حول "دولة المنظمة"
بصدد الرد على مسائل الاحتلال – السيناريو الاسود – والانتخابات
خطوط اولية لميثودولوجيا اشتراكية
- خطوط اولية
عصام شكري
في حمى التجاذبات السياسية بين اطياف البرجوازية العراقية من قوى السيناريو الاسود السائدة اليوم في العراق سواء منها من هو تابع لامريكا وهم الغالبية العظمى المشرذمة او المعادين لها وهم من الاسلام السياسي وفلول البعث تبرز طروحات مختلفة حول سبل انهاء هذه الاوضاع. نقصد بهذه الاوضاع، مسألة الدولة وفراغها، المدنية والعلمانية ، الانتخابات النزيهة وستراتيجية تحقيق هذه الاهداف.
السيناريو الاسود
من الجائز ان تنهي اي عملية شكلية تقوم بها قوى امريكا في العراق واي مسرحية تعدها امريكا خلف ظهر الجماهير لتنصيب اعوانها حكاما شرعيين، السيناريو الاسود اي الاجابة على مسألة فراغ الدولة والفوضى العارمة وانعدام الامن والارهاب الذي خلقته الحرب الامريكية على العراق. ولكن السؤال المطروح هو هل ان انتهاء السيناريو الاسود في العراقسيؤدي بالنتيجة الى انشاء حكومة علمانية او تأسيس مجتمع مدني؟. الاجابة تشير الى النفي. حتى لو انتهى السيناريو الاسود في العراق واصبحت هنالك دولة تأتي بالارادة الامريكية وتتألف من الشراذم غير الشرعية المنصبة على مقدرات الجماهير من حثالة المجتمع من عشائريين واسلاميين وقوميين فاشست وغيرهم من القوى المافياوية ويؤسس لجيش عراقي وشرطة وأمن ومخابرات ودوائر ووزارات وغير ذلك فان هذا لا يعني باي حال من الاحوال ان هذه الدولة ستكون علمانية او انها ستؤسس لايجاد مجتمع جديد يقوم على مبدأ المدنية بمعنى مجتمع المواطنة. ببساطة لان القوى التي ستكون الجهاز الدولة الجديدة هي قوى ليست علمانية بل معادية للعلمانية.
من هنا نستطيع القول ان انهاء السيناريو الاسود لا يجيب على اهم مسألة يواجهها المجتمع العراقي اليوم وهو مسألة مدنية المجتمع وتأسيس مجتمع حر يتمتع فيه الناس بالحريات المدنية والحقوق الفردية والسياسية الواسعة ومنها حق التعبير والمعتقد والضمير وغير ذلك مما نراه سائدا في المجتمعات المدنية الراقية.
نقد البرنامج المنشفي
حول المجتمع المدني- الدولة المدنية
لا يمكن اليوم باي معيار من المعايير ان يؤسس مجتمع مدني من خلال القوى البرجوازية السائدة. لا يمكن اطلاقا ولو انتهى الف سيناريو اسود في العراق الركون الى البرجوازية حتى في اكثر اطيافها يسارية واعتبار ان بالامكان التحالف معها لتكوين ما يسميه البعض بالدولة المؤقتة والتي تقوم بمهمات هرقلية منها طرد الامريكيين ومعاداة الاسلاميين ( كيف؟!!). ان المقولة الاساسية في طرحنا هو ان الدولة المدنية في العراق لا يؤسسها الا الاشتراكيين. فقط الاشتراكيون وحدهم بامكانهم ان يؤسسوا دولة مدنية علمانية يفصل فيها الدين عن الدولة وعن مؤسساتها كالقضاء والتشريع وكل المؤسسات الاخرى وعن المجتمع ومؤسساته كمؤسسات التربية والتعليم. ان الاشتراكيين بامكانهم فعل ذلك. اننا وحدنا الفادرون على فعل ذلك . اما طروحات الانتهازيون ممن يسمون انفسهم اشتراكيين فانهم يلجأون الى نشر الاوهام بين صفوف الجماهير حول مقدرة الحكومات الوهمية التي يبتدعونها في خيالهم التحالفي مع اجنحة البرجوازية لتكوين دولة توفر الحرية والمساواة للجماهير وتطرد الامريكيين وتعادي الاسلاميين. ان السؤال الاساسي للمناشفة الجدد هو من يتحالف معكم لتحقيق تلك الاغراض؟ وما هي مصلحتهم هم في طرد الامريكيين ومعاداة الاسلاميين؟. ماهي القوة التي ستجعلهم يقومون بذلك؟ لم سيلجأون الى اعتماد مبادئ الاشتراكيين في علمنة الدولة وتوفير الحرية والمساواة للجماهير ومصالحهم ملتحمة بالاسلام السياسي والقومية بكل اصنافها؟ ان الجواب بسيط: انهم لن يخضعوا الى اية شروط بل بالعكسسيطرحون هم شروطهم . ان ذلك يعني تماما بان المناشفة سيقولون: الان ليس وقتنا قالدور لم يحن لنا بعد، انه دورهم لانها دورة ديمقراطية وسنخضع لرفاقنا البرجوازيين ونعتمد على دولة نصف مدنية الان ونصف علمانية ولان الوقت ليس وقتنا ولان ولان….
هذه هي الماهية الحقيقية لدولة المنظمة التي يقترحها المنهج المنشفي ويعدونها بمثابة المخلص للجماهير من الوضع الراهن ويعتبرون انفسهم في هذا براكماتيين وعمليين وواقعيين .!
شروط تحقيق دولة مدنية
ان الشرط الاساسي لتحقيق اي دولة ادنية اليوم في العراق ( واكرر: فقط الاشتراكيون بامكانهم انشاء هكذا دولة ببرنامجهم الاشتراكي الفوري وليس التحالفي الانتهازي) تتضمن شرطين موضوعيين واخر ذاتي. الشرط الاول هو انهاء الوجود الامريكي في العراق وطرد القوات الامريكية. والثاني هو نزع اسلحة كامل القوى التي سببت وتسبب المأساة القائمة اليوم وتديم السيناريو الاسود: اي القوى الاسلامية والقومية والعشائرية وكل الازبال السياسية التي تسرح وتمرح باسلحتها وتهدد كيان المجتمع المدني وتهدد الانسانية في العراق. اما العامل الاخير فهو اعلان شروط اجراء انتخابات حرة ونزيهة في العراق ( اي بعد تحقيق الشرطين الاولين) وهي شروط تتعلق بتساوي الفرص وعلمانية الانتخابات الخ. بطبيعة الحال هنالك العديد من الفرص الواقعية تماما والتي من خلالها نستطيع ضمان توفير الامن للمجتمع من خارج هاتين القوتين المظلمتين. هنالك دول الاتحاد الاوربي عدا بريطانيا وهنالك الامم المتحدة وهنالك امكانية انشاء قوة خاصة للعراق يتم اختيارها بعناية ومن خارج الدول الاسلامية او التابعة لامريكا الخ . اما قلب المعادلة وانشاء دولة "المنظمة" اولا ومن ثم طرد الامريكيين و الاسلاميين بعد ذلك؟؟ كما يقترح الجناح المنشفي فهو للاسف هراء وكلام فارغ عديم المعنى. كيف يسكت الامريكان على تشكيل هذه الدولة وممن ستتألف هذه الدولة واية قوى سياسية برجوازية ستقبل التحالف وفق هذه المبادئ ولماذا ووفق اي مصلحة لها؟ لا احد يعرف الاجابة بالطبع.
ان حقيقة ما يطرحه الجناح اليميني هو نموذج برجوازي انتي – اسلامي غير قابل للتحقيق لانه طوباوي ولا يستند الا على نظرية التحالفات والدبلوماسية والتكتيكات مع البرجوازية. انها تطبيق آخر بائس لنظرية التحالف مع حجاريان والثاني من خرداد (وهي قوى اسلامية معتدلة في ايران؟؟).
