بعد 4 سنوات من البربرية - النتائج السياسية للاحتلال الامريكي للعراق
وقف النتائج الكارثية للحرب رهن بصعود يســـار راديكالي مناهض لقطبي الارهاب العالمي
عصام شكــري
الحرب تقيم بنتائجها، النتائج السياسية والانسانية؛ اثارها على المجتمع وقواه الاجتماعية والسياسية، اثارها على تقدم او تراجع حياة ورفاه وحرية وسعادة الناس.
لا يمكن تقييم الحرب الامريكية المستمرة منذ اربع سنوات، والتي طبل لها طويلا، وفق دعايات اليمين الامريكي وحلفاءه في العراق. فكما توضح جليا ان كل ما قيل عن مبررات شن الحرب قد سقطت الواحدة تبع الاخرى خلال السنين الاربعة الماضية؛ تحقيق الديمقراطية والتعددية، حماية حقوق الانسان، صلة نظام صدام بتنظيم القاعدة، وانتاج اسلحة الدمار الشامل تكشفت كلها كاكاذيب مدبجة ليست في العراق بل في داخل امريكا ومن قبل جماهيرها بالتحديد. توضح اليوم للعالم بان تلك الاكاذيب هدفت الى تبرير عسكريتارية اجرامية ووحشية لدولة امريكا دشنت فيها منذ حرب الخليج الاولى عام 1991 النظام العالمي الجديد بعد انهيار السوفييت والمعسكر الشرقي. لقد هدفت تلك الاكاذيب تحديدا الى التغطية على جرائم امريكا وحليفتها بريطانيا (واعوانهما) في العراق والتسويق لما يسمى بالحرب على الارهاب وهي في واقع الامر حرب بين الارهابيين يذهب ضحيته الجماهير البريئة والعزلاء. ان كذب امريكا في المحصلة النهائية يبغي تبرير الاجندة السياسية لقوى السيناريو الاسود، اي القوى المستفيدة من الحرب والمنتفعة منها، على حساب حياة ورفاه وسعادة وامان الملايين من الجماهير المحرومة. ان تقييم الحرب وفق اكاذيب الدعاية الامريكية مستحيل. يجب وعلى العكس من ذلك تقييم الحرب من نتائج الحرب واثارها على المجتمع ، الناس، الاوضاع والقوى السياسية والمناخ السياسي الناتج عنها.
نتائج الحرب
الحرب الامريكية على العراق رجعية واجرامية. رجعية من الناحية السياسية واجرامية من الناحية الانسانية. فبعد مرور 4 سنوات على شنها تبين الوقائع بانها كانت معادية وعلى خط مستقيم لمصلحة جماهير العراق والمنطقة بل وجماهير العالم . لم يكن لها اية علاقة بمصلحة الجماهير ورفاهها وامنها ومدنيتها وتقدمها الاجتماعي. انها كانت تصب في مصلحة القوى المعادية للجماهير وهي على هذا الاساس حربا رجعية. ومن جهة اخرى فانها حربا اجرامية وارهابية لانها اخضعت الجماهير في العراق الى القتل الجماعي والتدمير من اجل تنفيذ الخطط السياسية لامريكا؛ لم يكن مهما على الاطلاق وضع نهاية لحياة مئأت الالاف من البشر (مئآت الالاف حرفياً وحسب احصاءات امريكية). ولكن تقييمنا لنتائج الحرب هنا لا يتوقف عند رجعيتها و كارثيتها واجرامها وهو ما باتت الجماهير في العراق وكل انحاء العالم تعرفه وتلمسه كل يوم من حياتها بل ان تقييمنا يهدف الى تتبع مسار وقفها ودحر اثارها وعكسها؛ من خلال ايجاد بديل انساني عالمي متمدن قادر على دحر اقطابها الارهابيين، تيار انساني قادر على وضع حد للصراع وانهاءه وانقاذ جماهير العراق.
