مقابلة نحو الاشتراكية مع عصام شكري سكرتير اللجنة المركزية حول اخر أحداث
الانتفاضة الثورية في سوريا
نحو الاشتراكية:
كما هو ملحوظ ان الانتفاضة الثورية لجماهير سوريا تتوسع يوما" بعد يوم وينضم إليها
مدن وقطاعات جماهيرية جديدة وماهو مثير للاهتمام في يوم الجمعة الأخير نزل مئات
الألوف من الجماهير الثائرة في مختلف المدن السورية الى الشارع ضد النظام.
باعتقادكم هل دقت ساعة الرحيل لهذا النظام القومي القمعي؟ واذا ما تم الرحيل، هل
هناك بدائل سياسية جاهزة تحظى بالتأييد الجماهيري لتحل محل النظام البعثي الفاسد في
سوريا؟
عصام شكـــري:
اولا ان النظام الحاكم في سوريا هو احد اركان قطب ارهاب الجمهورية الاسلامية
الايرانية. ويظم هذا الحلف اضافة الى سوريا وايران، احزاب الاسلام السياسي المعادية
لامريكا والغرب كحزب الله في لبنان وحماس والجهاد في غزة وغيرها. ان تلك القوى تقوم
بممارسة القمع والبطش ضد الجماهير وتستخدم نفس التبريرات الايديولوجية، اي محاربة
اسرائيل والصهيونية واليهود وتركب على موجة معاناة الشعب الفلسطيني والقضية
الفلسطينية وترفع شعارات تحرير فلسطين ودعم المقاومة وغيرها.
هذا جانب من المسألة. الجانب الثاني هو ان الثورة الجماهيرية الحالية
في سوريا هي جزء وامتداد للثورات التي تشتعل في المنطقة ضد انظمة الطغيان
والقمع والفساد وسلب الحريات والافقار وبالتالي فان جماهير سوريا قررت بوعي ان تلحق
بهذا الركب. هنا الاحظ ان القضية غير متعلقة فقط بسوريا بل بمجمل الانظمة السياسية
التي تمثل مصالح البرجوازية المحلية في المنطقة؛ اي انظمة الاسلام السياسي
والقوميين العرب. ان الازمة اليوم للحرية والمساواة والرفاه والحداثة. يجب ان نسجل
هنا ان الاعتراض هذا يمس انظمة سياسية مشخصة تنتهج ايديولوجيا الاسلام السياسي
والقومية العربية التي تتحالف مع الاول بدرجة او اخرى. النقطة الثالثة هي ان
الجماهير الثائرة اكثر راديكالية من القوى السياسية للمعارضة. هذه المسألة ليست
افتراض. ان الجماهير احتجت واعترضت على اجتماع دمشق الاخير لبعض المثقفين تحت مظلة
النظام السوري واعتبرته متخلفا وجرى تحت موافقة النظام السورية. واعتبرت الجماهير
بوعي دقيق ان ثماره سيجنيها النظام البعثي الحاكم في سوريا لا الجماهير. وكجواب على
ذلك زادت الجماهير من حدة انتفاضتها الثورية ولم تنزل سقف مطالبها مطلقا. ان شعار
"الشعب يريد اسقاط النظام" يتردد في كل مكان في شوارع سوريا ولم تستطع المعارضة في
الداخل ان تنطق به. ان الجماهير هي التي وضعت هذا الشعار على السنة المعارضة.
هنا يجب ان نقول ان غياب حركة شيوعية عمالية متحزبة وخاصة في سوريا وطبعا مصر وتونس
له أثر حاسم في تحديد مسارات الثورات حتى وان بعد نصرها في ازاحة الانظمة. ان حركة
الشيوعية العمالية في العراق مثلا وفي ايران تعطي الاهداف العمومية للحركة
الاحتجاجية للجماهير ولكن الامر لا يحدث بنفس الطريقة في بقية الدول التي تغيب فيها
حركة الشيوعية العمالية المتحزبة. هذا هو سبب الصراع القوي الحالي بين قوى الثورة
في مصر وتونس مثلا والقوى المضادة للثورة واصطفاف الغرب مع اعداء الثورة وبدء
التحضير للحوار معها. ان قوى الاسلام السياسي في مصر تحاول ان تجير ثورة الجماهير
المصرية المتعطشة للحرية والمساواة والتمدن والرفاه لخدمة اجنداته الرجعية
والمعادية للمرأة وللتمدن والعلمانية
والان يريدون ان يثبتوا الدستور الرجعي اولا ليجروا بعدها الانتتخابات. كما ان
هيلاري كلنتن ارسلت لهم مؤخرا رسائل حول امكانية الحوار معهم. من هنا لا يمكن فصل
غياب قوى الشيوعية العمالية ( قوى الاشتراكية العمالية - البلشفية بالمعنى التأريخي
) لكي تحدد مسارات الثورات نحو النصر ، اي نحو السيطرة على السلطة السياسية. ان
الامر ليس متعلقا بترهات الديمقراطية او الشفافية او القضاء على الفساد او غيرها من
المطالب. ان الموضوع هو انتفاضة الطبقة العاملة برمتها، بشبابها ونساءها ورجالها
وشيوخها واطفالها ضد الطبقة البرجوازية. الطبقة العاملة، اي الطبقة المنتجة
المحرومة ضد الطبقة الطفيلية الحاكمة والمستبدة. ان علينا ان ندرك المحتوى الطبقي
لهذه الثورات. الا انه دون سيطرة المجالس العمالية على السلطة السياسية فان
البرجوازية ستعيد انتاج دورة الاستغلال والاستبداد وتحقير المرأة وانعدام المساواة
والفقر والاستبداد وانعدام الحريات ولكن بوجوه جديدة.