فقط الحكومة الاشتراكية ستكون علمانية
وعلى هذا الاعتبار فان الانتخابات لن تنطبق عليها اي شروط يمكن من خلالها اعتبارها انتخابات ذات مصداقية الا من خلال تحقق انسحاب القوات الامريكية وطرد الاسلاميين والقوميين وغيرهم بالنزع الكامل لاسلحتهم في العراق. حينها ستكون هنالك فرصة واقعية لاجراء انتخابات تساهم الجماهير فيها وبحرية كاملة في تشكيل دولة تعبر عنها ( بأي قدر). ان السؤال هنا لا يتعلق بمدى كون هذه الدولة برجوازية بل بمدى كون الدولة تعبر عن ارادة المجتمع (كما في الغرب مثلا). دون ذلك قان اي دولة في العراق لن تحوز على ثقتنا ولا ثقة الجماهير ولن يتم الاعتراف بها لانها ستكون دولة لا تمثل ارادة المجتمع. سنناضل من اجل تعرية هكذا دولة بكل قوتنا.
الدولة الاشتراكية والدولة البرجوازية
ان مسألة رغبة الشيوعيين العماليين اليساريين في تشكيل الحكومة الاشتراكية في العراق كهدف ستراتيجي لا يتعلق قط بولعهم او هوسهم بالثورة الاشتراكية. ان الثورة ومستلزماتها غير موجودة في العراق اليوم لذا يجب التفكير بالانتخابات او اي وسيلة اخرى ( وليس لاننا مولعون بالديمقراطية) يستطيع الاشتراكيون من خلالها المشاركة وطرح برنامجهم للمجتمع . ان الثورة وسيلة من وسائل ايصال الاشتراكيين ( وغيرهم) للسلطة ولكنها ان لم تكن قائمة كما في العراق اليوم نتيجة العاملين السابقين فان حلنا الواقعي هو في تحقيق مستلزمات انجاح العملية الانتخابية لتشكيل الدولة. حينها سنشارك ونحرز النجاح ونعلن تأسيس الجمهورية الاشتراكية في العراق فوراً.
فقط الدولة الاشتراكية ستكون علمانية وليس اي دولة اخرى. هذه هي قناعتنا الراسخة.
حكومة ”الحزب“ في ايران وحكومة ”المنظمة“ في العراق !!
ولكن ماذا عن الاشتراكية؟
ان طرح جماعة كورش مدرسي او المنشفية السياسية هو طرح ديمقراطي. انه مستند على مفهوم حكومة الحزب كما ورد في البيان التأسيسي للحزب الكورشي. ان هذه الجماعة تقول ان الحكومة التي سيتم الاعلان عنها في حالة وصول الحزب للسلطة ستكون حكومة الحزب. انه يقول ذلك تماما لكي يفسح المجال بان تكون الحكومة غير اشتراكية بل برجوازية ائتلافية. سيسمح ذلك له هامش ايجاد الف عذر وعذر لكي يقول: ليس الان، الناس ليست بمزاج الاشتراكية وسنعمل استفتاء ويجب ان نحببهم بالاشتراكية.. الخ من الترهات. وبنفس المنطق الانتهازي هذا تم تدبيج ما سماه بدولة المنظمة في العراق اي الدولة التي تشكلها منظمة تنشئ باهداف برجوازية والانكى - غير قابلة للتطبيق. انها مرة اخرى دولة الائتلاف والتحالف مع البرجوازية وليست دولة استراكية ناهيك عن كونها علمانية او تمثل المدنية. انه يطرح ذلك لكي يهرب من الاشتراكية ويؤجلها باستمرار. اما نحن فنقول ان وصول الاشتراكيين او الشيوعيين العماليين اليساريين للسلطة سيؤدي الى الاعلان عن الاشتراكية فورا. كل عمال العراق والعالم سيعرفون ان هذا الحزب هو قائدهم لا لانه سيعلن ان "الدولة هي دولة الحزب" بل لانه سيعلن ان الدولة الجديدة هي دولة الاشتراكية. انها ليست اماني احد من العمال او النساء ان يكون هنالك دولة الحزب فلا احد يأبه بهذا في العراق لانه لا يعبر عن شئ طبقي. ان العكس صحيح تماما فما ان تعلن ان الدولة هي دولة الحزب حتى يقول لك العمال ( انت لا تمثلني بعد اليوم بل تمثل الرأسماليين). الناس تتشوق لمن سيقول لها انها دولة الاشتراكية وان نعلن الحرب ومن خلالهم على الرأسمالية وسندمرها. حينها، وحينها فقط ستشكل حكومة العمال بالمعنى الطبقي. ان اعلان الاشتراكية هو التجسيد السياسي للحكومة العمالية بينما اعلان حكومة الحزب او حكومة المنظمة يمثل التجسيد السياسي للحكومة البرجوازية الائتلافية ذات المنحى الانتهازي التوفيقي او الديمقراطي.
