مكانة و اهمية المجالس في الأوضاع الحالية
حميد تقوائي
يؤكد قادة عمال من مجموعة الاهواز الوطنية و هفت تبة على ضرورة المجالس العمالية
المستقلة و الجماهيرية في تجمع العمال في هذه المجموعتين كان لها انعكاسات
في المنشورات و الميديا الأجتماعية و جلب انظار الكثيرين. حول هذه المسألة نتحدث مع
حميد تقوائي.
خليل كيوان: كيف خطاب القائدين و تأكيداتهم حول ضرورة تشكيل المجالس في الأوضاع
الحالية لها هذه الأنعكاسات الواسعة ؟
حميد تقوائي: لان الأوضاع الحالية ابرزت ضرورة تشكيل المجالس اكثر من اي وقت اخر.
في الحقيقة الممثلين و طليعة الحركة العمالية بتاكيداتهم على ضرورة المجالس
المستقلة العمالية و الجماهيرية انهم يستجيبون لهذه الضرورة.
ان ضرورة تشكيل المجالس في بنيانها الأساسي تنبع من عدم قدرة و احباط الحكومة على
الجواب لابسط تطلعات الجماهير. ان افلاس و انسداد افاق الحكومة، الذي حتى المسؤولين
يعترفون به هذه الأيام، لم يترك امام
الجماهير حلا عمليا بغير اللجوء الى العمل المباشر و استعمال الأرادة العملية لحل
المشاكل الذي حلها اصبح مستعصيا يوما بعد يوم.الحكومة ليس فقط
عاجزة عن حل المسائل العاجلة
التي ترتبط بالمجتمع بل ليس لديها افاق حل و تخفيف هذه المسائل. هذه الوضعية ليس
فقط تدفع بشكل موضوعي الجماهير الشعبية بهذا الأتجاه لحل قضايهم و امورهم العاجلة
بأيدهم، بل على المستوى الاساسي اوصلت الجماهير الى نتيجة بان الدولة الفوقية هي
زائدة و من الممكن بتره و رميه بعيدا. هذه الوضعية اساس و الجوهر الذي تعتمد عليها
طرح " المجالس المستقلة العمالية و الجماهيرية" في الأوضاع الحالية.
في هذه الأوضاع ان طرح المجالس في الحركة العمالية يتجاوز السعي للاجتماع العام و
النضال من اجل اكتساب المطالب الفئوية للعمال تتضمن طابع العمل المباشر العمالي
لادارة الأمور بايدهم. اليوم ممثلي العمال يتحدثون عن السيطرة و مراقبة الاقسام
الانتاجية و لعب"دور الكل في ادارة الدولة". هذا الكلام و الطرح في هذه الأوضاع
اسلوب مؤثر لمواجهة العمال بشكل عملي ضد الحكومة التي يوما بعد يوم تفقد السيطرة
على الأوضاع.
عامل اخر الذي يؤكد ضرورة ايجاد المجالس هي تقوية الحركة الواسعة الحالية من اجل
اسقاط الحكومة. ان النضال و الاعتراضات العمالية الواسعة في عدة سنين ماضية انه احد
العوامل المهمة في تهيئة الأرضية للحركة الجماهرية و حركة اسقاط السلطة الجارية. في
الستة الأشهر الماضية الحركة العمالية بطرح مطالبها و شعاراتها الراديكالية،
باضراباتها و مظاهراتها و تجمعاتها الواسعة، و بتحدي المسؤولين و ارباب العمل وقفوا
في الصف الأمامي للحركة العامة للجماهير. المطالبة و السعي من اجل تشكيل المجالس و
تنظيم الأجتماع العام في النضال العمالي يستطيع ان يتحول الى نموذج لتنظيم الحركة
العمومية للجماهير من اجل اسقاط الحكومة. الجماهير التي نزلت الى الشوارع بشعار
"نحن نرفض الجمهورية الأسلامية " بالخبرة يوما بعد يوم
وجدوا انهم للوصول الى اهدافهم يجب
ان يتحدوا و ينظموا، المجلس هي اكثر اطار تنظيمي ملائم من اجل تنظيم هذا
النضال. من هذه الزاوية يجب ان نضع
المجالس بعنوانه شكل تنظيمي لتنظيم حركة اسقاط و بهدف تقوية و تقدم الحركة الثورية
الى الأمام و من اجل اسقاط الحكومة نضعه في دستور عملنا.
