الانتخابات الا تحمل شئ من التغيير؟
عصام شكــري
يخطأ من يظن ان ما يسمى انتخابات 2005 تهدف الى انهاء الاوضاع المأساوية المزرية في العراق او معالجتها. فذلك ليس في اجندة تلك العملية او القائمين عليها اصلا. ببساطة لان لا طاقة لاي كان في العراق في انهاء هذه الاوضاع او تحجيمها ما دامت القوى التي خلقت هذه الاوضاع موجودة وفاعلة اي تحديدا امريكا وشراذم الاسلام السياسي بشقوقه المتعددة المتصارعة والمناوئين من تحالف البعثيين والاسلاميين.
ان احد اهم اجندة الانتخابات لا يتعلق بتمثيل ارادة "الشعب" كما يدعي الادعياء بل الى تشريع سيناريو امريكا وتثبيت دعائم قوى اليمين العراقي الموالية لامريكا ( وكذلك الاسلامية-البعثية المعادية لها وياللغرابة!!) وتفعيل برنامجها. ان من ينظر الى الانتخابات العراقية على انها ممارسة للديمقراطية بالمعنى الليبرالي الغربي فانما يخدع نفسه قبل ان يخدع من يظن انهم بلداء العقول. فالمعروف ان الانتخابات وان عبرت بشكل محدود عن ارادة فئآت من المجتمع في اختيار ممثليها السياسيين فان لها كأي ظاهرة شروطا موضوعية لا يمكن دونها تحقيقها. هذه الشروط سبق وان بيناها وهي تتعلق بانعدام الامان شبه المطلق في العراق والناتج عن الوجود الامريكي وقوى الاسلام السياسي- البعثي المناهض لها ومن جهة اخرى بعدم امكانية تحقيق ارادة مستقلة وحرة للجماهير في ظل هيمنة هذه القوى. كما ان الشرط الاخر الغائب عن هذه الانتخابات هو العلمانية وبالتالي انتفاء اهم صفة تميز الممارسة الانتخابية كما درجت العادة في دول اوروبا او العالم المتمدن او في امريكا نفسها. ان غياب معيار المواطنة اي المساواة القانونية او الحقوقية بين الناس يظع الف علامة استفهام على هكذا انتخابات وعلى حقانية تمثيلها لارادة الجماهير في العراق.
وبغض النظر عن معالجة الاوضاع في ظل السيناريو الاسود او طرح بدائل للخروج من هذا المأزق الذي تعيشه الجماهير وتدفع لوحدها ثمنه الباهض ففي التحليل الاخير لا خلاص للمجتمع من هذه الدوامة السقيمة المقرفة والتي تنفذها البرجوازية الجديدة بمعونة البرجوازية العالمية في العراق الا من خلال نزول الجماهير الى ميدان الصراع. ان الجماهير في العراق لا تستطيع فعل ذلك الا عبر تنظيم نفسها تنظيما ثورياً اشتراكياً. ان القول بتنظيم الثوري الاشتراكية يعني بأن تنظيم اعتراض الجماهير المطلبي الاصلاحي لوحده غير كاف في غياب البديل الاجتماعي الثوري الاشتراكي – اي بديل الاستيلاء على السلطة السياسية واعلان الاشتراكية والقضاء على النظام الرأسمالي برمته. لذا فأن دور الحزب الشيوعي العمالي اليساري حامل راية الاشتراكية في العراق وتأسيس سلطة الجماهير العمالية، سلطة الاغلبية الساحقة من جماهير العراق بهذا الاعتبار يعد شرطا اساسيا لتنظيم الجماهير. ان الاتكاء على مقولات عدم تهيئ الاوضاع الثورية وتكرار تلك المقولات هو تعبير عن العجز والشلل السياسي والاجتماعي وعدم القدرة على تغيير الواقع تغييرا ثوريا وهي لا تبرر البتة التقاعس عن القيام بمهمة تنظيم الثورة الاشتراكية في العراق والبدء بذلك الان وفوراً.