مقابلة الصفحة الالكترونية هاوبشتي مع سمير نوري عضو المكتب السياسي

حول الاحتجاجات الجماهيرية في كردستان العراق ضد قانون المظاهرات الذي اقره برلمان كردستان

 

هذه المقابلة أجرتها صفحة هابشتي الالكترونية مع الرفيق سمير نوري عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي باللغة الكردية حول الاحتجاجات الجماهيرية في كردستان العراق ضد قانون المظاهرات التي اقرها برلمان كردستان ووقع عليها مؤخرا" مسعود البارزاني رأيس الأقليم ونظرا" لأهمية المحتوى السياسي لهذه المقابلة بالنسبة للأوضاع السياسية السائدة حاليا" في كردستان العراق رأينا من الضروري ترجمتها الى اللغة العربية.

 

هاوبشتي: تم انتقاد هذا القانون من الكثير  من الجوانب، باعتقادكم ما أهم النواقص أو بالأحرى مواضع النقد في هذا القانون؟

 

سمير نوري: اقر هذا القانون لمنع المظاهرات، وبموجب هذا القانون، يمكن فقط تنضيم تلك المظاهرات التي تقام لأجل لمبايعة الرأيس والمجاميع والزمر الحكومية والأحزاب الحاكمة، من أجل دعم وتقوية السياسة الرجعية المعادية للجماهير. ولهذا فمن وجهة نظري إن هذا القانون قد تم صياغته بطريقة غير قابلة للتعديلات أو اعادة الصياغة، ولذلك فإن صياغة قانون مناهض لحرية التظاهر لا تثمر الزهور لأنها متكونة من الأشواك بشكل كامل.

 

فإذا أردنا اثبات كلامنا فينبغي أن نحدد النقاط الرئيسية التي يحويها هذا القانون  والتي هي بمثابة المحاور إن أول نقطة أثرت حفيظتنا من هذا القانون تقول: ينبغي القيام بالمظاهرات بموافقة من السلطات الحاكمة. وهذا يعني جعل حرية التظاهر خاضاعا" للتساؤل وهذا أمر واضح لا يقبل أي تفسير أو تأويل آخر. ولهذا فإذا كان حق التظاهر محصورا" بيد السلطات الحاكمة فمن المؤكد سوف لن يسمحوا بتنضيم أية مظاهرة لا تتفق أو تناقض مع مصالحهم ومصالح السلطة وتوجهاتهم الفكرية وفلسفة وجودهم. ففي كل البلدان المتقدمة فإن حق التظاهر أمر حر والاجراء الوحيد الذي ينبغي أن يقوم به منظموا الاضراب هو تبليغ الشرطة لحماية سلامة المواطنين والمتظاهرين وليس بغية الانتظار للسماح لهم بالقيام بالمظاهرة وبالتالي لتخضع عملية حق القيام بالمظاهرة من خلال كتابنا وكتابكم، التي تعتبر جزءا" آخرا" لهذا القنون، تحت المسائلة.

 

النقطة الاخرى هي قضبة عائدية المسؤولية القانونية لمنضمي المظاهرات، فهي تشبر إلى أنه في حالة حدوث أعمال الشغب ضد الاداب العامة والمصالح العامة والخاصة، تقع مسؤليتها على منضمي المظاهرة، أما بهذا الخصوص، فمن المعتاد أن لا يتحمل أي شخص مسؤلية أعمال شخص آخر أثناء المظاهرات بذريعة كون المرء قد قام بتنضم المظاهرة ولذلك فإن كل فرد يجب أن يتحمل وزر افعاله أثناء المظاهرة وليس لها علاقة بأي شخص آخر. وبهذا الصدد فإن القادة العمال في شيكاغو، بعد أن قامت الشرطة بانقلاب داخل مظاهرتهم، قد تم اعدامهم. وهذا يعني أنك بنفسك تدخل إلى الفخ الذي نصبها الشرطة والشرطة السرية ضد المتظاهرين وأعداء الحكام.

 

نقطة اخرى هي: أنه لوانتهكت المظاهرة الآداب العامة أو انتهكت الأمن أو إذا انحرفت عن هدفها وغرضها، فإن تعويض المتضررين يتحملها من سبب بتلك الأضرار، فبهذه الصيغة يمكنك اعتقال المئات من المتظاهرين وتقول أن هذا معادي للآداب العامة، وإن هذا قد خرج عن هدف وغرض المظاهرة، فعلى سبيل المثال إذا ما قام 100 من الشباب والشابات ضد قتل النساء في مظاهرة 8 مارس بتعرية أنفسهم من الملابس في ( ده ركاي سه ره ) أو ( شيخ الله ) ضد الملالي الرجعيين والثرثارين الذين يشهرون يوميا" من على منابر المساجد بحرية ارتداء اللبس، فماذا ستقول الشرطة! فهل ستقول أنها معادي للآداب العامة؟ وعلى هذا الأساس يعتقلونهم، علما" هناك الكثير من هذه الفعاليات في مختلف أرجاء العالم. أو إذا قام المتظاهرون بصنع دمية لمسعود البارزاني وكل شخص من المتظاهرين قد تحدث بملئ قلبه وصب جام غضبه على جريمة اغتيال سردشت عثمان، فالشرطة ستهجم على المظاهرة وتفرقها بالقوة وتسوق المتهمين إلى المعتقلات؟ من الواضح ان هذا القانون قد أثبت ذلك للشرطة.

