الانتخابــات ترسيخ للسيناريو الاســـود
عصام شكري
في خضم الاوضاع المدمرة التي خلقتها امريكا في العراق يجب الا تغيب عن بالنا الحقيقة التالية: ان السيناريو الاسود الذي تعيش فصوله المرة جماهير العراق لن تنهيه اية انتخابات حتى لو تمت بانقى الطرق!!. سبب ذلك يعود الى بديهيتين 1) ان الانتخابات تجري ضمن ظروف السيناريو الذي خلقته امريكا في العراق من خلال الحرب المدمرة اي تحت هيمنتها الكاملة وهيمنة اعوانها الرجعيين؛ و 2) ان الانتخابات لا يمكن ان تتجسد حقيقتها الا من خلال النظر اليها باعتبارها ادامة لذلك السيناريو لا انهاءاً او نفياً له من جهة ، ولا بمثابة آلية لادلاء الجماهير بآرائها. بكلمة اخرى على اساس كونها تمثل مصلحة امريكية لاعادة انتاج ظروف السيناريو الاسود بوجه شرعي في العراق من خلال استغلال الجماهير لتشكيل دولة من نفس عناصر السناريو الاسود تلك.
ان الجناح اليميني في حركة الشيوعية العمالية يتحدث عن كون تلك الانتخابات ممكنة ولكنها تحتاج لشروط لاكتمـالها. ان منطق هذا التيار انتهازي ويبغي ايهام الناس بأهمية تلك الانتخابات لكي يبرر محاولته ولوج هذا الباب. ليس هذا فحسب، بل يحاول عن وعي وادراك (هذه المرة) تجميل صورة السيناريو الاسود والتي تشكل الانتخابات فصلاً ضرورياً من فصوله.
هذا التيار يحاول اسداء النصح والخدمة الى القوى اليمينية الاصلية في المجتمع صاحبة المصلحة في الدعاية للانتخابات اي القوى الموالية لامريكا. من هنا انتهازيته: انه ليس طرفاً اصلياً في تلك المطالب. ولكنه يروج بالوكالة.
من جهتنا، لن نقبل أضفاء الشرعية على هذا السيناريو المظلم وقواه الرجعية. لن نقبل بجعل الظرف "الخاص" الخانق الذي يعيشه الملايين اليوم ظرفاً "دائماً" حتى لو تم الباس هذه الانتخابات مئة قناع للنزاهة. ان انتخابات تجري برعاية امريكية لن تكون كما يدعي ممثل ذلك الجناح ”“ميداناً لنضالنا وصراعنا،..على مصالح الجماهير وتدخلها في مصير المجتمع“ !! بل انها آستكون آلية لاعطاء المصداقية لقوى السيناريو الاسود من خلال البرلمان. هناك سيتم حتما تبادل صكوك الشرعية مع ممثليهم. وبهذا الصدد فان الحزب الشيوعي العراقي يبدو أكثر جرأة وجسارة !!
ان القبول باعادة انتاج السيناريو الاسود من خلال تلك الانتخابات يمثل في المعطيات السياسية الراهنة وضع العقبات بوجه طرح البديل الاصيل لخلاص الجماهير في العراق من الكابوس ألرأسمالي اي الجمهورية الاشتراكية والقضاء كلياً على النظام الرأسمالي الذي ينتج كل هذه القاذورات البرجوازية المتعفنة التي تنتهك حياة وانسانية ملايين البشر في العراق يومياً.
ان عرقلة تطبيع حياة الملايين من جماهير العراق من خلال ايهامهم بالانتخابات لاستمرار السيناريو الامريكي في العراق مناهض لتحقيق الخطوة الضرورية في سعي تلك الجماهير نحو المساواة والحرية والرفاه باوسع اشكالها .
ان منهجنا الشيوعي العمالي اليساري يتطلب منا اليوم القيام بفضح وتعرية مرامي البرجوازية العراقية والامريكية من تنظيم هذه الانتخابات وتعرية من يسدون النصح لهم.
علينا اليوم كأشتراكيين مهمة محاربة سحب المجتمع والطبقة العاملة في العراق الى موقع جديد للسيناريو المظلم. علينا ارجاع الظروف الطبيعية للمجتمع، ارجاع الامان، الطمأنينة، المدنية، فصل الدين عن الدولة، الرفاه، والحالة الطبيعية. لن تكون تلك مهام الانتخابات. ان نتيجة الانتخابات لن تكون في حدودها الدنيا، الا حكومة ائتلافية من القوى الرجعية، اي حكومة سيناريو اسود ”شرعية“. وفي حدودها القصوى حكومة اسلام سياسي سافرة. ان الاولى ستعزز من دور كامل القوى الكالحة السوداء ( (اسلام سياسي، قوميين من كل لون وصنف، وعشائرية متفسخة) في الاستحكام والتموضع في السلطة ونهب المجتمع بينما الثانية ستؤسس لدولة اسلامية تفتح السجون البعثية وتعلق المشانق وتطبق تعاليم الدين "السمحاء" على اكثر الجماهير تحرريةً.
نعتبر ان مهمتنا العاجلة اليوم هي تعبئة الجماهير المحرومة حول بديلنا للسلطة السياسية في العراق – اي الجمهورية الاشتراكية. ان ذلك المطلب هو تجسيد اعلاننا عن سعينا لطرح ذلك البديل للمجتمع اليوم وليس غداً. هذا البديل هو بديل الملايين من العمال والمحرومين والنساء والشباب في العراق. لا يمكن تجسيد ذلك الشعار الا من خلال النضال داخل الجماهير وتنظيمها حوله، لا من خلال الانتهازية والتملق للبرجوازية والتي تغلف بغلاف ” تدخل الجماهير في مصير المجتمع“.!!.
14/11/2004