رسالة مفتوحة موجهة الى الرفيقين ريبوار أحمد وأمجد غفور

 

 رفاقي الاعزاء ريبوار وأمجد

 

أتأمل ان تجدكم هذه الرسالة في أتم الصحة والمعنويات. أنا عضو في الحزب الشيوعي العمالي الايراني بالرغم من كوني احتفظت بعلاقة تنظيمية ضعيفة مع الحزب. ان صلتي مع الحزب كانت في اغلب الاحيان عن بعد ومن خلال اعلام الحزب. وباوقات كثيرة اجد نفسي اقرب الى الحزب الشيوعي العمالي العراقي منه الى حزبي الايراني. وبما اني اقيم في الولايات المتحدة، في معدة الوحش، وكوني ناشطاً كمنظم عمالي واجتماعي وكذلك فعال ضد الحرب في هذا البلد، فقد كان لي صلة عاطفية وسياسية عميقة مع ما تفعلونه ايها الرفاق في العراق. وخلال السنتين الاخيرتين، فان تركيزي الاساسي كان منصباً على مساندة الحزب الشيوعي العمالي العراقي. اعجبت بالشجاعة والبطولية التي أظهرتموها ايها الرفاق. قلبي معكم. لي احترام عميق لكم ولرفاق عراقيين آخرين.

 ان السبب الذي دفعني لكتابة هذه الرسالة لكم هو اخباركم عن مشاعري لما حدث للحزب الشيوعي العمالي الايراني. عايشت شخصياً انشقاقات سابقة واعرف انها احيانا تحدث ولذا فانا لست مندهشا بشدة. ولكن يجب ان اصارحكم القول باني وخلال الاسبوعبن المنصرمين كنت اعاني حقيقةً بسبب الانشقاق الذي حدث في الحزب الشيوعي العمالي الايراني. لقد جرحني ذلك حقيقة . وانا اعرف ان الامور ستسير على اية حال وبان الحزب الشيوعي العمالي الايراني سيستمر بالبقاء وبان يعمل من اجل ما وجد من أجله. يجب عليه فعل ذلك فليس هنالك من خيار آخر. وأتامل بان الرفاق الذين تركوا الحزب سيستمرون على درب الشيوعية العمالية.

ولكن ما ضايقني حقاً هو اننا كاعضاء قد ابقينا في الظل وقطع عنا قدرة التواصل مع نقاش وحوار مصيري ومهم داخل الحزب. انا لا افهم كيف ، ولمدة سنتين، أبقت قيادة الحزب الشيوعي العمالي الايراني هذا الجدال والذي قسم الحزب الى قسمين، سرياً.  لقد عرفت عن المشكلة قبل يومين من حدوث الانشقاق !! في تلك الليلة حلمت بأن مجموعة من كوادر الحزب كانوا ينهالون علي بالضرب. كان كابوساً طويلاً ومزعجاً. كان هذا السر خطئأ فظيعاً. ولقد دفع الحزب ثمنا باهظا من جراء ذلك. لقد ترك الحزب مجموعة من الرفاق المحترمين جداً. واشعر ايضا بان ذلك كان اهانة وجهت الى اعضاء الحزب واؤلئك الذين وجدوا انفسهم قريبين من الشيوعية العمالية. لقد عوملنا وكأننا غير مهمين، او غير موجودين، او كاننا مخلوقات متمددة وغير منظورة من الممكن اهمالها وتجاوزها. لم كانوا خائفين منا؟ نحن لسنا مجموعة من "الرعاع غير المنظبطين" والذين لا يعرفون كيف ينخرطون في سجال متمدن. نحن نمثل الحل وليس المشكلة. لدينا شيئاً نمنحه، وفي احيان كثيرة اكثر مما يستطيع الاخرون في الاعلى تقديمه. ولكي اكون نزيهاً معكما لقد فقدت شخصياً بعض الثقة بقيادة الحزب. آمل ان يكون هذا درساً لقادة الحزب. نحن الاعضاء- نحن الحزب، آمل بانهم يدركون ذلك الان. سينبغي عليهم العمل الكثير من اجل استعادة ثقتي وربما ثقة اخرين معي يبحرون في نفس الزورق. انا مسرور لانه سيكون هنالك المؤتمر الخامس حيث يستطيع الاعضاء واناس اخرون المشاركة في العملية. من الواضح ان قيادة الحزب كانت عاجزة عن حل المشاكل والخلافات بمفردهم.

