الإسلام السّياسيّ في قلب أوروبّا العلمانيّة
خطاب مريم نامازي في مؤتمراتحاد الانسانيين والاخلاقيين العالمي المنعقد في 6 تموز, 2005 في باريس، فرنسا، في جلسة معنونة "حقوق المرأة في المجتمعات الدّينيّة والعلمانيّة".
- الطفلة عاطفة رجبي البالغة من العمر 16 سنة شُنِقَت علانية في وسط المدينة في نيكا - إيران في 15 آب2004 بتهمة القيام باعمال "لاتتفق مع العفة.
- في نيسان من هذا العام، رجمت أمينة حتّى الموت علانية في منطقة أركو، أفغانستان بعد اتّهامها بالزّنًا من قبل زوجها.
- وفي هذا الشّهر ضرب الأطبّاء لمعالجتهم مريضات ونّساء هُوجِمْنَ بوحشيّة لعدم تحجبهن في البصرة، العراق
والقائمة لاتنتهي.
هذه الأمثلة هي فقط بعض أكثر الجوانب المرئيّة والشنيعة لنساء وبنات يعيشن في مجتمعات نكبت بالاسلام وتحت القوانين الإسلاميّة – نساء مغطيات بالبركة والحجاب، مربوطات ومكمّمات ودون حقوق. إنّه حقًّا عار القرن الـــ21 .
لكنه لم يعد يحدث فقط في تلك الأماكن مثل نيكا، أركو أو البصرة حيث يحدث الإسلام السّياسيّ والحكم الدّينيّ الفوضى، لكنّه أيضًا يجري في نفس قلب الغرب العلمانيّ وأوروبّا ولو بطرق مختلفة وبشكل أكثر دقة الا انه لا يقل شراسة على اية حال. هنا الإسلاميّون "أكثر تحضّرًا".
انهم يطالبون "بحقّ" الحجاب للنّساء والأطفال في فرنسا في حين انهم يفرضون الحجاب الاجباري في الشّرق الأوسط بإلقاء الحامض في وجوه اللواتي يتجرأن ان يرفضن ويقاومن. وفي بريطانيا يصرخ الاسلاميون عنصرية ضد كل من يجاهر برأيه ضد الاسلام وحركته السياسية، بينما في ايران واشباه ايران فانهم يقومون بشنق "المجدفين" و"الكفرة من جذوع الاشجار ورافعات البناء. هنا, يطلبون مقاضاة أولئك الّذين "يثيرون الكراهية الدّينيّة" بينما انهم هم أنفسهم من يثير الكراهية والعنف وبشكل لا يمكن وصفه او تخيله وفي كل مكان. هنا في الاتّحاد الأوروبّيّ, يطالبون بالتسامح واحترام معتقداتهم, في حين انهم هم الّذين أصدروا الفتاوي والتّهديدات بالقتل ضدّ أي شخص أعتبروه هم مشين ولا يمكن تحمله. هنا, يطالبون ب"الحقوق المتساوية" مطالبين بمحكمة شريعة للأقلّيّات المسلمة في كندا و بريطانيا بينما قامت نفس محاكم شريعتهم بأجازة الظّلم والبربرية الإسلاميّة في الشرق الاوسط.
وبثبات يقوم الاسلام السياسي وعن طريق استخدام لغة " الحقوق" وصيحات العنصرية ورهاب الاسلام Islamophobia - واليوم اثارة الكراهية الدينية من اجل اخراس اي معارضة ونقد -بتثبيت مواقعه وانزال الضربات بالعلمانية في اوربا بالرغم من ان النقد و"رهابات" الايديولوجيات والثقافات والحركات السياسية لا يعد عنصرية. وحتى في قلب اوربا العلمانية والغرب فان النساء اللواتي قاومن الاسلام السياسي لن يشعرن بالامان بعد الان. بامكانهم رفع الدعاوى القضائية ضدنا قريبا ومواجهة احكام تصل الى 7 سنوات من السجن في بريطانيا لكوننا عدوانيات او تجاوزنا الحد " المنطقي" لنقد الاسلام.