نعم القوة الثالثة ولكن كيف؟
ان الجماهير هي القوة الثالثة المحاصرة بين قوى الارهاب الامريكي والاسلام السياسي هو طرح صحيح. انه طرح الرفيق منصور حكمت وهو ينطبق اليوم لا على العراق فحسب بل على العالم برمته. ان الحل هو بنهوض القوة الثالثة او المارد العملاق النائم. ولكن كيف؟ ان ذلك يجب ان يتم وفق منهج اشتراكي بمعنى ان يركن الى الناس في تشكيل الحركة المناهضة للقوتين الارهابيتين؛ الى العمال والنساء والشباب اي الغالبية العظمى من المجتمع. ان ذلك لا علاقة له البتة بطرح البديل الثالث للمناشفة والذي يتم اخفائه خلف معالم انتهازية تحالفية ويطرح هذا البديل كوسيلة وتبرير لتأجيل طموحات وامال الجماهير والكادحين. كيف تدعو الى البديل الثالث وتطلب من فئآت وقوى السيناريو الاسود العمل لتشكيل دولة مشتركة تسميها دولة المنظمة؟ كيف تستطيع هذا القوى الاجرامية ان تكون ممثلة للطرف الثالث اي الجماهير؟؟. ان الطرف الثالث يعني مرة اخرى ان الاشتراكيين وحدهم قادرون على اعلان خيار البديل الثالث اي الاشتراكية لا بالتحالفات بل بتبني خيار الاشتراكية والعمل به حتى النهاية. بالطبع بامكاننا ان نعمل بلاتفورماً سياسياً وتنظم الجماهير من خلاله وتدعوهم اليه. يجب علينا ان نقول لهم ان الانتخابات القائمة مزيفة وان البديل العاجل والعملي اليوم هو انتخابات نزيهة وحرة. ويجب ان نقول ان لا امكانية عملية لتحقيق ذلك اليوم الا من خلال طرد الامريكان ونزع اسلحة القوميين والاسلاميين وقوى السيناريو الامريكي. ولكن يجب علينا وبنفس الوقت القول لهم اننا لا ننوي التحالف مع اي كان بشأن ذلك بل سنأخذ الامور الى نهايتنا اي سنصل باهدافنا الى الاشتراكية ولن نساوم احد. من شاركنا من اجل الانتخابات الحرة فاهلا ومرحبا ومن شاء الاستمرار معنا الى نهاية الطريق فنحن نسير نحو الاشتراكية من خلال الاستيلاء على السلطة واعلان الجمهورية الاشتراكية.
هكذا تكون قد ادخلت الجماهير في الحساب واعطيتها مكانتها وحريتها وثوريتها واججت فيها روح النضال من اجل هدفها الذي وان غاب اليوم فانه حاضر في ضميرها ووجدانها حتى يتحقق. هكذا تكون شيوعيا وعماليا وهكذا تكون ثوريا وان غابت شروط الثورة عن متناول الجماهير اليوم.