نحن الاغلبية
نحو استنهاض جديد للحركة الانسانية
عصام شكــري
انيطت مهمة ملئ فراغ الدولة في العراق من قبل امريكا الى قوى السيناريو الاسود الاسلامية - القومية. فالبرجوازية الاسلامية الشيعية / القومية رغم تباين مصالحها وصراعاتها قد رشحت من قبل البرجوازية الامريكية ومنذ البداية لتولي مسؤولية تشكيل هذه الدولة. وما الانتخابات التي جرت برعاية الولايات المتحدة الا تغطية رخيصة لعملية التنصيب هذه ومحاولة لشرعنة تلك القوى. ان من المهم ان نلاحظ بان صعود القوى الاسلامية والقومية تلك الى السلطة لم يأت نتيجة تدخل الجماهير او تحديد خياراتها في العملية بل نتيجة مباشرة للتدخل الامريكي وشل ارادة الجماهير .
الانتخابات
ومهما بث جورج بوش من اكاذيب حول نجاح امريكا في " نشر" الحرية او الديمقراطية او حقوق الانسان الخ من الترهات اليمينية وتوزيع خيارات امريكا الدموية وتنصيب الدمى في ارجاء العالم فان تغييب ارادة جماهير العراق عن تقرير مصيرها والالتفاف على ذلك من قبل البرجوازية ستتضح بسرعة كبيرة. ان الجماهير التي خرجت للتصويت يوم الانتخابات لم تصوت الى القوى المرشحة لتشكيل الجمعية الوطنية ومن ثم تشكيل الحكومة على اساس برامجها السياسية بل فعلت ذلك اكراهاً وترهيباً من جهة لرغبتها في الخروج اليائس من الاوضاع الخانقة التي خلقتها( وياللسخرية) نفس تلك القوى للجماهير ومن جهة اخرى لعمليات الابتزاز التي مارستها قوى السيناريو الاسود ومنها التابعة للعصابات المختلفة في السلطة المؤقتة. ان ارادة الجماهير تعرضت الى قهر واذلال وليس الى استفتاء. ان اية ادعاءات امريكية او برجوازية عراقية بوجود عملية ديمقراطية سليمة هو كذب على الجماهير لتغطية الحقيقة المخجلة لما تنوي فعله البرجوازية؛ تزييف تلك الارادة بوسيلة قمعية وان غير مباشرة من خلال انعدام الامان والمجازر اليومية واستشراء الاسلام السياسي وقوى الهمجية وتدهور المجتمع المدني. تجدر الملاحظة العابرة هنا الى ان من يتحدث عن قصور في العملية الديمقراطية او نقصانها فيما جرى ( من قبل القوى الاقل حظاً في الصعود الى السلطة) تهدف الى ذر الرماد في العيون لا الى كشف الحقيقة.
السيناريو الاسود
ولكن السيناريو المظلم في العراق سيستمر في ظل مثل هكذا دولة ليس لانها جاءت بالمشيئة الامريكية ( فما اكثر تلك الدول المنصبة اليوم بالمشيئة الامريكية) بل لان الدولة المنصبة اليوم في العراق وفي المعطيات الراهنة قائمة على اسس معادية للمواطنة والحقوق الاساسية للانسان والمساواة والحرية اي العلمانية. انها دولة دينية طائفية ومذهبية قومية عشائرية شديدة التخلف. وعلى هذا فان الصراعات الدموية المتوقعة بين قوى البرجوازية ستتصاعد وتتفاقم وترتدي طابعا مذهبيا مما سيؤدي الى سحب المزيد من الجماهير المحرومة المترقبة الى حافات المحارق والمجازر والمصائب الجديدة لقوى السيناريو الاسود. وعلى سبيل المثال فان العمليات الارهابية من قبل البعثيين والاسلاميين المناهضين لوجود امريكا في العراق ستتصاعد وتزداد دموية وبحجة الوجود الامريكي نفسه.
