مقابلة نحو الاشتراكية مع عصام شكـــري حول الأحداث الثورية التي تمر بها المنطقة
نحو الاشتراكية:
كيف تقيمون دور الأنظمة البرجوازية الغربية وخصوصا" الأدارة الامريكية بالنسبة لما
يجري في المنطقة من أحداث وتحولات سياسية ثورية؟
الا توافقونني الرأي بان هناك نوع من التعامل مع نظام مبارك والانتفاضة الثورية
لجماهير مصر تختلف كليا" عما تعاملت بها مع الثورة التونسية ونظام بن علي؟
عصام شكــري:
نحو الاشتراكية:
عصام شكــري: "حدود الاصلاحات" في السؤال برأيي هي حدود وهمية رسمتها قوى المعارضة
"الاصلاحية" للطبقة البرجوازية. الثورات او الجماهير الثائرة لا يمكن ان نسمي
مطالبها بانها اصلاحية. وبرأيي فان الاصلاح والاصلاحية هي ممارسة سياسية لقوى
معارضة داخل الطبقة البرجوازية وان ما تقوم به الجماهير اليوم ليس له اي علاقة بتلك
الحركات. لقد بينا في بيان حزبنا ( منشور في العدد الحالي 135 – نحو الاشتراكية )
ان الجماهير لم تعد تركض وراء اجندات القوميين العرب ولا الكرد ولا الاسلام
السياسي. انها (ولاول مرة) تنزل باجندتها الخاصة الى الشوارع. لذا من الضروري جدا
التفريق بين ما يسمى قوى المعارضة ”الاصلاحية“ وبين اهداف ومرامي الثورات الحالية.
القوى الاصلاحية لها اجندتها وهي تريد فرض تلك الاجندات على الثورة. ولنأخذ ما يحدث
في اليمن مثالا. ان اعمال القتل البربري لقوات علي عبد الله صالح لاكثر من خمسين
متظاهرا في (ساحة التغيير) قد اجبر قوى المعارضة اليمينية الاصلاحية على التصريح:
”لم يعد هناك اي مجال للتفاوض مع النظام“. هكذا نفهم انهم كانوا يريدون التغيير
الاصلاحي ولهم اجندة تتعلق بتداول السلطة ولكن الجماهير لها اجندة اخرى. الجماهير
تسفك دماءها لانها تريد ”اسقاط النظام“ والاتيان بنظام اخر يلبي طموحاتها. ان شعار
الجماهير في كل ساحات وميادين اليمن هو (الشعب يريد اسقاط النظام). الامر نفسه
ينطبق على كردستان العراق ايضا. فجماهير كردستان الغاضبة لا تخرج بسبب برامج ”نو
شيروان“ الاصلاحي الديمقراطي. جماهير كردستان تخرج لانها تريد اقتلاع هؤلاء
وازاحتهم. انا اردت التأكيد على نقطة مهمة وهو عدم دقة توصيف الثورات او اهدافها
بانها اصلاحية. بطبيعة الحال الجماهير ترفع شعاراتها المطلبية وهناك قمع وبطش
ووحشية السلطة في كل دولة ولكن الجماهير تتحرك بحذر وذكاء ثوري ميداني عالي ولكن
كسر شوكة الجماهير صعب جدا الان.
نقطة اخرى اود الاشارة اليها وهي ان الثورات الحالية لم تصل الى غاياتها ولا يمكن
ان نقرر الان ان كانت حدودها اصلاحية او انها ستقف هنا او هناك. ان الثورة صيرورة
وحركة تغيير وتجاذب مستمر وهي تتشكل بتدخل القوى الاجتماعية كلها. حتى في مصر وبعد
اجراء الاستفتاء على الدستور فان الثورة مستمرة وهي تتغير وان نجحت قوى الثورة
المضادة في بعض المواضع فان قوى الثورة ستشن هجوم مضاد. ان الدستور المصري الحالي
رجعي بكل مكوناته وان الغاء المادة الثانية منه ما تزال مهمة ثورية ملقاة على عاتق
شباب الثورة وعمالها ونساءها.
