إلى ماذا ترمي نادية محمـود من حملتها ضد أتحاد المجالس والنقابات العمالية في
العراق ؟!
جليل شهباز
gelilshahbaz@yahoo.com
بغية كشف النوايا الفعلية لحزب ريبوار أحمد بخصوص مؤتمر حرية العراق ودوره اليميني
نرى من الضروري الأستشهاد بما قالته نادية محمود في مقالتها ( مرة" أخرى حول
المؤتمر العمالي ودور الرفيق فلاح علوان ـ الحلقة الثانية ) تقول:
بعد أن خلصنا في الحلقة الأولى إلى مؤتمر حرية العراق، بأعتباره منظمة جماهيرية،
تسعى لأن تكون حاضنة لكل الحركات الأجتماعية العمالية وغير العمالية، وأنها بهذا
المعنى لا تشكل خطرا" على
الحركة العمالية بأعتبارها " شعبوية " كما يصفها الرفيق فلاح.
( خط التأكيد لي )، في الحقيقة لا أدري، هل بمثل هذه المقولة تقصدين إخفاء الحقائق
الأجتماعية والسياسية عن عمد، أم عن جهل؟ وعلى كل حال الأمر سيان لأن الهدف
والنتيجة واحدة في الحالتين. أن أي مجتمع رأسمالي معاصر، وبالطبع من ضمنه العراق،
يحتوي على حركتين أجتماعيتين
رئيسيتين وأصيلتين داخل المجتمع، أي
الحركة الأجتماعية للعامل والحركة الأجتماعية البرجوازية بمختلف أتجاهاتها وأجنحتها
السياسية. أما بقية الحركات الأجتماعية داخل المجتمع مثل البرجوازية الصغيرة
والكادحين وحتى الحركات النسوية والشبيبة...إلخ، فهي بالنتيجة إما مع هذه أو تلك
لأن المصالح المادية لمثل تلك الحركات تلتقي، بالضرورة، إما مع الحركة الأجتماعية
للعامل أو البرجوازية ولا يمكن أن
تكون مع الحركتين معا. لذا فإن تلك الحركات تعتبر جزءا من القوى الأجتماعية لإحدى
هاتين الحركتين وتسعى كل من هاتين الحركتين بأستمرار لضمهم إلى قواهما الأجتماعية
لتوسيع قاعدتهما بغية تقوية وتوسيع نفوذهما للتناحر على السلطة السياسية وبالتالي
تنفيذ برامجهما السياسية والأجتماعية. لذلك فاني أرجو ان تفهمنا الكاتبة : مع اي من
الحركتين تنتمي هي وحزبها؟!؟ ولكن عذرا" للقارئ، يبدو أن نادية محمود قد حسمت أمرها
وأمر حزبها منذ زمن، لأنه كما هو واضح فأنها أعلنت بأن مؤتمر حرية العراق هي
حاضنة
للحركات الأجتماعية وفي نفس الوقت تقول بأن مؤتمر حرية العراق يناضل برفقة مختلف
الحركات الأجتماعية العامل منها والرأسمالي ( من أجل إرساء دولة حرة في العراق؟! )،
(نفس المصدر). ما هذه التوفيقية اليمينية ؟. مع من ستناضل نادية محمود وحزبها
لأنتزاع السلطة السياسية وتشكيل حكومة علمانية أو كما تسمينها الدولة ”الحرة“ ؟ !هل
بمعية الشيخ حارث الضاري ام الملله مقتدى الصدر ام القومي
البعثي اياد علاوي ام فيلق عمر ام القوميين الكرد، أم برفقة العمال
والكادحين والمحرومين؟ إذا كانت تقصد الفريق الأول الذي يضم الزمر الرجعية المذكورة
الذين لا يسطتيعون مفارقتهم فانها متوهمة. فذلك الفريق الرجعي لا يمكن ان يخدع احد
برغبته بدولة علمانية، بل في أحسن الأحوال سيسعون إلى إقامة حكومة قومية أو مذهبية
! وإذا فرضنا جدلا" بإمكانية إقامة دولة ”حرة“!! قائمة على الإرادة الجماهيرية في
العراق، فإن توجهات وخطط وبرامج مثل هذه الحكومة ستتقاطع مع المصالح المادية
والسياسية لذلك الفريق لسبب بسيط ألا وهو أن حكومة ائتلافية من هذا الطراز يجب أن
تكون بالضرورة حكومة ديمقراطية وليبرالية، وإن حكومة ديمقراطية ستكون بمثابة أفضل
إطار سياسي وأجتماعي لتطوير وتوسيع وتقوية النضال الطبقي داخل المجتمع، ولكن في
العراق عندما تكون الحكومة الديمقراطية هي التي تدير المجتمع وتنظم العلاقات
الأجتماعية والحقوية والقانونية وفي نفس الوقت تتحلى بأساس أقتصادي واجتماعي هش فإن
التناقضات الأجتماعية ستطفو على سطح المجتمع بكل سهولة وهذا يعني إن الثورة
الأجتماعية ستكون قاب قوسين أو أدنى بقليل. وحتى اذا اقتنع حلفاءهم في مؤتمر حرية
العراق بالمضي برفقتكم إلى طريق السلطة لأغراض تكتيكية وتحالفات سياسية وقتية ما
الذي سيحصل سوى تنازلكم لهم عن كل الأهداف العظيمة للنضال الطبقي للعمال؟.