خليل كيوان: انت اشرت الى ان قادة العمال يتحدثون عن المجالس العمالية و المجالس
الجماهيرية. ما هو الربط بين الأثنين؟ هل هناك ارضية لايجاد المجالس في الأقسام
الأخرى في المجتمع؟
حميد تقوايي: في الاوضاع الثورية المجالس ليس فقط داخل الحركة العمالية بل على
مستوى المجتمع تصبح ضرورة عامة. اخر نموذج للتنظيم الواسع للمجالس كان في الثورة
(الأيرانية) في1979. في وجهة نظري سبب هذا الموضوع يرجع الى ابتعاد الجماهير من
"السلطويون" ، من النفوذ الفوقي على رقاب الناس و الأعتماد بقدرات على النفس في
الأوضاع الثورية. توجه المجتمع الى المجالس او اي نوع من التنظيمات اشكال المجالسية
لا تنشأ من النظرية او استراتيجية سياسية للاحزاب و القوى السياسية، بل تنشأ من
الاوضاع الموضوعية للمجتمع الذي انتفض من اجل تحطيم كل الوضع القائم. في تجربة
كومونة باريس و في تجربة ثورة اكتوبر و الثورة الأيرانية في 1979، و اخيرا في حركة
الاحتلال- بغض النظر عن عدم نجاحها لكن اساس المسألة كان التحدي ضد الواحد بالمائة-
نحن شاهدنا تشكيل تنظيمات شبه مجالسية، ان الوجه المشترك لهذه التغيرات ، على الرغم
من الاختلافات فيما بينهم، تحتوي على
طعن بسلطة الذين يفرضون فوقيا على رقاب الناس و سلطة الدولة. في اوضاع ايران
الجماهير هم يرددون شعار لا نريد الجمهورية الأسلامية ويدعون الى الجماهير الى
التنظيم في تنظيمات جماهرية على شاكلة المجالس كشكل ملائم ومتطابق الأوضاع الحالية.
النقطة المهمة يجب الأشارة اليها هو ربط الدور الطليعي للحركة العمالية لطرح و
تحفيز الخطاب حول المجالس في المجتمع. بوجهة نظري ان ممثلي العمال عندما يتحدثون
عن" المجالس الجماهيرية" يعبرون عن اهمية ودور الحركة العمالية و لعب دورهم المهم
في هذا المجال.
خليل كيوان: هل في توازن القوى الحالية ممكن تشكيل المجالس العمالية و الجماهرية في
مدى واسع؟
حميد تقوايي: نعم كما قلت من قبل في الأوضاع الحالية الشروط السياسية و الاجتماعية
ملائمة لتشكيل المجالس. النظام يواجه ازمة سياسية عميقة لا افاق لهم و يواجهوا
انهيارا كاملا للاقتصاد و لا يجدون منفذا في الأوضاع الحالية لرفعها او تخفيفها. و
قررت الجماهير وبعزم للخلاص من شر الحكومة الأسلامية. الجماهير اعلنوا في شعاراتهم
ان لعبة الأصلاحين و المحافظين وصلت الى نهاياتها، أجابوا البكاء الكاذب للحكومة
المعادية لامريكا ب" عدونا موجود هنا"
و اعلنوا بصريح الكلمة اننا لا نريد الجمهورية الأسلامية. هذه الشروط ليس
فقط يبين ضرورة و مطلوبية ايجاد المجالس الجماهيرية بل يبين امكانها. اما عمليا في
اي مستوى تتشكل المجالس فهذا مرهون
باعمال قوى يسارية و ثورية امثالنا و تنشيط الطليعيين و الناشطين العماليين و
الحركات المطلبية. ان حزبنا الذي على
طول الخط يبلغ و يروج لتشكيل المجالس و في الأوضاع الحالية بالأخص يناضل بكل قواه
لبدأ الحركة المجالسية و المجالس و تشكيلها في اوسع المجالات داخل العمال و
الجماهير الشعبية الذين انتفضوا من اجل تغير الأوضاع الموجودة.
خليل كيوان: في اوضاع كهذه لا تزال الجمهورية الأسلامية في السلطة ما هو الدور الذي
تستطيع المجالس ان تلعبه ؟ بعد السقوط ما هو الدور الذي يستطيعون لعبه؟
حميد تقوايي:المجالس ضرورية لحين اسقاط النظام في المجالين الذين اشرت اليهم من
قبل، يعني تارة بعنوان مؤسسة للتدخل
المباشر للجماهيرللاجابة على المسائل العاجلة لهم و تارة بعنوان عتلات النضال
لاسقاط السلطة . الجانبين تنشأ من عدم قدرة النظام و انسداد افاقها، هذا يخص
الأوضاع الثورية و لتضمين التدخل و النشاط المباشر للجماهير في مجرى الحركة الثورية
لاسقاط الحكومة.