اذن تحول اي ثورة الى راديكالية تحررية واشتراكية او ثورة تطيح بالنظام الرأسمالي
برمته يمتلك معنى سياسي وليس نظري تجريدي. ان النضال الان من اجل تغيير الفقرة 2 من
الدستور المصري ( فقرة الاسلام دين الدولة الرسمي ومصدر التشريعات) على سبيل المثال
هي مهمة ثورية. ان العلمانية هي مهمة الطبقة العاملة والشباب المتمدن والنساء
المتحررات المطالبات بالمساواة وفصل الدين عن الدولة. لذا فلن اقدر ان اجرد الموضوع
الان الى بحث "التخلص من الرأسمالية" دون ان اوضح اهداف الثورة وغاياتها الانية وان
اعتبر ان ذلك جزء من مساري. ان كل من يناضل اليوم في مصر من اجل العلمانية وفصل
الدين عن الدولة ومن اجل توفير الرفاه الواسع للجماهير ومن اجل محاربة البطالة ومن
اجل مساواة المرأة بالرجل هو برأيي مناضل اشتراكي دون شك.
والنقطة الاخيرة هو اهمية القيادة الشيوعية العمالية للثورة. القيادة الشيوعية لا
تعني مجموعة من المثقفين المتأبطين للكتب الماركسية. ان تشكيل حزب شيوعي عمالي لا
يتطلب سوى مجموعة من الشباب المعتقد بالحرية والمساواة والرفاه لكل البشر. ان
البرجوازية تريد الايقاع بالجماهير في مطالب "تداول السلطة" و”الشفافية“
و“التعددية“ و“احترام حقوق الانسان“ و"الدستور" والجماهير تعرف انها لا يمكن ان
تطالب بالحرية والحقوق من حفنة جلادين وقتلة. ان الخبز، الرفاه، الامان، المساواة
بين المرأة والرجل، الغلاء، الفقر، المساكن اللائقة بالبشر، النهب، الفساد، تدخل
رجاء الدين والملالي والمشايخ في حياة الناس وقمع النساء والفتيات خاصة وقتل الشرف
او غسل العار كلها مسائل تتطلب من الثوريين الاجابة عليها. برأيي ستجلب التغييرات
الحالية شروط تشكيل احزاب شيوعية عمالية في عموم المنطقة.
نحو الاشتراكية: كيف تقيمون دور القوى والأحزاب السياسية اليسارية بالنسبة للأعمال
الجماهيرية الثورية في المنطقة العربية؟ وهل هناك امكانية لتجاوز حال التشتت والضعف
السياسي والايديولوجي والتنظيمي التي يعاني منه اليسار العربي؟
عصام شكــري:
اذن الحديث عن وجود مشكلة او ضعف او تشرذم هو توصيف لازمة الطبقة البرجوازية برمتها
(اي بيسارها ويمينها). برأيي العامل ليس لديه ازمة. لا فكرية و لا تنظيمية ولا
حزبية. ان ازمته هو وجود الطبقة المستغلة له – الطبقة البرجوازية كلها. انه يعرف ما
يريد ويخرج للشارع ليطالب به. طبعا نحن نقول للعمال نظموا انفسكم في مجالس مستقلة
عن البرجوازية وفي لجان لتدافعوا عن مصالحكم. ولكن الاحزاب المسماة يسارية تدافع عن
الرأسمالية والفرق انها تريدها لطيفة و“مؤنسنة“ وناعمة. هذا غير ممكن. انه وهم.
البرجوازية لا يمكن لها ان تكون ناعمة. انظروا. انهم يطلقون الرصاص الحي، في
كردستان، في بغداد، في صنعاء، في درعا، في بنغازي، في الرياض، في طهران، في
المنامة، في مسقط، وعلى من ؟ على بشر اعزل.
اخيرا اقول ان ما يسمى ب "ازمة اليسار" هي مقولة "حق يراد به باطل". وهي بالتالي
مقولة يمينية. اليمين يريد القول ان اليسار في المجتمع ضعيف لان بعض الاحزاب
البرجوازية اليسارية هامشية وضعيفة، لكي يسهلوا طريق عملهم. العديد من احزاب اليسار
القومي والتي ادعت بالشيوعية في المنطقة العربية ادعت ان الاشتراكية بعيدة المنال
او ”حلم“ وانها لا تريد الا مجتمع ديمقراطي وفيدرالي وتعددي. بل ان البعض الاخر راح
يقول : اين هي الطبقة العاملة للناضل من اجلها؟! .
