لقاء تلفزيون سيكولار
مع عصام شكـــري
حول الاحداث السياسية والاجتماعية الراهنة
خيال ابراهيم: قال
رئيس الوزراء
المالكي في لقاء له مع الصحفيين ان على الصحفي ان ينقل الحقيقة ونوه ان الدولة بصدد
اصدار قانون حماية الصحفيين وان عليها ان توفر للمواطن كافة التشريعات التي ينطلق
منها المواطن حسب قوله. ماردك على اصرار المالكي على ”قول الحقيقة“؟
عصام شكـــري: موضوع الصحفيين هو موضوع ساخن في العراق ولقاء المالكي مع الصحفيين
ليس صدفة او بسب رمضان. انه يريد ارسال رسائل سياسية معينة من خلال الجسد الصحافي
لكي يبرر ما يحصل من عمليات قمع واستبداد من قبل القوى والميليشيات الاسلامية لبدر
والدعوة وبقية القوى الاسلامية والقوميين الكرد. ان مهمة تلك الميليشيات هو قمع
حرية التعبير في العراق. ان المالكي هو اخر شخص يمكن له التحدث سواء عن حرية
التعبير او حرية الصحفي في قول الحقيقة.
ان المالكي يفقأ عيون الناس في العراق بالحديث عما يسميه "الحقيقة" بينما الحقائق
التي يخفيها المالكي نفسها لو كشفت لادت الى طرد المالكي من منصبه في الحال. لو كان
الصحفيين في العراق مصانين و لا يتم تهديدهم وقتلهم من قبل ميليشيبات الاسلام
السياسي والقوى القومية لكان قد كشف عن عمليات السرقة والنهب والتأمر على قوت ورفاه
الجماهير في العراق. ان تلك الامور تجري والمالكي رئيس لادارة العملية برمتها وهو
رئيس هذا المحفل المسمى الحكومة. المحفل الذي يتحالف مع امريكا ويسرق موارد المجتمع
ويمرر الصفقات المشبوهة ويخصخص الاقتصاد ثم يأتي رئيسه ليتحدث بكل وقاحة عن
"الحقيقة" وان على الصحفي ان ينقل الحقيقة. ثم يقول ان الدولة ستسن تشريعات وقوانين
لحماية الصحفيين: ما علاقة الدولة بالصحفيين؟. يجب ان تكون الدولة بعيدة عن الصحافة
والصحافة ان تكون حرة من قيد او قوانين او رقابة الدولة. ان قصد المالكي هو سن
قوانين للتحكم بالصحفيين وعقوبتهم في حال خروجهم عن ارادته وارادة ميليشياته.
خيال ابراهيم: لماذا يدعو الى حرية الصحافة وهو الذي يعاديها؟.
عصام شكــري: ان البرجوازية تحاول ان تديم نفسها وهي تدعي في نفسها صفات ترى الناس
انها مفقودة بها. لذا يتحدث المالكي عن الحرية وهو اكثر من يعادي الحرية. المالكي
يتحدث عن الديمقراطية وهو ابعد شخص عن تلك الديمقراطية (الديمقراطية بمعناها العام:
ارادة الجماهير ). من يريد المالكي ؟ من يقيم وزن للمالكي في العراق ؟ لقد جلبوا
المالكي واعوانه الاسلاميين بالدبابات الامريكية وتم تنصيبه رغم انف الجماهير.
خيال ابراهيم: في مفارقة اخرى حول ما يسمى الحقائق تحدث ”سلام ادوب“ المحقق السابق
في لجنة النزاهة العامة امام لجنة التسليح والجيش في الكونغرس الامريكي ان هناك
حوالي 13 مليار دولار اما سرقت او اهدرت في العراق. كيف تعلق على هذه التصريحات.
