نداء عصام شكـــري
الى قوى اليسار والشيوعية والاشتراكية في الشرق الاوسط
الشرق الاوسط اليوم هو ساحة صراع كبرى بين قطبين عالميين ارهابيين ورجعيين. ان نتائج هذا الصراع تتضح وبدرجات متفاوتة في عموم المنطقة وهي نتائج بمجملها تنذر باوخم العواقب واهمها انهيار المجتمعات المدنية وسيادة الميليشيات الاسلامية الطائفية والدينية ونشوب الحروب والدمار. ان تغيير مسار الاحداث وانقاذ المنطقة من المصير الاسود الذي يخطط لها قطبا اليمين العالمي منوط بتدخل قوى اليســــار والاشتراكية وكل الشيوعيين والعلمانيين ومحبي الحرية، وكل الانسانيين، هنا في الشرق الاوسط وفي كل العالم.
ان الاجواء السائدة اليوم في منطقتنا اجواء رجعية وقاتمة. انها اجواء صراع قوتين لا مكان للجماهير في اجندتهما السياسية. فمن جهة فان قطب الولايات المتحدة ومعه دولة اسرائيل والغرب يبغي ادامة السياسة العسكريتارية للنظام العالمي الجديد، ارهاب دولة امريكا واسرائيل والناتو، ادامة ظروف انعدام الامان والخوف والترقب، بحجة الديمقراطية و"محاربة الارهاب" و"الشرق الاوسط الجديد". ومن جهة اخرى، فان قوى الاسلام السياسي ذو السجل الحافل بسفك دماء الشيوعيين ومحاربة العلمانية وتحرر المرأة بحجة "المقاومة" و"التحرير" ضد "الامبريالية والصهيونية" تقوم بارتكاب المجازر واعمال الارهاب والطائفية واستغلال معاناة الجماهير وتأجيج الهستيريا الدينية. ان صراع تلك القوتين صراع بربري. هذا الصراع يحيل واقع الملايين في الشرق الاوسط الى مأساة يومية، يزيد من تدهور الاوضاع الامنية، ويغذي قوى اليمين الدينية والقومية في كل المنطقة.
ان تصريحات جورج بوش وتوني بلير في 7 كانون الاول 2006 تشير الى ان قطب ارهاب دولة امريكا وحلفاءها عازم، حتى بعد التغييرات في تركيبة الهيئة الحاكمة في امريكا، على ادامة سياسة العسكريتاريا وارهاب الدولة. ذلك المنهج هو شرط لوجود البرجوازية الامريكية وليست خيار لها. بغير ذلك المنهج لن يتمكن قطب امريكا من البقاء في المنطقة وبالتالي سيخسر كل نفوذه على صعيد عالمي. وبالرغم من "النهج الجديد" لبوش و"فتحه لامكانيات التفاوض" مع قوى الارهاب الاسلامي واحد اهم اقطابه في المنطقة - الجمهورية الاسلامية الايرانية، فان تلك اكاذيب استهلاكية تهدف الى امتصاص وقع خسارة المحافظين الجدد. ومن جهة اخرى، فان قطب الاسلام السياسي الذي تغذيه سياسات بوش وبلير واسرائيل في ارهاب الدولة، يصعد من نهجه الديماغوجي - الديني الهستيري ويرتكز الى اظطهاد قطب امريكا واسرائيل للجماهير في فلسطين والعراق كرأسمال له من اجل اخراس نفس الجماهير بتهمة "الخيانة" و"الكفر" والتي تكون عقوبتها التصفية الجسدية لكل من يجروأ على النقد. ان القوتين المتصارعتين في الشرق الاوسط هما قوتان ارهابيتان و رجعيتان. يجب التصدي فوراً الى تلك القوتين وفضحهما وازاحتهما من الميدان السياسي كلياً. ان تلك المهمة تقع في الشرق الاوسط على عاتق قوى اليسار والاشتراكية والشيوعية. ليس ثمة قوة اخرى قادرة على القيام بتلك المهمة العاجلة.
على قوى اليسار التدخل لتوجيه النقد الصارم والجرئ لكلا القطبين الارهابيين. عليها الدعوة الى بديلها العلماني المستقل وطرحه بمتناول الجماهير. هل ان الوقت ليس سانحاً؟ هل ان الجماهير لن تستمع؟ هل الاوضاع جيدة الى حد احجامنا عن طرح بديلنا ؟. هل تخشى الجماهير العلمانية؟ هل ترفض المساواة والحرية والتمدن؟ هل تمقت الاشتراكية؟. اقول بلا تردد: تلك هي امنيات للجماهير واحلامها. لنقم بواجبنا اذن ونضعها في متناول الجماهير ولنر تقييمها لاهداف اليســـار.