وفيما يلي ملاحظات تقييمية لاثار الحرب على صعيد العراق والمنطقة والعالم بعد مرور اربع سنوات على بدأها:
اولا: تصدع معسكر امريكا. سياسات اليمين الامريكي - النظام العالمي الجديد والتي ترتكز على مبدأ الهيمنة والعجرفة العسكريتارية والمواجهة الحربية مع الاسلام السياسي - الحرب على الارهاب - قد اصابها الفشل. فشلهم في العراق سببه عجزهم عن استتباب الاوضاع لصالحهم؛ عدم قدرتهم على تشكيل دولة من الشراذم الاسلامية التي جلبوها للسلطة. واليوم فان جورج بوش معزول عن مجلسي الشيوخ والكونغرس. وتحتدم حالة من الصراع بين جناحي البرجوازية – الجمهوريون والديمقراطيون. ففي الوقت الذي يسيطر الديمقراطيون فيه على الكونغرس ويتحدى الرئاسة من خلال معارضة قرارات الرئيس والتهديد بسحب القوات ويتجاوز الامر الى تغيير السياسة الخارجية للولايات المتحدة ازاء دول مثل ايران وسوريا (بيلوسي في سوريا لاجراء محادثات مع الدولة"الراعية للارهاب")، يهدد جورج بوش من جهته الكونغرس باستعمال الفيتو اذا ما استمر بمحاولة التلاعب بالمخصصات المالية للحرب في العراق وتهديده بسحب للقوات في اذار القادم. بعد اربع سنوات تصدع معسكر امريكا ووضعت سياسة النظام العالمي الجديد لامريكا تحت طائلة السؤال الجدي.
ثانيا: تزايد نفوذ الدين والرجعية والاسلام السياسي في العراق والمنطقة، ففي العراق ساحة الصراع وبؤرة المواجهة بين قطب امريكا والاسلام السياسي يزداد نفوذ الاسلام السياسي ممثلا بالجمهورية الاسلامية وميليشياتها الاسلامية الارهابية وتتصاعد المواجهة داخل العراق بين هذه القطبين بل وتمتد الى خارج حدود العراق ايضا. فالنظام الاسلامي الحاكم في ايران يصر على تصعيد المواجهة مع امريكا من خلال "الملف النووي" ، ويهدد ملالي النظام الاسلامي الارهابي في خطب الجمعة باستكمال دورة تخصيب اليورانيوم وتأجيج مشاعر الكراهية ضد امريكا مهددين بفناء امريكا واسرائيل "في القريب العاجل". قطب امريكا من جهته يحاول التلويح بضرب ايران عسكريا مدعيا ان على ايران ان توقف تجاربها في تخصيب اليورانيوم وبانها تتجاوز الخطوط الحمراء. وبنفس القدر يعرف الجميع تصاعد نفوذ القوى الحليفة للنظام الاسلامي في المنطقة أي نظام سوريا وحلفاءه في حزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين والجماعات الاسلامية في العراق. وبنفس الوقت يتصاعد القتال في افغانستان مع حركة الطالبان التي جددت نفسها اثر استمرار الحرب في العراق وهي اليوم تعيد احتلال مناطق من افغانستان وتدخل في صراعات عسكرية تهدد معها قوات حلف الناتو. اما في باكستان فان الحركة الاسلامية الرجعية تزداد ضراوة ويعلن ملاليها الرجعيون على الملأ تحديهم لسلطة برويز مشرف واقامة محميات اسلامية داخل الدولة تعامل فيها النساء بكل وحشية. ان تزايد النفوذ الاسلامي الرجعي في المنطقة لهذه الحدود الفظيعة سببه الاساس الحرب الامريكية على العراق وتكشف اكاذيب الادارة الامريكية حول جعل المنطقة اكثر امنا وحرية وتقليل الارهاب.
ثالثا: زيادة حدة الاستقطاب الرجعي في عموم الشرق الاوسط والمنطقة. ومع زيادة الاستقطاب تجد القوى الرجعية مجالا خصبا لها لتوسيع رقعة سلطتها ونفوذها على حساب الجماهير وقوى اليسار والعلمانية والتمدن. ان القمة العربية التي عقدت مؤخرا في السعودية هي مثال على تلك الاستقطابية الرجعية بين معسكري امريكا والاسلام السياسي. فالدول العربية قد قدمت دعمها من خلال قرارات تلك القمة الى محور امريكا وحلفاءه الرجعيين في العراق ولبنان وفلسطين والسودان واليمن والجزائر ومصر والسعودية والاردن وغيرها من الدول. ان تقوية مواقع هذه الحكومات والسلطات الاسلامية والقومية والعشائرية الرجعية موجه اساسا لتدعيم سلطة البرجوازية الرجعية وتسلطها على الجماهير ويقوي من تطاول تلك الدول على المجتمعات المدنية والعلمانيين واليساريين والاشتراكيين والعمال. ان القمة العربية ارادت تحقيق غاية اساسية وهو الحفاظ على موقعية امريكا في المنطقة ازاء "الاسلام السياسي المقاتل" والذي تمثله ايران والحركات والمجاميع الاسلامية المقاتلة في العراق ولبنان وفلسطين وتقوية موقع الانظمة الموالية لامريكا. ان الاخلال بهذه المهمة من قبل حلفاء امريكا سيعرض مكانتهم في المنطقة الى التضعضع ازاء قوى الاسلام السياسي المعارضة لامريكا وعلى رأسها النظام الاسلامي الايراني وسوريا وتنظيمات القاعدة وغيرها. تلك الصراعات والاستقطابات الرجعية المعادية لمصالح الجماهير وحركتها من اجل حريتها ومساواتها ازاء قوى الرأسمال والرجعية لم تتشكل الا كنتيجة مباشرة لحرب امريكا على العراق وتداعياتها.
