قرار الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي حول

الثورة في سوريا

 

مرت اكثر من سنة على الثورة الجماهيرية التي شملت كل المدن والقصبات والقرى السورية.

 

اصبح سقوط حكومة بشار الاسد شيئا محتوما. فالجماهير لا تريد هذه السلطة، وان الهيئة الحاكمة قد تدهورت تحت ضربات هذه الثورة. ويطالب القسم الأكبر من البرجوازية العالمية بتنحي هذه الحكومة وتتدخل باشكال مختلفة لايقاف الثورة. وبتعبير آخر فان اول هدف للثورة هو اسقاط النظام الذي يقترب من نهايته، حيث سيسقط دكتاتوراً اخر في المنطقة بفعل الثورات الجماهيرية، وتتفتح مرحلة جديدة للاستقطابات وتوازن القوى في سوريا بعد سقوط هذا النظام الدموي.

ان النظام في سوريا يشكل جزءا مهما من محور الأسلام السياسي؛ ايران – سوريا – حزب الله وبعض القوى الاسلامية المليتانتية المعادية لامريكا في المنطقة. هذا المحور يمثل احد اكثر المحاور المعادية للجماهير وللمرأة وللتحرر خلال العقود الثلاثة الماضية. بسقوط النظام السوري، فان هذا الجدار سينهار وتدفع حركة الأسلام السياسي الى العزلة والتراجع في منطقة الشرق الأوسط وتتفتح آفاق جديدة رحبة امام تطور سلسة الثورات في البلدان التي تسيطر حركة الأسلام السياسي فيها على زمام الأمور وخاصة ايران والعراق ولبنان وفلسطين.

وكما جرى في تونس ومصر والبلدان الأخرى، فان الثورة في سوريا قد غيرت بشكل نهائي الصراعات والأستقطابات بين القطبين الأرهابيين في العالم. وان وجود الجماهير المحرومة المليونية في ساحات "التحرير" قد انهى مرحلة العقدين الماضيين واجبرت البرجوازية العالمية على تغيير سياساتها لايقاف تطور الثورات في المنطقة وتغيير مسارها بما لا يخرج عن نطاق مصالح البرجوازية العامة.

انشقت، تحت ضربات الحركة الثورية والمظاهرات الجماهيرية، قوى عسكرية من الجيش وحكومة بشار الأسد حيث تلعب اليوم دورا عسكريا وتغطي على نضالات الجماهير بالأعمال العسكرية وتريد طبع الثورة بالطابع العسكري وأخذ زمام الأمور من ايادي قادة الجماهير الثائرة، كما حدث في مصر ومن اجل فرض سيطرة الجنرالات على مصير الثورة السورية.

ان البرجوازية منقسمة في التعامل مع الثورة السورية؛ فامريكا والغرب يريدان الظهور بمظهر المدافع عن الثورة السورية من اجل السيطرة عليها والحفاظ على النظام والعناصر الأساسية لسيطرة البرجوازية والقوى الرجعية الموجودة من أسلاميين وقوميين موالين لهم، والتحرك على جبهة تركيا – قطر - السعودية والقوميين الكرد، لخلق ارضية لسلطة برجوازية رجعية معادية للمرأة والعامل والعلمانية والتحرر، والى السيطرة على سوريا وجرها الى فلك امريكا والغرب وضمها الى مناطق نفوذه بشكل كلي. اما محور روسيا - الصين فهو يدافع عن النظام الدكتاتوري في سوريا بكل امكاناته حيث اصبح عائقا جديا امام اسقاط حكومة بشار الأسد، لابقاء نفوذ روسيا والصين في المنطقة حيث سوريا تعتبر لحد الان دولة واقعة تحت نفوذ روسيا.

ان تداعيات الثورية السورية على الساحة العراقية قد سببت انقسامات عميقة بين القوى المشاركة في الحكومة وعمقت صراعاتهم الرجعية، وافسحت المجال لانفلات الوضع الأمني الهش اصلا، وتدهور مستوى حياة الجماهير وتصاعدت معدلات البطالة والحرمان من الخدمات الأساسية. الأسلاميون الشيعة المتحالفين مع الجمهورية الاسلامية في ايران يدركون ان سقوط النظام في سوريا سيسحب البساط من تحت اقدامهم ويؤثر بقوة على توازنات القوى الحالي ويلعب دورا في احداث تغييرات سياسية وسيكون رجوع الجماهير الى ساحات النضال والتحرير نتيجة لتصدع وسقوط جدار هذه الجبهة الاسلامية الرجعية.

يدافع الحزب الشيوعي العمالي اليســاري العراقي عن ثورة الجماهير السورية ويتضامن مع الطبقة العاملة والقوى الشيوعية والعلمانية والتحررية من اجل عالم افضل وحر ومتساو في سوريا. يناضل الحزب ضد تدخل القوى البرجوازية العالمية والأقليمية التي تريد اجهاض الثورة في سوريا؛ ضد امريكا والغرب التي تريد جلب القوى الرجعية والأسلامية وجنرالات العسكر بعد سقوط بشار الأسد الى سدة الحكم وحرمان الجماهير من تحقيق مطالبها واهدافها. كما يناضل حزبنا ضد روسيا والصين ويعمل على فضح سياساتهم المدافعة عن اكثر حكومات المنطقة رجعية واستبدادا ويناضل ضد القوى التي تهيأ نفسها لتشكيل ميليشيات داخل سوريا لخلق ارضية حرب اهلية وتحويل الثورة الى سيناريو اسود، كأيران وتنظيمات القاعدة وايقاف لعبهم على وتر النعرات والصراعات الطائفية.

تتمحور مهمات ووظائف الحزب تجاه الثورة في سوريا حول التالي:

1) دعم الثورة السورية بكل قوة ودون توان لخلاص الجماهير المحرومة والمحتجة ضد الفقر والطغيان والدكتاتورية؛

2) التصدى وفضح سياسات روسيا والصين المعادية للثورة بكل وضوح وكشفها في جميع المحافل الدولية كسياسات الكسب الرخيص والحقير من الام الشعب السوري؛
3) جلب انظار جماهير سوريا الثائرة الى عدم تسليم ارادة الثورة الى الاسلاميين المتحالفين مع الغرب والسعودية والمشايخ العرب؛

4) دعم القوى العلمانية والتحررية بالنضال من اجل دولة علمانية غير قومية وغير دينية تقر المساواة الكاملة بين المرأة والرجل وتوفر اوسع الحريات العامة والفردية؛


5) مطالبة الجماهير في العراق والمنطقة والعالم الوقوف والتضامن الى جانب الجماهير السورية ودعمها في صراعها ضد نظام طاغية قتل الالاف من البشر، كخطوة مهمة نحو بناء دولة اشتراكية تسودها الحرية والمساواة.


المكتب السياسي
للحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي

15  تشرين الاول 2012