رفاقي ورفيقاتي الاعزاء
اهنئكم بمناسبة حلول ذكرى ثورة اوكتوبر الاشتراكية العظيمة.
كانت ثورة اكتوبر زلزالاً كبيراً في عصرها وقد ولدت تأثيرات عميقة على مسارات الاحداث لا في روسيا فحسب بل في مجمل انحاء العالم. لا تزال البشرية لحد اليوم تقطف ثمارها الانسانية حتى في الغرب والولايات المتحدة. لقد تأثر العالم بعمق بهذه الثورة الكبيرة والتي نقلته بحق من مرحلة الى مرحلة تاريخية اخرى.
حركة الشيوعية العمالية المنظمة هي التي قادت ونظمت ثورة اوكتوبر وفجرتها. في وقتها كانت تيار الشيوعية العمالية يطلق على نفسه اسم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي وتحديدا تيار البلشفية. لقد استطاعت هذه الحركة المجيدة ان تنظم الجماهير الروسية المعدمة والالاف من العمال والفلاحين والجنود الفقراء في لجان ومنظمات ومجالس لتكون منها قوى ثورية تظفر بالسلطة فيما بعد. ان اندلاع الثورة كان على ايدي العمال والجنود والبحارة في مجالس بتروغراد وبقيادة اللجنة العسكرية الثورية – الجناح العسكري للحزب البلشفي.
وحين تم الاستيلاء على القصر الشتوي واعتقلت الحكومة المؤقتة وفر رئيسها "الاشتراكي الثوري" كيرنسكي، اعلنت حكومة مجالس العمال والفلاحين في روسيا. سيطرت البروليتاريا في روسيا على السلطة وبدأت بتطبيق برنامجها. هذه الثورة العظيمة لم تكن دموية بالمعنى الذي يحاول البرجوازيون وكل المعادين للاشتراكية تصويرها. كما انها لم تتم ببضعة مئآت من البشر كما يتم التصوير المبتذل عنها من قبل بعض القوى الانتهازية. جاءت هذه الثورة كحصيلة لجهود جبارة من قبل البلاشفة وقائدهم لينين ولمدة سنوات طويلة. اشترك في الثورة الالاف من العمال والجنود والفلاحين والشيوعيين المنظمين. لم تكن ثورة اوكتوبر استيلاء على منزل كيرنسكي او وزراءه تشيرنينكو او كيشكن الخ بل كانت من خلال الاستيلاء على القصر الرئاسي وكل اجهزة الدولة في بتروكراد وبعملية اقتحامية غاية في الجرأة والتنسيق. ان محاولات ابتذال صيرورة الثورة من قبل الاجنحة الانتهازية واليمينية قد تمادت كثيرا في جعل ثورة اكتوبر وسيطرة المحرومين على السلطة بقيادة البلاشفة اشبه بانقلاب عسكري قام به مجموعة من الضباط والجنود المغامرين وبعنف "لا تستيغه الجماهير" حسب منطق المناشفة الانتهازيين وقتها.
رفيقاتي و رفاقي،
هز انتصار العمال واستيلائهم على السلطة السياسية في اكتوبر العالم من الاعماق واثر على كل ما جرى على سطح الارض من حركة واعية ومساعي انسانية. فمن نظرة العمال في بقية انحاء العالم الى انفسهم الى نضالاتهم الى تسيد قيم المساواة والاباء عند الشرائح المظطهدة بمواجهة البرجوازية الى تصاعد وتيرة النضالات النسوية في الغرب وامريكا الى التغيرات الثورية والانسانية في المضامين الاجتماعية والفكرية والابداعية للفنون من ادب وشعر وقصة ورسم ونحت وموسيقى وعمارة الى مسارات الصراعات الطبقية وتفاقمها الى اندلاع ثورات البرجوازية القومية في الدول المظطهدة من الاستعمار الى احلال البدائل الانسانية في السياسة والاقتصاد والتشريع نتيجة المد الاشتراكي وتصاعد النفوذ العمالي في كل انحاء العالم صار العالم مستقطب حول بدائل اكتوبر.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه ثورة البرجوازية الثورية في الثورة الفرنسية الكبرى في القرن الثامن عشر ثورة عظيمة اثرت على مسارات التاريخ، وضعت الثورة البلشفية في اوكتوبر العالم على مستويات انسانية لم يسبق لها مثيل من الرقي وكانت بحق ثورة اجتماعية كبرى قام بها العمال وكانت ذات تأثير اعظم وعلى مستوى عالمي أشمل واوسع بكثير من الثورة الفرنسية.