ثالثا: فلسطين: الصراع بين قطبي فتح وحماس على تقاسم غنيمة السلطة. ان صعود الاسلام السياسي في فلسطين الى السلطة واستحواذه عليها ممثلا بحركة حماس لم يكن نتاج لتطور ”الديمقراطية“ في المنطقة او من نعم امريكا في فلسطين فتلك ترهات اعلام الدول العربية والغربية. صعود حماس كان احد النتائج المباشرة لحرب امريكا على العراق وصعود مجمل حركة الاسلام السياسي وافول حركة القومية العربية وتحول العراق الى ساحة صراع بين قطبي امريكا والاسلام السياسي. ان ذلك شبيه ومماثل تماما لتقوية عضد حزب الله اثر شن اسرائيل الحرب على لبنان في تموز الماضي. ان تصاعد حدة العداء بين فتح وحماس اثر وصول الاخيرة للسلطة واقرارها بعدم الاعتراف باسرائيل وايقاف أي مفاوضات وعدم الاعتراف باي تحركات لمنظمة التحرير ونتائج اوسلو وكمب ديفيد وغيرها قد ادى الى تفاقم الاوضاع وتدهورها في فلسطين بين الحركتين. وان خف هذا الصراع اليوم بعد دخول فتح الى حكومة حماس و تشكيل ما يسمى حكومة "الوحدة الوطنية" وبمباركة السعودية الا ان تجدده ليس ببعيد. فالصراع بين هاتين القوتين هو تجسيد لصراع بين القطبين الرئيسيين العالميين أي امريكا واسرائيل وحلفاءهما من جهة والاسلام السياسي من جهة اخرى وبالتالي فان اتفاقهما يخضع لاعتبارات هذا الصراع، فتوره، او تصاعده في مراحل قادمة. ان تشكيل السلطة المشتركة وبرعاية السعودية لم يكن من اجل انهاء معاناة الجماهير الفلسطينية وتحسين حياتها ورفاهها وامنها او السعي لايجاد حل لقضيتها على اساس الدولتين متساويتي الحقوق مع دولة اسرائيل ولم يكن من اجل منع "اراقة الدم الفلسطيني" كما يدعي كذبا الساسة البرجوازيون العرب (لم يرمش لاحدهم جفن على مجازر اسرائيل ضد جماهير لبنان ولا على جماهير العراق الذي ضلت تقتل لمدة 13 سنة بالحصار الاقتصادي ومن ثم بحرب مدمرة شاركت السعودية ودول الخليج في توفير القواعد الجوية والمطارات للطائرات الامريكية والبريطانية من اراضيها). ان الهدف من تشكيل حكومة فلسطينية توافقية بين حلفاء امريكا واسرائيل من جهة وحلفاء ايران وسوريا من جهة اخرى هو لمنع تفجر الاوضاع واحتمالات ظهور قطب اخر يدفع بهاتين القوتين الى الخلف، قطب يساري ، علماني، او اشتراكي معاد لكل من امريكا والاسلام السياسي وبالتالي يسحب البساط من تحت امريكا والاسلاميين؛ بديل قد يخرج نتيجة ازمة وبالتالي يعمل على تعبئة الجماهير الفلسطينية من اجل حل القضية الفلسطينية تحديدا بازاحة القوتين المتصارعتين على السلطة عن صدر الجماهير وبالتالي خلق ديناميكية جديدة في المنطقة قد تتيح ليسار اخر في اسرائيل والمنطقة بالظهور والبروز وضرب خطط حكومة اسرائيل الفاشية والرجعية. مازال على ذلك البديل ان يظهر رغم كل تلك المحاولات الرجعية.