 

لبضعة ايام كنت مشوشاً للغاية حتى استطعت الاطلاع على النقاشات الداخلية واخذني الموضوع على الاقل يومين لمعرفة موقفي من النقاشات السياسية الموجودة داخل الحزب. لم تكن العملية صعبة بتاتاً. بالنسبة لي كانت الشيوعية العمالية دوماً تعني ثورة العمال، الاشتراكية، تحطيم آلة الدولة البرجوازية، انهاء عبودية العمل المأجور والاستغلال، ليس السنة القادمة، وليس الشهر القادم، ليس غداً، بل اليوم. هكذا كنت اُعَرف منصور حكمت دائماً.

 

ان النظريات والسياسات التي روج لها كورش مدرسي كانت وبشكل واضح كومة من النفايات البرجوازية والتي كان من الممكن التخلص منها ورميها بعيداً. وفقط لاعطيكما مثالاً،  فلقد كنت اعتقد دوما بان الثورة وخصوصا الثورة العمالية هي احسن شئ ممكن ان يحدث لنا. ان العالم في اشد الحاجة لها. واذا حدثت في اي مكان في العالم اليوم فانها ستضارع بعظمتها ثورة اكتوبر في روسيا. الاشتراكية هي الامل الوحيد للانسانية المتمدنة. والان، كورش يقول لنا : " ان الثورة هي عنف مفروض علينا من قبل البرجوازية". ان بديله هو العصيان المدني: وهي حركة باسفستية، لاعنفية برجوازية بل والغالب انها ذات اساس ديني. انه يخبرنا بان الاشتراكية تشتق شرعيتها ليس من الثورة، بل من الاستفتاء والانتخابات—حتى ولو جلبت الثورة الحزب الشيوعي العمالي الايراني الى السلطة. هنالك العديد من الامثلة الاخرى، ولكني ساتوقف عند هذا الحد. ليس من العسير معرفة ما يضمره حين يحلل الشخص افكاره وينزع الغلاف الورقي الذي يحيطه بها.  كان محزناً ومخيباً لامالي بان ارى بان بعض الرفاق قد ساوموا بانفسهم وحاولوا تبرير موقفه وفي النهاية انظموا معا وقسموا الحزب

 

            أتأمل منكم بان تدركوا ايها الرفاق بأن ليس لي اي شئ ضد كورش مدرسي. ولست حتى اعرفه. فقط رأيته مرة في ندوة بكاليفورنيا في امريكا. ما اقوله عن مواقفه السياسية ليس له ادنى صلة به كشخص. ربما هو انسان رائع. وانا لست ايضاً صديقاً لحميد تقوائي ليدر الحزب. لم اراه مطلقاً ولم اتحدث معه ابداً ولا اعتقد بانه قديس. 

مع ذلك لقد اندهشت بشدة حينما رأيت بأن قيادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي تتخلى عن الحزب الشيوعي العمالي الايراني والتي كان لها ولسنوات عديدة علاقات رفاقية ووثيقة لتهرع بركوب عربة الرفاق الذين قرروا خلق منظمة جديدة لانفسهم. وعلاوة على ذلك نشركم لبيان متحيز بتأييد الحزب الجديد وتطلبون من الجميع الانظمام له.

رفاقي، انتم احرار تماماً لتنظموا الى الحزب الجديد وان تطلبوا من العالم كله بان ينتمي اليهم وحتى لن تغيروا اسم حزبكم الى الحزب الشيوعي العمالي العراقي الحكمتي حتى تبعدوا انفسكم أكثر عن الحزب الشيوعي العمالي الايراني، ولكن ليس من حقكم اضعافنا كاعضاء من خلال التطويح بثقلكم لجهتهم وتحاولوا ان تأثروا على قدرتنا على الحكم بينما نحن نجد انفسنا في الظلمة والفوضى. قد تكونوا نجحتم في التأثير على بعض الناس، ولكن لربما من الجدير ان تعلموا بأن ذلك قد اتى بمفعول عكسي عليكم ايضاً.

