خيال ابراهيم مسؤولة منظمة تحرير المرأة في العراق في لقاء بمناسبة يوم المرأة العالمي

 

القوى الاسلامية والقومية 
عدوة المرأة

 

نحو الاشتراكية: يحل قريبا يوم الثامن من اذار يوم المرأة العالمي. تقول ابواق السلطة والبرجوازية بان الاوضاع في العراق في تحسن وبالتالي فانها توعد بتحسن اوضاع المرأة في العراق. كيف تنظرين الى وضع المرأة اليوم ؟

 

خيال ابراهيم:  قبل اي شئ اود القول ان الوضع في العراق لم يتحسن كما يتم اشاعته من قبل السلطة وابواقها في العراق. انهم يقولون ان الاوضاع اخذة بالتحسن وانها تتجه نحو الطبيعية من اجل خدمة اغراضهم وترسيخ السلطة بايديهم ويريدون تصوير الامور وكأن كل ما حدث من فظائع وجرائم لم يحدث. الوضع في العراق لم يتحسن ومازالت الجرائم والمجازر وعمليات الاختطاف والقتل والذبح والاغتيالات تحدث كل يوم واخرها مجزرة الاسواق في النجف وقبلها الايام الدامية في بغداد والتي راح ضحيتها مئات البشر قتلى وجرحى. هذا جانب. والجانب الاخر هو انه حتى لو افترضنا ان الاوضاع الامنية تتحسن نسبيا فان وضع المرأة هو في اسوأ حالاته وحتى ربما اسوأ من السابق بمئات المرات. النقطة التي اود التركيز عليها هو انه اذا لم يحدث تغيير جذري وجدي في المجتمع وانقلاب الاوضاع فلن يكون هناك تحسن في وضع المرأة بالعراق. وفي نفس الوقت ارى ان العملية ليست باتجاه واحد. فلكي يتحسن الوضع في المجتمع ويصبح طبيعيا بالمعنى العام فان ذلك يشترط بشكل اساسي تغير اوضاع المرأة. لذا نرى ان العملية متبادلة؛ تحسن اوضاع المجتمع تتطلب تحسن اوضاع المرأة، وتحسن اوضاع المرأة تتطلب اجواء طبيعية ومتعارفة. كلما كان المجتمع امنا ومطمئنا فان ذلك يساعد قضية المرأة.

 

نحو الاشتراكية: هل برأيك ان تحسن الاوضاع سيؤدي بشكل اوتوماتيكي الى تحسن وضع المرأة في العراق ؟

 

خيال ابراهيم:  للاجابة على ذلك ساضرب مثالا من العالم العربي او الدول العربية او المسماة اسلامية وهي في الواقع خاضعة للقوى الاسلامية والقومية والعشائرية. وضع المرأة في بعض تلك الدول برأيي اسوأ بكثير منه في العراق، وهذا يعني ان موضوع المرأة مرتبط ليس فقط بالامان والاوضاع العادية ولكن بابعاد اخرى وهي التيارات الاجتماعية القوية والمهيمنة. برأيي ان وضع المرأة السعودية او السودانية او الصومالية او اليمنية او الباكستانية اسوأ بكثير من وضع المرأة في العراق على سبيل المثال بسبب هيمنة قوى الاسلام السياسي المتوحشة. اذن السبب الاساسي لتدهور وضع المرأة في العراق ليس فقط الحرب والارهاب والتراجع الامني بل هيمنة قوى الاسلام وتدخل الاسلام السياسي وتسلطه على المرأة محولا حياتها الى جحيم.

 

نحو الاشتراكية: هل بالامكان توضيح هذه النقطة اكثر ؟

 