معاداة العلمانية
ان الدولة القادمة ليست فقط دولة مفروضة على الجماهير بل انها دولة رجعية لانها معادية للعلمانية. فالدولة القادمة ستكون اسلامية – قومية ويدور الحديث بين البرجوازيين العراقيين المرشحين لتولي المناصب عن رئيس "كردي" ورئيس وزراء "شيعي" و رئيس برلمان "سني"!! هذا الهراء الطائفي السخيف والمشين والذي يؤسس لمجتمع طائفي وقومي ("ديمقراطي"!!!) سيلحق افدح الاضرار بالجماهير العمالية المحرومة والشرائح المظلومة والمستلبة الحقوق وخصوصا النساء والشابات العراقيات. ان مسألة تحرر المرأة العراقية ستشكل في حالة مجئ هذه الدولة محور اساسي من محاور صراع الجماهير مع مؤسسة الدولة والتي ستسيطر قوى الاسلام السياسي على جميع مفاصلها. سيزداد ويتضاعف ظلم العمال والكادحين في ظل دولة اسلامية – قومية – طائفية. سيحاول البرجوازيين الاتكاء على قوى الدولة لتوجيه اقسى الضربات الى الطبقة العاملة ومنجزاتها.
مهمة الشيوعية العمالية
ان على الشيوعيين العماليين اليوم واكثر من اي وقت مضى شحذ هممهم للدفاع عن الجماهير الواقعة بين رحى هذه المطحنة القاتلة ولما تنصبه البرجوازية لهم من شباك ومكائد. ان مهماتنا اليوم كبيرة جدا وهي بطبيعة الحال وان أستندت في حركتها العامة الى وظائفنا الاساسية في الدفاع عن الجماهير والمطالبة باقصى الحقوق لها وتعبئتها من اجل الثورة الاجتماعية ولكن اليوم هنالك مهمة ملحة تتمثل في انقاذ المجتمع العراقي من السيناريو الاسود وقواه والذي تسير به امريكا نحو الشروع بالمرحلة القادمة – مرحلة تشكيل دولة اسلامية – قومية المذهبية معادية للتمدن والعلمانية وحقوق الجماهير المحرومة. كما ان الدور الاجتماعي لحركة الشيوعية العمالية اليوم ليس محلي او اقليمي يتجسد فقط من خلال تعبئة جماهير العراق من اجل النزول الى ميدان الصراع وحسم الامور لصالحها (اخراج القوات الامريكية ونزع سلاح القوى الهمجية من اسلاميين وقوميين جزارين)؛ وهي المهمة التي ستكون غاية الصعوبة دون الدعم الاممي لقوى التمدن والانسانية في كل انحاء العالم. ان علينا اليوم تعبئة جهودنا لتنظيم واستقطاب كل القوى الاجتماعية التحررية في العالم حول مطالبنا في انهاء السيناريو الاسود.
تعبئة قوى الانسانية
ان البشرية او العملاق النائم الذي خرج بالملايين احتجاجا على الحرب لقادر على الدفاع عن البشرية في العراق ايضا وان تتبنى مطالبها في طرد قوى الاحتلال الغربي ونزع سلاح شراذم الاسلاميين والبعثيين. ان بامكان قوى العالم المتمدن من العمال والنساء والالاف من المنظمات الانسانية والمعادية للرأسمالية وكحل واقعي ان تطالب بتدخل قوات دولية ومن غير اشتراك الولايات المتحدة او بريطانيا او دول الاسلام السياسي للاشراف على الامن بعد اخراج القوى المحتلة وبنفس الوقت والاهمية تجريد المليشيات الاسلامية - القومية المسلحة من اسلحتها المصوبة الى صدور الجماهير. بامكان الشيوعية العمالية كتيار اعتراضي عالمي الاتيان بهذا السبيل الواقعي من خلال تحويل هذا المطلب الى مطلب قوي وهادر وقيادة صفوف البشر المتطلعة الى الحرية والمساواة من اجل فرضه على البرجوازية. ان مطالبنا تمثل الاغلبية ليس في العراق فحسب بل وفي كل انحاء العالم.
علينا التحرك وبسرعة لتنظيم وقيادة الحركة الانسانية لانقاذ الجماهير في العراق. يجب ان تكون هذه مهمتنا العاجلة.