كيف نتذكر جريمة حلبجة؟
عصام شكــري
تمر هذه الايام ذكرى المجزرة المروعة التي ارتكبتها الحركة القومية العربية الفاشية ممثلة بنظام صدام حسين ضد جماهير كردستان العراق والتي راح ضحيتها اكثر من 5000 انسان بين طفل وأمرأة وشيخ. ففي يوم 16-3-1988 القت قوات الجيش العراقي باوعية الغازات الكيمياوية السامة على سكان مدينة حلبجة والقرى والقصبات المجاورة مما تسبب في احداث واحدة من اكثر المجازر الجماعية ترويعاً في التاريخ المعاصر.
ان جروح حلبجة تنزف لحد هذه اللحظة في افئدة الملايين من جماهير كردستان والعراق. فماذا نتعلم من هذه الذكرى الاليمة وكيف نتذكرها؟. كيف بامكاننا النضال من اجل منع اعادة انتاج مثيلاتها في المستقبل؟. ماهي المعاني التي نستخلصها من هذه المأساة؟
ان اول المعاني هو ان تلك المجزرة ليست من فعل فرد دكتاتوركصدام حسين كما يحاول البعض ان يروج ويثبت في عقول الناس. ان ذلك الفعل الاجرامي هو فعل الحركة القومية العربية وجناحها المقاتل الاكثر فاشية اي جناح صدام حسين. علينا ان نؤكد ان المتهم الاساسي في هذه الجريمة هي (كل) الحركة القومية العربية وليس فقط رمزها او ممثلها العسكريتاري صدام والذي كان يزهو فخراً بدعم الغرب له ولنظامه الشوفيني.
ثاني تلك المعاني هو ان الحركة القومية الكردية لا تقل اجراماً وسفكاً لدماء جماهير كردستان مطلقاً من اجل تحقيق مطامحها. ان الحركة القومية الكردية والتي تستغل وتجير هذه الجريمة من اجل المساومة والصفقات، عليها ان تجيب على سؤال الكادحين والعمال والالاف من المواطنين الكرد عن سبب جرائمها (هي) بحقهم وبحق عوائلهم واطفالهم. عليها ان تجيب عمن سهل دخول القوات الاسلامية الايرانية وايصالها الى المدن العراقية الامنة ؟. اتنسى تلك الجماهير قتال التسعينات الاجرامي بين قطبي القوميين الكرد والجرائم التي ارتكبوها والقرى التي احرقوها من اجل تحقيق الهيمنة والغلبة؟. على جماهير كردستان ان تنتهز اليوم ذكرى حلبجة للمطالبة بتقديم كلا هاتين الحركتين القوميتين، العربية والكردية، معاً الى المحاكمة الجماهيرية جراء ما اقترفتاه من جرائم مشتركة بحق الجماهير العزلاء في كردستان.
اما ثالث المعاني من مأساة حلبجة فهو الدورالحقيرالذي لعبته حكومات الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة وتواطئها مع صدام والقوميين العرب في جريمته تلك ومحاولة التغطية عليها ومعها جريمة الانفال التي راح ضحيتها قرابة 182000 انسان مفقود لحد اليوم يعتقد بفنائهم. ان الولايات المتحدة الامريكية والتي يطبل لها الديمقراطيون التافهون والقوميون المقنعون والاسلاميون المتخلفون واليساريون الانتهازيون من جماعة " الظروف الموضوعية التي يمر بها شعبنا "، لا يريدون قول الحقيقة وهي ان صدام ونظامه ما كان له ان يفعل ذلك لولا المساندة الغربية والامريكية الواسعة المستترة له. لا احد منهم ينبس بحرف حول مختبرات نورث كاولاينا الامريكية وغيرها من المختبرات الغربية والتي كانت تزود صدام بالسلاح الكيميائي والجرثومي. لا احد من هؤلاء ينبس بحرف حول الجرائم الامريكية ضد الجماهير ومقتل الملايين ( 1.5 مليون بالحصار) وقرابة الــ 100 الف بسبب الاحتلال الامريكي ولحد قبل 3 اشهرحسب التقريرالطبي البريطاني. يجب نتذكر الدورالامريكي الغربي المتكتم على هذه الجريمة الجماعية والتي تضعه في مصاف المنفذين لها.
