هذا العام، يطل علينا يوم العمال العالمي بحلةٍ جديدة !
جليل شهباز
ترجع الجذور التاريخية لهذا المكسب والانتصار العمالي والطبقي
العظيم إلى نضال الطبقة العاملة في كندا، وذلك عندما تمكن عمال
البلد المذكور بتضحياتهم ونضالاتهم الجريئة بفرض مطلب ( 9 ساعات
يويا" ) على اللسلطة الرأسمالية أول الأمر في مدينة هاملتون ثم
تورنتو مما اضطر السلطة الرأسمالية في كندا على أثر الأعتراضاتا
الطبقية للعمال وتضحياتهم من إقرار ( القانون التجاري ) سنة 1870
التي أضفت الصفة القانونية على ذلك الحدث الجبار بأعتباره عيدا"
للعمال في كندا. وأثناء أحتفال عمال كندا في مدينة تورنتو بذلك
النصر التاريخي العظيم سنة 1882 حضر في ذلك الأحتفال البهيج القائد
العمالي الأمريكي الشهير ( بيتر جاي ). وبعد أن عاد إلى نيويورك
قام بتنظيم أحتفال عمالي بذلك المكسب النضالي للعمال سنويا"
في 5 أيلول من كل عام، وأثناء قضية هليماركت الشهيرة سنة 1886 نضم
العمال إضراباً عاماً في عموم مدينة شيكاغو في ( 1 أيار ) وبعدها
انتهى الإضراب بشكل دموي وحشي. وقد أثار ذلك الحادث الدموي غضب
وسخط العمال في كافة أرجاء العالم وبدء عمال العالم بالأحتفال
سنويا" بذكرى تضحيات عمال شيكاغو وإنجازاتهم الطبقية في ذلك اليوم
الدموي. وعلى أثر ذلك وتحت ضغط نضالات الطبقة العاملة اقر يوم
العمل ( بثمانية ساعات ) في التشريعات القانونية لمعظم دول العالم.
تعد ذكرى ذلك اليوم بإنجازاته وتضحيات العمال من إحدى أهم مكتسبات
النضال الطبقي للعمال وستبقى حية في الضمير الإنساني إلى الأبد. إن
خوف الأنظمة البرجوازية من ذكرى هذا اليوم لا تقل عن خوفهم من ذكرى
كومونة باريس وثورة أكتوبر العظمى وثورة 1848. فقد حاولت
البرجوازية في كل بلدان العالم بكل الوسائل من تفريغ هذه الذكرى من
مضمونها الطبقي والثوري بكل الوسائل فبعض الأنظمة جعلت منها يوما"
وطنيا" في بلدانها والبعض الاخر جعل منها تهريجا" يحتفلون بها
كبقية الأعياد الشعبية التي لا ترتبط بأية صلة بكفاح الطبقة
العاملة ونضالها الطبقي، جعل البعض الاخر منها يوما" لعملائهم من
ممثلي النقابات الصفراء التابعة لأنظمتهم والتي تعتبر غدة سرطانية
في جسد الطبقة العاملة. ولكن البروليتاريا الاشتراكية وكل الجناح
الراديكالي المعترض للعمال وكل الفئات الراديكالية والثورية داخل
المجتمع البشري يحتفلون بهذه الذكرى السنوية العظيمة بطريقتهم
الخاصة. ففي الوقت الذي تنظر فيه البرجوازية ووكلائها من خونة
الطبقة العاملة باستهزاء وحقد، فإن العمال الثوريين ومعهم كل
الفئات الراديكالية الثورية يحتفلون بهذا اليوم العظيم بأعتباره
حدثا" عالميا" ثوريا" وكنقطة مضيئة في تاريخ النضال الطبقي على
الصعيد العالمي ويعيدون إليه معانيه الثورية والطبقية ودلالاتها
التاريخية المضيئة ويستلهمون منها الدروس والعبر بغية شحذ الهمم
وإعادة تنضيم الصفوف والأستعداد لخوض معارك طبقية أكبر حتى إلغاء
نظام العمل المأجور، ذلك النظام الذي يعتبر فيها العمال عبيد لا
يقلون عن عبودية البشر في روما وأسبرطة القديمتين.
