مصيرالثورة في سوريا

بين مطرقة تأييد امريكا والغرب وسندان معارضة روسيا-الصين!

 

سمير نوري

Samir_noory@yahoo.com

 

ان الثورة السورية حلقة مهمة في تطور الثورات و الربيع العربي و التي انهت دورة من تاريخ الأستقطابات العالمية و الحرب بين القوتين الأرهابيتين و نقطة انعطاف من التاريخ العالمي كما اشرنا اليها في قرار الحزب في البلنيوم السابق. التي اختتمت الحرب ضد الأرهاب و محاور الشر وسياسة الحروب و الأحتلال كما جرى في افغانستان و العراق وانهت الأستقطاب امريكا و الغرب من طرف و الأسلام السياسي في الطرف الثانية اي بنزول الطرف الثالث الجماهير المليونية الذي كان ساكتا و ساكنا ومتفرجا في العقدين الأخرين الماضيين اصبح لاعبا اساسيا في ساحات التحرير واكثرية المدن و المعامل و المحلات و تغير السياسات العالمية و الأستقطابات العالمية. اليوم كل السياسيات تدور في فلك تدخل هذا العملاق هذا العنصر الخطير على البرجوازية و انظمتها السياسية.

 

ان الثورات في مرحلتها البدائية اسقتطت الدكتاتوريات واحدا تلو الأخرى و افسحت المجال لنوع من الحريات و ابرزت بان الجماهير تستطيع تغير العالم و في الحقيقة بين بانه الطرف الوحيد التي تستطيع تغير العالم كما رأينا كيف انهت هذه الجماهير كيف انهت الأستقطاب بين القوتين الأرهابيتين وفرضت طابعا جديدا على الأستطابات.

الثورة السورية حلقة مهمة من هذه الثورات، ان اسقاط حكومة البشار الأسد مسألة وقت فقط و اصبح قاب قوسين او ادنى ان الجماهير لا تريد هذه السلطة و نزلت الى الشارع و طالبت بانهاء هذه السلطة بمظاهراتها المليونية و عدم قبول هذه السلطة داخل المجتمع الدولي و انحلال الهيئة الحاكمة من الفوق و انشقاقاتها واحدا تلو الأخرى. ان بقاء هذه السلطة تعتمد اليوم على سفك الدماء و القصف العشوائي و تدمير المحلات و المدن و باستعمال طائات الحربيةو  الدبابات  و الجرارات و المدافع و قوى الجيش الأسوري. وا ستمرت سفك الدماء اكثر من سنة و ان تطورات الأحداث تدفع اكثر و اكثر الى سفك الدماء و خلق المجزرة كما اشار اليها بان كيمون في ذكرى جرائم التي حدثت في"سابرنستا" في  البوسنة و الهرسك.

 

سوريا تشكل حلقة مهمة في تحالفات المنطقة و خاصة بيت ايران و حزب الله و سوريا و بعض قوى  اسلامية اخرى و القطب الأسلامي التي قمعت المرأة و العامل و القوى اليسارية و العلمانية لعدة عقود و خاصتا بعد الثورة الأيرانية في 1979التي كنست سلطة شاه ايران و بدعم الغرب جلبت الأسلام السياسي في ايران الى سدة الحكم ضد الثورة اليسارية في ذالك البلد. ان انتهاء وسقوط سوريا هي بمثابة ضربة قاصمة في ظهرهذه الجبهة الرجعية و الأستبدادية و الأسلامية في المنطقة و تشكل حلقة مهمة في تطور الحركة الثورية  في المنطقة و تشكل نقطة مهمة في دفع حزب الله البناني الى حاشية الأحداث و بعض القوى الأسلامية في العراق و تطور الثورة في ايران و سقوط النظام الأسلامي في هذه البلد. ان الجمهورية الأسلامية في ايران دافعت عن حكومة سوريا بكل قوتها خلال السنة الماضية و ساندت هذه الحكومة الهمجية و البربرية ضد الجماهير الثورية ضد النساء و العمال و الثوار في سوريا وفي المقابل احرقوا الثوار في سوريا صور لبشار الأسد و علي خامنئي معا في تظاهراتهم للاحتجاج ضد الجمهورية الأسلامية و ضد حكومة بشار الأسد في ان واحد.

