لا تلتزموا الصمت ازاء المساومة مع عناصر السيناريو الاسود
رسالة مفتوحة الى الاعضاء والكوادر الشيوعية في "الحزب الشيوعي العمالي العراقي"
ان الحزب الشيوعي العمالي العراقي في طريقه الى السقوط السياسي. ان تسلط محفل ريبوار احمد على قيادة هذا الحزب وخضوع وسكوت بقية القيادة على سياساته والازدياد الحاد للانعطاف نحو اليمين في سياسة وافق هذا التيار والفضائح السياسية الاخيرة خلال "الانتخابات" وبيان ريبوار احمد حول رفع "العلم الابيض امام الرئيس الطالباني"، قد اوصلت عملية الانعطاف نحو اليمين الى اوجها. لقد وضع توجه قيادة الحزب اليوم الخط والافق الشيوعي العمالي السابق ومحاولات الشيوعيين داخل الحزب تغيير حياة الناس في العراق وخلاصهم من دوامة السيناريو الاسود تحت الضغط. هذا الوضع يطرح اسئلة جدية ومهمة امام الشيوعيين داخل هذا الحزب. لا يمكن لاي كادر او عضو شيوعي ان يبقى بمواجهة يمينية واستسلامية وانتهازية قيادة هذا الحزب لان اقصاء الراديكالية الشيوعية تحدث في الحزب الذي انتم كوادر واعضاء فيه.
وبغض النظر عن الملاحظات والاسئلة حول الجوانب المختلفة من سياسات وبراكتيك حزب ريبوار احمد خلال السنة الماضية، فان الذي يوضح وبشكل مجسد اسس انعطاف الحزب الشيوعي العمالي العراقي نحو اليمين هو حقيقة تحول الحزب الى مختبر للتجارب على الدبلوماسية في طرح الدولة الائتلافية لكورش مدرسي. ان ارضية هذا الانعطاف هو وفاة منصور حكمت وانشقاق الحزب الشيوعي العمالي الايراني. ان محفل ريبوار احمد في قيادة هذا الحزب قد شدوا احزمتهم لتطبيق هذا الطرح ولكنهم لم يدركوا ان حصيلة هذا العمل لن تعني الشراكة في السلطة بل التحول الى مسخرة سياسية. للنظر في الخطوات الاساسية في مسار الانعطاف نحو اليمين نشير باختصار الى:
1. الدفاع غير المشروط لقيادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي عن الراية اليمينية للمنشقين.
لم تكتف هذه الراية بوضع اسس الثورة ومحتوى بحث الحزب والسلطة السياسية لمنصور حكمت جانباً فحسب ولكن الاهم من ذلك هو انها اقصت الراديكالية الشيوعية وبرنامج الحزب الشيوعي العمالي عن منهجه. وفي المقابل اصاغت فكرة مفادها ان طريق الوصول الى السلطة يتم عن طريق الدبلوماسية وتشكيل الدولة الائتلافية، واليوم انها الضوء الهادي والمرشد لنشاط حزب المنشقين وبغلاف جديد. ان تبني قيادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي لنفس خط حزب المنشقين والاصطفاف خلفهم قد وضع ريبوار احمد في الواقع في موقف الدفاع عن تلك الراية دون قيد او شرط. ان الدفاع عن تلك الراية، بالاضافة الى الاوضاع التنظيمية للحزب الشيوعي العمالي العراقي وكذلك الظروف التي نتجت عن الهجمة الامريكية على العراق، وبشكل كلي قد هيأ الارضية لجعل تلك الراية مثالاً يحتذون به. وقد تم ذلك. وذلك المشروع برمته قد اصبح دستور عمل قيادة حزب ريبوار احمد وتم بسرعة اقصاء الاستراتيجية الشيوعية في التدخل في المجتمع والسلطة السياسية.
2. تشكيل "مؤتمر حرية العراق".
في تلك الايام ولم يكن الانشقاق داخل الحزب الشيوعي العمالي الايراني قد حدث بعد، اعد حميد تقوائي مخطط استراتيجية السلطة السياسية في اوضاع السيناريو الاسود ووضعها امام الحزب الشيوعي العمالي العراقي. واستقبل هذا المخطط من قبل قيادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي بجدية وقيم بمثابة فتحاً لافق مهم وجديد لفعالية الحزب. غير انه تم اقصاء هذا الطرح بعد الانشقاق وعوض بمخطط مؤتمر حرية العراق. علاوة على ان الطرح الجبهوي لمؤتمر حرية العراق كان متوقعا له التحول الى ديكور لتزيين واجهة الحزب الشيوعي العمالي العراقي، فقد كان وسيلة واعلان جهوزية دخولهم الى اروقة الدبلوماسية بين القوى السياسية في العراق. ان مؤتمر حرية العراق من الناحية العملية قد شغل حيزاً مهماً في فعالية الحزب ويعرف الجميع بان احدى التطبيقات المهمة له كان خلال مرحلة الانتخابات في 15 كانون الاول 2005.
3. "مؤتمر حرية العراق" و"الانتخابات".