ان الاخبار الجيدة هو ان بدائل البرجوازية الفكرية والسياسية مفلسة. في العالم
المسمى عربي فان البرجوازية لديها قوتان سياسيتان اساسيتان؛ الاسلام السياسي
والقومية العربية او تحالفهما. البرجوازية لا تمتلك بديلا علمانيا تحرريا.
البرجوازية تريد تقسيم المجتمع الى اديان وطوائف وملل وقبائل ونساء ورجال. انها
طبقة رجعية تستند الى الدين ولا تستطيع ان تحكم دون ذلك.
فقط الطبقة العاملة وقواها الانسانية بامكانها ان تحقق مجتمعا تتجسد وتتجلى
فيه قيم ومطالب الثورات المليونية التي نشهدها في سوريا وغيرها.
بامكاني القول ان الجماهير السورية في انتفاضاتها الباسلة هذه تتمتع بدرجة ثورية
عالية وهي مستقلة كليا عن التأثر بالتيارات الاسلامية والقومية العربية وتصف نفسها
بانها مستقلة. ان لذلك مغزى سياسي لمن يفهم الصراعات السياسية في المنطقة. ان سارت
الجماهير بمعزل عن القوميين العرب والاسلام السياسي فان ذلك يعني ان الطبقة
البرجوازية في ورطة وازمة خانقة لان ليس ثمة بديل سياسي اخر تطرحه على الجماهير. من
هنا ترى ان النظام البعثي لا يمكن ان يقوم باصلاح تماما كما ان بن علي ومبارك لم
يستطيعا ان يقدما سوى القمع والبطش والفقر.
نحو الاشتراكية:
عصام شكـــري:
نحو الاشتراكية:
عصام شكـــري:
عليها ان تبين لم ان المظاهرات السلمية تنتهي بقتل ودماء . انها تلجأ الى القول ان
هناك قوى خارجية تحرك الاحداث في سوريا وان هناك منظمات ارهابية (ويقصدون منظمات
اسلامية سنية) هي التي تقف وراء تلك الاحداث. برأيي ان تلك التبريرات غير صحيحة وان
النظام البعثي في سوريا يواجه جماهير عزلاء وليس هناك اية قوى منظمة ومسلحة تقف في
وجه النظام. ان المواطنين السوريين انفسهم يطرحون اسئلة واقعية من قبيل من اين يأتي
هؤلاء الارهابيون ومن اين اتوا بالسلاح والى اين يذهبون بعدها وكيف يظهرون في نفس
التظاهرات بالرغم من ان التظاهرات تندلع في شمال وشرق وغرب وجنوب سوريا ومن اين
يمول هؤلاء وغيرها من الاسئلة التي اظن ان لا جواب عليها. ان نظام البعث في سوريا
يترنح وان المؤامرة الدولية هي مجرد تاكتيك يستخدمه النظام ليبرر ارهاب الدولة
الوحشي وليقنع بطانته بضرورة ان يكون عنيفا ودمويا الى اقصى حد ممكن لانه "يدافع عن
الوطن" والوحدة الوطنية. لقد استخدم القذافي في ايام الثورة الاولى بليبيا نفس
المنهج وقال ان الثوار ارهابيون. المالكي هنا في العراق يستخدم نفس المنطق ويسمى
الاعتراضات الجماهيرية بعثية او تكفيرية. نفس التاكتيك لتبرير البطش والبلطجة وقتل
المدنيين والاعتداء على الجماهير العزلاء.
نحو الاشتراكية:
عصام شكـــري:
نحو الاشتراكية:
عصام شكـــري:
ومن الناحية السياسية فاني اعتقد ان اسقاط الجماهير للنظام البعثي السوري سيضعف من
نفوذ قطب الاسلام السياسي المعادي لامريكا ممثلا بالجمهورية الاسلامية وحفنة
الاحزاب الاسلامية المدعومة من ايران كحزب الله في لبنان وحماس والجهاد وغيرهم في
مصر وشمال افريقيا.
نحو الاشتراكية:
عصام شكـــري:
ان يصلح نفسه بنفسه. ان اصلح نفسه فانه سيقضي على اسس وجوده. انا موافق على تحليل
الشارع السوري لطبيعة النظام. ان الامر لا يتعلق بقبوله او امراره لقوانين.
ومع ذلك هو لم يغير اي شئ. انه يطرح الية لتغيير القوانين ولكن الجماهير
تعرف ان تلك مناورة وهي اتت بضغط المظاهرات المليونية.
المالكي في العراق يتبجح دوما بوجود دستور وبرلمان وقوانين ويسمى تحالفه
البرلماني بدولة القانون ولكن الكل يعرف ان السلطة هي مجموعة من العصابات
والارهابيين والحثالات وان جلب مائة دستور واصلاح مائة قانون لن يجدي نفعا. النظام
في سوريا لا يمكن اصلاحه مهما حاول. رامي مخلوف حاول ان يتحول الى رأسمالي خيري
ولكن مجرد وجوده هو مصدر غضب الجماهير، مجرد تنفس رامي مخلوف وبطانة الاسد هي مصدر
الم وقلق وخوف للجماهير. لقد تجاوز الامر قبول النظام بالاصلاح وان قلعه من جذوره
هو الحل الوحيد الممكن لتحقيق اي اصلاح، مهما كان تافها. المسألة نفسها تنطبق على
العراق ايضا وبنفس الدرجة من الصدقية والواقعية. وبرأيي ستنجح الجماهير السورية
بذلك وتنجز واحدة من اكثر المهمات تقدمية في منطقة الشرق الاوسط في الوقت الراهن.