 

ايها الرفاق، ان الناس ليسوا حمقى. نحن لسنا قطيع من الغنم تستطيعون رعيه. نكن الاحترام الكثير لكم: نحبكم، ولكن لاكون معكما واضح: انتم لا تملكوننا. كان من الواجب عليكم، واحتراماً لنا، ان تسمحوا لنا كاعضاء في الحزب الشيوعي العمالي الايراني لكي نتآلف مع المسائل المطروحة وان نصل الى قرار في بيئة خالية من التهديدات والالاعيب السياسية. ما سبب الاستعجال غير محاولة احداث انشقاق اكبر في الحزب الشيوعي العمالي الايراني؟ لم يكن هنالك اي شئ من الصداقة في هذا الامر. سأمنحكم امكانية التشكيك بذلك: ربما لم يكن هذا مقصدكم، ولكن عمليا هذا ما يعنيه تصرفكم.

 

كانت خطوتكم تلك متسرعة جداً وغير مسؤولة. اتأمل انه في يوم ما تستطيعون تبرير ذلك التصريح المتحيز وان تشرحوا للعالم ماهية الخلافات السياسية لحزبكم مع الحزب الشيوعي العمالي الايراني. انا متأكد بانه هنا في الولايات المتحدة، العديد من اليساريين، والشيوعيين، وهؤلاء الذين يتعاطفون مع الشيوعية العمالية سيطلبون قريبا اجوبة منا جميعاً.

 

انا أعتقد بصدق بان العديد من اعضاء حزبكم وداخل العراق لا يعرفون شيئاً عما حدث. وربما فوجئ العديد منهم وصدموا لمعرفة الانشقاق داخل الحزب الشيوعي العمالي الايراني. انا متأكد بان العديد محتارين لرؤية كيف انكم، ومن خلال موقفكم، قد ضحيتم باكثر من عقد من الزمان من العلاقة الرفاقية الوثيقة والقريبة بين الحزبين. بلا شك فان العديد قلقون بشأن الاتجاه السياسي الذي سيسلكه الحزب الشيوعي العمالي العراقي في المستقبل. لم لم تشركوا اعضاء الحزب في نقاش مفتوح وشفاف لكي يكون بامكانهم معرفة اين يقفون من مجمل المسائل؟ لم لا تمنحوهم بعض الوثائق الداخلية الرئيسية للحزب الشيوعي العمالي الايراني؟ لم لا تخلقون آليات يمكن للاعضاء بواسطتها اعطاء قرارهم؟

لسنا بحاجة الى انقسام آخر. سيكون ذلك بمثابة ضربة اعظم لحركتنا. العديد من الاشخاص في الولايات المتحدة قد وضعوا أملهم في حزبكم. العديد من العيون مصوبة نحوكم. انتم امام مسؤولية عظيمة. ان الشيوعية العمالية في العراق ونضالكم قد ساعد الكثير من الشيوعيين ومحبي الحرية في الولايات المتحدة لكي يصبحوا متآلفين مع حركة الشيوعية العمالية ولكي يجدوا ويطوروا تعاطفا مع حركتنا.

 

ما نحتاجه هو الانفتاح، الشفافية، وتحمل المسؤولية. اني اثق بان حزبكم والقدرة على الحكم الرصين التي يمتلكها الرفاق العراقيون ستحقق القرار الصحيح.

 

 

مع تحياتي الرفاقية

 

 

محمود كتابجــي

12ايلول 2004

 

ملاحظة: نسخة من هذه الرسالة قد ارسلت بالبريد الالكتروني الى بعض الرفاق العراقيين والايرانيين. لا املك عنوان الرفيق أمجد الالكتروني. سأكون ممتنا لو اوصل احدهم الرسالة اليه.