نحن نُسَمَّى بالفعل عنصريّون وأرهابيو الاسلام كلّما تكلّمنا لصالح النّساء وضد الإسلام وحركته السياسية. نحن الّذين اُعْتُبِرْنَامتطرّفات من قبل محافظ لندن عندما عارضنا زيارة المدعو "عالم اسلامي" القرضاوي, والذي لاتفرق دعواته لتواضع النساء وممارسة العنف ضدّهن وإدانته للأعمال الجنسيّة بمثابة"شذوذ" عن القوانين الإسلاميّة في إيران.
و حتّى هنا, فأن حقوق المرأة, حقوقنا, تعد نسبيّة من النّاحية الثّقافيّة وليست حقوقاً عالمية أبدًا. حتّى هنا كلّ واحدة منا تعد وللأبد "أقلية مسلمة"، ينبغي ان تكون لها محاكم شريعة ومدارس أيمانية وحق الحجاب... ولسنا ابداً مواطنات متساويات من قبل القانون ولكن اجزاء متناثرة من مجتمعات أقلية نستحق نفس تلك القواعد والقوانين التي هربنا اصلا منها.
يعاد تغليف الإسلام والدّين السّياسيّ باستمرار وبألف طريقة لجعل هذه النّسبيّة والمهادنة الثّقافيّتين أكثر قبولاً للجمهور الغربيّ . الآن هناك إسلام المعتدل, إصلاح إسلاميّ, حقوق إنسان إسلاميّة, مناصرة إسلاميّة للمرأة و ديمقراطيّة إسلاميّة ( تناقضات لفظيّة في رأيي) منذ مئة سنة,كان يمكن للبشريّة الطّليعيّة أن تسخر من فرضية أن تحرير البشريّة يمكن أن يُحَقَّق من خلال القساوسة, اعتدال الدّين و ظهور التّفسيرات الجديدة من خلال الكنيسة. اليوم ويا للحزن يمكن "للعلماء والأكاديميّون المحترفون" اليوم أن يحدّدوا بأنّ بامكان المرأة الإيرانيّة في الوقت الرّاهن اعتبار ان العلمانية تعني إضافة درجة اقل من الأسود الفاتح إلى الألوان المعتمدة رسميًّا للحجاب*. ما سخر منه بالامس من المفاهيم يقوم اليوم بالحلول محلّ القيم البشريّة والتي تم النضال من اجلها وتم التسليم بها من قبل المجتمع الحديث. ان نهوض الدين وتآكل العلمانية والمعايير العالمية هي جزء أساسيّ من النّظام العالميّ الجديد الّذي قد حوّل حقوق المواطنة إلى مجتمعات مجزّأة ممكن التعرف عليها باي وسيلة الا إنسانيّتنا المشتركة وحول قيمنا الانسانية والعالمية الى قيم ثقافية ودينيّة رجعية.
ان قيم التنوير للقرن الثّامن عشر يتم استبدالها ببطء . حتّى في فرنسا حيث حظر الرّموز الدّينيّة المميّزة في المدارس والمكاتب الحكوميّة عد من الخطوات المهمّةً, فان المدارس الإسلاميّة - حيث يحجب الاطفال واستغلال حقوقهم يستمرّ بقوة - يعْتُبِرَ مسموحة لحد الان.
السّؤال العاجل والذي علينا جميعًا أن نسأله لأنفسنا هو: كيف يمكن لنا أن ندافع عن العلمانية، العالميّة والقيم البشريّة الجديرة بالقرن الــ21 ؟ أعتقد أنّ ذلك ممكن فقط عبر تنوير جديد لطليعة هذا القرن. يجب أن لا نعطي أيّ امتيازات أكثر إلى الدّين, الخرافة والنّسبيّة الثّقافيّة, علينا الا نحترم ونجيز الاهداف والقيم والممارسات غير الانسانية. ان المداعاة العنيدة غير المساومة بالعلمانية ودون خجل تشكل فقط الحدّ الأدنى, ومع ذلك, فاننا نقوم بذلك لضمان أن حقوق المرأة مصانة وأنّ الإنسان يُوضَع في المقام الأوّل .
اليوم, أكثر من أي وقت مضى, نحن بحاجة الى نزع الدين من المجتمع. "بامكان اي شخص أن يكون لديه أي معتقدات، يع