وكشيوعيين فان علينا مهمات ملحة في نضالنا الشيوعي وفي كل موقع؛ في العراق يجب التصدي لقطبي الارهاب من خلال اخراج قوات امريكا وبريطانيا ونزع سلاح الميليشيات الاسلامية والقومية واجراء انتخابات والدعوة لحكومة علمانية، وفي فلسطين (قلب صراع قطبي الارهاب) علينا ازاحة عقبات حل القضية الفلسطينية؛ حركة حماس والاسلام السياسي في السلطة الفلسطينية من جهة، وقوى اليمين الديني الرجعي في دولة اسرائيل من جهة اخرى، تدخل قوى اليسار في حل الدولتين (لن يستطيع توني بلير ان يفعل شيئا بالدعوة لحكومة وحدة وطنية في فلسطين بينما يتم اهمال مساندة امريكا اللامشروطة لحكومة اولمرت المجرمة وكامل قوى اليمين الديني الرجعي في اسرائيل). وفي ايران علينا مهمة التصدي لدعوات امريكا للضربة العسكرية بحجة الملف النووي وفي نفس الوقت دعم نضال جماهير ايران لاسقاط النظام الاسلامي الاجرامي. وفي لبنان، يجب اقصاء جناحي الرجعية؛ جناح حزب الله واعوانه من حلفاء نظام الجمهورية الاسلامية وجناح مايسمى بالاغلبية (قوى 14 آذار) المدعومة من امريكا والغرب، وابعادهما وانهاء صراعهما واحلال بديل علماني. ليس لدى القوتين اي حل للمسائل الملحة لجماهير لبنان واهمها السلم وانهاء الطائفية والحفاظ على المجتمع المدني وابعاد الدين عن التلاعب بالمجتمع وتدميره والعلمانية.
علينا مهمة كبرى تتحدد في تشكيل معسكرنا المستقل والبدء بالمهمة فوراً. بتدخلنا الفاعل والفوري ضد قطبي الارهاب سيكون بامكاننا فتح افاق دخول الجماهير الواسعة الى حلبة الصراع السياسي. ملايين القوى المدنية بامكانها لعب دور في تغيير المسارات الرجعية. علينا طرح بدائل العلمانية والمساواة والحرية والاشتراكية. لن يقف ازاء قوة معسكر الجماهير المستقل والمعادي لقطبي الارهاب، ألف من امثال جورج بوش وبلير واحمدي نجاد وبن لادن ومعهم كل حلفاءهم بترساناتهم وابواق صحافتهم وفضائياتهم.
فقط بتدخلنا سيكون بامكاننا تغيير المسار. ادعوا فوراً الى انهاء تقوقع اليســـار في الشرق الاوسط؛ انهاء فلسفات "نضوج الوعي الطبقي" ومهاترات "التصدي للامبريالية" وخرافات "التحرير القومي". ادعوا للدفاع عن العلمانية والتمدن وحقوق المرأة والاشتراكية. ادعوا الى تشكيل قطب الجماهير المناهض لقطبي الارهاب. ادعوا الى تقوية اليسار لا كحركة "تحرير ارض" بل حركة تحرير الانسان من كل اشكال العبودية ومن قطبيها المعاصرين. العلمانية اليوم ليست رفاه او"ليبرالية" بل جبهة نضال اشتراكي اساسية؛ جبهة صراع طبقي للعمال ضد البرجوازية. انها دفاع عن انسانية الجماهير الغفيرة للملايين من العمال والنساء والشباب والاطفال ضد الدين وحماقاته ووحشيته، انها فضح لتحالفات المحافظين الجدد في الغرب مع قوى الدين وخداعهم للجماهير بالحديث عن الديمقراطية ومحاربتهم للعلمانية. بامكاننا ان نغير هذا العالم المقلوب. بامكاننا ان ننقذ البشرية من مخالب صراع بربري مدمر. علينا ان نتصدى لهذين القطبين ونعبئ الجماهير في قطبها المستقل. علينا رفع رايات الشيوعية والاشتراكية وصور كارل ماركس عالياً في كل مكان.
عصام شكـــري
8 كانون الاول 2006