رابعا: عجز البرجوازية عن حل الاوضاع - تحول العراق الى نموذج مرعب للنظام العالمي الجديد. حولت حرب امريكا العراق الى نموذج لنظامها العالمي الجديد. ان العراق اليوم هو نسخة جاهزة للتصدير الى أي مكان تراه امريكا مؤهلا. الوضع في العراق يزداد تدهوراً ووحشية. تغوص الاوضاع عمقا في السيناريو الاسود والمزيد من القتل والارهاب الجماعي والتدمير. يشهد العراق بعد اربعة سنوات تدهوراً امنيا عجزت معه كل خطط الميليشيات الاسلامية الموالية لامريكا في وقفه. تزداد اوضاع الجماهير بؤسا؛ الجوع والفقر وانعدام الافاق والتراجع المادي في حياة الناس: الطاقة الكهربائية شحيحة والماء النظيف والخدمات العامة متراجعة، غاز الطبخ فاحش الغلاء واسعار المحروقات ووقود التدفئة والطبخ كذلك، البطالة مستشرية بين الملايين من العمال وحقوق الملايين من الجماهير ضاعت بعد سنين طويلة من النضال، حقوق النساء تتعرض للانتهاك على ايدي الميليشيات الاسلامية والقومية و يزداد الاحتقان الطائفي والمذهبي وينحدر المجتمع نحو المزيد من التفتت ناهيك عن تراجع المدنية ومستويات التعليم وسيطرة الجوامع والمشايخ ورجال الدين على الحياة العامة وتسيدهم شاشات التلفزيون والفضائيات وهم يتلون فتاواهم وافكارهم المتخلفة على الناس. لم تستطيع امريكا ولا أي من اعوانها واخرهم المالكي التحكم بزمام الامور رغم كل مظاهر العسكريتاريا الهوليوودية وتوظيف اعداد ضخمة من القوات. ومن جانب اخر يشهد العراق هجرة كبيرة الى الدول المجاورة هرباً من القتل والارهاب تسبب دمار حياة وضياع حقوق مئأت الالاف من المواطنين وغلق الافاق بوجوههم. جماهيرالعراق تحكم من قبل الميليشيات الاسلامية المدعومة من ايران والسعودية والباكستان والبلد مقسم بين مقتدى الصدر وحارث الضاري وابوحفصة المصري وعبد العزيز الحكيم والسستاني وقوات بدر والمهدي والجيش الاسلامي تسرح وتمرح وتقتل من تشاء بينما يقصف الجيش الامريكي المدن ويقتحم البيوت الامنة ويضرب المدنيين ويعتقلهم ويسرق اموالهم وماشيتهم دون رادع و تحول البلد باجمله الى مشاع لهذه القوى الهمجية. ان الحقيقة الصارخة للحرب المجرمة هي ان الارهاب ازداد والامان انعدم والامال تتحطم ولم يبق امامها الا الهرب. لقد وصل الارهاب الاسلامي الى درجة استعمال صهاريج غاز الكلور من اجل قتل اكبر من يمكن من المدنيين. هذه هي نتيجة الحرب على العراق بعد اربع سنوات. البرجوازية التي اجرمت ازاء الملايين من العمال والكادحين والمحرومين والنساء والاطفال والشيوخ تقف عاجزة عن تقديم أي حل لاي معضلة تواجه جماهير العراق. انها عاجزة حتى عن السيطرة على قواها التي انطلقت كالوحوش الكاسرة.