نقطة اخرى: هي أن الشرطة بامكانها أن تستخدم القوة ضد المتظاهرين، في كل هذه الحالات التي تحدثنا عنها والتي نصت عليها القانون. وبهذا الموجب إذا أراد شخص ما ترقيع هذا القانون فهذا يعني أنه مسرور بهذا القانون ويؤيده.

فإذا علم دعاة الحرية في مدينة السليمانية في تمام الساعة 12 ليلا" بأن دكتاتور إيران أحمدي نجاد سيزور جلال الطالباني في السليمانية وأرادوا تنضيم مظاهرة احتجاجية في الساعة 8 صباحا" للتعبير عن عدم ترحيبهم بأحمدي نجاد لأن يديه ملطخة بدماء أحرار إيران!  فهل ينبغي أن ينتظروا رد جناب الوزير فيما إذا كان سيسمح لهم بتنضيم مثل هذه المظاهرة أم لا؟! ولذلك فإن هذا القانون هو من كل الجوانب رجعي ومعادي للحرية.

 

هاوبشتي: باترى هل، باعتقادكم، أن الموقف الصحيح بالنسبة لكل منتقدي هذا القانون والمعترضين عليها، أن يكون متفقا" وموحدا"؟ وهل ينبغي تعديل هذا القانون أم الغائه بشكل نهائي؟

 

سمير نوري: إنني أجد بأن جزءا" من هذا السؤال قد تم الاجابة عليها فيما سيق، والذي تضمن بأن مجتمع كردستان وكل مجتمع حر لا يحتاج إلى قانون كهذا. وهذا يعني أن أفضل مكان لهذا القانون هو سلة المهملات. باعتقادي ينبغي أن يكون كل دعاة الحرية متفقين حول مسألة الحرية الغير مقيدة للتظاهر والتجمع والاضراب، وإذا كان هناك ضرورة لقانون بهذا الخصوص فيجب أن يتم اقرار هذا الحق الأولي لجماهير  كردستان ودون أي قيد أو شرط.

 

هاوبشتي: أن البعض يرى بأنه ليس هناك أية حاجة من الأساس لقانون المظاهرات. ياترى! هل برأيكم هناك حاجة لمثل هذا القانون في كردستان؟ وإذا كان الجواب: نعم، فلماذا؟

 

سمير نوري: أنا أيضا" أشاطر الرأي مع الذين يقولون بأنه ليس هناك أية حاجة لهذا القانون.

 

هاوبشتي: ما هو غرض حكام كردستان من اقرار قانون المظاهرات؟

 

سمير نوري: في كردستان عندما تم طرد الحكومة البعثية سنة 1991 قد وجد بعدها فضاء مزدوج كان مطلب الحرية الذي كان الجماهير متعطشا" لها، جزءا" منه  ولم تكن بوسع أحد أن ينكرها، وكان الجزء الآخر منها هو أن القوى الرجعية العشائرية والقومية في كردستان لم يكونوا متحدين، وهم كذلك لحد الآن، بغية السيطرة على الجماهير وفي الجانب الآخر كان يقف النظام البعثي فلم يكن بوسعهم سلب تلك الحريات من الجماهير. ولكنهم لم يتحملوا يوما" المظاهرات الجماهيرية المتنامية وباستمرار تعرضت التجمعات والاضرابات والمظاهرات، لهجمتهم كما وتحرشوا بالمجالس وهم لايزالوا خلف قمم الجبال وبدأ تحشرهم أول الأمر باذاعتهم حتى وصل الأمر بهم إلى التحرش بواحدة بعد الآخرى من المظاهرات والاعتراضات الجماهيرية ومظاهرات ذوي البيوت الغير مسجلة في الطابو في حين إن اغتيال بكر علي لا أعتقد قد غاب عن يال أحد، وسلب حق الاضراب من عمال معمل سمنت طاسلوجة، ومن الطلبة، هذه كلها أمثلة ملموسة إضافة" إلى الكثير من الأمثل في هذا الميدان.

