فوضى عارمة تجتاح قوى البرجــــوازية الاسلاميــــة والقوميـــــة
عصام شكــري
فوضى عارمة داخل معسكر البرجوازية واجنحتها من الميليشيات الاسلامية والقومية سواء الموالية او المعارضة لامريكا والتي انتهت بخروج الاسلاميين المعارضين للوجود الامريكي في جبهة التوافق والتيار الصدري والقائمة العراقية وسحب وزرائهم ، ووضع "حكومة" المالكي في مهب الريح مهددين كامل تحالف امريكا في العراق بالانهيار. لم هذا التفكك والصراع ؟ وهل تمتلك تلك القوى الرجعية الاسلامية والطائفية والقومية أي قدرة ، مع فشل واندحار البرجوازية الامريكية والغربية على ايجاد حل للوضع المأساوي في العراق؟!.
لقد أشرنا في مقالة سابقة الى بدء انهيار وافول سياسات امريكا عالميا وفي العراق تحديدا وربما منذ بدء حرب امريكا في العراق العام 2003 اثر اندحار قوى اليمين المحافظ الحاكم وسقوط سياسييه بدءاً من رامسفيلد الى فولفوفيتز وانتهاءا باستقالة مستشار بوش السياسي كارل روف، وبالتأكيد بدأ العد العكسي لجورج بوش نفسه.
ان انهيار سياسة المحافظين الجدد في العراق وفشل الحرب—الجريمة لامريكا ينعكس اليوم بنتائجه على البرجوازية العراقية وجميع قواها السياسية وليس فقط على الطبقة العاملة. ففي معسكر حلفاء امريكا بدأت اثار التآكل والتصدع والتشكيك والعجز في قدرة هذا التحالف من قوى السيناريو الاسود (الائتلاف الشيعية والتحالف الكردستانية والتوافق العراقية ) على الحكم. وفي هذه المرحلة وحسب خطة جورج بوش الجديدة واعتماده الدبلوماسية ( بدل المواجهة ) مع الاسلام السياسي بناء على توجهات الديمقراطيين فان المهمة التي اوكلت لتلك القوى هو في اقناع الاسلام السياسي المعادي لامريكا والمقاتلة لها في دخول البرلمان واختيار الحل الامريكي ( وبالطبع رمي السلاح ).
الوقائع تشير الى فشلهم في هذا المسعى والانسحابات الاخيرة تؤكد ذلك. ذلك الضعف في جبهة حلفاء امريكا يزيد من صلابة موقف الاسلام السياسي المقاتل لامريكا ( وان في الظاهر ) ويوحي لهم بتراجع معسكر امريكا وحلفاءها. وستشعر قوى الاسلام السياسي المعارضة لامريكا ببعض الزهو والقوة التفاوضية ازاء كتلة حلفاء امريكا في ”الحكومة“ والمسيطرين تماماً على ”مجلس النواب“ أي الائتلاف الشيعي والتحالف الكردستاني. ولكن ذلك ما يتبادر سريعا الى الذهن. فداخل معسكر نفس قوى الاسلام السياسي—أي التوافق والتيار الصدري ممن يرفعون السلاح بوجه امريكا او يدعون الى الجهاد الاسلامي ضدها فالواقع متهرئ هو الاخر: انشقاقات وتفصص وميليشيات تنقلب على اخرى وهلمجرا.
فالتيار الصدري بدأ بالانقسام ( انقسامات جديدة داخل نفس التيار وليس الانقسامات السابقة )، والعصابات الاسلامية التي تنهش الجنوب تتقاتل في البصرة والديوانية فيما بينها
وتصفي حساباتها بالوحشية الارهابية التي تعرف بها حركات الاسلام السياسي: اغتيالات للمعارضين و المنشقين عنهم و التفجيرات العشوائية وحملات ارهاب تشمل كامل المجتمع. وباختصار فان خط التصدع الذي بدأ يفتح جبهة امريكا وحلفاءها في العراق يتغلغل الان ببطئ داخل صفوف جبهة اعداء امريكا من الاسلاميين وينذر بتفتتهم.
وعلى الصعيد السياسي تنشر القاذورات السياسية يمينا ويسارا من قبل تلك الجبهة وذلك التيار وهذا التحالف . الكل يتحدث عن الطائفية وتبعية الحكومة لامريكا وبشكل يثير السخرية والغثيان في نفس الوقت. ففي الوقت الذي يكون احدهم شيعيا ويظهر بكامل قيافته وبوقار يليق ب "خريجي الحوزات " فان الطرف الاخر يحرص على اطلاق العنان للحيته وحلق شواربه لتمييز نفسه طائفيا. هذه القوى الاسلامية الطائفية المنحطة لا تملك للجماهير غير الطائفية ولكنها بكل صفاقة ووقاحة تدعي انها تحاربها وتشتكي من بعضها البعض على اساس ان الاخر هو الطائفي !.
