القوميون العرب واللهاث وراء الاسلاميين
تعقيب على اكاديمي
فلسطيني *
*كتب
هذا التعقيب لاحد المواقع الالكترونية العربية (عرب 48) ردا على
مقالة للاكاديمي الفلسطيني د. عزمي بشارة بعنوان العرب تركيا
واسرائيل. ليس هدف التعقيب تقديم اي رد تحليلي او مفصل
على المقالة. وربما تسنح الفرصة لذلك في المستقبل.
عصام شكــــري
د. عزمي بشارة يطرح قضية حصار غزة وموقف تركيا منه من منظور قومي
عربي معاصر. اقصد بالمعاصر المنظور القومي الانتي - امبريالي
المخضب بدم الهزيمة، المشلول وعديم القدرة والارادة على تغيير شئ
دون التسبيح بحمد الاسلاميين (درجا على عجز صدام حسين حين خط عبارة
الله اكبر على العلم). انه في مقالته اعلاه يتهم ان كلمة الدول
السنية هو مفهوم فكري وليس واقعي ولكن بنظره فان المفهوم القومي
العربي والتركي هو الواقعي. انه يريد ان يلغي
الطائفية الدينية بين دول المنطقة ليصعد من الفروق القومية
بينها معتبرا الاخيرة واقعية . انه دائم الحديث عن "العرب"
و"تركيا" ومصالح العرب ومصالح تركيا، ولا يستطيع الخروج من هذه
الثنائية القومية مطلقا. بل انه لا يستطيع ان يخرج من قوقعة الفكر
الانتي - امبريالي البرجوازي على شاكلة الراحل ادوارد سعيد. نمط
الفكر اللا طبقي لدى الدكتور بشارة يجعل من حلوله وافكاره تدور حول
نفسها وتجعل من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي محض صراع قومي عربي -
صهيوني لا بشر فيه سوى القوميين والصهاينة، وبالتالي تخضعه لنفوذ
القوى القومية وارادتها في انهاء الصراع او ابقاءه محتدما حسب
مصالحها. وبما ان القوى القومية اليوم هي مطية للتيارات الاسلامية
فان معنى ذلك انه يرهن مصير الجماهير الفلسطينية وقضية تحررها بيد
تلك القوى الرجعية.
وتتجلى القومية العربية المنهزمة كفكر وايديولوجيا اكثر ما يكون
لدى الكاتب في الدفاع عن كل من الحزب الاسلامي الحاكم في تركيا ضد
ما يسميه "العلمانية المغالية" ونظام الجمهورية الاسلامية الوحشي
لانهما نصيري العرب و"القضية" . ياللاسف. الجمهورية الاسلامية
الدموية التي اعدمت الاف الشيوعيين والاشتراكيين والعمال والنساء
برافعات البناء اصبحت بنظر الاكاديميين الفلسطينيين نصيرة القضية.
مرحى للقضية ومرحى لفكر المثقفين القوميين الجدد.
ويبدو لي ان اليسار الفلسطيني ( ومن ظمنه اليسار الجامعي ) غاطس
حتى عنقه في الميول القومية العروبية وصار مجرد بوق لحركة اكثر
اصالة في المجتمع وهي الاسلام السياسي والتي تسلقت على جثث
الجماهير الفلسطينية للدفاع عن "ألقضية". ولكن اي قضية ؟!. اما ان
ينتقد تلك الحركة الرجعية وينتقد ويكشف وحشيتها ضد النساء والعمال
الفلسطينين فلا يجوز، فذلك مس ب "القضية".
اما ان الاوان
للجماهير الفلسطينية ان تتخلص من هذه الافكار الانتهازية المتمسحة
بالاسلاميين الرجعيين وتعلن ان حل المسألة الفلسطينية ومعاناتها
الاليمة لا يمر عبر قوى الاسلام السياسي ولا اليمين الفاشي
الاسرائيلي (الغاء قوى الدين على الجبهتين) وبناء جبهة انسانية
علمانية ويسارية ومساواتية قوية في كل من فلسطين واسرائيل وابعاد
هذه القيادات الفكرية والسياسية سواء برو- امريكية او برو- اسلامية
ومعها حاشية المثقفين الاكاديميين وابراز بدائل الطبقة العاملة
الانسانية التي لا تسمي البشر عربا وتركا ويهودا وبيضا وسودا بل
كما هم بشر يصارعون في كل مكان من اجل حرياتهم ومساواتهم.