وقف الكارثة بيد من؟

عصام شكــري

هل بامكان قوى السيناريو الاسود ومن ظمنها الميليشيات الاسلامية والقومية ”الحاكمة“ وقف الكارثة في العراق؟ هل بامكان "مشروع قانون الاقاليم" او الفيدراليات الاسلامية والقومية ان تمثل مخرجاً من احتمالات توسع الحرب الاهلية الطائفية المعادية للجماهير؟ هل بامكان البرجوازية الامريكية وجيشها ان توقف ما تسببه من دمار وقتل وتفتت اجتماعي وطائفي؟ هل بامكان انشاء حكومات اسلامية معادية للتمدن والعلمانية والانسانية في العراق ان تنهي حمامات الدم ام انها مشروع لمجازر اخرى ترتكب تحت جناح السلطة الاسلامية الاقليمية ضد الاحرار والعلمانيين والعمال والنساء وكل من يطالب بالحقوق المدنية والحرية والمساواة؟ هل بامكان هكذا قوى  رجعية ان تشكل بديلا ولو بادنى مستوى لائق من الانسانية وحقوق الانسان والمواطنية والتمدن؟

الجواب هو نفياً قاطعاً. كل هذه القوى بمجموعها لا تمثل الا مكونات قطبي الارهاب العالمي والمحلي في العراق؛ سواء دولة امريكا وحلفاءها، او ميليشيات وقوى وميليشيات الاسلام السياسي وحلفاءه. كل تلك القوى عاجزة كلياً عن تقديم أي حل لانهاء الكارثة في العراق. ان السبب يعود الى ان تلك القوى نفسها كما هو واضح بعد 3 سنوات من جرها المجتمع الى المذبحة، هي جزء اساسي ومكون رئيسي من مكونات الارهاب في العراق والعالم. انها ليست جزءاً من معادلة انهاء المأساة بل جزء من معادلة ادامتها وزيادة دمويتها. ان وقف الجماهير هو بيد الجماهير. فقط بتدخل قوى الجماهير الانسانية والعلمانية والمساواتية والاشتراكية سيكون بالامكان تلمس الحل. ولكن على الجماهير ان توحد صفوفها ضد قطبي الارهاب اولا وتنشأ معسكرها المستقل.

قطب  ارهاب دولة امريكا وبريطانيا  وحلفاءها

ان امريكا من جهتها تتتبع مسارها وغاياتها السياسية من الصراع: انشاء دولة في العراق تكون نموذجا لنظامها العالمي الجديد؛ دولة تمثل مصالحها وتحكمها قوى خاضعة لمشيئتها لكي تتمكن امريكا من تأمين مصالحها و"الانطلاق" مجدداُ الى متابعة الاجزاء الاخرى من سلسة "حربها على الارهاب" أي حربها الارهابية وضمن ستراتيجيتها المعروفة المسماة النظام العالمي الجديد. الا ان تحقيق  المشروع الامريكي في العراق ومحاولة البرجوازية اليمينية في امريكا بقيادة جورج بوش ايجاد هذا النموذج تصطدم بقوى البرجوازية الاسلامية والقومية  الارهابية على الضفة الاخرى من الصراع؛ اقطاب وقوى وميليشيات الاسلام السياسي ومشاريعهم.

قطب ارهاب الاسلام السياسي

اما قطب الاسلام السياسي بشقيه الموالي والمعارض لامريكا فانه يتتبع مسارات اخرى عن المسار الامريكي ولكنه يعتبر قطباً مقابلا في نفس الخطة الامريكية. ان امريكا لا تتورع عن تنصيب قوى اسلامية او قومية ارهابية  في السلطة بشرط ان تكون جزءا من النظام العالمي الجديد لامريكا كما هو واضح في الاسلاميين الحاكمين في العراق : انهم الخدم المطيعون لامريكا وجورج بوش وسياساته. وفي نفس الوقت فان قوى الاسلام السياسي المعارضة والمقاتلة لامريكا تضع نفسها اليوم كممثل "للمقاومة" ضد الاحتلال وكقوة انقاذية لجماهير العراق والمنطقة من اجل ان تديم مشروعها  في تأسيس امارتها الاسلامية من خلال استعمال الارهاب السافر والوحشي. انها وككل حركات الاسلام السياسي لا تستطيع ان تستمر ليوم واحد في الساحة دون الارهاب والترويع وارتكاب المجازر.

ان مساعي قطب امريكا وقطب الاسلام السياسي تؤدي الى المزيد من تدهور الاوضاع في العراق لانها كليها منخرطة في الارهاب سواء عن طريق الجيوش او الميليشيات من اجل تحقيق غاياتها وفرضها على الطرف الاخر. ومن جهة اخرى لا برنامج انساني او تحرري او متمدن او تقدمي او مساواتي لهاتين القوتين. ان كليهما رجعي ويود ان يجعل من العراق جمهورية اسلامية او مجموعة فدراليات تتنازعها المصالح الطبقية لاجزاء البرجوازية الرجعية والمتخلفة والمعادية لمصالح الملايين من العمال والكادحين والجماهير المحرومة. ان الافتراض بان احد الطرفين قادر على حسم النزاع لصالحه وتحقيق غاياته السياسية في الاستيلاء على السلطة هو في احسن الاحوال كارثة للبشرية وفي اسوأها هو الواقع الذي نشهد فصولة الدامية يوميا.

ان أي حل  للسيناريو الكارثي المظلم يجب ان يتضمن انهاء صراع القطبين الارهابيين الرجعيين ومواجتهما في العراق وارجاعهما الى الوراء فوراً.

ان تلك مهمة بالغة الاهمية والتحدي ولكنها ممكنة. انها ممكنة لان القوى التي بامكانها ان تفعل ذلك موجودة ومستلزمات قيامها بذلك موجودة هي الاخرى وان كانت ضعيفة.  ان الجماهير معارضة لقطبي الارهاب ولا نحتاج الى أي عناء في توضيح ذلك الامر. ان الجماهير تظم الملايين والملايين من القوى داخل العراق وخارجه وكلها تتمنى ان تنتهي مأساة الجماهير وان تعود الحياة طبيعية في العراق. ان علينا ان نشرع بلملمة تلك القوى المشتتة وجمعها من اجل تحويلها الى قوة هادرة. بامكان الجماهير وفي كل العالم ان تقف وتنتظم من اجل طرد هاتين القوتين من المجتمع وان تحل بديلها المستقل العلماني والانساني المتمدن محلهما. علينا نحن الشيوعيون العمل من اجل انهاء صراع القوتين الارهابيتين في العراق فوراً. يمكن البدء بذلك بتنظيم الجماهير وقواها الانسانية والمدنية والعلمانية والنسوية والعمالية بالضد من القطبين الارهابيين. ان شعارنا المطالب باخراج القوات الامريكية والبريطانية ونزع سلاح الميليشيات الاسلامية والقومية واحلال قوة اممية تستطيع ان توفر اجواء سلمية وطبيعية في العراق يمكن ان يشكل محوراً تنظيميا وتعبويا للجماهير.

اننا نعتقد ان انهاء الكارثة الدموية في العراق هو بيد الجماهير وحدها ان هي استطاعت ان توحد صفوفها ضد القطبين الارهابيين وان تفرض بديلها الانساني والتحرري المستقل عنهما.