عصام شكـــري: ذلك خبر جديد حول سرقة او اهدار 13 مليار. ان هذا يوضح جواب السؤال
السابق حول ”الحقيقة“ ونقل الحقيقة. الا يحب المالكي الحقيقة ويريد ان تعرفها
الناس؟ 13 مليار دولار سرقت من ميزانية العراق ولم نسمع ان المالكي فتح فمه بكلمة
واحدة عن تلك ”الحقيقة“.
خيال ابراهيم: هل تتهمه بسرقتها ؟
عصام شكـــري: ليس بالضرورة ولكننا نتحدث عن الموضوع من وجهة سياسية. انه على رأس
السلطة السياسية مع بقية القوى من القوميين الكرد و كل
الشراذم لاسلامية والقومية والعشائرية والطائفية وهم بمجموعهم مسؤولون عن
الوضع السياسي ووضع المجتمع؛ السرقات وانعدام الامان والتجويع والارهاب واعتداءات
الاسلاميين على حقوق المواطنين. المالكي مسؤول وعندما يدعي انه يريد الحقيقة عليه
هو ان يقول الحقيقة للجماهير. ان مجلس النواب هو مجلس اخفاء الحقائق. ان حكومة
المالكي هي حكومة سرقة الناس. انها حكومة النهب. من ايهم السامرائي طلوعا كلهم
قالوا اننا اتينا لكي ”نضرب ضربتنا ونهرب“ وعلى غرار حليفهم اليميني جورج بوش و
المستقيل رامسفيلد. ان وزارة التجارة العراقية فيها اكثر من 300 لجنة تقصي للحقائق:
اي حقيقة يتحدث عنها المالكي وكل هؤلاء السراق وعمليات النهب تحت سلطتها ؟ المالكي
يهزأ من الناس ويضحك عليهم. على الناس ان تنظم صفوفها وتوجد ارادتها السياسية
وخيارها السياسي . ان تلك القوى الرجعية السائدة اليوم لا تمثل لا الحقيقة ولا
ارادة الناس او الجماهير في العراق.
خيال
ابراهيم: اعلن في بغداد عن ارتفاع عدد اصابات المؤكدة مختبريا بمرض الكوليرا في
عموم العراق الى 255 حالة اصابة فيما بقى عدد الوفيات 5 وفيات. هل لك ان تتحدث عن
هذا الموضوع ومسألة رجوع الكوليرا في هذا العصر.؟
عصام شكـــري: المعروف ان الامراض التي سادت في العراق في فترات الاربعينات
والخمسينات قد تم القضاء عليها بفضل تطور التقنية الطبية واللقاحات وحتى في زمن حزب
البعث كان الوضع الصحي في العراق احسن من الان. اليوم بوجود الاحتلال الامريكي
وبوجود سلطة المالكي وبوجود هذه المجاميع والقوى والشراذم الاسلامية والقومية
وعمليات النهب الواسعة التي تقوم بها (تحدثنا عن سرقة 13 مليار دولار من قبل عصابات
السلطة). مرض الكوليرا يضرب الناس في العراق وخاصة في محافظة الحلة وفي كربلاء ايضا
والمحافظات الجنوبية التي يعاني البشر فيها من الجوع والفقر والحرمان. الاسلاميون
مشغولون بصرف ملايين الدولارات على المناسبات الدينية، ملايين الدولارات تصرف على
المشايخ ورجال الدين والملالي وسياراتهم ومواكبهم وعلى السستاني واتباعه وعلى مقتدى
الصدر واتباعه وعلى المالكي واحزابه. كل ذلك والناس جائعة وتموت من الجوع ويضربها
مرض من المفترض انه قضي عليه قبل 40 او 50 سنة او اكثر . حتى في افريقيا لم يبق
هكذا امراض وان المفروض ان التلقيحات قد قضت كليا على الكوليرا والتيفوئيد والحصبة
الخ. ان اكثر من يعاني من التيفوئيد والكوليرا هم الاطفال من جراء المياه الملوثة.