رابع المعاني هو تذكر دورالاسلام السياسي الارهابي ممثلا بحكومة الجمهورية الاسلامية الايرانية والتي كان لحربها ونزاعها مع النظام القومي الفاشي في العراق سببا مباشرا في احداث تلك الجريمة والتغطية على اثارها بل في خلق المآسي الكبيرة بحق الجماهير العمالية المليونية في العراق وايران معاً. ان الجمهورية الاسلامية في ايران والتيار الاسلامي برمته ملطخة اياديه تماما كما البعث باصراره على ادامة الحرب لسنين طويلة واشتراكه بقتل قرابة المليون من البشر في البلدين!! ان نظام الجمهورية الاسلامية مسؤول بشكل مباشرعن مجزرة حلبجة كما هو مسؤول عن جرائم اخرى كثيرة مع نظام البعث اثناء الحرب التي حصدت ارواح مئآت الالاف من شباب وعمال العراق وايران. ان الاسلاميين في العراق اليوم يقولون ان على الجماهير في العراق ان تعوض النظام الاسلامي في ايران نتيجة شن الحرب عليه من قبل القوميين العرب !!. انهم يودون ان يدفع عمال وكادحي العراق من جيوبهم لتعويض النظام الاسلامي الوحشي الذي قصفهم بالقنابل ودمر حياتهم لثمان سنوات بالاشتراك مع النظام البعثي !!. اية وقاحة واستهانة بالجماهير!.
ان الدرس الكبير لحلبجة هو ان القوى المجرمة من البرجوازية سواء القومية العربية والكردية اوالاسلامية الايرانية اوالعالمية ممثلة بالغرب والولايات المتحدة اشتركت جميعها بجريمة حلبجة. كل تلك القوى لها ضلع في قتل الابرياء. ولو اتيح للتأريخ ان يكون محايداً لاظهر من جرائم هؤلاء ضد جماهير العراق وكردستان وايران ما تعجز الالسن عن وصفه.
لنجعل من ذكرى حلبجة مناسبة لادانة كامل الطبقة البرجوازية التي لا تتورع عن ارتكاب اي جريمة في سبيل ادامة سيادتها. لينتبه عمال وكادحي العراق وكردستان تحديدا الى محاولات القوى القومية الكردية والعربية الاصطياد في المستنقع القومي الآسن مستعملين آمال وطموحات الجماهير ورغبتهم في العيش الآمن كورقة مساومة مع البرجوازيات الرجعية الاخرى.
لنجعل من ذكرى حلبجة مناسبة لنقول فيها ان القوى القومية الرجعية مازالت تشحذ سكاكينها العنصرية لحز رقاب الجماهير بحجة "الوطن" و"التراب المقدس" و"كردية أوعربية أوتركمانية" الارض وغيرها من النفايات السياسية التي تسمم عقول العمال والجماهيرعموماً وتحفرخنادق الحقد والكراهية بين صفوف الجماهير.
نجدد في هذه الذكرى دعوتنا الى استقلال كردستان عن العراق من خلال تحكيم جماهير كردستان باجراء الاستفتاء (ريفراندوم) ونزع فتيل هذا الصراع الرجعي بين القوميين العرب والكرد ومن اجل ابعاد تلك الجماهيرعن السيناريو الاسود وقواه الارهابية في العراق. ونجدد تنديدنا بالفيدرالية كشعار رجعي للقوميين الكرد وغيرههم كونه يهدف الى خلق المناخ المناسب للقوميين القابعين على ضفتي هذه البركة الاسنة لتحين فرصة الانقضاض وسفك المزيد من الدماء وارتكاب حلبجة ولربما (حلبجات) جديدة.
لنجعل من هذه الذكرى مناسبة لانزال جماهير كردستان الى الميدان والادلاء برأيها بوجود جهاز محايد منظم للاستفتاء بدلا من ترك القوميين يقامرون بحياتها ورفاهها واستغلالها بحجة الاظطهاد القومي. ان الدعوة الى الاستفتاء حول كردستان ومن ثم الاستقلال عن العراق كفيل بنزع فتيل القوى القومية الكردية واعلان افلاسها وتعريتها امام قوى العمال والاشتراكيين في كردستان وبذا تتقدم الحركة الاشتراكية العمالية خطوات واسعة صوب هدفها العظيم في تحقيق الدولة الاشتراكية في كردستان.