حديث عصام شكـــري في الندوة التي نظمها موقع الحوار المتمدن الالكتروني يوم الجمعة 1 حزيران 2012 في غرفة الانصار الشيوعيين بالبالتوك بعنوان

اليسار العمالي: السلطة السياسية ومستلزمات العمـــل المشــــــترك

 

الجزء الثالث والاخير

 

العمل المشترك الاني

 

رفاق، بامكاننا ان نعمل سوية في اي اتجاه معين ضمن هذه المطالب. بامكاننا فورا ان نعمل على مسألة المرأة ومساواتها الكاملة، على مسألة حقوق العمال وقانون العمل، على تنسيق التظاهرات والمطالبات العمالية او الجماهيرية، على مسألة العلمانية وفصل الدين عن الدولة او الغاء حكم الاعدام. بامكاننا ان نعمل على هذه اللوائح بطبيعة الحال ونحن نرحب باي عمل مع اليسار او قواه حول هذه المسألة وسنكون في المقدمة. الا اني هنا اطرح وثيقة اكثر عمقا وسياسية في العمل اليساري لانها تفتح افاق العمل اليساري وتخرجه من دائرة المطالب الانية المحدودة والتغييرات الاصلاحية الجزئية؛ مسألة السلطة السياسية اي تقرير مصير المجتمع بأسره.

رفاق، ان تدخلات اليسار عبر مسالك السلطة البرجوازية، عبر برلمانهم الكارتوني الميليشياتي، غير ممكن. غير عملي وغير مجدي. لا يمكن ان نستمر في القول ان على الناس ان تتعلم التجربة الديمقراطية. ليس في الامكان حرق جيلين اخرين من اجل ان يتم استبدال الجعفري بالمالكي والمالكي باياد علاوي واياد علاوي بشخص اخر. فشل كل هؤلاء. ليس لديهم اي افاق. اليسار لديه افاق. الطبقة العاملة لديها الافاق.

الديمقراطية وال 99 % من المجتمع !

الناس اليوم في اوربا وامريكا صارت تسخر من الديمقراطية وتهزأ. انهم يهزأون بالديمقراطية ويطلبون بحكم الجماهير؛ حكم التسعة والتسعين بالمئة وباسقاط سلطة الواحد بالمئة. واضح جدا ان هذا الشعار موجه اساسا ضد البرلمان والبرلمانية. لا داعي للاستشهاد بلينين اليوم لكي نقوي النزعة البرلمانية لدى الشيوعيين. الجماهير اليوم تخرج لتفضح الديمقراطية. في كل مكان. انها شعارات الجماهير: (نحن التسعة والتسعين بالمئة). لو كان البرلمان يمثل التسعة والتسعين بالمئة لم يحتاج الناس الى الخروج وانشاء حركات احتلال المدن او حركات استرجاع المدن ؟ لم تظاهر جماهير العراق ومصر وتونس وسوريا واليمن وايران؟!. ولكن البرجوازية بالطبع تريد ادامة ايهام الناس بالطريق البرلماني وانه الحل الوحيد، لجر العمال الى الرضوخ الى هذه الممارسة التي تعفنت في كل انحاء العالم. انظروا ما يحاول البرلمان العراقي تمريره من قانون للعمل (المقترح) في العراق. انظروا كيف استمروا بالعمل بقانون صدام حسين الرجعي وقراره سئ الصيت 150 قرار تحويل العمال الى موظفين لحد الان. لحد الان يعاقبون قادة العمال ومئات الالاف من قادة العمال مازالوا بنظر الدولة موظفين لا يحق لهم الانخراط في التنظيم او الاحتجاج او الاضراب. القوانين اسلامية والبرلمان يفتتح بالقرآن وموقع المرأة في الحضيض. والشباب يقتل في الشوارع بوضح النهار.

 لذا فان التدخل لتغيير المجتمع يشترط المقاربة من موقع اخر. من الشارع لا من البرلمان. اليسار هنا له فرصة الفهم بمعنى ان يكون يسارا عماليا. معنى ان تكون في موقع العامل وليس في مواقعهم. لا تقبلوا جركم الى الاعيبهم وسخافاتهم وترهاتهم التي فشلت، لا في العراق فقط، بل في كل انحاء العالم. انهم في أزمة خانقة.

انا من هذا المنبر لا اطالب الانتماء الى الحزب وتقوية خطه. اليوم اطرح مستلزمات العمل المشترك من واقع معين. اطرح وثيقة لا تؤخذ المباركة من قوى اليمين او تمر عبر قنوات الاسلاميين والعشائريين والطائفيين، بل بالعكس، انها موجهة ضدهم. وثيقة يسارية سياسية مئة بالمئة. وثيقة بامكان اي انسان، اي انسان شريف على الاطلاق ان يتبناها، او ان يعتبرها ركيزة للنقاش، للتعديل، للتغيير. لاحظوا ان وثيقتنا ليست فيها كلمة شيوعية ولا حتى اشتراكية. بامكان اي انسان يوافق على الدولة العلمانية؛ الدولة التي يفصل فيها الدين عن القوانين والتشريعات والقضاء ان يقبل بها ويرفع يده بالموافقة عليها. ان المبادئ الواردة في هذه الوثيقة هي مبادئ يوافق عليها المجتمع. انا على يقين من ذلك. مبدأ مساواة المرأة بالرجل، برأيي ان الغالبية العظمى من الجماهير تحب مساواة المرأة بالرجل؛ النساء اصلا اكثر من نصف المجتمع، انهن معه، الكل مع حريات الشباب وتمتع الاطفال بطفولتهم، مع تحريم الاعدام وانتهاك حرمة جسد الانسان؛ هذه كلها مطاليب انسانية. انها مطالب اليسار وهي كلها مدونة في هذه الوثيقة.

العالم بحاجة الى اليسار؛ بحاجة الى عالم افضل

 انهي مداخلتي واعتذر عن الاطالة بالقول ان اليسار يعني قوى الانسانية. اليسار هو قوى الانسانية في المجتمع، وان المجتمع العراقي بحاجة الى اليسار، الان، فورا. بحاجة الى ما يمثله اليسار من حرية ومساواة ورفاه وتمدن وعلمانية وحداثة. علينا ان نفكر في السلطة السياسية. علينا ان نعمل على هذا اليوم. علينا ان نكون ماكسيماليين في انسانيتنا. متطرفين غير مهادنين في انسانيتنا. لا نقبل تبرير التمييز ولا الاعتذارية للقوى البربرية. لا يجب ان يكون في قاموسنا اي صفحة لقدسية الافكار او المعتقدات او الاشخاص بل القدسية فقط للانسان.

 

اشكركم مرة اخرى.