واليوم بعد 87 سنة على اندلاع تلك الثورة، تسود العالم قيم الغاب والوحشية البرجوازية. ان ذلك يعود الى اندحار قوى ثورة اوكتوبر واندحار الحركة الراديكالية للطبقة العاملة. يخضع العالم المعاصر الى ضربات البرجوازية التي باتت بمجملها رجعية حتى النخاع لا في تياراتها الاكثر يمينية وعنصرية فحسب بل وفي تياراتها الليبرالية وتلك المدعية بالتقدمية او الديمقراطية. اصبحت القوى القومية الرجعية والدينية تسيطر ويشكل تام على المسارات السياسية للبرجوازية ولم تعد المبادئ والمطالب الانسانية او التحررية او المساواتية تحتل اي حيز في برامج تلك التيارات.
اليوم يتصارع الارهابيون اليمينيون في العالم على لفت الانتباه. ولفت الانتباه اليوم لا يأتي باتخاذ معايير الانسانية والتقدم كمثال بل في الدموية والوحشية والارهاب والعنف. كلما كانت البرجوازية اكثر ارهابية كلما استحوذت على اهتمام اكبر وحققت الهيمنة على مساحات اوسع من اراضي العدو. ان امريكا والاسلام السياسي كقوتين ارهابيتيين مغرقتين في الوحشية تتنافسان اليوم على ارتكاب الفظائع والجرائم بحق الملايين من العمال والمحرومين في العالم.
ان تصاعد نفوذ الولايات المتحدة في العالم وتحديدا التيار الاكثر رجعية وهمجية فيها اي التيار الجمهوري اليميني ممثلا بجورج بوش يأت ضمن سياقات عالم ما بعد الحرب الباردة الثنائي القطب. كما ان ظهور وتنامي التيار البرجوازي اليميني الارهابي الاخر المواجه له اي الاسلام السياسي ما كان له ان يتم الا كنتيجة لفقدان التوازن العالمي والفراغ الناجم عن انهيار المعسكر الشرقي الذي حمل لواء الاشتراكية زيفا لسنوات طوبلة.
ان مغزى ادراك ذلك مهم لنا.
ان الوعي بأن ما يحصل ليس رياح عاتية لا نملك الا الانحناء امامها بل لان سببها هو غياب البدائل العمالية - غياب اليسار بشكل عام. ان انحسار بدائل واضمحلال دور التيارات الاشتراكية وتراجعها وسقوط العديد منها في فخ الديمقراطية وتحول الباقي منها الى القومية والفاشية قد ادى الى تصاعد اليمين في المجتمع وتحكمه في مسار الاحداث. ان سيادة افاق اليمين اتت نتيجة غياب اليسار واندحاره وليس الى تبني المجتمع لبدائله.
وبالعكس تماما فان المجتمع يمقت بدائل اليمين لانها بدائل مدمرة وقاتلة ومعادية للانسانية. العراق يقدم مثالا ساطعا على ذلك.