ورغم كل النتائج الرجعية للحرب الامريكية على العراق وخاصة على صعيد العراق والمنطقة الا ان الحل يبرز اليوم بايدي الجماهير نفسها لا البرجوازية؛ لا امريكا ولا الاسلام السياسي بقادر على حل الاوضاع وبالتالي فان استنهاض الجماهير المتمدنة في العالم من اجل وقف هذه الحرب وعزل القطبين المتحاربين ودفعهما الى الخلف اصبح هو المسار الذي يجب على قوى الاشتراكية ومناهضة الرأسمالية اتباعه. صار لجماهير العالم التي تخرج محتجة ضد الحرب والحصار والتجويع والنظام العالمي الجديد لامريكا وضد اظطهاد المرأة والعنف والمؤيدة لحقوق العمال و المرأة والمدافعة عن البيئة والمناهضة للرأسمالية بوجه عام قدرة اكبر على التعبئة ومناهضة سياسات امريكا وحلفاءها من جهة و ايضا قوى الاسلام السياسي الرجعية والارهابية من جهة اخرى نتيجة لانحسار قدرة الاخير وعزلته وتصاعد نفوذ اليسار والعلمانية والتمدن وفضحها تلك الحركة بلا هوادة. بلغت تلك الاعتراضات اليوم حدودا جديدة وخاصة بين جماهير اوربا وامريكا وكندا واستراليا واسيا وامريكا الجنوبية. اليوم وبفضل جهود اليســار الراديكالي والعلمانيين والتحرريين في اوربا وكندا وامريكا وخاصة نشطاء وفعالي الشيوعية العمالية اصبح الاسلام السياسي وقواه المعادية للانسانية تحت طائلة النقد والتشكيك والرفض والاستنكار من قبل القوى المتمدنة لجماهير الغرب والعالم اجمع، تلك الجماهير التي كانت الى وقت قريب تقف غير مبالية ازاء معاناة جماهير الدول الخاضعة للاسلاميين بحجة مقاومة الاخيرة لامبريالية دول الغرب وامريكا.
وتحاول البرجوازية الامريكية والغربية وحكوماتهم بالتعاون مع حلفاءهم من الاسلاميين ومن خلال اجواء الكذب والتظليل الاعلامي والادعاءات الفارغة حول الديمقراطية وحقوق الانسان ان تفشل تحركات الجماهير المتمدنة المناهضة للحرب والصراع الارهابي من خلال الادعاء بان الحركة المعارضة للحرب قد فشلت في وقف الحرب ضد العراق وافغانستان وبالتالي فلا طائل من المحاولة مجدداً. ان فشل الحركة المعادية للحرب في منع حرب العراق لا يعني ان تلك الحركة اصابها العجز بل يعني ان على قوى الاشتراكية واليســار ومناهضة الرأسمالية وكل قوى البشرية المتمدنة والانسانية ان تنهض من جديد وتحاول مرة اخرى. علينا اليوم كيســار راديكالي وقوى اشتراكية ان نحاول دفع الحركة المعادية للحرب الى تبني طريق مواجهة يستطيع ان يزيح كلا قطبي الارهاب معاً من اجل ابعادهما عن التحكم بمصائر الملايين من البشر و انهاء الارهاب المسلط عليهما بشكليه ارهاب الدولة الرسمي لامريكا وارهاب عصابات الاسلام السياسي ودوله. ان على تلك الحركة التخلي قبل كل شئ عن منهج الخضوع والانقياد للاسلام السياسي وقواه الرجعية في الغرب بحجة ان سبب الحرب تقع على عاتق "الامبريالية والصهيونية". ان ذلك الفهم المعادي للامبريالية رجعي وهو ناتج عن سيطرة قوى اليسار التقليدي المتحالف مع الاسلام السياسي على تلك الحركات وضعف حركة اليسار الماركسي والراديكالي والشيوعية العمالية في اوساط تلك الحركة. ان المطلوب هو قيادة اليسار الراديكالي المناهض لقطبي الارهاب لتلك الحركة الانسانية وتوجيه النقد الجدي لليسار التقليدي وتحالفه مع الرجعية الاسلامية وفضحه. ان اليسار التقليدي يعتبر ان الاسلام السياسي حركة مقاومة شرعية للامبريالية الغربية فقط لاكتساب شعبية فهو يعاني من التهميش والافلاس السياسي والاجتماعي. انه لا يستطيع ادراك ان سبب عزلته وتهميشه هو بالظبط بسبب رجعية تحالفاته مع تلك القوى الاسلامية المتخلفة والمعادية لمساواة المرأة وحرية البشر. حين يستطيع اليسار الراديكالي الحقيقي تعبئة الجماهير والنشاط داخلها لمناهضة الحرب على العراق والعمل على تفعيل مشروعنا الستراتيجي المتمثل في اخراج القوات الامريكية ونزع سلاح الاسلاميين والقوميين في العراق فان بامكان الحركة المناهضة للحرب والحركة الجماهيرية العالمية ان تخطو خطوة جدية باتجاه انهاء الحرب وكسر شوكة قطبي الصراع الارهابيين.