من الناحية العملية لقد قررتم ذلك عندما أسستم مؤتمر حرية العراق وجعلتم إقامة
الحكومة العلمانية، التي هي أصلا" مهمة عمالية وليس برجوازية او تحالفية، بديلا عن
الحكومة العمالية الاشتراكية وعندما سعيتم إلى عقد تحالفات سياسية مع أشد القوى
السياسية والأجتماعية رجعية" داخل المجتمع العراقي. وبذلك فإن هذا التوجه من
الناحية العملية منهج يميني وتحقيقه وهم طوباوي ساذج.
إما اذا مضيتم برفقة العمال والكادحين في طريق الوصول إلى السلطة، فيجب علكيم في
هذه الحالة ان ترفعوا شعار الأشتراكية والحكومة العمالية، ذلك لأن النظام البرجوازي
وحكوماتها بمختلف أشكالها السياسية عاجز عن تحقيق المصالح والأهداف والأماني
السياسية والأقتصادية والأجتماعية لتلك القوى والحركات بسبب تقاطع مصالحهم المادية
والسياسية مع تلك الأنظمة.
وعليه فإذا كنتم تتطلعون إلى السير في طريق السلطة برفقة تلك القوى والحركات
الأجتماعية غير العمالية لإقامة حكومة علمانية، فهذه هي الاخرى سياسة يمينة تهدف
إلى جعل، نضال الطبقة العاملة ذيلا" لمساعي القوى البرجوازية للوصول إلى السلطة
السياسية. وهذا لا يعني بأن نضال الطبقة العاملة يتعارض مع مدنية المجتمع
وعلمانيته، بل أن تحقيق ذلك تعتبر من صلب المهام والوظائف السياسية للطبقة العاملة
وفي نفس الوقت نؤكد بأن الطبقة العاملة هي القوة الأجتماعية والسياسية الوحيدة التي
بإمكانها أن تقود المجتمع وتنظمه على أساس مدني وعلماني بغية تحقيق الحرية
والمساواة والعدالة الأجتماعية لكل أفراد المجتمع.
وعلى هذا الأساس، فإذا كان مؤتمر حرية العراق هو المناضل الفعلي بالنسبة لحزب
ريبوار لأنتزاع السلطة السياسية، فما هو دور الحزب الماركسي والشيوعية العمالية في
ذلك ؟
في الحقيقة، أنه عندما يتم تجريد الحزب الشيوعي العمالي من دوره الهادف إلى أنتزاع
السلطة السياسية وتأسيس الاشتراكية وعندما يبتعد من ميدان التناحرات السياسية
والأجتماعية حول السلطة السياسية، وهذا ما هو تعنيه ضمنا" نادية محمود في قالتها
المذكورة، فإن الحزب يتحول إلى كاريكاتير أو دمية. وحينها يصبح مؤتمر حرية العراق
هو المناضل الفعلي للصراع على السلطة (دولة المنظمة—اطروحة يمينية لكورش مدرسي تبغي
الغاء الاشتراكية) فهذا يعني، وكما أشرنا إليها فيما سبق، إن المنظمة قد أصبحت من
الناحية العملية بديل للحزب. وبهذا تتضح الصورة ومغزى عبارة:
”مؤتمر حرية العراق حاضنة لمختلف الحركات
الأجتماعية وتناضل برفقتهم من أجل أنتزاع السلطة وتشكيل الدولة الحرة“!!.
إن
حزب الطبقة العاملة السياسي هو الذي ينظم القوى الأجتماعية الثورية ويقودهم وفق
برنامج ثوري لأنتزاع السلطة السياسية، هو الذي يعبئ الجماهير، وبغير ذلك سيكون
الحزب العمالي قد تنازل عن الثورة
وانزلق في سياسة تساومية وتحالفية وفوقية مع البرجوازية. قلناها سابقا، ونقولها
اليوم مع فارق وجود الشواهد و الادلة الواقعية.!! وهنا اسأل سوالا : ولكن، لاية
مهمة بالظبط تدخر نادية محمود حزبها اذا كان كل شئ هو بيد حاضنة الرأسماليين، مؤتمر
حرية العراق“؟! هل تدخره للمهمات الصعبة ؟!!
واخيرا وليس اخرا فان إشتراك اتحاد المجالس والنقابات العمالية في المؤتمر العمالي
المزمع عقده في أربيل او عدم اشتراكه لم يكن هو هاجس كتابة نادية محمود لتهجماتها
على اتحاد المجالس.
السبب الاساسي لهجومها على المجالس العمالية وشخص رئيسها يكمن في الصراع السياسي
المحتدم على دور منظمة يمينية تدعى مؤتمر حرية العراق وموقف حزب ريبوار احمد الداعم
لها والذي يبدو انها اليوم شرعت نشاطها داخل صفوف العمال على امل كسب موطئ قدم
بينهم. وطبعا سنرى ان كان سيحالف تلك المنظمة النجاح باقناع العمال بعد ان عجزت عن
اقناع قوى البرجوازية بالتحالف لتشكيل الحكومة الائتلافية ”العلمانية؟!“ مع حارث
الضاري واياد علاوي مبررة ذلك باكثر الطرق انتهازية وميكافيلية ”سنتحالف مع الشيطان
في سبيل تحرير العراق“ !!.