إن غرض الحكام من اقرار هذا القانون واضح فوهو مسعى لمنع المظاهرات وكل اعتراض في كردستان  تسعى إلى تغيير معيشة الجماهير في كردستان، وأنهم يريدون اضفاء الشرعية لكل ما حدث لحد الآن بالقانون، وخصوصا" في ظل أوضاع يتميز باتساع التفاوت الطبقي وتراكم الرأسمال من طرف والفقر والبطالة من الطرف الآخر. ولذلك فإن أمواج الاعتراضات الجماهيرية قد وضعتهم أمام مفترق الطرق.

 

هاوبشتي: تقول بعض مراكز السلطة في كردستان أنه على الرغم من كل نواقص هذا القانون إلا أنها من أكثر القوانين تطورا" في المنطقة، فما هو رأيكم بهذا الخصوص؟

 

سمير نوري: أنهم يقولون أيضا"، أن قانون الأحوال الشخصية التي تقر اضطهاد النساء ليس لها مثيل، ويطلقون على طبيعة سلطتهم المليشياتية منذ 20 سنة في كردستان ولحد الآن بالواقع الديمقراطي، وأنهم يسمون أعداء جماهير كردستان كأصدقاء لجماهير كردستان ( مثل توركوت أوزال ) ويسمون صدام بالحكم، فبماذا سيخسرون لو قالوا أن قانون منع المظاهرات هي القانون الأفضل في المنطقة!!؟ وما هو أسوء من ذلك أنهم يقارنون سلطتهم بالاردن والسعودية وإيران؟ في حين إن هذه الدول هي من أكثر دول العالم رجعية"، إن هؤلاء الآن متضايقون لأمر كيفية عدم امكانيتهم اسوة" بجيرانهم من القوميين والإسلاميين أن يفرضوا سلطتهم السوداء على الجماهير. وإنني على ثقة بأنهم سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر لأن الجماهير الداعية للحرية سوف لن تفسح لهم المجال.

 

هاوبشتي: إن الحركة الداعية لالغاء هذا القانون لازالت مستمرة حيث أن الجماهير في الكثير من المناطق قد قال لا! لهذا القانون، فكيف تقيم هذه الحركة  وكيف ترى افق انتصارها؟

 

سمير نوري: إن هذه الحركة بكل نواقصها وخصوصا" بعض التوهمات داخل صفوفها على شاكلة معالجة هذه المسألة عن طريق البرلمان والمعارضة البرلمانية، ولكنه مع ذلك فعمليا" حصلت هذه المسألة على الجواب والآن فإن مجرى هذه الحركة كلما طال بها الزمن ستتماسك وتتوضح أكثر، حيث أن غالبية الناس أجاب على هذه المسألة بلا! وأرغم مسعود البارزاني على الدفاع الخجول عن هذا القانون ولم يبرز نفسه كثيرا" على أنه صاحب هذا القانون لأنه إذا تفاقمت هذه المسألة أكثر حتى يتمكن من ابعاد نفسه عنها. ولكن العمل باتجاه الغاء هذا القانون ينبغي أن تكتسب أشكالا" أكثر سعة. إن قسما" مهما" من الغاء هذا القانون يتجسد بعدم اقدام اي طرف للحصول على رخصة السماح بتنضيم المظاهرات، وهذا يعني جعل تنضيم مظاهرت دون رخصة تقليدا" قويا"، وليشعر بالعار كائا" من كان إن حاول الحصول على الرخصة وكذلك لتعني انها انتهاك واقعي لهذا القانون.

 

هاوبشتي: كيف ستكون موقف القوى السياسية الموجودة خارج الحكومة في كردستان حول هذه القضية؟

 

سمير نوري: إن موقف الأطراف المختلفة واضح، فالمعارضة البرجوازية تسعى لجعل اعتراضات الجماهير جسرا" للعبور والوصول إلى الى أهدافهم، إن هؤلاء في كل وضع يصبح فيها المنازلة قويا" حول هذه المسألة فأنهم سيحصلون على أسهمهم ويتموضعون كالسابق في الخنادق المعادية للجماهير حيث أن تاريخ هؤلاء قد أثبت ذلك بكل وضوح.

 

ولكن قوى اليسار والشيوعيين الذين قادو وتقدموا في الصف الأمامي للحركات الاعتراضية لجماهير كردستان في العقدين المنصرمين، أستطيع القول بأنهم بقفون الآن أيضا" في مقدمة الاعتراضات الجماهيرية ضد قانون منع المظاهرات ولم يتخلوا عن ذلك الموقع وأنهم يقومون دوما" بدور الملهم والمرشد للحركات الاعتراضية في كردستان.

 

هاوبشتي: شكرا" لمشاركتكم في هذه المقابلة.

 

سمير نوري: شكرا" لجهودكم أيضا"

صفحة هاوبشتي

18 كانون الثاني 2011