مقاطعة الانتخابات وتداخل الخنادق
ليث الجادر
laithgader@yahoo.com
ان من اصعب الامور واتعسها وقعا على النفس ان يتحول المناضل الاشتراكي وهو المناضل الطبقي وحامل لواء المسحوقيين الى داعيه وطني يرفع لواء البرجوازيه للشعارات الرنانه والديماغوجيه كقدسية الوطن واهداف ومصالح الشعب وينبري بصورة او باخرى بوعي منه او بدون وعي منجرفا في اللعبه السياسيه وساعيا لمدارات الخواطر ليتحول من داعيه للتحرر الطبقي واضطهاده المقيت الى عرابا من عراب الوطنيه والاستقلال وحق تقرير المصير ..هذا الاشتراكي اللاعمالي ...اللاطبقي يجد نفسه اليوم في خضم هرج اليمين العراقي والبرجوازيه القوميه ...حينما راح يردد بمناسبة ودون مناسبه يردد الشعارات التحرريه والمطالبه في كل مره ب(((خروج قوات الاحتلال من العراق فورا ))) ...لقد صار مثل هؤلاء الاشتراكيين يرددون نفس عبارات وشعارات ومطالب جمعية علماء المسلميين ورعاع المعتوه مقتدى وبقايامصاصي الدماء البعثيين ...واللذيين ينطلقون في مواقفهم تلك من حقيقة مطالبتهم الوقحه والسافره في نصيب اكبر من السلطه وادوات قمعها المهيئه لاظطهاد طبقي في انطلاقه جديده هي اكثر وقعا واوضح معالما من مرحلتها السابقه ...انهم اذ يطالبون بمقاطعة الانتخابات وبخروج ((قوى الاحتلال الفوري من العراق )) فانهم بذلك يدعون الى ان تسلم لهم مقاليد الامور بالكامل ليجري بعد ذلك بين هذه القوى موتمر تقاسم مناطق النفوذ التي تبغيها والتي تمتلك موهلات السيطره عليها من الناحيه الواقعيه ...اي ان هذا اليمين العراقي باطيافه وتياراته الدينيه والقوميه يعي تماما امكانياته الموضوعيه مثلما يعي حدود دوره المرسوم له واذا ما جرت الامور واحداثها بمثلما يطالبون فعلا فانهم بذلك سيعلنون اقامة سلطتهم فورا في المناطق التي اؤهلوا للامساك بزمامها ويومها سنجد لطفائنا الاشتراكيون يديرون برؤوسهم الفارغه وقد امتلكهم الذعر ليبحثوا عن ملجىء امن لهم يلوذون به ..لكن حينها لن تنفعهم ولن تنقذهم قوانيين وبروتوكولات حقوق الانسان وحريته المصاغه على الهوى البرجوازي من سياط اؤلئك الجلاديين القوميين والدينيين الظافريين ....وحينما يديين اؤلئك الاشتراكيون الانتخابات المزمع اقامتها في العراق فانهم ينخرطون بصوره وباخرى في هذا المنهج المضلل ...ذلك ان فضح زيف وعدم مصداقية الانتخابات هو بالفعل من اولى مهام الحركات السياسيه الجماهيريه في العراق اليوم لكن صيغة هذا الفضح وتلك المقاومه يجب ان تمتلك من الواقعيه النضاليه والمصداقيه ما يفصل موقف الداعيين لها من الاحرار عن سواهم من اللذيين ينضرون اليها على انها وسيله اخرى ومؤامره لتشريع سلطة الراسمال واستعباده للطبقات الدنيا وبين اللذيين يهدفون من جراء معارضة الانتخابات من اجل كسب مواقع سياسيه لهم وهم لا يبالون بمطاليب تلك الطبقات بل يسعون لاقامة سلطتهم المستعبده لها لربما بشكل اكثر بربرية من الشكل الذي تبغي اليه النتخابات ...ان السماح لتداخل الخنادق بين ما هو اشتراكي وما هو غير ذلك يعتبر في حقيقة الامر خطيئة كبرى لا يمكن السكوت عنها ولا الانجراف معها والانتخابات التي يعتبرها والتي من المفترض اعتبارها وتعريفها على انها خديعه ومؤامره لا يمكن ان يعبر عنها بنفس اسلوب وطريقة اليميين العراقي على انها خديعة قوات الاحتلال الامريكي والقوى الحاكمه الان وانها ستصبح اكثر واقعية ونزاهه لو ان هذه القوات كفت عن التدخل في شانها وان هذا لايتم الا اذا خرجت فورا من العراق او المطالبه بان تتم تحت اشراف هيئات الامم المتحده راعية النزاهه في العالم ؟؟؟