يقال ان مادة الكلور المستوردة من ايران، ولا اعرف ان كان الخبر مغرض ام حقيقي، وفي
كل الاحوال اتهم السلطات الاسلامية الحاكمة في المحافظات الجنوبية بسرقة موارد
الجماهير وربما سرقة الكلور وبيعه في السوق السوادء، وبالتالي فان اختلاط مياه
المجاري القذرة مع مياه الشرب دون تعقيم او تنقية يؤدي الى امراض خطيرة وقاتلة.
العراق يمتلك اكبر نهرين في العالم وهي من اكثر الانهر نقاءا بينما الجماهير تموت
من التلوث والكوليرا.! اليوم 5 قتلى وسيزداد الرقم حتما. ومن جانب اخر فان
المستشفيات نفسها منهارة. الاجهزة تسرق وقديمة و الرشاوي والمحسوبيات ظاهرة مستشرية
والصيدليات خالية من الادوية والكادر الطبي غير موجود والاطباء مستهدفين والوضع
متردي: هل هذا هو العراق الجديد الذي يتفاخر به المالكي ؟ وقد قتل من مواطنيه اكثر
من مليون انسان وهناك المئات من الازمات والكوارث؟ المهجرين والجوع والحرب
والمتفجرات والاحتلال والان يصاب الناس بالكوليرا والتيفوئيد ؟.
خيال ابراهيم: من الواضح انك غير راض
عن السلطة وتحملها المسؤولية !.
عصام شكــري: ان سبب وضع الجماهير هو السلطة. الرعاية الصحية والغذائية والجوع
والمرض والسرقات والفساد والارهاب وكل ما يحل بالجماهير سببه السلطة الاسلامية
والقومية الحالية. انها مسؤولة.
خيال ابراهيم: تحت هذه الظروف وهذه السلطة ماهو اسرع حل او احسن حل لخلاص الجماهير
من الوضع المزري ؟.
عصام شكـــري: الحل هو الاعتراض الجماهيري. هناك قوى سياسية اعتراضية وهناك يسار
واشتراكيين. يجب تصعيد الحركة الاعتراضية في المجتمع.
خيال ابراهيم : ولكن هناك قمع ايضا ؟
عصام : بصراحة ان القوى الحالية من المالكي ورجال الدين وقوى الاسلاميين والقوميين
والعشائريين ”يتناطحون“ بين بعضهم البعض. السستاني ضد الصدر والصدر ضد هذا الشيخ
وهذا الشيخ ضد هذا الملله وهم ينهشون بعضهم البعض. هذا يترك المجال اليوم مواتيا
لتصاعد اعتراضات الجماهير وتنظيم انفسها. ليس في العراق قمع بمعنى القمع البعثي او
السلطة المركزية غير موجودة لانها ضعيفة وعاجزة. بامكان العمال ان يجتمعوا وان
يخرجوا في مظاهرة كما حدث في ساحة الفردوس مؤخرا
بامكان الجماهير ان تعترض وترد على الانتهاكات.
خيال ابراهيم: ولكن البنادق موجهة الى صدورهم. يمكن للسلطة ان تفتح النار عليهم في
الشارع ؟.