جبهة التوافق تقول ان الحكومة طائفية ، ويشكو التيار الصدري من عدم جدولة انسحاب القوات الامريكية ولكن تلك مطالب تغطي مسائل اكثر جدية. هنالك انقسام حاد سياسي وايديولوجي ومنهجي بين قوى الاسلام السياسي ومشروعها ونظرتها للحكم ، من جهة ، وبين معسكر امريكا وحلفاءها من جهة اخرى. اختلاف وتعارض وتقابل واستقطاب بين منهجين لا تلاقي لهما؛ منهج معارض للاحتلال الامريكي وذو ايديولوجية اسلامية واخر مؤيد لمنهج امريكا وللبرلمانية والتعددية. لقد رمت قوى الاسلام السياسي من جماعة الحكيم والدعوة وغيرها من المعارضين السابقين لنظام البعث السلاح ومعها خلعوا عباءاتهم وعماماتهم ولبسوا الاطقم الغربية ودخلوا البرلمان ويحاولون التصرف بمدنية مزيفة داخل اروقته بينما يمزقون المجتمع في الخارج اربا، ومنهم بالطبع المالكي والجعفري والحكيم وعبد المهدي وغيرهم من اقطاب "الثورة الاسلامية" والذين اختاروا الاصطفاف مع امريكا في نهاية المطاف.
اما مقتدى الصدر وجماعات الجهاد الاسلامي الاخرى والمدافعين عن "المقاومة المسلحة" فلها منهج اخر. ليس السبب يكمن في الحماس الايديولوجي للاسلام كما قد يظن ، بل لان تلك القوى الاسلامية وفي حال قررت ترك ايديولوجياتها ورمي اسلحتها فان رصيدها الاجتماعي سينهار ولن يتبق لها شئ وتنهار كما انهارت القوى الاخرى وفقدت رصيدها. ولكن انهيارها مسألة وقت لا اكثر فالايديولوجية ستصبح فارغة وعديمة المعنى حين ينسحب العدو من الميدان. ان تلك القوى ترى وعن حصافة البرجوازية الاسلامية ان رمي سلاحها وايديولوجيتها سيفقدها ”ورقة التين“ داخل المجتمع قبل البرلمان الذي تخرج وتدخل فيه كما تشاء.
ان لدى التيار الصدري وجبهة التوافق وبقية قوى الاسلام السياسي المعارض لامريكا الامل في حمل راية البرجوازية العراقية ازاء البرجوازية العالمية. انهم باصرارهم على منهج قتال واخراج الامريكان يعرفون بانهم يريدون كسب اعتراف امريكا والغرب بهم. وفي كل الاحوال فان الخطر الماثل امام تلك القوى يتمثل وكما بينا في انهيارهم الايديولوجي والفكري والتعبوي نتيجة مراهنتهم على معاداة الاسلام السياسي ”البنيوي“ لامريكا والغرب وانهاء الاحتلال وفي نهاية المطاف ستجد انها تنزوي هي الاخرى بافلاس عدوها.
اليوم بامكان الطبقة العاملة وقواها الاشتراكية التدخل لانهاء الاوضاع لصالح الجماهير وتخليصها من كل هذه الميليشيات والعصابات الاسلامية والقومية. ان تغيير موازين القوى الاجتماعية ممكن وضروري في العراق وان كسر نفوذ جناحي البرجوازية يقع على عاتق العمال والاشتراكيين.
حزبنا الشيوعي العمالي اليساري العراقي يناضل من اجل طرح بديل للجماهير ينهي سيطرة البرجوازية الرجعية على حياة الناس وينهي بالتالي ارهابها. حلنا هو الاشتراكية. بامكان الاشتراكية والطبقة العاملة العراقية ان تكون جواباً لمعضلات المجتمع: السلام والامان والحرية والمساواة والرفاه لكل المواطنين. يقدم حزبنا مطلبه لاخراج العراق من الوضع الخانق الذي خلقته تلك القوى الاسلامية والقومية وهو اخراج القوات المحتلة وادخال قوات تابعة للامم المتحدة لحفظ السلام وقيامها بمهمة نزع سلاح الميليشيات الاسلامية والقومية والتاسيس لاجراء انتخابات عامة تشارك فيها جميع القوى السياسية في العراق بكل حرية ودون ارهاب وتخويف.