ولو تجاوزنا موضوع الانتخابات السابقة، فقد كان ريبوار احمد في تلك الانتخابات يغمض عينيه عن المحتوى شديد الرجعية للحيوانات السياسية التي شكلت حكومة الدمى وراح يعدد شروط "الانتخابات الحرة"، ولكن في الانتخابات الاخيرة وبعد تبديل "مام جلال" بــ"الرئيس الطالباني"، اخذ مؤتمر حرية العراق مهمة البحث عن الاصدقاء "القريبين" بين اللوائح الموجودة لكي يجتمع بهم ويتوافق معهم من اجل مشاركتهم في الانتخابات. وبسبب ذلك فان حزب ريبوار احمد لم يقاطع الانتخابات. (راجع مقابلة سامان كريم للحصول على تفاصيل اكثر حول هذا الموضوع). وبعد فشل مؤتمر حرية العراق في الحصول على اية نتائج من اجتماعاته ومداولاته مع اللوائح الرجعية في العراق وعدم تمكنه من الحاق نفسه باحد اللوائح التي شاركت في الانتخابات، ودون ان يوضح نتائج تلك المداولات مع الرجعيين لاي كان، اصدر فجأة وقبل اسبوع من الانتخابات بيان مقاطعة "الانتخابات". هذه الانتهازية بالطبع لها هذه الفائدة وهي انه خلال الانتخابات حاولوا الا يفقدوا ماء وجههم ازاءكم انتم اعضاء وكوادر الشيوعية المراقبين!. هنا يوضح مؤتمر حرية العراق فلسفة وجوده. انه اطار لاجل المشاركة في الانتخابات والائتلافات والجلوس مع الاحزاب الرجعية وهذه هي الاستراتيجية المتوهمة بالمشاركة في السلطة السياسية عن طريق الدبلوماسية.
4. "رفع الراية البيضاء امام الرئيس الطالباني"!
حينما كانت الانتخابات غير مقاطعة بعد، وحينما كانت المداولات من قبل مؤتمر حرية العراق مع اللوائح المشاركة في "الانتخابات" البرلمانية للحكومة المركزية مستمرة، وحينما اصبحت القوموية الكردية مشاركة في السلطة، وحينما اصبح جلال الطالباني رئيساً لحكومة الدمى الامريكية، وحينما تصاعدت الحركة الجماهيرية الاعتراضية في السليمانية الى القمة، في تلك الاوضاع بالذات يخاطب ريبوار احمد الحكومة المحلية ويصدر بيانا يعلن فيه "وقف اطلاق النار ومن جانب واحد"!. وبعبارة اخرى لقد اعلن بيان مساومة من طرف واحد او استسلام. مضت خمس سنوات على اطلاق النار على رفاقنا من قبل عصابات الطالباني، ويبدو ان ريبوار احمد لم ينفذ صبره من الخلافات مع الاتحاد الوطني الا في الاشهر القليلة الماضية وفي سياق الاوضاع التي اشرنا اليها سابقاً. ان تاخير خمس سنوات في اصدار هذا البيان وفي الوقت الذي لم يتغير فيه قمع وتطاول الاتحاد الوطني ولم يعلن ريبوار احمد اي حرب ضدهم، فان الاوضاع السياسية هي السبب في اصدار هكذا بيان. لم يكن ريبوار احمد يحلم، لذا فانه يرى ان المرحلة الحاضرة هي مرحلة الهدوء السياسي. ولهذا السبب غير ريبوار احمد الخط السياسي تجاه الاتحاد الوطني. تلك هي تكملة لسعيهم في المشاركة في الانتخابات. انه يقيم الارض ولا يقعدها للقول للاعضاء والكوادر بانه لم يحدث شيئاً، وربما يظن ان الكوادر لا يفهموا الفرق بين اللقاءات والمفاوضات وبين بيان المساومة. انه يعيد استعمال نفس حجج عبد الله مهتدي حين كان يبحث عن "اصدقاء الحاضر والمستقبل". انه يقول، كما عبدالله مهتدي، بانه كان لنا علاقات مع الاتحاد الوطني. كما اكد ريبوار احمد بانه اكثر حساسية تجاه الاسلام السياسي منه الى القومية. بينما يستدل عبد الله مهتدي ايضا بانه لا يجب توجيه النصل الحاد للسيف الى الاتحاد الوطني!. ان الرد القاطع لمنصور حكمت في تلك المرحلة على عبدالله مهتدي يمسك اليوم وبشكل اقوى بتلابيب ريبوار احمد. ففي الوقت الذي كان فيه عبدالله مهتدي يسعى لكتابة رسالة شريك الهموم، ولم يكن حينها التيار القومي الكردي بعد في السلطة ولم تتوضح سياساتهم الرجعية والمعادية للجماهير في موقع الحكومة المحلية والمركزية بعد، فان الرسالة المساومة لريبوار احمد قد بيضت وجه رسالة عبدالله مهتدي الاستسلامية للاتحاد الوطني.
أيها الرفاق والكوادر الشيوعيين!
ما اشرنا اليه بشكل موجز ليس تحليلا وانما حقائق. لقد صممت قيادة حزبكم على ان يكون حزبكم "معارضاً مرخصاً". انهم يريدون ان يكونوا مؤدبين ازاء الحكومة المحلية والمركزية وان يساوموا ومن طرف واحد مع الاتحاد الوطني. انهم يحاولون جعل اعتراضات الجماهير رأسمالاً بايديهم من اجل المساومة. رسالتهم مفادها، اذا استجابة الاتحاد الوطني لبيانهم الاستسلامي فانهم سيتخلون عن تنظيم الاعتراضات. لانهم يؤكدون في ذلك البيان وبشكل مباشر بان قمع الاعتراضات من قبل الاتحاد الوطني يحدث بسبب وقوف الحزب الشيوعي العمالي العراقي خلفها وتلك التبريرات منشورة في البيان. بعد الهجوم المسلح للاتحاد الوطني على رفاقنا قبل خمس سنوات فان الحزب الشيوعي العمالي العراقي لم يكن له حرب ولم يعلن اي حرب ضد الاتحاد الوطني. بناءاً على ذلك فان وقف اطلاق النار من جانب واحد هو وقف اطلاق نار سياسي. ان الحزب الشيوعي العمالي العراقي قد اصبح بوتقة لتجربة مشروع الدولة الائتلافية لكورش مدرسي وبابعاد اكثر يمينية. هذه هي حصيلة ما ترونه لحد الان. انتم شاهدون على رد فعل قيادة هذا الحزب والتي استعملت الهستيريا واللغة البذيئة ضد الشيوعيين، على شاكلة بعض المعارضين. الى اي حد اصبحت لغتهم وقحة وهستيرية. انهم مع الاحزاب الحكومية مؤدبين وأهل للمفاوضات والمساومات وضدنا هم بذيئون وبلا حياء ويستخدمون ثقافة الحثالة القوميين ولا يستثنوا قول اي شئ. هذا ايضا شئ مألوف ومكرر. وفي جوابهم لنا يقولون "انتم لا تعرفون المساومة وارجلكم ليست على الارض". ومثل كل تيارات المعارضة المسالمة فان "ارجلها على الارض" تعني السياحة في اروقة الدبلوماسية.
سؤالنا لكم ايها الكوادر الشيوعية: هل تريدون ان تكونوا شركاء مصير لهذه القيادة؟. لسنا بحاجة الى اي مبرر، فان هذا الحزب باعماله وسياساته تلك لم يبق حزبا شيوعيا عماليا ولا يريد ان يبقى يسارياً. فبين ليلة وضحاها، جرفت الرياح سنن وسياسات وميراث منصور حكمت. تم اقصاء الراديكالية الشيوعية. في الوقت الذي فقدوا فيه القدرة على التدخل الراديكالي في الميدان السياسي حاولوا " بعقلهم السليم" اقامة العلاقات الحسنة مع الاحزاب. حتى لا تستطيعوا ان تقولوا بان اشتراكيتهم اخف او اضعف، ولكن في مستودعاتهم السياسية علينا ان نفتش عن ذرات الاشتراكية بالمجهر. لا يمكن ان يقف الشيوعيون مكتوفي الايدي ازاء هكذا اوضاع.
ايها الرفاق والرفيقات
نطلب منكم ان تقفوا ضد هذه اليمينية وضد رمي قيادة حزبكم للشيوعية العمالية خلف ظهرها. نظموا انفسكم وباي شكل ممكن لكم. افضحوا وانتقدوا وبشكل علني السياسات المساوماتية واليمينية لهذه القيادة. لا تسمحوا لسيادة التيار اليميني بان يكون قويا في حزبكم. من وجهة نظرنا فان السقوط السياسي للحزب الشيوعي العمالي العراقي لا يعود بالنفع على اليسار والتحرر وليس في صالح الجماهير الاسيرة لدوامة السيناريو الاسود في العراق والعصابات المسلحة الاسلامية والقومية. هذه الاحداث تجري في حزبكم انتم. وانتم مسؤولون عنها. ان العمال والجماهير المتحررة لا تقبل منكم انتم الشيوعيون البقاء صامتين وبلا موقف. نحن نعرف بان مواجهة السياسات الجديدة لريبوار احمد ومحفله ليس بسيطاً بما ان من المحتمل ان يواجه منتقديهم التصفية والطرد. ولكن العضوية في الحزب الذي تراجع عن الشيوعية العمالية ليست عضوية فخرية. اليوم، فان الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي يمثل الشيوعية العمالية واهداف منصور حكمت. هذا الحزب ينتمي الى كل الشيوعيين الذين يناضلون من اجل تغيير حياة البشر والاهداف الاشتراكية وتحرر البشر من النظام الموجود. هذا الحزب حزبكم. بامكانكم الانظمام الى حزبكم هذا في اي وقت تشاءون، ولكن توصيتنا اليوم ان تركزوا كل محاولاتكم من اجل ايقاف سيطرة التيار اليميني لقيادة حزب ريبوار احمد.
الهيئة التنفيذية
للحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي
30-12-2005