مغاوير الراديكــــالية
و"يسـارنا الهامشي"
عصام شكــري
حين ارتفعت عقيرة اليمين الذي يسمي نفسه حكمتياً تزلفاً، بالشتائم ضد تيار الشيوعية العمالية ممثلا بالحزب الشيوعي العمالي الايراني وسكرتير لجنته المركزية حميد تقوائي متهمينه بالتخريب وبانه يحذرونه هو و"من لف لفه" ( ورد هذا التعبير الفج في افتتاحية رئيس تحرير صحيفتهم المركزية) قبل ما يقرب السنة، وحين سالت احبار الاوصاف البذيئة تجاه مخالفيهم السياسيين والتي تذكر باوصاف القوميين العرب ، قلنا هذا هو اثبات اخر على ان قرارنا بفصل خطنا الشيوعي العمالي عن خطهم التساومي هو قرار صائب. ورغم انهم افرغوا الكثير مما في جعبتهم من الاتهامات الرخيصة وطلبوا من بعضهم البعض وبرسائل مدبجة هزيلة بانزال اقصى العقوبات الحزبية باولئك المنحرفين (ماذا لو ان السلطة كانت بايديهم ياترى؟)، الذين قرروا ان يحتجوا على قيادتهم اليمينية المهرولة للارتماء باحضان البرجوازيين. لم يحتملوا الاحتجاج على القيادة التاريخية الفذة، ولم يحتملوا ان نشكل كتلتنا الاعتراضية داخل يمينهم – كتلة اليسار، قرروا الغائنا من الوجود – طردنا وتجميدنا واقصاءنا بعد فشل كل محاولاتهم لتزوير وتشويه مواقفنا (المضحك في الامر انهم نفوا وجود الكتلة فيزيائيا- بما انهم ماديين جدا - بالرغم من اننا اعلنا وبملئ ارادتنا ولكل المجتمع وجودنا الواقعي ككتلة يسار داخل الحزب وبارادتها).
ظل الرفاق السابقين طوال الوقت اللاحق يتهربون من الحديث او مناقشة اسباب انشقاقهم وميلهم اليميني ويتجنبون الدخول في اي جدل سياسي مباشر. بل انهم اسدلوا ستارا من التعتيم المقصود على كل اعضاء حزبهم لانهم لم يودوا ان يكشفوا عن حجم ورطتهم السياسية وخاصة داخل حزبهم. فذلك سيؤدي الى انفضاض اعضاءهم وافتضاح امر قيادتهم وربما انهيارها. اكتفوا بالترهات الاعلامية الفوارة كعهدهم وكما في كل ممارساتهم السياسية - ظهور او ظهورين على الفضائيات، بضع تصريحات نارية مبالغات تهديد ووعيد وينتهي الامر). ولكنهم وبخضم ذلك الهزال والتخبط السياسي ، اكتشفوا اهم ما يمكن ان يوجهوه الينا من تهمة: اننا نمثل اليسار الهامشي. ذلك الوصف كان طود الانقاذ الذي امن لهم التخلص من مشقة الاجابة السياسية عن المسائل الملحة التي واجهتها حركة الشيوعية العمالية في حينه. انه فعلاً اتهام جدي لمن يعرف نفسه على طرف نقيض لتيار الشيوعية البرجوازية الكلاسيكية.
ولكن لا بأس. استبشرنا نحن في الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي خيرا بهذا الوصف. قلنا على الاقل انهم توقفوا عن ترداد ترهاتهم السابقة وان في هذا الوصف من التحميل السياسي الجدي الكثير مما يمكن الاجابة عليه.
قلنا لهم انكم اصبحتم يمينيون لهذه الاسباب. قلنا باننا نرى ان "تهمة" اليسار الهامشي هي، في كل الاحوال، افضل من "حقيقة" يمينيتكم. على الاقل اننا يسار. قد يكون هذا اليسار، كما يزعمون، لا يسعى الى التغيير، ولا ينزل الى ميدان الصراعات اليومية، لا يلطخ يديه ورجليه باوحال النضال الاجتماعي- يزمجر ويرعد بالبيانات " الايديولوجية" العقيمة - ينتقد كل مسعى للتغيير لانه سيلوث نقاءه الايديولوجي الماركسي – يسار ثرثار متؤدلج غير اجتماعي. قرروا تركنا وشأننا ندمدم بالاشتراكية ونتغنى بها كالمهووسين (كما وصفنا قائد تيارهم الانتهازي). هم عمليون. اما نحن فايديولوجيون ثرثارون لا نغير المجتمع.
ولكن الرياح لا تسير كما تشتهي سفن رفاقنا بل انها في الواقع تسير في الاتجاه المعاكس. فالى تطور حركة حزبنا الشيوعي العمالي اليساري العراقي فان انجازات حركة الشيوعية العمالية ممثلة في الحزب الشيوعي العمالي الايراني تشير الى واقع اخر. ففي يوم الاحد الماضي اجبر رئيس حكومة اونتاريو في كندا (مرغما بالطبع) على الاعتراف بان جهود حزبينا ومعنا جهود القوى التحررية في كندا واوربا قد نجحت في حمله على رفض محكمة الشريعة الاسلامية في كندا.
