حول الاعتراضات الجماهيرية الواسعة في مــدن كردستـــان
عصام شكــري
خرجت جماهير كردستان مؤخرا وبشكل لم يسبق له مثيل منذ الحرب الامريكية على العراق واسقاط نظام البعث في تظاهرات حاشدة ضد سلطة الاحزاب القومية الكردية في مناطق من كردستان شملت كلار ورانية والسليمانية وبعض القصبات والمدن الاخرى. وقد تظمنت تلك التظاهرات الحاشدة مصادمات مع اجهزة الشرطة المحلية للاتحاد الوطني الكردستاني(الاسايش) قتل فيها واعتقل بعض المواطنين المحتجين وزج اخرون في السجون.
تمحورت الاعتراضات الجماهيرية حول المطالبة بتوفير الخدمات العامة لعموم الجماهير ومعالجة ازمة الكهرباء المتفاقمة والبنزين والمياه وردم الهوة الطبقية الهائلة بين القلة من الاثرياء والملايين من العمال والكادحين المحرومين والتي شملت مظاهرها كل اوجه الحياة في كردستان. رفعت ايضا مطالب متعددة للجماهير تمحورت حول الفساد الاداري وضرورة مكافحته واستئصاله وتقديم المسؤولين الى المحاكمة ( وهم اعضاء في الاحزاب القومية الكردية الحاكمة والمتعاونين معهم).
لقد اشترك حزبنا ومن خلال رفاقنا في تنظبم السليمانية للحزب بالتدخل النشط والفعال في تلك الاحتجاجات من اجل الدفاع عن تلك الحركة الاحتجاجية وتحقيق مطالب الجماهير والدفاع عن حقها في تحسين مستواها المعاشي والصحي والاجتماعي وفضح الاحزاب والقوى القومية الكردية واكاذيبها حول توفير الرفاه للجماهير وتغنيها المستمر بالديمقراطية. ان تلك القوى تستمر باستعمال اكثر الاساليب وحشية ضد الجماهير المعترضة ولا توفر حتى الرصاص في مواجهة الجماهير المحتجة.
هذه الاعتراضات امتداد للاحتجاجات التي شهدتها كردستان من قبل وخاصة في قطاعات التعليم حيث قام الطلبة الجامعيون في جامعتي السليمانية واربيل بالاحتجاج على خصخصة التعليم وانتهاج مناهج معادية لابناء العمال والكادحين والمحرومين ومنع فرص اكمالهم تعليمهم نتيجة قلة مواردهم. انها ايضا امتداد لاعتراضات واضرابات سواق التاكسيات واحتجاجاتهم السابقة ضد سلطات الاتحاد الوطني واجراءاته التعسفية المعادية للعمال وللكادحين.
ان مظاهر الاحتجاج والاعتراض في مدن كردستان تدل على نقلة نوعية في مستوى وحجم نضال الجماهير في وقت سممت الحرب الامريكية اجواء النضال الجماهيري وامكانيات تصعيد النضال الاشتراكي للعمال في كردستان نتيجة للاصطفافات القومية الموالية لامريكا ونشوء ازمة فراغ السلطة في بغداد وتكالب الميليشيات القومية الكردية على المراهنة على المطالب القومية من اجل الحصول على مغانم لها. الا ان انتقال الجماهير من مرحلة الوهم القومي التي حاولت القوى القومية الكردية اجتراره واعادة انتاجه باستمرار لادامة استغلالها للجماهير وحرفها عن نضالها من اجل مطالبها تدخل اليوم منعطفا جديدا بالتأكيد.
ان اوضاع كردستان العراق مهيئة اليوم اكثر من باقي مناطق العراق لتصعيد الحركة االجماهيرية المطلبية وان تزيد من وتيرة نضالها اليومي من اجل حقوقها. ان الرأسمالية ومن خلال ممثليها السياسيين من الاحزاب البرجوازية القومية تحاول ان تديم ظروف الاستغلال بل وتشدد من مستويات البؤس على حياة الجماهير الكادحة.
ان انعدام الخدمات الاساسية والاستخفاف الفظيع لتلك القوى السياسية بمصير الجماهير ( وهي تحكم كردستان منذ قرابة ال 15 عاما بعيدا عن صدام والبعث وشماعة الاظطهاد القومي) ليدل على الفشل الذريع لبدائل تلك القوى البرجوازية عن توفير الرفاه والمساواة للجماهير.
نحيي نضالات واعتراضات جماهير كردستان وكل مساعيها من اجل توفير الرفاه والمساواة وانتزاع تلك المطالب من مخالب وانياب البرجوازية القومية الجشعة، وندعوها في نفس الوقت الى تنظيم صفوفها المستقلة بعيدا عن مساومات ونفوذ الاحزاب البرجوازية التي تحاول ان تستعملها كعتلة للمساومة مع السلطة. ندعوها الى الدفاع عن خياراتها السياسية بعيدا عن الاوهام والخرافات والاكاذيب التي تحاول القوى القومية زرعها في عقول الجماهير لتخديرهم وحرفهم عن نضالهم.