خيال ابراهيم: قلت ان احد اسباب تدهور الاوضاع في العراق هو وجود قوى الاسلام السياسي وهو القوة الاساسية في العراق وميليشياتيه تسيطر وكذلك القوى الميليشياتيية للقوى القومية البرجوازية الكردية والعربية التي تعتبر ان قضية المرأة يجب الا تظهر للسطح.  هذه القوى حين ترى ان هناك عيبا ما او مشكلة تكشف قضية المرأة وتفضحهم فانها سرعان ما تحاول ان تغطي على الموضوع باي طريقة. هذه القوى تريد ان تستغل المرأة بكل قسوة وتمارس كل انواع الانتهاكات ولكنها تصور الامر وكأنه مسألة طبيعية ولا تستحق الذكر وهي مسألة طبيعية وان استغلال المرأة هو مسألة قديمة وستظل هكذا وغير ذلك. مثلا قتل النساء في كردستان العراق لم يكن سائدا بهذا الحجم المهول قبل مجئ القوميين الكرد للسلطة. حالما جاء القوميون الكرد للسلطة في كردستان بدأوا باعداد لستات (قوائم) باسماء نساء يذهبون بها الى الاهل ويطلبون من الاب او الاخ او الزوج قتل المرأة غسلا للعار ! ان ذلك ليس خافيا على احد وهي مدونة ومكتوبة وقد حدثت في كل مدن وقرى كردستان العراق، من دهوك الى اربيل وكنا نعمل على كشفها للعالم في ذلك الحين ولكن الحركة النسوية واليسار في العراق استطاعا التصدى لهذا التواطؤ ووقفا ضده وحدث ما يشبه الفضيحة ضدهم مما اظطرهم الى ايقاف هذه الممارسة ولكن بعد ان قتلت الاف النساء وكانت القوائم في بعض الاحيان تصل الى مئات الاسماء في كل مدينة كردستانية.

 

برأيي ان قتل النساء وارعابهن هو هدية للاسلام السياسي. القوميون الكرد فعلوها وصدام حسين فعلها ايضا واستمر الان بها مقتدى الصدر وبقية الاحزاب والتنظيمات الاسلامية. هذه القوى الرجعية كلما تريد ان تتقوى سياسيا فانها تلجأ الى قمع المرأة وقتلها اكثر. المرأة في جنوب ووسط العراق تعاني من اوضاع اكثر كارثية حيث نشرت صحيفة الغارديان خبرا يتحدث عن مقتل 81 امرأة في مدينة البصرة خلال العام 2009 بزيادة الضعف عن العام السابق له وتقول ان استئجار قاتل عملية بسيطة تكلف الاحزاب الاسلامية فقط 100 دولار. بينما في مناطق كردستان فان الامر يضاهي ذلك سهولة حيث يكفي الشك بامرأة لكي يتم قتلها من قبل زوجها مثلا ومن ثم يذهب القاتل للاحتماء باحد عشائر مسؤولي الاحزاب القومية الكردية ليظمن بعدم تقرب احد منه ومحاسبته او سجنه. وحسب قوانين العشائر فان رؤساء العشائر في كردستان هم اركان السلطة نفسها!! هناك الاف اخرى من النساء في مدن الجنوب والوسط تعرضن للقتل وايضا في محافظة الانبار وبغداد في المناطق الخاضعة للاسلاميين. على صعيد العراق فان مئات الاف النساء قد فقدن ازواجهن نتيجة الحروب والقتل العشوائي والتفجيرات والمعتقلات. هؤلاء النساء ليس لهن اي اعانة اجتماعية وليس هناك اي دعم من الدولة او طرف. حتى اهل الزوج يقفون ضدها ويحاولون استغلالها.  ليس للمرأة اية حماية او دعم. ان المرأة في هذه الحالة حين ترتكب خطأ ما يكون جوابها القتل. هذه هي حالة النساء في العراق.

 

نحو الاشتراكية: ماهي القوانين السائدة في العراق اليوم فيما يخص المرأة وكيف تربطين هذه القوانين بتدهور وضع المرأة ؟.

 