فلا مكان تتضح فيه ضراوة ورجعية الصراعات البرجوازية المسلحة وبأساليب غاية في الوحشية أكثر من العراق اليوم. ان من نتائج الحرب الامريكية على العراق سحق الدولة في العراق وكل اجهزتها الادارية. ولم يتم الاستعاضة عن ذلك الا بمليشيات رجعية استقدمت من حواشي المجتمع العراقي لحكم الجماهير وفرض قوانينها ومناهجها على المجتمع. ان تحطيم الجيش الامريكي لجهاز الدولة في العراق ممثلاً بسلطة البعث قد ادى الى تراجع في المجتمع المدني وتاثرت كل اليات حركة هذا المجتمع بشكل كبير. ادى ذلك الى استشراء الفوضى وانعدام الامن للمواطنين والسلب واستشراء الجرائم والفقر الناجم عن خسارة العمل والبطالة المليونية نتيجة الحرب والفوضى. الاكثر من ذلك كله هي محاولات اسلمة المجتمع العراقي العلماني بالقوة والارهاب والقسر. تتعرض الملايين من نساء العراق الى قوانين الاسلام الرجعية ويجبرن على الخضوع القسري لها لحد القتل والاختطاف والتشويه. تلك هي ظروف السيناريو الاسود والذي لا يصف الواقع فحسب ولكنه يصف المسار المظلم والافق القاتم للمستقبل ايضا. نحن نتهم الولايات المتحدة بتسببها في هذا المصير للملايين من جماهير العراق بعد ان انتهت من جرائمها السابقة ضده بفرض الحصار الذي ادى الى مقتل قرابة المليون ونصف مليون انسان في العراق وعلى مدى 13 سنة. كما ان هذه السيناريو قد وفر الارضية المناسبة لتصاعد تيار الاسلام السياسي الوحشي في العراق بعد ان كان تأثيره في العراق يعد الاقل في المنطقة. اليوم تعاني الجماهير من هذا السيناريو؛ من جهة القصف الامريكي والقتل الجماعي الذي تمارسه على الالاف من الجماهير واخرها مدينة الفلوجة بحجة محاربة الارهاب ومن جهة اخرى تقوم العصابات والشراذم الاسلامية بقتل المئآت من المواطنين وعابري السبيل والاطفال الذاهبين الى مدارسهم بالالغام والسيارات المفخخة بحجة مقاومة الاحتلال. ومن الجدير ذكره ان التيارات الانتهازية والقومية واليسار الاوربي والامريكي يطبل لعمليات القتل التي يرتكبها الاسلاميون كالعادة او يغض النظر عنها باعتبارها اعمال مشروعة. انها تساهم مع قوى الاسلام السياسي في جرائمه فعلياً.
في خضم هذه الاحداث المأساوية ومع تصاعد نفوذ التيارات اليمينية الرجعية في العراق من كل شاكلة ولون من اسلاميين الى قوميين عرب وكرد وتركمان الى قوى موالية لامريكا الى فلول البعثيين والخلايا التابعة لاسامة بن لادن الى تيارات الاسلام المقاتل وشراذم القوميين المقاتلين معها تصاعدت الرجعية والاجواء العسكريتارية وطفت على سطح المجتمع الخرافة الدينية والقدرية والتراجع المعنوي نتيجة الخوف والقلق وعدم الاستقرار.
اما في حركة الشيوعية العمالية والميل الاشتراكي داخل الطبقة العاملة في العراق فقد تصاعد مع طغيان المد اليميني تيار يميني داخل هذه الحركة وصار يبحث عن وسائل يستطيع من خلالها رفع رأسه وان يطرح بدائله بصوت هامس. هذا الصوت الخافت يحاول اغتيال روح ثورة اكتوبر في العراق واملها من خلال التقدم بالطروحات الانتهازية والمليئة بالتشكيك من جدوى النضال من اجل الثورة والاشتراكية. ان ذلك كله يتم تغطيته بالطبع بخطاب راديكالي اصبح مع تصاعد اليمين في تلك الحركة اليوم ممثلا بقيادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي، خطاب اجوف يميل نحو التساومية.
