل ما بين 10- 15 % فقط من اؤلئك الذين تعتبرهم مسلمين. ان هكذا نمط من السياسة يتنكر للتمييز بين المظطهدين ( فتح الطاء ) والمظطهدين ( كسر الطاء ) وفي الواقع ينظرون اليهم كشئ واحد. ان تلك السياسة تنكر اهمية التمييز بين المسلمين واؤلئك المصنفين هكذا، وبين الاسلام السياسي.
ان السياسة هي التي تفصح ان الناس تريد ان تعيش كما يجبروهم على ذلك. وبانهم في الواقع يستحقون ذلك بسبب " ثقافتهم الخاصة ودينهم" ملحقين بعدد لا يحصى من البشر اكثر عناصر الثقافة والدين رجعية، تلك خصائص الطبقة الحاكمة، والائمة الطفيليين و" قادة التجمعات الاجتماعية " الذين ينصبون انفسهم اوصياء على الناس 6.
لذا فانهم يعتبرون نقد الاسلام عنصرية؛ كلا ليس عنصرية 7. ولذا فان الحقوق والمساواة والاندماج تنمى من قبلهم من خلال علاقتها بالدين وليس بالانسان. منذ متى كان تكامل البشر يعني تكامل ما يسمى بمعتقداتهم؟ وكما اوضحت، فبينما نقد الاسلام والاسلام السياسي هو واجب تاريخي وضرورة، فانه يجب ان يمارس ضمن سياسة تنظر الى الناس في المرتبة الاولى لكي تمتلك معنىً حقيقياً وتؤثر على احداث تغيير حقيقي.
عليها ان تفعل ذلك لا لشئ الا لخدمة مصلحة البشرية. وبوجه هذه المجزرة، فان العلمانية والقيم العالمية وحقوق المواطنة وانسانية دون علامات فارقة وقيم تليق ببشرية القرن 21 بامكاننا الدفاع عنها من خلال عصر تنوير انتقالي اخر من قبل طليعيي هذا القرن. علينا الا نعطي تنازلات جديدة الى الدين والنسبية الثقافية؛ علينا الا نحترم او نتسامح مع القيم والمثل والممارسات غير الانسانية. ان المطالبة غير الخجولة وغير المداهنة بالعلمانية هي حد ادنى اذا ما اردنا التأكد من ان البشرية مصانة من الاذى. اليوم اكثر من اي وقت مضى، نحن بحاجة الى اقتلاع الدين من المجتمع – يجب خوض معركة منسقة ضد صناعة الدين، الدين الذي يقف فوق القانون، والعصي على التشريع والردع ولا من يحاسبه على فتاويه، وقتله، ودماره.
كما قال منصور حكمت، المفكر الماركسي:" لقد تأكد لنا، مرة بعد اخرى، بان دفع التدين والرجعية الدينية الى الوراء ليست ممكنة دون الدفاع الواضح والصريح عن القيم الانسانية ضد الدين. لقد تأكد لنا مرة بعد اخرى بان منع البربرية الدينية لن تأتي من خلال رشوته او الباسه وجها انسانيا، ولكن من خلال النضال ضد المعتقدات والممارسات الدينية الرجعية. ماهو الثمن المطلوب.... لادراك حقيقة ان الاسلام والدين ليس لهما جزء تقدمي او قابل للدفاع عنه ؟" (منصور حكمت، دفاعا عن تحريم الحجاب الاسلامي للاطفال).
————————————————
ما تقدم هو خطاب مريم نمازي لمؤتمر بديل عن المؤتمر الاسلامي في مدينة كولن، بالمانيا في 31 ايار 2008.
ترجم الخطاب عصام شكـــري عن النص الانكليزي المنشور في نشرية الحزب الشيوعي العمالي الايراني WPI العدد 205 بتاريخ 3 حزيران 2008.
ملاحظات المترجم:
* العنوان الاصلي بالانكليزية Islam matters because of Political Islam استعملت كلمة (نقد الاسلام) لتوضيح المعنى في اللغة العربية.
1. الاسلام كايديولوجيا
2. كنائس في اوربا وامريكا مشهورة بالمحفلية والتعصب.
3. الفمنستية حركة برجوازية لتحرير المرأة. تستعمل مريم نمازي كلمة الفمنستية هنا لسهولة فهمها بمعنى حركة تحرير المرأة بشكل عام.
4. بعض التيارات اليمينية الاوربية والامريكية تتظاهر بنقد الاسلام بينما في الواقع تتحالف مع شيوخه وتقدم الاعذار له ولممارساته ضد المرأة على انها "ثقافة نسبية" وانه "دين تسامح واخاء".
5. تقصد عصور النهضة الاوربية تتويجا بالثورة الفرنسية في 14 تموز 1789.
6. في الغرب فان هؤلاء غالبا ما يكونوا ملالي الاسلام السياسي والشيوخ الذين ينصبون انفسهم قادة لما يسمونه الجاليات المسلمة ويقومون بعقد الصفقات مع الساسة بتعارض كامل مع مصالح الملايين ( وخاصة النساء ) الهاربات اصلا من حكم الاسلام في دولهن.
7. يستعمل الاسلاميون والمدافعين عن الاسلام في الغرب كلمة اسلاموفوبيا في وصف من ينتقد الاسلام كاتهام بالعنصرية من اجل اسكاته.