عصام شكــري: برأيي ان الجماهير قادرة على الاعتراض، ولكن عليها ان تتبنى اجندة
سياسية وهي موجودة عندنا . بالاجندة اقصد المشروع السياسي. الطموح والخطة السياسية
ومجموعة المطالب التي تعبر عن مطامحها. بامكان الجماهير ان تلتف حول مطالبنا
واهدافنا من اخراج القوات الامريكية ونزع سلاح الميليشيات الاسلامية والقومية الى
العلمانية والدفاع عن حقوق العمال ومساواة المرأة بالرجل وترفع درجة استعدادها
وتوحدها وثوريتها، وعدم الرضوخ والوقوع في افخاخ السياسة القومية والطائفية
والدينية حيث يتم في كل يوم ايجاد مشكلة لشق صفوف الجماهير. برأيي هناك اطباء
وصيادلة ومضمدين ومجتمع واسع في العراق وحركة علمانية ومدنية وانسانية حاضرة. يجب
ان تنهض تلك القوى. وتعترض على الاوضاع المأساوية. اليوم هناك اعتراض في السليمانية
وهو اعتراض المعلمين وهي بادرة جيدة. ورغم قمع الاتحاد الوطني ومجاميع الحزب
"الديمقراطي" العشائري فان الجماهير تخرج وتعترض. ادعو الى رفع درجة الاعتراضات
ومساندتها والوقوف معها وبالمقابل فان حزبنا يدعم بكل قوته هذه الاعتراضات
الجماهيرية والمطلبية.
خيال ابراهيم: هناك خبر اخر مثير للاهتمام والتعليق. ففي احصائية شملت قرابة 800
مواطن في كردستان العراق تبين ان 52 % من جماهير كردستان يقولون ان البرلمان لا
يمثلهم بل يمثل الحزبين السياسيين الحاكمين. وان 78% منهم لا يعرفون اسماء اي من
نواب البرلمان. كيف تنظر الى هذا الاستفتاء وماهو تعليقك بشكل عام على تلك النتائج
؟.
عصام شكـــري: الخبر مثير للاهتمام ولكن ليس الدهشة حتما. ان خبر الــ 13 مليار
المسروقة اضافة الى اخبار اخرى عن وجود اكثر من 300 لجنة تحقيق داخل وزارة التجارة
وثالث عن احتلال العراق لقائمة اكثر الدول فسادا في العالم وبالمرتبة الثالثة قبل
الاخيرة من قرابة 180 دولة والان جماهير كردستان لا تعرف ”ممثليها“، وهو المجتمع
الاكثر طبيعية من مجتمع الوسط والجنوب ( فما بالك بالوسط والجنوب )! كلها تدل على
عملق المأساة التي يعيشها المجتمع في العراق. الا يتباهي القوميون الكرد بانهم
ديمقراطيين ؟ 52% اي اكثر من نصف
مجتمع اي قرابة مليونين ونصف لا يعرفون من يجلس في مجلس النواب ؟
بينما 78% لا يعرفون حتى اسماء النواب. كيف يمثل هؤلاء الشعب؟ معنى هذا ان
البرلمان مفروض على الناس وان الناس ليس لديها اي حق بالاختيار او الممارسة
السياسية الحرة. كل مواطن في كردستان يعرف ان هؤلاء النواب اما تابعين للبرزاني او
الطالباني. محاصصة وتقسيم الثروات والعقارات والابنية بينهما ومن جهة اخرى شراء
الذمم والصحافة واغتيال وتعذيب واعتقال الصحفيين والتمسك بالسلطة باي ثمن. قلنا في
قرارنا السياسي الاخير، ان القوميين الكرد الان يقفون امام حائط اصم وعالي ولا
يعرفون مالعمل. امريكا تخلت عنهم ويبدو ان ”ورقتهم احترقت“ معها وانا على يقين في
الانتخابات التالية فان رئيس الجمهورية سيغير. ولكن المسألة الاساسية انهم الان في
منحدر وتراجع ازاء امريكا. ومن جهة اخرى فان الناس ليس فقط لا تعرف هؤلاء، بل هي لا
تريدهم وتريد التخلص منهم. يعني ذلك انهم فقدوا ليس فقط حليفهم الامريكي بل مساندة
الجماهير التي كانت تنظر لهم على اساس انهم ممثلي ”حركة التحرر القومي“ واليوم
يسألون من هؤلاء؟. ان هذا مؤشر على ان الناس بدأت تغسل اياديها من هؤلاء القوميين.
وبرأيي فان كردستان على اعتاب مرحلة جديدة.
خيال ابراهيم: شكرا جزيلا.