بعد اسقاط الحكومة المجالس تشكل اركان و حجر اساس الحكومة الذي نحن الشيوعيون
نريده. المجالس الحكومية من الجانب الدور الذي يلعبونه و مهامهم و اعمالهم تختلف عن
المجالس النضالية و لكن الوجه المشترك بينهم ، الذي يبعث منه الأثنين لهم نفس
الأسم، هي ممارسة الارادة المباشرة للجماهير و المنظمة في المجالس. قبل اسقاط
الحكومة ممارسة الأرادة تمارس ضمن حركة الأسقاط و ازاحة السلطة اما بعد السقوط تجسد
في ممارسة السلطة و ادارة المجتع. المجالس في الظرفين المختلفين اذا تشكلت ف مجال
واسع و على صعيد المجتمع
و يشمل فئات واسعة من المجتمع، يطبع بخصائص الطبقة العاملة. ان الطبقة
العاملة ليس لها مصلحة في بقاء اي زاوية من زوايا النظام الحكومي الموجود و تريد
تحطيم كل الة الدولة الفوقية المسلطة على رقاب الجماهير. بهذا الدليل تنظيم المجالس
الثورية و النضال لخلع السلطة من الطبقة الحاكمة و من اجل ممارسة الأرادة و القدرة
الجماهيرية الشعبية في مجال السلطة مسألة عمالية. الجماهير التي تتوجه الى المجالس
في الواقع تعني انهم قبلوا بافاق و توقعات الطبقة العاملة.
خليل كيوان: الجمهورية الاشتراكية تعتمد على المجالس. ما هو دور و مهام
المجالس في الحكومة الأشتراكية ؟
حميد تقوائي: المجالس تشكل الحجر الأساس للحكومة الأشتراكية. الحكومة الأشتراكية هي
حكومة لجميع المواطنين في المجتمع بشكل مباشر.
المجالس في النظام الأشتراكي هم يشرعوي وينفذون القوانين
و كل القرارت و على كل الأسطح تطرح من قبل المجالس. يجرى عزل و تنصيب
المسؤولين عن طريق المجالس ، متى ارادوا ذلك.
على هذا الأساس الحكومة المجالسية، بعكس الحكومات البرلمانية الذي كل مرة و خلال
عدة سنين مرة واحدة يدعون الجماهير" ينتخب " بين العديد، و عادة بين اثنين، من
احزاب السلطة و لحين الأنتخابات اخرى لا يجاوبون على اي شخص، انها اي الحكومة
المجالسية تضمن التدخل الجماعي و بشكل يومي للجماهير في قضايا المجتمع. بهذا المعنى
في هيكلة النظام المجالسي، تنفي الحكومة الفوقية على رقاب الجماهير و هذا الشكل من
الحكومة تضمن الغاء استثمار الأكثرية من قبل اقلية متعفنة. يعني حكومة تريد الغاء
العبودية المأجورة و ينهي المالكية الخصوصية على وسائل الأنتاج. بعبارة اخرى
المجالس شكل و هيكلة ملائمة للحكومة الأشتراكية.
يجب ان اشير الى هذه النقطة ان الهيكلة المجالسية للحكومة الأشتراكية ليس نفي لوجود
و نشاط الأحزاب السياسية. بالعكس
تتوفر فضاء اكثرحرية و ديموقراطية
لنشاط الأحزاب المختلفة لجلب انظار الجماهير لسياساتها. في الجمهورية الأشتراكية
يجب على الأحزاب و المنظمات السياسية تسعى عن طريق المجالس و التاثير عليها طرح
اهدافهم و امامهم. في نفس الوقت يجب ان نعرف بان المجالس ليس شكلا ملائما لممارسة
سياسات الأحزاب اليمينية. عرض السياسات امثال التقشف الأقتصادي و تطبيق العبودية
المأجورة او
البدء بالحرب و تحشيد الجيوش ضد الدول الأخرى عن طريق اراء المباشرة
للجماهير، و في ظل عزل المسؤولين عن طرق الأراء المباشرة من قبل الناس المنظمين
الذين متى ارادوا ذلك، عمليا غير ممكن. الأشتراكية لا تخرج بشكل اوتوماتيكي من
المجالس و لكن سياسات الرأسمالية بالخدعة و خداع العامة لا يمكن ان تتسلط على الخط
العام على المجالس الواقعية. ان تمرير السياسات البرجوازية عن طريق" المجالس" فقط
غير ممكن الا بتحويل او التحريف هذه
المؤسسات من محتواها و في الحقيقة عن طريق نفيها يصبح ممكنا. كما جري في روسيا في
مرحلة سلطة ستالين. في الثورة الأيرانية 1979 الحكومة المعادية للثورة الذي وصل الى
السلطة باسم الثورة قمع المجالس الواقعية و من اجل السيطرة على الحركة العمالية
توسل بالمجالس الأسلامية. هذا النوع من المجالس المتحولة و المنحرفة في الحقيقة هي
سوء استفادة من استعمال الحكومات البرجوازية و الفوقية على رقاب الجماهير، باسم
المجالس. في مواجهة المجالس المنحرفة اليوم ممثلي العمال يؤكدون على المجالس
الواقعية للعمال و المجالس الجماهيرية بشكل صحيح. فقط المجالس الواقعية تستطيع ان
تكون اداة تطبيق الأشتراكية.