وما الى ذلك من ترهات ان مثل هكذا دعوات وخصوصا من قبل مدعي اليساريه والاشتراكيه لا تعني الا انعدام الرؤيه الصحيحه لواقع الحدث وابتعادا كاملا عن روح الاشتراكيه العماليه التي تعتبر النضال الطبقي هو مجالها الاكيد والوحيد الذي تنطلق منه وبالتالي فان الدعوه الى تحطيم وافشال محاولة الخديعه الانتخابيه تلك لا يمكن ان تتم الا من خلال دعوة الجماهير المظطهده وفي مقدمتهم العمال لان يعوا حجم المؤامره الكبرى وان يحددوا عدوهم الطبقي الاول الذي يقود جموع هذه الهجمه ...عليهم ان يسعوا كتكتيك مرحلي الى اقصاء والمطالبه باقصاء جميع الحركات والقوى السياسيه التي لم تطرح برامجها الانتخابيه لتتظمن اهدافا وخططا تصب بمجملها في صالح تلك الطبقات وتعلن على انها محور عملها السياسي وبالتالي فان مهمة القوى الاشتراكيه هي تثوير اعتراضات الجماهير وتحويلها الى مطاليب فوريه تتجه نحو تحطيم المعادله السياسيه العراقيه ونسف خطابها الذي يدور محوره حول مفهوم السياده الوطنيه وحق تقرير المصير الذي لا يشبع الطبقات الفقيره ولا يغنيها ...ان الاشتراكي عليه ان يرفض الانتخابات ليس فقط على انها تدار من قبل الامريكان المحتليين وفي ظل ظروف امنيه سيئه واهمال ذالك التيار الطائفي او ذاك بل يرفض مواقف كل اؤلئك مجتمعيين وطرح البديل الحقيقي النابع اصلا من معاناة الحرمان والظروف المعيشيه السيئه من خلال رفض ومقاطعة الانتخابات التي يصوغها الراسمال ومن خلال رفض الاطار الطائفي الذي رسمت معالمه المعادله السياسيه العراقيه وهذا لا يتم ايضا بالاعلان عن الرغبه في مقاطعة النتخابات بل بدعوة الجماهير الى مقاومتها منذالان وابداء ذلك بشتى الطرق والوسائل وما اكثرها من طرق وما انفعها من وسائل تلك التي تترجم على ايدي ابناء المسحوقيين ...ان الاحتجاج والنضال المنظم والقوي على الظروف المعيشيه السيئه ودفع القوى المتسلطه الى تحسينها هو التعبير القوي والمتماسك والواقعي الان لموقف الجماهير الرافض لطبيعة الانتخابات التي تحاول قوى الراسمال مجتمعة من فرضها عليها وان ربط مشاركة تلك الطبقات بتحقيق مطالبها في تحسين مفردات البطاقه التموينيه والتحسين الفوري للطاقه الكهربائيه وتوفير فرص العمل للطوابير المليونييه من العاطليين عن العمل واعتبار ان هذه المطاليب عاجله وفوريه ويجب ان يسبق تحققها اقامة الانتخابات هو الشرط الحقيقي والخطوه الاولى التي ستقلب الموازيين وتجعل من نتائج تلك الخديعه الامبرياليه كذبه تافه لا تستحق كل ذلك العناء الذي بذل من اجلها فهم يريدون ان يشرعنوا ممارساتهم المقبله واضطهادهم الاتي بابخس الاثمان واحطها ونحن بمطاليبنا وباشتراطاتنا سنجعلها بالنسبة اليهم اغلى وابهض اكذوبه حاواوا ان يشرعنونها بل اننا في حقيقة الامر نضعهم امام المستحيل الذي يظنونه وبذلك ستفرز خنادق الرافظيين للانتخابات وستبرز دهاليز من يرفضونها ليس لانها مضلله للجماهير بل لانها لم تضمن لهم مواقعا مهمة يتبوئنها ...وبين خنادق ممثلي الطبقات المحرومه والاغلبيه المهمشه اللذيين يعون مدى خبث ومكر القوى الامبرياليه والاعييب البرجوازيه وهم بذلك يرفضون الانتخابات لانها مناوره سياسيه تسعى لترسيخ وشرعنة اطراف المعادلة السياسيه التي صاغتها وفرضتها على الواقع العراقي وابعدت ارادة الجماهير الحقيقيه عنها.