مطالب منظمة تحرير المرأة في العراق في 8 آذار يوم المرأة العالمي
مطالب مساواتية وإنســـــــــــانية
خيال ابراهيم
khayal71@yahoo.com
بمناسبة 8 آذار يوم المرأة العالمي، اصدرت منظمة تحرير المرأة في العراق بياناً اوضحت فيه الخطوط العامة لوضع النساء في العالم وفي العراق خاصة. وقد ادرجت المنظمة مجموعة من المطالب المهمة والملحة التي تضعها نصب اعين الجماهير النسوية والتحررية من اجل تبنيها والدفاع عنها والمطالبة بها في نضالاتهم اليومية والمنظمة. في هذه المقالة ساحاول ان ابين لم ادرجت منظمة تحرير المرأة في العراق تلك المطالب ولم ان النضال من اجلها هو نضال اساسي وملح. ان الترويج لتلك المطالب في المجتمع هو وسيلة اساسية لتعبئة الناس حول قضية المساواة الكاملة للمرأة بالرجل وبالتالي نيلها لحريتها. لا حرية كاملة دون مساواة كاملة. فيما يلي توضيح لتلك المطالب:
المساواة الكاملة للمرأة بالرجل وفي جميع المجالات وعلى كل الاصعدة في العراق:
هذا هو احد اهم مطالب المرأة، لا في العراق فحسب بل في كل انحاء العالم. في دول الغرب على سبيل المثال فان مساواة المرأة بالرجل واعتبارها مواطن متساو في الحقوق قد نصت عليها القوانين ويتم تطبيقها وتفرض بشكل كامل داخل المجتمع. وبالرغم من وجود اظطهاد للمرأة وان مساواتها الفعلية داخل المجتمع غير متحققة فعليا بسبب النظام الرأسمالي والرجولية التي يديمها هذا النظام ويؤكد عليها ولكن مساواة المرأة بالرجل على اية حال مثبتة كنص قانوني واضح وصريح واجب التنفيذ ومطبق بالرغم من وجود الانتهاكات. ان الوضع في العراق والدول الخاضعة للدين وقواه ومؤسساته مختلف. قد يقال بان هذا المطلب قد نص عليه في القانون العراقي وان هناك بنود في بعض القوانين العراقية تتحدث عن المرأة كمواطن متساو ولها حقوق الخ، الا ان الواقع هو ان داخل القانون العراقي او في الدول التي يسيطر عليها الاسلام السياسي او التي يمتزج فيها الدين مع الدولة فان هناك تناقضا شديدا وكبيرا داخل نفس القانون او الدستور. فمثلا ينص الدستور العراقي على ان الدولة العراقية تستمد قوانينها وتشريعاتها من الدين الاسلامي والشريعة الاسلامية وان الدولة تعتبر ان الدين الاسلامي هو احد المصادر المهمة في التشريع ( الدولة تدمج الدين باجهزتها وتشريعاتها بشكل كامل). هذا تناقض صارخ مع حقوق المرأة ومساواتها. الدين الاسلامي قائم على التمييز ضد المرأة وعلى الرجولية. ففي القرآن والنصوص الشرعية التي تستمد الدولة منها قوانينها "المدنية" يتم مثلا ذكر ان (الرجال قوامون على النساء) او ( للذكر مثل حظ الانثيين) الخ. ان تلك نصوص واضحة لا لبس فيها في التمييز ضد المرأة واعتبارها غير مساوية للرجل. ان المرأة على هذا الاساس الديني معرضة للاظطهاد داخل المجتمع منذ ولادتها وحتى مماتها. وضمن أي تفسير يتقدم به الاسلاميون لهذا النص او ذلك، فان التمييز واضح في تلك النصوص والتشريعات الاسلامية. ان الدين الاسلامي (وكل الاديان) قائم على اساس كون المرأة جنس اوطئ مقارنة بالرجل (في الخرافة الدينية الانثى مخلوقة من ضلع الرجل !!). ولكن لماذا الرجل قوام على المرأة؟!. جواب الاسلاميين هو لان المرأة ناقصة عقل!. تخيلوا هكذا جواب عنصري في القرن الواحد والعشرين!. هذه نظرة الاسلاميين للمرأة: انها ناقصة عقل وهي غير مساوية عقلياً للرجل و جسمها عورة وعليها التحجب بل وربما الاختفاء تماما!. وبناء على هذه النصوص التمييزية والعنصرية الجنسية فهي لا تحصل الا على نصف ميراث اخيها وشهادتها لا تحسب الا نصف شهادة الرجل في المحكمة. لا يمكن الخلاص من هذا الوضع التمييزي المهين ضد المرأة في العراق اذا لم يتم تغيير النصوص والتشريعات المحقرة والتمييزية ضد المرأة. من هنا مطلبنا في ازالة التمييز ضد المرأة في القانون واعتبارها مساوية تماماً للرجل. ولكن ذلك لن يتم دون فصل الدين عن التشريعات والقوانين واجهزة الدولة.