 

اذا كان الجماهيرفي العقدين السابقين ساكتا وساكنا وذيلا للاحداث اليوم  الجماهير تحرك الاوضاع و تدفع الأوضاع الي الأمام و تجبر الحكومات و القوى البرجوازية العالمية و المحلية الى الركض وراء هذه الأحداث و لاجابة عليها و لتوجيهها من الداخل وتغير مساراتها. اذا كان الحروب في افغانستان و العراق خططت لها في القصر الأبيض و البتاغون و نصيب جماهير كان المجازر و سفك الدماء كما شاهدنا مئات الألف في عيراق اصبح حطبا لنار حروبهم، لكن ضربات الناتو ضد حكومة معمر قذافي كان للجواب على الثورة و لاجهاضها اي الجماهير فرضت سياسات معينة على البرجوازية العالمية و الحربين يختلفان اخلافا جزريا من ناحية تداعياتها و من ناحية نتائجها. ويبين الأحداث ان العسكر و القنابل لا يحدد مصير البشرية انما الحركات الأجتماعية و الجماهير تغير السياسات و تغير التوازنات و اتجاه السياسات. لم يكن في خيال حتى السياسيين الأمريكان و مهندسي افكارهم بان يوما ما تقف امريكا ضد حسني مبارك و بن علي و لكن الثورة غيرت الصورة بشكل كلي و اجبرهم على تبني سياسات اخرى و قبول ببدائل كانوا يعادونها بمرور العقود الماضية و لم يكن في بال احد بان اخوان المسلمون يصبحون البديل المفضل لامريكا و الغرب ولكن الثورة و اجهاضها و السيطرة عليها خلقت عجائب اكثر اعجوبتا من العجائب السبعة بكثر في تاريخ المنطقة.

سوريا ليس مصر و لا تونس بالنسبة لامريكا من طرف و لا لروسيا و الصين، لم يكن مهما بالنسبة لروسيا سقوط مبارك و لا بن علي لانهم كانوا حلافاء قدماء لامريكا و كانوا يمثلون سياسات غربية و وقعت مصر على معاهدة كامب ديفد و المصالحة مع اسرائيل لهذا سقوط هذه الحكومات بالنسبة لروسيا التي يعتبر سوريا احد حلفائهم القدماء الوضع هنا يختلف تماما وسوف احاول اشير الى سياساتهم و ما هو دورهم في هذه المعمعة في مكان اخر، لكن اجهاض الثورة و محاولات امريكا و الغرب و دموعهم التمساحية  لجماهير سوريا و سياساتهم بحاجة الى وقفة و تبيان سياسة واضحة.

كما بينا في البداية ان الثورات الربيع العربي تشكل نقطة انعطاف تاريخ البشري و حقبة جديدة التي اجبرت البرجوازية العالمية و المحلية على تغير سياساتها و السعي الي التدخل في مصير الثورات و ذر الرمال في عيون الجماهير باسم الديمقراطية و ألانتخابات و غيرها من الأدعائات التي كانوا من خبر كان لما الحكومات المستبدة  يقتلون و يعدمون و يقعمون الجماهير النسائية و العمالية و العلمانية و الثورية في المنطقة و اليوم اصبحوا الناطقين باسم الجماهير و اصبحوا احرارا اكثر من الأحرار انفسهم. ولكن في الحقيقة ان سياساتهم هو فرض بديل اسلامي رجعي و بدعم واضح من الجنرالات و الجيش، ان تحالافات المشير طنطاوي مع الأخوان و الأسلاميين في مصر لا شائبة فيها و دعم الغرب لحزب غنوشي في تونس. اننا نحن الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي و الحزب الشيوعي العمالي الأيراني في رسالة التي وجهناها الى الثورة و جماهير تونس بيننا خطورة هذه المحاولات اليائسة و الرجعية و المعادية للجماهير و الثورة في كان بدايتها بعد في  التونس و اليوم مع الأسف نشاهد تحقيق تنبؤاتنا و كان اليساريون في تونس يقولون لنا باننا نكبر الموضوع اكثر من الازم!

 

ان البديل الغربي هي دفع و مساندة الأسلاميين و الأخوانيين الى السلطة و احياء كل الخلايا النائمة للاخوان في كل المنطقة و اصبح البي البي سي و السي ان ان ابواقا لابراز قادة الأسلاميين و الأخوان في كل صغيرة و كبيرة و العلاقات الأمريكية المصرية و دعم مرسي الرئيس الجديد شيء علني و واضح. ان سياسة جلب السلاميين للسلطة بدأت بمجيء اوباما للحكم و خطاب اوباما في القاهرة كان ضوء اخضر من امريكا للاسلاميين و المصافحة معهم بدلا من الحرب على الارهاب و محاور الشرٌ.