لقد قدم ممثلو البرجوازية اليسارية الشعبوية من امثال هوجو شافيز ولولا داسيلفا وغيرهم من قادة امريكا الجنوبية ومعهم حلفاءهم من مفكري الغرب المعادين لامبريالية دولهم من امثال نعوم تشومسكي وروبرت فسك وجورج كالاوي ونعومي كلاين وغيرهم خدمات جليلة لحركة الاسلام السياسي في احتضانهم لاقطابه والدفاع عنهم باعتبارهم " رموز تحررية للشعوب" و"معارضة شريفة" لمشاريع الغرب في المنطقة دون اي اكتراث بمشاريع نفس اؤلئك الرجعيين داخل دولهم وقمعهم وقتلهم للمواطنين في تلك الدول وخاصة حين يتعلق الامر بوصولهم للسلطة وممارساتهم ضد الشيوعيين والنساء والتحرريين والعلمانيين. لقد مجدوا واحتضنوا وبشكل مخز جلاد الشيوعيين في ايران احمدي نجاد باعتباره بطلاً ومازالوا يستمرون في الدفاع عن رموز الاسلام السياسي من امثال حسن نصر الله ومقتدى الصدر والزرقاوي وغيرهم لحد اللحظة. ان ذلك النفاق الفظيع لليسار التقليدي قد ادى الى حرف مسار الحركة المناهضة للحرب وهو اليوم يصب الماء في طاحونة الاسلام السياسي. على اليسار الراديكالي والجرئ وقيادته في الشيوعية العمالية ان تسحب البساط من تحت هذا اليسار المتخاذل وفضح محاولاته البحث عن شعبية على حساب حياة ورفاه وحرية ومساواة الملايين من البشر في الدول الخاضعة للاسلام. ان نشاطنا ضد هذا اليسار ضروري من اجل تخطي هذه العقبة وتعبئة الجماهير وتفعيل دورها ضد كلا قطبي الارهاب العالميين.
في الذكرى الرابعة للحرب على العراق، تقع على عاتق اليسار المنتم الى صف العامل والى الاشتراكية مهمة تنظيم الحركة الاعتراضية و الا يضع نفسه خارج صفوف حركة الجماهير المدافعة عن التمدن والانسانية.
تلك الجماهير قادرة على احداث تغيير في الاوضاع اذا ما حرصنا على تعبئتها والنشاط بين صفوفها. علينا ان نرفع رايات الماركسية والاشتراكية بينها ونستمر بالدفاع عن قيم المساواة والحرية. تقع علينا مهمة نقد اليسار الهامشي والشعبوي المتحالف مع الرجعية والدين والاسلام السياسي بحجة مقاومة الامبريالية. نقدنا لليسار الهامشي سيقوي من الحركة المناهضة للحرب لانه سيقربها من موقف الجماهير الراديكالية المعارض لقطبي الارهاب: امريكا ودولتها وحلفاءها من جهة وقطب الاسلام السياسي. اصبح الاسلام السياسي اليوم وعلى صعيد عالمي حركة ممقوتة ومدانة من قبل الملايين من الجماهير المتمدنة ولن تتمكن من ادامة نفسها ليوم واحد دون ان تمارس الارهاب اما بالقتل او التفجيرات او اصدار الفتاوي.
لحزبنا الشيوعي العمالي اليساري العراقي استراتيجية لانهاء الاوضاع في العراق لصالح الجماهير وانقاذ البلاد من اتون الحرب الارهابية لامريكا والاسلام السياسي تتمثل في مطلب اخراج القوات الامريكية من العراق ونزع سلاح الميليشيات الاسلامية والقومية والدفع والتعبئة باتجاه ادخال قوات اممية لتطبيع الاوضاع واجراء انتتخابات جديدة تشترك فيها جميع القوى السياسية دون ارهاب او قمع تحت حماية امريكا. ان مشروعنا هذا بامكانه ان يكون قابلا للنجاح وعلينا رفعه امام انظار العالم. علينا ان نبدأ وان نبذل جهدنا بهذا الاتجاه. ان هذه الاستراتيجية توفر لنا وعلى الصعيد السياسي امكانية ادخال الجماهير الى الميدان من اجل تغيير الاوضاع لصالح جماهير العراق والمنطقة ودحر قطبي الارهاب.
ان وقف اثار الحرب الكارثية على جماهير العراق وانهاء السيناريو الاسود رهن بصعود يســار راديكالي عمالي معارض لكلا قطبي الارهاب. تقع علينا هذه المهمة وان نجاح حركتنا في هذا المسعى رهن باندفاعنا ونشاطنا.
***********