فصل الدين عن جميع اجهزة الدولة وعن التربية والتعليم:
وضحنا ضمن المطلب الاول اهمية فصل الدين عن قوانين واجهزة الدولة وتشريعاتها وازالة اعتبار الاسلام او أي دين اخر مصدرا للتشريع او القوانين لان الدين في جوهره قائم على التمييز الجنسي بين المرأة والرجل وبالتالي فان ادامة أي دمج للدين بالدولة وقوانينها يعتبر ادامة لهذه العنصرية الجنسية. اما فصل الدين عن التربية والتعليم فان له اهمية اجتماعية قصوى. فالعلم لا علاقة له بالدين . ليس هذا فحسب بل ان الدين مناقض للعلم بشكل كامل. العلم قائم على نظرية النشوء والارتقاء وعلى التطور البايولوجي للعضويات الحية وعلى اكتشاف الانسان للنار وللزراعة وللمعرفة وتطور المجتمعات الانسانية على اساس التجربة وتلبية الحاجات وعلى اعتبار ان الانسان نفسه اخترع الدين لتلبية حاجة اجتماعية محددة. اما الدين فملئ بالخرافات. الدين على اية حال شأن شخصي بينما العلم شأن عام. أي مواطن يريد ان يتعبد فان بامكانه ان يتعبد ويمارس دينه او الحاده بحرية ويمارس طقوسه الدينية. ولكن فرض الدين على الناس بشكل قسري ومحاولة غسل ادمغة الاطفال وفرض اعتبارهم مسلمين او مسيحيين او يهود او الخ لمجرد ان اهلهم ينتمون الى تلك الاديان هو منتهى هدر حقوق الاطفال وسلب حقهم في الاختيار الحر. ان الطفل لا يستطيع الاختيار وهو بحاجة الى اكتمال نموه العقلي والنفسي قبل ان يكون له الامكانية لذلك. في مدارس العراق (وحتى في عموم المنطقة والدول الخاضعة للاسلام السياسي ) فان الدين يفرض على الاطفال. ليس من المفترض على الطفل ان يلقن الاصول الدينية ومن الطبيعي ان يكبر لسن 18 سنة وان يختار بنفسه. الطفل يلقن النصوص المليئة بالقصص المليئة بالرعب والتمييز ضد البنات والسخرية من زميلاته الاناث واعتبارهن ناقصات ومعيبات. كما يجبر الدين وقواه على العزل بين الاطفال بحجة اختلاف الجنس. يتم زرع الدونية ضد البنات والنساء والتأكيد في كل مكان ولحظة على ان المرأة اقل مكانة من الرجل من ناحية الحقوق والمطالب والمكانة الاجتماعية وغير ذلك. من هنا ندرك ان مطلب فصل الدين عن التربية والتعليم ضروري جدا من اجل طفولة حرة وخلق مجتمع انساني قائم على المساواة بين البشر لا افضلية جنس على اخر. ان على المدارس ان تهتم وتطور امكانياتها في العلوم والثقافة الانسانية المساواتية والتكنولوجيا والتطبيقات المهنية، بعيدا عن الدين وخرافاته وتمييزاته بين البشر. يجب النضال لابعاد الدين عن التربية والتعليم ايضا.