أما اليوم، وبعد مضي أكثر من قرن على تلك الذكرى العظيمة، فإن
النظام الراسمالي أكثر من أي وقت مضى من تاريخه اللا انساني
المقيت، متأزم ومهزوز. أن الأزمة المالية الخانقة قد فرضت ظلالها
الثقيلة وبدائلها على كل الأنظمة الراسمالية وأمسوا عاجزين عن
علاجها على الرغم من أنهم قد سخروا كل قواهم وإمكاناتهم للخروج من
تلك الأزمة الخانقة باقل الخسائر الممكنة. فما برحوا يعالجونها في
منطقة حتى تظهر بشكل أقوى في منطقة اخرى. ونتيجة" لذلك ولمساوئ هذا
النظام الوحشي والغريب عن الميل الانساني، فإن أكثر من ثلثي سكان
العالم يعيشون دون خط الفقر، ناهيك عن الحروب المدمرة
والأنقضاض على المكتسبات والمنجزات الاقتصادية والاجتماعية
والسياسية التي كسبتها البشرية بثمن فادح من الدماء والتضحيات
الجسيمة. وعلى الرغم من كل ذلك، فإن الطبقة العاملة ومعها كل
الجماهير المظلومة، لم تقف مكتوفة الايادي، بل أن العمال والكادحين
وكل دعاة الحرية والمساواة في كافة أرجاء العالم قد مسكوا زمام
المبادرة. واليوم يطل نضالهم علينا بحلة جديدة، حيث إن الطبقة
العاملة بدأت تظهر في ميدان التلاطمات الاجتماعية بشعاراتها
الراديكالية ومطاليبها الإنسانية. ولا يكاد يمر يوما" دون أن نسمع
بتظاهرة أو إضراب عماليتين في هذا البد أو ذاك. وما أن ينتهي
اعتراضهم في بلد ما بنجاح، حتى يظهر أعتراض عمالي في بلد آخر
بمطاليب أرقى. ولو كانت تلك الأعتراضات العمالية تجري تحت لواء
وقيادة المنظمات والأحزاب الثورية والاشتراكية للعمال لتمكن العمال
من دك قلاع البراجوازية والراسمالية في كل مكان ولتمكن العمال من
التخلص نهائيا" من مخالب النظام الاجتماعي البرجوازي البربري
وإقامة أنظمة سياسية واجتماعية إنسانية، خالية من الاضطهاد الطبقي
والبطش القومي والديني والعرقي والطائفي التي تتميز بالاستبداد
وسلب الحقوق وتحميق الإنسان وأغترابه، ولتمكن العمال من الوصول إلى
انهاء التاريخ المخضب بالاستبداد، لتسود حرية قائمة على إرادة
الإنسان تطلق من خلالها إبداعية البشر وتسخر خلاقيته وطاقاته لخدمة
الرفاه الإنساني وخير كل البشرية دون تمييز أو أي عائق.
الى ص 3
أما الطبقة العاملة في العراق، فهي تمتلك اداتها النضالية الطبقية
وهي بهذا اكثر حظاً من رفاقها في بقية بلدان العالم؛ اداة نضالهم
الطبقي المتمثل بحزبنا الحزب الشيوعي العمالي اليسـاري العراقي.
وعلى الرغم من رضوخ العراق تحت سلطة الاحتلال والسيناريو الأسود
الأمريكي الغربي وقيادة المجتمع من قبل حكومة دينية وقومية، إلا أن
الأعتراضات العمالية والجماهيرية تشتد على مساحة البلد، كما وإن
الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي ومعه بقية المنظمات الثورية
العمالية والجماهيرية منهمك في تنظيم صفوف الطبقة العاملة وقيادتها
وأعدادها لخوض نضالاتها الكبرى التي لن تكتفي بتحقيق المطاليب
الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للطبقة العاملة وبقية الجماهير
الثورية، بل عاقدي العزم للوقوف في مقدمة النضال العمالي حتى إلغاء
الرأسمالية - نظام العمل المأجور، وإقامة الاشتراكية والجمهورية
الإنسانية.
عاش الأول من أيار، يوم العمال العالمي !
والمجد والخلود لشهداء الطبقة العاملة في كل مكان !