رسالة
الى مصر
8
الى
جماهير مصر الثائرة،
ان مجئ الاسلام السياسي
للسلطة بدعم المجلس العسكري والحكومة الالعوبة للجنزوي والتواطئ الواضح مع حزبي
العدالة والحرية والنور السلفي هو حلهم لانهاء الثورة. لذا يتم التأكيد من جانب
ابواق الاعلام بان نجاح قوى الاسلام السياسي هو "تجسيد" للثورة. هذا كذب. فقوى
الاسلام السياسي هي جزء اساسي لقوى الثورة- المضادة وليس الثورة نفسها. فهم بداية
لم يكونوا جزء اساسي من الثورة بل كانوا متوجسين وفي اغلب الاحيان متفرجين على
الاحداث التي صنعتها الجماهير، ومن جهة اخرى فان تواطئهم مع السلطة اليوم واللقاءات
التنسيقية وراء الكواليس مع الجنرالات باتت معروفة للجميع. الجماهير الثائرة التي
اسقطت النظام تتسائل اليوم: وهل ناضلنا وضحينا بحياتنا من اجل مجئ حفنة من الرجعيين
والمتخلفين واعداء المرأة محل حرامية وبلطجية النظام السابق ؟ هل نستبدل سجاننا
السابق بسجانين آخرين ؟!. هل نضحي بحرياتنا مرة اخرى ؟
ولكن الصراع الثوري بين
الجماهير والسلطة لن يتوقف عند حدود اجراء انتخابات او التهجم على الحريات المدنية
والاجتماعية والشخصية كما حدث باقتحام المنظمات المدنية من قبل الجيش بحجة ان
تمويلها من الخارج. ان الواقع هو ان الهجوم على المنظمات الاجتماعية والانسانية
والراديكالية في مصر هو هجوم بوليسي لقوى الثورة المضادة على الثورة. ان من السخرية
بمكان ان يتحدث الجنرالات عن التمويل الخارجي وكأنهم لم يعيشوا زمن حسني مبارك على
فتات صناديق النقد الدولي والبنك الدولي ومعونات امريكا والغرب والمؤسسات
الرأسمالية العالمية ولم يعقدوا صفقات الغاز مع اسرائيل ويملأوا حساباتهم المصرفية
بالملايين على حساب مراكمة ديون مصر وتجويع ملايين العمال والكادحين ورميهم للعيش
في مدن الصفيح والمقابر. ان حديث العسكر على "الوطنية" المزعومة هو تظليل مفضوح
يهدف الى (تخوين) قوى الثورة وزجهم بالسجون.
وفي هجوم مضاد اخر للعسكر،
شنت السلطة حملة "قانونية"على القوى الاشتراكية والثورية المتمثل في استدعاء شباب 6
ابريل للنيابة والهجوم على (تنظيم الاشتراكيين الثوريين) ومحاولة جرهم الى القضاء
بتهمة التحريض على "حرق البلد". ان هذا هو جزء اخر من اجزاء الهجوم على القوى
الثورية لمعرفتهم بان هذه القوى بامكانها تحريك الشارع وادامة زخم الثورة، وان
الشارع الذي رأى الاهوال من جرائم العسكر ووحشيتهم (والتي اذا ما قورنت ببلطجية
الامن المركزي والنظام السابق ستبدو الاخيرة اكثر رحمة بكثير)، في حالة مستمرة
ومتصاعدة من النقمة ضد هذه الطغمة التي تسلقت على اجساد وجثث الثوار.
ولكني اشدد هنا على مسألة،
وهي انه سيكون من سوء التقدير النظر الى قوى الاسلام السياسي على انها قوى اصلاحية
كانت تعاني من الاظطهاد والان "من حقها" ان تحكم وان كل ما يمكن ان يقال عنها هو
انها تريد الحصول على جزء من "الكعكة" و "تقاسم المغانم". ان هذه الرؤية تعجز عن
فهم دور حركة الاسلام السياسي السياسي ويضعها جنبا الى جنب مع حزب الوفد او التجمع
او الغد او الاحرار او بقية الاحزاب " الديكورية ". ان الترويج لهذه المفاهيم سيعني
في الواقع اخفاء الماهية الرجعية لقوى الاسلام السياسي، المعادية للجماهير وللثورة
وللعمال وللطلبة والنساء، عن الجماهير، واعتبار تلك القوى مجرد قوى برجوازية
"مؤدبة" واليفة تريد حصتها من كعكة السلطة. وبنفس الوقت فان هكذا رؤيا تجعل منهم
شركاء (فالشريك يريد حصته بالطبع) وليسوا قوى اصيلة لتلك الطبقة الاستغلالية التي
وصفناها من زمان بانها فقدت كل ذرة من تقدمية او ثورية سابقة بتحالفها مع الدين
والرجعية والتخلف الى درجة الالتحام الكامل.
بامكان العمال والاشتراكيين
والكادحين والنساء والشابات المتحررات والمثقفين والعلمانيين والمساواتيين في مصر
ان يتعرفوا ويدركوا بان الاسلام السياسي (بكل اجنحته المعتدلة والارهابية) هو عدو
اصيل
genuine
للثورة وان رجعيتهم الاجتماعية والسياسية وتأريخهم المخضب بالدم كجزء من
فصيل ارهابي عالمي هي التي تؤهلهم للعب هذا الدور الحساس لهم اليوم. فمعاداتهم
السافرة للحرية وللتمدن والعلمانية والمرأة والمساواة والاشتراكية (اي كل ما قامت
الثورة من اجله) هو "سجل اعمالهم" غير المشرف وان لا يتم اخفاء هذه الملامح بحجة
انهم كانوا ضحايا النظام السابق. هذا لم يعد يعني شئ اليوم. فقط بفهم طبيعة وماهية
مهمتهم وموقعهم الحالي (ألان في ظل الوضع الثوري) سيكون بامكاننا تشخيص وتحديد
بدائلنا، وهزيمتهم.
عاشت ثورة مصر،
عصام شكـري
سكرتير اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي العمالي
اليساري العراقي
4-1-2012