تأمين الضمان الاجتماعي للمرأة العاطلة عن العمل:
تبرز اهمية هذه النقطة في الوضع الراهن الذي تمر به النساء في مجتمع العراق. فمن المعروف ان العراق قد تعرض الى حروب مدمرة ومستمرة (منذ سنة 1980 ولحد اليوم) والى حصار وتجويع دولي ضد شعبه لمدة 13 سنة. فقدت الملايين من العوائل العراقية احد افراد عائلتها وبالتالي احد مصادر الدخل. وجدت المرأة نفسها في هذه الحال وحيدة مع اطفالها دون دولة تحميها ومصدر للدخل او عمل مضمون او ضمان اجتماعي او أي شكل من اشكال وضع اقتصادي انساني لائق لها ولاطفالها يمكنها من العيش بكبرياء دون ان تظطر للاستجداء او التعرض للمهانة والاذلال. المرأة العراقية في العديد من الحالات لا تستطيع ان توفر المستلزمات المدرسية لاطفالها ولا تستطيع ان تصرف عليهم وتحاول في الكثير من الحالات اخراج اطفالها من المدرسة بل وتسعى لتشغيلهم في ورش ومعامل او في الطرقات للاستجداء. ان الاحصائيات تبين بان اكثر من مليوني امرأة وأم عراقية ليس لها أي مصدر للدخل حاليا في العراق. وحتى لو كان لها مدخرات فان تلك سرعان ما تنفذ بسرعة ولا يبقى لها منها شئ في ظل الوضع الاقتصادي وسياسات الخصخصة التي تعتمدها السلطات الدينية الحاكمة في العراق. ان مطلب تأمين الضمان الاجتماعي للمرأة يجب ان يتم اسوة بالدول التي توصلت الطبقة العاملة فيها وعبر نضالها الطويل والشاق الى تحميل الدولة مسؤوليتها ازاء المواطنين الذين لا يجدون وسيلة لاعالة انفسهم او ايجاد مصدر معيشة ( عدم توفر فرص العمل او الطرد من العمل او العجز او الشيخوخة او المرض او الولادة والامومة ). ان أي انسان بلغ 18 سنة ولم يجد عملا يستطيع من خلاله ان يعيل نفسه وعائلته فعلى الدولة ان توفر الضمان الاجتماعي له. ان ذلك حق من حقوق الانسان. ان للمرأة اهمية خاصة في حديثنا وان يكون للمرأة خاصة دخلا شهريا يدفع من قبل الدولة تستطيع من خلاله ان تديم حياتها وحياة اطفالها دون ان تظطر الى ان تستلم الصدقات من المنظمات الاسلامية والدينية وحسبما يطالب به الاسلاميون. ان الاسلاميين يعتمدون على مبدأ الصدقة والحسنة. ان الصدقة الاسلامية تؤدي الى معاناة المرأة من الاذلال وهدر الكرامة. الصدقة امر غير انساني ومذل. مبدأ الصدقة قائم على ادامة الغنى والفقر داخل المجتمع واعتبار ان المتصدق يحقق منزلة اجتماعية ويزيد من رصيده الاجتماعي وبالتالي يديم اذلال المتصدق عليهم ويديم الاوضاع البائسة لهم التي اوجودوها بانفسهم ( أي المتصدقين ). بالاضافة الى ذلك فان المتصدق الاسلامي يطالب الفقير او المحروم بان يلتزم بالدين وحسبما يرسمه له. فهو يطلب منه ان يلتزم بتعاليم الدين كالصلاة و الصوم وحسب الطائفة. ان ذلك اهانة وتمييز اجتماعي اخر ضد الملايين من النساء المحرومات. ان حق الحياة هو حق من حقوق الانسان. ان من حق أي انسان ان يعيش بكرامة ودون صدقة وتكرم او اذلال من احد. ان توفير الضمان الاجتماعي للمرأة من قبل الدولة هو حق من حقوق المواطنين واحد واجبات الدولة تجاه المواطنين العاطلين أو العاجزين عن العمل وليس صدقة او منة.