لقد اثبتنا باننا ليس فقط نتدخل في مصائر مجتمعاتنا، بل على استعداد للدفاع عن حقوق الجماهير التي تتعرض الى محاولات الانتهاك او الاظطهاد على ايدي اقذر برجوازية عرفها التأريخ المعاصر: اي الاسلام السياسي- وفي كل مكان تتواجد فيه قوانا. اثبت انتصار نضال الحزبين الشيوعيين العمالي الايراني واليساري العراقي في جبهة النضال ضد الاسلام السياسي في الغرب على ان هذا التيار يقود اعتراضات الجماهير. لقد نزل هذان الحزبان الى ميدان الصراع الاجتماعي واستطاعا ان يقودا مجتمعا لا يمتلكان فيه ما يكفي من العلاقات والتأثير وحققا انتصارا كبيرا لجماهيره. استثرنا قوى الجماهير وتمكنا من انقاذ مصائر الملايين من النساء الخائفات من جحيم الاسلام بعد ان تصوروا انهم قد نجوا من جحيم بلدانهم الى الابد. هكذا رد حزبينا - الشيوعي العمالي الايراني واليساري العراقي على تهم الانتهازيين – بتغيير الاوضاع، بقيادة الحركة الاعتراضية لصالح الملايين.
لو قيض للنساء الاتيات من الشرق الاوسط الى الغرب ان لا يحضين بشخصيات مثل هوما ارجمند او مينا احدي او شيفا محبوبي او مريم نمازي او نسرين رمضان علي او آزر ماجدي للدفاع عن مصالحهن ضد الاسلام السياسي لكان قد تم وبجرة قلم احالة مصائر الملايين من تلك النسوة الى ايدي الاسلاميين ولاجهز على حياتهن في عقر عواصم الغرب ولانتهى الامر. كانت محكمة الشريعة ستكون ضربة لا تقل اذى عن جرائم نيويورك او مدريد او لندن التي سددها الاسلام السياسي الى المجتمع الانساني في تلك الدول ولكن بالتواطئ القذر مع البرجوازية الغربية وحكوماتها، تماما كما يحدث اليوم في العراق وايران والسعودية والباكستان والسودان.
هل هذا هو اليسار الهامشي الذي يتحدثون عنه؟!. هل هذا هو اليسار الذي يكتفي بالجدال الايديولوجي دون ان يلوث يديه بالنضال مع الجماهير ومن اجل تعبئة قواها في المجتمع؟! هل هؤلاء هم الايديولوجيون المخربون الذي يهللون بالاشتراكية كالمهووسين دون ان يتدخلوا في مصير المجتمع ؟! هل هؤلاء هم من يشتري ذمم الناس بالمال لكسبهم كما يدعي اعضاء قياديين في حزبهم؟!.
ان اتهامنا باننا يسار هامشي هو غطاء ليمينيتهم المساومة وراديكاليتهم العاجزة المكتفية بخلق الصور والهالات بعيدا عن الجماهير. ان الغاء محاكم الشريعة في الغرب يشكل ردا قويا لا على قوى الاسلام السياسي الارهابي فحسب بل على قوى الانتهازية، تلك التي اظهرت عدائها المباشر والصريح للشيوعية العمالية وحاولت شق صفوفها وتشويه برنامجها الثوري الاشتراكي، واحالت عباراتهم حول اليسار الهامشي الى رماد.
الحزب الشيوعي العمالي الايراني الذي انشقوا عنه وتعدوا على قادته واعضاءه ووصفوهم باقذع الاوصاف، يثبت يوما بعد يوم بانه ليس فقط يناضل من اجل تحقيق الاشتراكية بل انه الحزب الاجتماعي المتدخل للدفاع عن الجماهير اينما تواجد وكلما سنحت الفرصة. لقد سجل هذا الحزب نصرا اجتماعيا وسياسيا كبيرا على قوى الاسلام السياسي في الغرب ولطمها لطمة موجعة وتحديدا في كندا واثبت لها ان قوى الشيوعية العمالية قد اصبحت قادرة على مواجهة قوى الاسلام السياسي وتهشيم مبادراتها الرجعية. قبل اسابيع سجل هذا الحزب حضورا قويا داخل مدن ايران وبين جماهيرها المثقلة بالاحتجاج والثورة والمتعطشة للحرية والمساواة. واليوم فان هذا الحزب ومعه حزبنا الشيوعي العمالي اليساري العراقي سيستمران بالنضال من اجل تغيير واقع الجماهير اليومي وفي الدفاع عن حقوقهم ومساواتهم وحريتهم وسيرا على خط منصور حكمت الاشتراكي الثوري. ان ذلك هو تجسيدنا للبرنامج الشيوعي الذي كتبه ماركس وانجلز، وهو تجسيدنا لبرنامج منصور حكمت عالم افضل.
اما رفاقنا مغاوير الراديكالية، فانهم كما قوات الحرس الوطني والمغاوير العراقية هذه الايام، ينتظرون الفرج من الاعلى – هؤلاء من طائرات الاباتشي الامريكية وأؤلئك من البرجوازية “ المعتدلة ”!!.