ان اسلمة المجتمع بنظر ذلك الميل اليميني اصبحت أفغنة ومطلب فصل الدين عن الدولة اصبحت فصل الجامع عن الدولة. كما ان مطلب الاستيلاء على السلطة اصبح "الوصول الى السلطة". غني عن القول ان التوجه السياسي العام عند ذلك التيار قد بدأ مسيرته الخاسرة نحو اليمين منذ فترة سواء من خلال الاصطفاف مع تيار اليمين في الحركة الشيوعية العمالية الايرانية او من خلال موقف قيادة الحزب من الانتخابات التي يجري الاعداد لها من قبل اعوان امريكا والتي تشترط نزاهتها لكي يتم الانخراط فيها.
ولكن الشيوعية العمالية الثورية والمهتدية بأوكتوبر لم تنتكس راياتها. فقد رفعنا نحن مجموعة من الشيوعيين والشيوعيات راية منصور حكمت الثورية الاشتراكية من جديد في العراق. ان راية ثورة اكتوبر لن تنتكس في العراق. ان شيوعية منصور حكمت المتوقدة وشيوعية الحزب الشيوعي العمالي الايراني، وشيوعية حزبنا الشيوعي العمالي اليساري العراقي الذي حاولت الانتهازية خنقه ظل واقفاً ببسالة امام محاولات النيل منه.
رفيقاتي ورفاقي
لقد اسسنا حزبنا الشيوعي العمالي اليساري العراقي قبل حوالي الشهر وقطعنا اليوم شوطاً في ترسيخ بنيانه. اصدرنا جرائدنا العربية " نحو الاشتراكية" والكردية " بره و سوشيالزم" ووضعنا صفحة الحزب وتمكنا من الوصول الى الناس في العراق واليوم نتحدث عن تواجدنا بين الجماهير المتشوقة لتيار الشيوعية العمالية وبدائله.
حزبنا عاقد العزم وبجدية لا تعرف التراجع على طرح بدائل الطبقة العاملة الى المجتمع. عازم على التحول الى حزب اجتماعي كبير قوي ويمتلك الالاف من الاعضاء والكوادر والقادة العماليين وله المئآت من المحرضين والوجوه الاجتماعية المعروفة. حزبنا عازم على تغيير مسار الاحداث في العراق نحو الافق الانساني وتخليص المجتمع من هذا الافق الاسود الكالح. ان حزبنا يسعى وبكل قوته الى الظفر بالسلطة السياسية لا بالاتفاقات وسياسات التحالفات والتملق الى البرجوازية بل من خلال قوة الجماهير قوة العمال والعاملات في العراق. ان تحقيق الاشتراكية في العراق هو هدف الحزب الستراتيجي وسيسعى الى تحقيقه من خلال تنظيم الثورة الاجتماعية في العراق.
من حقنا ان نفخر بوجود حزب بلشفي في العراق، حزب وضع اسسه الفكرية والسياسية ماركس وانجلز ورسم مساراته الواقعية المعاصرة منصور حكمت وحميد تقوائي. نعتز بعلاقتنا النضالية الوطيدة بالحزب الشيوعي العمالي الايراني ونقول له شكرا على دعمكم لنا وشكرا على ثباتكم ايها الرفاق بوجه الانتهازية.
اهنئ من صميم قلبي رفاقي الشيوعيين العماليين في الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي ورفاقنا في الحزب الشيوعي العمالي الايراني وكل رفاقي الشيوعيين والطبقة العاملة المجيدة في ايران والعراق وكل العالم بمناسبة اكتوبر.
العالم بحاجة لنا، العمال، الشباب ، النساء، الاطفال، الاحرار، العلمانيون ، الكتاب ، الشعراء، المجتمع بحاجة لنا. المجتمع لا يملك شيئاً غير امله بالتحرر والانعتاق من الراسمالية. البرجوازية تملك كل شئ. الناس تتوقع منا الكثير. لنمض معا ً لتحقيق الاشتراكية. لنمض معاً نحو اكتوبر مجيدة اخرى.
عاشت اوكتوبر!. عاشت الاشتراكية!. عاش منصور حكمت!. عاشت وحدة الطبقة العاملة العالمية!.