الجمعية الوطنية
هل تصهر تناقضات قوى السيناريو الاسود؟
عصام شكــري
ان الجمعية الوطنية والتي ستتشكل بعد ان انتهت الانتخابات الامريكية ستكون بوتقة لتقطير سموم السيناريو الاسود في العراق. والسؤال هو هل بامكان تلك الجمعية ان تقضي على التناقضات الصارخة بين قوى ذلك السيناريو وتضع البرجوازية على اعتاب تكوين سلطة سياسية مستقرة وطبيعية لاحكام قبضتها على العمال؟
تواجه قوى السيناريو الاسود تلك العديد من المعضلات الحادة. ففوز قائمة الاسلام السياسي الشيعي بغالبية ضيئلة وحصول القوميين الكرد والعرب على المركز الثاني من حيث عدد الكراسي لا يؤشر بالمعنى السياسي العام على امكانية قوى البرجوازية من قوى الاسلام السياسي على تشكيل دولة اسلامية في العراق نظرا لان القوميين الكرد والعرب يعارضون هكذا حكومة. كما ان جبهة الاسلام السياسي نفسها منقسمة على نفسها. ذلك يعني بان السيناريو الاسود في العراق اي فقدان الامن والاستقرار وانهيار الاسس المدنية للمجتمع وفراغ الدولة سيستمر. ان وجود هذا التوازن الهش والهزيل لسلطة تلقى على عاتقها مهمة ارجاع الحالة الطبيعية الى المجتمع لن يسمح لاي من قوى السيناريو الاسود تشكيل حكومة منسجمة ومتماسكة تستطيع ممارسة القمع المنظم ضد جماهيرالعمال لتوطيد البرنامج الاقتصادي للبرجوازية العالمية والمحلية.
ومن جهة اخرى فان مصلحة قوى البرجوازية تلك تتطلب الوقوف بوجه العلمانية والحقوق المدنية وحق المواطنة المتساوية والا تكون الدولة المتوقع تشكيلها علمانية او مدنية لان ذلك سيعطي للعمال والكادحين مجالاً لمقاومة الاستغلال والتعسف. وفي ظل هذه الجمعية ستحاول قوى الاسلام السياسي اعتماد الاسلام والشريعة كمصدر وحيد او جزئي للدستور ومن جهة اخرى سيحفر القوميون العرب والاكراد والتركمان خنادق الحقد الطائفي بين الجماهير ويحاولون تعميقها لاستمرار وجودهم وفي الحالتين فان العلمانية والتمدن وحريات الناس ستكون ضحية هكذا دولة.
هذه الجمعية معادية للجماهير العراقية ومصالحها، لا لانها لا تظم كل الشراذم الطائفية بشكل متساو كما يقول الاسلاميين من المعسكر الاخر- البن لادني – البعثي بل لانها تؤطر حركة قوى السيناريو الاسود المقبلة والاسلام السياسي الاكثر قدرة على تمثيل مصالح امريكا في العراق.
ان الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي لا يرى في القوى التي ترشحت الى هذه المؤسسة البرجوازية سوى قوى سوداء غيرمتمدنة مهمتها الاساسية ادامة السيناريو الاسود في العراق اي ادامة انعدام الامان والطمأنينة للجماهير. كما انه لا يرى فيها الا قوى معادية لاي شكل من اشكال العلمانية والتمدن الاجتماعي. هذه القوى ستعجز بحكم تكوينها الاسلامي والقومي العنصري عن توفير الامن بل انها نفسها ستكون عاملا من عوامل تفجر الاوضاع واستمرار المأساة الانسانية في المجتمع.
قلنا البارحة ونقول اليوم بان الاسلام السياسي لا يجلب الخير للناس بل التمييز العنصري والجنسي والمذهبي والاقتتال وعبودية المرأة واستغلال العمال وتحقير الشبيبة. كما ان ليس امام القوميين من العرب والاكراد والتركمان من سبيل لبقائهم في الساحة الا حفر خنادق الحقد الاكثر عمقا بين الجماهيربمعاول القومية والتمييز الاثني البغيض. هذه هي ارصدتهم السياسية التي يستثمرون بها مشاريعهم على حساب امان ومساواة ورفاه الناس.
ان من الوهم الاعتقاد بان الستار قد اسدل وسيذهب الممثلون الى بيوتهم ويهنأون بنوم هادئ بعد هذه المسرحية. ومن السخف ان نتصور الا طائل من تدخل الجماهير واطباق اليأس لتغيير مجري السيناريو الامريكي هذا في العراق وانقاذ الجماهير. دون نضالنا ستستمر ألمأساة وتزداد عمقا وشراسة كل ساعة. الامل بخلاص الجماهير في العراق من المأساة قائم وحي ولكن يجب ان نشرع بتنفيذ مهماتنا اليوم وفورا. هذا الامل لن يتحقق ما دامت القوى المحتلة الامريكية والبريطانية جاثمة على صدر الجماهير وما زالت القوى القومية والاسلامية الرجعية تسيطر بقوة السلاح على مقدرات المجتمع. يجب انهاء دور تلك القوى وتحرير المجتمع منها.