نحو الاشتراكية: كما هو معروف إن نسبة العمال والكادحين في جميع بلدان العالم
العربي يبلغ أكثر من ثلثي نسبة السكان، فلماذا الحركة العمالية بصفها الطبقي
المستقل يكاد يكون غائبا"؟ وما السبيل إلى تفعيل دورها الطبقي المستقل في انتفاضة
الجماهير الثورية في العالم العربي؟
عصام شكــري:
يجب الحذر من هذه المقولات. انها تنتنهي بالنهاية المعروفة اياها: الثورات
برجوازية. ديمقراطية، غير عمالية، وبالتالي ربما من الافضل ان نطوي اعلامنا
ولافتتاتنا ونرجع للبيوت لان العمال ليسوا موجودين. هذه هي الرسالة السياسية لبعض
قوى اليسار. ان خطر هذه التحليلات انها تستند الى ماركس ولينين ليكسروا الثورات
بنفس معاولهم. ان الثورات الحالية هي تعبير مجسد عن الاصطفاف الطبقي الذي كان محرما
طوال عشرات السنين الماضية وحالما وجد فسحة للتفجر نزلت الملايين للشوارع. هذا من
جهة ومن جهة اخرى فان الشعارات والاهداف والمطالب التي ينزل بها الجماهير هل كلها
مطالب عمالية. توفير فرص العمل، زيادة الاجور، تحسين ظروف العمل، توفير الكهرباء
والماء النظيف، محاربة الفقر والجوع، الامان، محاسبة المفسدين ومحاكمتهم، الرفاه،
الحياة الكريمة، السعيدة...اليست هذه مطالب عمالية ؟
اود التأكيد اخيرا على نقطة وهي ان الشيوعيين لا يعطون الطابع الطبقي للثورات. اقصد
ان الشيوعيين لا يمنحون الصكوك العمالية للثورة بل ان الثورة هي فيض هائل من البشر
الناقم والمعترض وما على الشيوعي سوى ان يقوم بدوره داخل صفوفهم. عصر الثورات
البرجوازية قد ولى ومن مايزال نائما عليه ان يستيقظ او ان يوقظ ليعرف بان الثورات
البرجوازية في العالم العربي قد نفذتها الجيوش الوطنية التي كانت متنفس الطبقة
البرجوازية الناقمة ضد الاستعمار وانقلابات "ضباطها الاحرار“. اليوم فان الجيش صار
يصد الثورات ويقمعها ولا يفجرها. اليوم الساحة هي للجماهير المليونية من عمال
وكادحين ونساء وملايين من الشباب الجائع والعاطل والمحروم المتعطش للحرية والمساواة
والرفاه والتمدن والانسانية.
نحو الاشتراكية: منذ مدة اندلعت الأعمال الجماهيرية الثورية في العراق أيضا" ضد
النظام السياسي القومي المذهبي الحاكم في العراق، فهل هناك أي اختلاف يذكر بين ما
يجري في العراق وبين بقية البلدان العربية الملتهبة؟ ولماذا لم تتوسع الاعتراضات
والاحتجاجات لتشمل أغلب القطاعات الجماهيرية اسوة" بتونس ومصر؟
عصام شكــري:
نحو الاشتراكية:
عصام شكــري:
نحو الاشتراكية: ما هو الموقف السياسي الرسمي للحزب الشيوعي العمالي اليساري
العراقي من الأحداث الثورية الأخير في العالم العربي عموما" والعراق وكردستان
خصوصا"؟ وأية خطوات عملية قد خطوتموها بغية المداخلة السياسية الفعالة في تلك
الأحداث الثورية؟ وكيف هي ردود الأفعال من قبل الجماهير الثورية على شكل وطبيعة
مداخلة الحزب؟
عصام شكــري: