حول الاوضاع في ايران
الاشتراكية هي الحل
حميد تقوائي
أن أزمة الحكومة الرأسمالية في إيران وضعت البديل الاشتراكي
باعتباره حل ممكن وفوري أمام الأوضاع السياسيةـ الاقتصادية الحالية
لايران. ولا أقصد بالاشتراكية، فقط كصورة للهدف النهائي
والاستراتيجي العام للتحرر من الراسمالية. بذلك المعنى على اعتبار
ان الاشتراكية في كل البلدان قد أصبحت منذ مدة طويلة الحل الوحيد.
النقطة المهمة بالنسبة لإيران تتمثل في أن البديل الاشتراكي يعتبر
الإجابة المشخصة والفورية للأزمة الشاملة التي بتعرض لها النظام
الرأسمالي والحكومة الإسلامية.
إن الرأسمالية في إيران من حيث الجانب السياسي والاقتصادي هي في
حالة انهيار. وان نفس هذه الحالة الواقعية تتطلب ضرورة
آنية
للاشتراكية. فالمجتمع على حافة الانفجار، الاقتصاد راكد، الفقر
والتضخم سمة بارزة لها ويشتد يوما" بعد يوم وغير قابل للتحمل، وإن
الحكومة الإسلامية قد فقدت مشروعيتها وحقانيتها على الصعيد الداخلي
وكذلك على الصعيد العالمي، لا بل، حتى بالنسبة لبقية أجنحتها
ايضا"، وكل الأطراف تترقب حالة الانفجار الاجتماعي العظيم.
عاصفة
في الطريق، هكذا تعلن مختلف حكومات العالم لبعضها البعض، بمرارة،
والناس متراصين في الخنادق لاقتناص أية فرصة قد تسنح. وعليه فإن
هذا المجتمع غير طبيعي، وهو كبرميل بارود.
إن من أوجد هذه الأوضاع المحددة التوقيت، هو، كما أشرت في العدد
السابق من ”انترناسيونال“، أزمة الحكومة الرأسمالية في إيران. فمنذ
لحظة وصول الجمهورية الإسلامية في إيران إلى كرسي الحكم فإن كل
البرجوازية في إيران والبرجوازية في العالم ـ جوبهت بمسالة السلطة
في إيران. فلا الجمهورية الإسلامية تمكنت من تحقيق وإيجاد الأوضاع
الطبيعية للإنتاج وإعادة الإنتاج الرأسمالي، ولا البرجوازية تمكنت
ان تغير الحكومة
بطريقة تدريجية او عن طريق استبدال
النظام الى حكومتها المطلوبة. هذه تعتبر أساسا" للصراعات الحادة
واللآمنتهية فيما بين النظام الإسلامي من إحدى الجوانب وقوى
المعارضة البرجوازية والدول الغربية من الجانب الآخر وهي مستمرة
وستزيد حدتها على الدوام.
وأمام كل هذه الظروف، وأمام الجمهورية الإسلامية وعموم قوى
المعارضة الداخلية والعالمية ومن ضمنهم الذين في السلطة
والذين في المعارضة، وعلى الرغم من كل المواجهات والنزاعات،
انتصبت أمامهم الطبقة العاملة والجماهير العريضة، بعدما فرضوا من
خلال ثورة 57 ( 1979 المترجم ) الأزمة الحكومية الحالية على
البرجوازية. إن أتساع وشمولية الاضرابات العمالية، ونضالات الطلبة
والشباب، ونضال المرأة من أجل التحرر، وانتفاضة المدن ونهوضهم في
عهد سلطة الجمهورية الإسلامية وخصوصا" الثورة التي بدأت في شهر
حزيران من العام المنصرم ـ يمثل شيئا" مميزا" في تاريخ إيران
المعاصر. لم تكن الجمهورية الإسلامية منذ لحظة صعودها الى السلطة
من الجانب الايديولوجي والاجتماعي والسياسي عضوا" مناسبا" في جسد
المجتمع الإيراني ولهذا السبب كانت مرفوضة دوما" من قبل الجماهير.
ولكن نفس هذه الحكومة بكل عدم ملائمتها وغير تناسبها مع أوضاع
إيران، وبكل وحشيتها وبربريتها القرووسطية، تعتبر الشكل الوحيد
للحكومة الرأسمالية الممكنة في إيران. إن الإفلاس والأزمة والعجز
السياسي ـ الاقتصادي لهذا النظام هو في الواقع ابراز لعجز وافلاس
كل النظام الرأسمالي، أمام الجميع.
إننا أكدنا دوما حقيقة أن الجمهورية الإسلامية تمثل وحشية وفساد
الرأسمالية في عصرنا والآن الأزمة السياسية
الاقتصادية التي تعرضت لها الحكومة بعد الانتفاضة الثورية
للسنة الماضية قد جعلت هذه الحقيقة أكثر شفافية" ومركزا" للساحة
السياسية ودستور لنضال الجماهير.
ليس هناك شيئا" بقدر واقع الغاء المساعدات، قادرٌ على ان يكشف جوهر
الأزمة الرأسمالية للجمهورية الإسلامية. لأن هذا يشكل طرحا"
اقتصاديا" متوافقا" مع سياسة التقشف الاقتصادي للرأسمالية
العالمية. بمعنى آخر أن الجمهورية الإسلامية تقصد ممارسة سياسة
اقتصادية معروفة للرأسمالية العالمية والتي تتم ممارستها في الكثير
من البلدان، وهؤلاء يقومون بتمريرها في إيران تحت تسمية المساعدات
المستهدفة
ومنح المساعدات النقدية للعوائل وهو بهذا الشكل قد أصبح
كابوس "الفتنة الأقتصادية" والانفجار الاجتماعي وانتفاضة
المدن التي سوف لن تسكت ولو لثانية واحدة!
تظاهروا بانهم
أخمدوا الثورة، وأوقفوا الحكومة على قدميها والآن من المقرر اسوةً
بروسيا وشيلي والدول الاسكندنافية والصين والهند والاتحاد الاوربي
والعديد من الدول الاخرى في العالم انهاض اقتصادهم على اساس آلية
البنك الدولي وبالتالي لتأخير تعرضها لرعشة الموت! يسعون للقيام "
بالاصلاحات الاقتصادية ولكنهم تركوا القوات العسكرية وقوات الباسيج
على خط النار لقتل الناس! وبهذا الخصوص فإن استياء الحكومات هي في
محله تماما". ان مشكلة الاقتصاد الايراني لا يتمثل بموديل رأسمالية
الدولة في روسيا أو دولة الرفاه أو أزمة الوول ستريت بل، أن أزمة
الراسمالية وحكومتها الإسلامية في إيران يتمثل بالنهوض الجماهيري
بوجهها منذ ثورة 57 ( 1979 ـ المترجم ) الذين يؤكدون لحد الآن
رفضهم للحكومة الإسلامية الراسمالية والتي على أعقابها تعرضت
الحكومة لنزاع مزمن. ولهذا فإن استياء هؤلاء السادة في محله. وعليه
فإن عاصفة
قوية
قادمة في الطريق عاصفة ضد كل النظام الرأسمالي والحكومة الإسلامية
في إيران والأزمة والافلاس ومخطط جراحتهم الاقتصادية.
بدأت العاصفة
الحالية بالانتفاضة الثورية والمليونية لجماهير إيران في حزيران من
السنة الماضية. تمكنت الجمهورية الإسلامية من اخماد أول ظهور لهذه
العاصفة السياسية ولكنه حسم مسألة السلطة السياسية تعتبر لحد الآن
من أهم المنازعات في دستور نضال الجماهير. وعلى هذا أصبح النظام
مهزوزا بشكل اكبر واشتدت عليه الأزمة السياسية والاقتصادية وأصبح
أكثر كارثية مقارنة بفترة ما قبل مرحلة حزيران 88 (2009 ـ المترجم
). في حين كانت حزيران 88 ( 2009 ) بداية لمرحلة ثورية مستمرة لحد
الآن، وايا من النزاعات، التي حددت ملامح انتفاضة السنة الماضية،
من الفقر والقمع والحرمان من الحقوق، ليس فقط لم تعالج بل، أصبحت
أكثر حدة" وبقي النظام بخصوص معالجتها أكثر عجزا" وضعفا". من
الممكن أن تنتهي هذه المرحلة الثورية فقط بحسم مسألة السلطة
السياسية في إيران عن طريق سقوط النظام بقوة وامكانية ثورة
الجماهير أو بتثبيت حكومة رأسمالية طبيعية.
في ظل أوضاع كهذه ستظهر فالاشتراكية وتستقيم قيافتها، ليست على
صورة امنية أو هدف أو شعار واستراتيجية، بل على صورة طريقة حل فوري
وواقعي وممكن لتحرير المجتمع من ظروفه الحالية، فنتيجة ثلاثون
عاما" من حكم النظام الإسلامي الرأسمالي أصاب الاقتصاد بالشلل
الكامل والأزمة السياسية الحادة والعميقة وتفكك النسيج الاجتماعي.
وتمثلت سياسة وأهداف ومصالح البرجوازية في إيران والعالم ودولهم،
بنفس النظام الاقتصادي الذي يعتمد على الربح
وانتاج الربح الرأسمالي، في حالة طبيعية أو طبيعية في الشكل
الإسلامي أو غير الإسلامي الذي يعتبر جزءا" من المشكلة وخالق لهذه
الأوضاع وليس جزءا" من الحل. لقد دفعت البرجوازية والحكومة
الإسلامية، المجتمع إلى حد الانهيار وإلى أعماق الفقر والحرمان من
الحقوق ولكنه مع ذلك لا يستسلم المجتمع للموت وسوف لن يحدث
الانتحار الجماعي. وتم جر العمال والجماهير العريضة إلى ما دون خط
الفقر، في حين لا يوجد أمام النساء والشباب والمعلمين غير طريق
النضال والاعتراض وان الاشتراكية فقط يمكن أن تصبح هدف وراية هذا
النضال بحكم الظروف الموضوعية
الحالية، والاشتراكية هي السبيل الوحيد للخروج من الافلاس الحالي.
فإما الاشتراكية أو البربرية، لأنه لا يوجد سبيل ثالث.