اعتبار 8 آذار يوم المرأة العالمي يوم عطلة رسمية في العراق:
ان هذا المطلب مهم جدا لانه يجعل نضال المرأة العراقية جزء من النضال النسوي المساواتي العالمي. ان اعتبار يوم المرأة العالمي يوم عطلة في العراق سيوحد نضال نساء العراق مع نساء كل العالم وبالتالي يعطي لقوى التحرر والانسانية فرصة اعظم في تقوية وتعزيز هجومها نحو احراز مطالب المساواة والحرية. انه يذكر المجتمع بان حقوق المرأة هي حقوق عالمية وليست محلية او خاصة بثقافة او دين او منطقة جغرافية او حضارة خاصة بل هي مطالب كل نساء العالم. ان اعتبار هذا اليوم يوم عطلة رسمية يمنحه رمزية للتضامن العالمي. لان الملايين من النساء والرجال في العديد من الدول يحتفلون بهذا اليوم والالاف من القوى النسوية والعلمانية والمساواتية والتحررية والعمالية والاشتراكية يخرجون الى الشوارع ويعلنون احتفالهم امام كل المجتمع؛ يقيمون المناسبات ويحملون الاعلام واللافتات الملونة المطالبة بالمساواة ويهتفون بشعاراتهم التي تطالب بحقوق المرأة والضمانات الاجتماعية لها بالاضافة الى المطالبة ايضا بالعطلة الرسمية الى المجتمعات التي لم تقر 8 آذار بعد يوم عطلة رسمية. ان منظمة تحرير المرأة في العراق تطالب باعتبار هذا اليوم العالمي يوم عطلة للجماهير في العراق وتدعو النساء والرجال المساواتيين والاحرار الى توحيد قواهم من اجل تحقيق هذا المطلب.
الوقف الفوري للعنف والقتل الاجرامي لقوى الاسلامي والقوميين ضد المرأة وتقديم الفاعلين والمجرمين الى المحاكمة:
لقد وصل العنف والقتل والاجرام ضد المرأة حدا فظيعا ويجب ان نجعل من ايقاف اجرام القوى والجماعات الاسلامية والقومية تجاه المرأة مطلبا ملحاَ وعاجلاً. ان الارهابيين والاسلاميين والقوميين والعشائريين والمتخلفين لا يمكن ان يسلموا بمساواة المرأة بالرجل هكذا طوعاً. ان تسليمهم بمساواة المرأة بالرجل سيضرب مصالحهم في الجذر ويعرضهم الى الاهتزاز والسقوط الاجتماعي وفقدان المكانة. ان تحقيق مطلب مساواة المرأة بالرجل يأتي عن طريق النضال الاجتماعي الواسع للمرأة والرجل وكل احرار المجتمع. تناشد منظمتنا الجماهير النسوية والتحررية والمساواتية وكل المنظمات المعتقدة بالمساواة بين المرأة والرجل في العراق وفي كل انحاء العالم من اجل تصعيد النضال لوقف العنف والقتل والاجرام الذي ترتكبه القوى الاسلامية والقومية الحاكمة والمعارضة للمرأة في العراق وتطالب بتقديم المجرمين الى المحاكمة. نقصد بنضال المرأة هو النضال الاجتماعي أي خلق تيار وحركة اجتماعية هادرة علمانية مساواتية انسانية بامكانها سحب كامل المجتمع للانخراط معها في هذا النضال وركن الموقف اللا ابالي جانبا واخذ موقف فاعل للتصدي للمجازر واعمال القتل والعنف والتمييز والوحشية التي تمارسها القوى الاسلامية والقومية والعشائرية ضد المرأة.