 

ان دعم الجنرالات و الأسلاميين و الأخوان المسلميين تشكل النقطة الرئيسية التي يتحرك عليها الغرب و امريكا لتغير صيرورة الثورة و السعي لابعاد الجماهير في مصيرها السياسي و تحويل الثورة الى حرب بين جنرالات منشقين و الجيش السوري و مساندة المعارضة البرجوازية الأسلامية. ان تحويل الثورة الى صراع عسكري بحد ذاتها تشكل خطرا واقعيا لاحدوث المجازر التي يتحدث عن حدوثها بان كيمون و اننا نترقب الوضع في حلب اليوم بكل جدية و احتمالية حدوث مجزرة خطيرة من قبل الجيش السوري والسياسة الغربية و البرجوازية و تحويل الثورة هي السبب في غرق الجماهير في دمائهم وبوسيلة حكومة بشار الأسد المجرمة.

وفي المقابل تقف روسيا و الصين و ايران موقفا مساندا لسوريا و الحكومة المستبدة لبشار الأسد. روسيا التي الآن تحاول ان تلعب دوريا اكثر تأثيرا على الصعيد العالمي وبمساندة صين تقف موقفا معاديا واضحا من الثورة و الثورات المنطقة و تدافع بشكل صريح عن الحكومات المعادية للجماهير في المنطقة. ان محور روسا-صين تشكل محوريا رجعا من الجماهير العمالية و المرأة و الجماهير و لا يأباهم قتل و ذبح عشرات الألآف من ابناء سوريا المنتفضة بوجه الظلم, روسيا التي كان منشغلا بترتيب البيت الروسي و بالأعتماد على التعصب القومي و تعظيم القومية الروسية الآن تحاول ان ترجع دورها في الأوضاع العالمية و خاصتا ان وضعها الأقتصادي احسن مقارنتا باوروبا و خاصتا بعد سقوط الول ستريت و ألازمة الأقتصادية العالمية، ان معادتها لجماهير سوريا و وقوفها مع الأسلام السياسي هي جزئا اخرا مع معادات الثورة. اذا كان امريكا تساند اخوان المسلمين و الجنرالات العسكرية فأن دفاع روسيا عن حكومة بشار الأسد تضع الثورة السورية بين مطرقة تأيد امريكا لها و سندان معادتها من قبل روسيا و كلاهما يريدان انهاء الثورة و كل منها بطرق مختلفة. لكن الثورة تمرُ بايام عصيبة لكنها سوف تسقط بشار الأسد شاءوا ان ابوا.

 

مهام الثورة تتمحورا اولا حول اسقاط النظام. ان اسقاط النظام يفسح المجال لتطور قوى الثورة  و تنظيم الجماهير في مؤسسات و تنظيمات ثورية و تفسح المجال لابراز وتوحيد الحركة النسوية الثورية و الحركة العمالية و الحركات العلمانية الراديكالية و تقع مهام على عاتق  قوى اليسار و الشيوعية بناء تنظيمات و مؤسسات يمكنها من الأستعداد للعب دور مصيري في حسم السلطة السياسية في صالح الجماهير المليونية و انجاح الثورة. و من مهام القوى الثورية الشيوعية فضح السياسات الغربية و البديل الأسلامية و تحويل الثورة الى صراع بين الجنرالات العسكرية و تبعيد الجماهير من الساحة السياسية. ويجب فضح السياسات الروسية – الصينية المعادية للجماهير و المساندة للحكومة المجرمة، اننا نعلم بان لا يزال بعض قوى اليسار التقليدي و لا يزال لا ينددون بدور الروسي و لكن على القوى الثورية الراديكالة ان يفضحوا محور روسيا كاحد محاور البرجوازية العالمية في المنطقة ومعادية للجماهير.

 

ان اهم قضية في مسألة الثورة هي حسم السلطة وانهاء السلطة الفوقية و المعادية للجماهير، ان تحديد ملامح حكومة ثورية و اسس و معاير ثورية للحكومة القادمة تشكل مهاما اساسيا للقوى الشيوعية و اليسارية. ان الثورة هي يوم و عيد الشيوعيون و المناضلون ويجب الا نضيع فرصتنا في الثورة السورية انها نقطة تحول مهمة في المنطقة وفي صالح الجماهير يجب ان نجني ثمار نضالنا الجاهيري.

 

———————