خيال ابراهيم: ان القوانين تلعب دورا اساسيا في حماية وضع المراة في المجتمع. لماذا يكون وضع النساء في الدول الاوربية مثلا افضل منه في العراق او ايران او السعودية ؟ بالطبع لان هناك قوانين تحمي المرأة الى حد ما. بالرغم من انه قد يتم اظطهاد المرأة ايضا ولكن هنالك حدود دنيا تمنح المرأة فيها القدرة للدفاع عن نفسها. القوانين السائدة في العراق مبنية على اساس دونية المرأة وليس مساواتها. مبنية على اساس ان الرجل هو السيد وهو ما يسمونه ب"رب" العائلة، وان المرأة مخلوقة من "ضلع" من اضلاعه ويحرم عليها ان تسافر او تنتقل وحدها او تخرج بحريتها بينما الرجل له الحق في الزواج من اربعة نساء في وقت واحد ! هذا عدا عن العنف والضرب والاهانة في المنزل. هذه القوانين لا تحمي المرأة من اي تعسف وقسوة بل بالعكس تقوي وترسخ دونية المرأة ازاء الرجل. ان هذه القوانين مستمدة من الدين الاسلامي وهي موجودة بالطبع منذ نشأة الدين الاسلامي وحتى قبل نشأة الدين كانت دونية المرأة سائدة من قبل الطبقة الحاكمة ولكن الدين رسخ هذه الدونية وشرعها بقوانين محددة مثلا التأكيد على كونها اقل وعياً من الرجل وعليها خدمة الرجل وانها "عورة" يجب تغطيتها وفرض الحجاب الاسلامي عليها وحصتها من الميراث والشهادة في المحكمة دليل على هذه الدونية. هذه قوانين الشريعة الاسلامية. وكمثال واقعي هناك قوانين تعدد الزوجات المطبقة الان في العراق وكردستان. وهناك قانون حول "المحرم" حيث تمنع المراة من السفر لوحدها دون رجل يقربها معها. كما ان هناك قوانين شريعة اسلامية تطبق في مناطق مختلفة من العراق حول الحجاب الاسلامي. اود التاكيد هنا على انه قد يقال بان القانون في العراق ليس هو نفسه الشريعة الاسلامية نفسها ولكن قانون العراق ليس "مدنيا" بل ديني حتى لو لم يمارس الرجم مثلا فانه عاجز كليا عن حماية المرأة من انتهاك حقوقها او قتلها او ضربها او الزواج المتعدد عليها او ارتكاب الجرائم ضدها كالتزويج المبكر القسري و غيرها. وبرأيي فان القانون الذي يفشل في حماية المرأة يكون هو نفسه قانون الشريعة الاسلامية الكاره والمعادي للمرأة. ان نفس القوى التي تقوم بانتهاك حقوق المرأة هي القوى "المشرعة " للقوانين فيما يسمى "ألبرلمان" وهو مجلس اسلامي وعشائري متخلف كما هو معروف.

 

برأيي كلما تقوت التيارات الاسلامية كلما اشتد تطبيق هذه القوانين بشكل اقسى على المرأة. حيث قبل ان تتقوى حركات الاسلام السياسي كانت تقبع في حاشية المجتمع، كان وضع المرأة احسن الى حد معين. والان اصبحت قوى الاسلام السياسي في السلطة في العديد من الدول المسماة عربية واصبحت القوانين الاسلامية هي السائدة. في العراق جلبت الحرب والاحتلال الامريكي قوى الاسلام السياسي الى السلطة واصبح وضع المرأة في غاية السوء.

 

نحو الاشتراكية: كيف تنظرين بشكل عام الى وضع المرأة في كردستان اليوم ؟

 

خيال ابراهيم: طبعا ابواق السلطة والقوميين الكرد تقول ان وضع المرأة جيد وان المرأة في العراق متحررة وان الوضع طبيعي. ولو نلاحظ فان القوميين الكرد مستمرين في السلطة منذ العام 1991 ويحكمون مجتمعا طبيعيا الى حد ما ، فلماذا كل حالات انتحار النساء في كردستان اذن؟ لم المستشفيات مليئة بحالات انتحار النساء بالحرق ؟. لقد صار حرق المرأة في كردستان فضيحة دولية. لماذا تحرق المرأة نفسها وتنهي حياتها بايديها ؟. ان هذه النتيجة هي الدليل على الوحشية التي تعامل بها القوى الحالية المرأة حتى لو ادعوا الف مرة بان وضع المرأة جيد او طبيعي.

 

لقد زرت كردستان مؤخرا ورأيت ان وضع المرأة مزري. بالاضافة الى القتل والحرق وتعدد الزوجات وغسل العار ومنع التنقل وحرمانها من الحريات لاحظت ان حكومة اقليم كردستان بدأت بممارسة جديدة. حيث لاحظ الناس ان طالبات السادس الاعدادي لم ينجح منهن الا نسبة ضئيلة جدا جدا.  هذه ظاهرة جديدة.  هذه الظاهرة مرتبطة بخصخصة التعليم الجامعي في العراق وفي كردستان. لقد اخبرتني مديرة احد الاعداديات بانه تخرج من وجبة السادس اعدادي لمدرستها طالبتان فقط وتمكنتا من الذهاب الى الجامعة الرسمية. لقد حدثت ازمة نفسية حادة جدا لدى فتيات كثيرات كان لهن طموح بان يصبحن مرموقات في المجتمع او يدرسن في الجامعة ويصبحن طبيبات او مهندسات او حقوقيات او مدرسات او باحثات وغير ذلك وكن يدرسن لساعات طويلة. وحين اعلن عن رسوب معظم الطالبات فان مصيرهن اصبح اما الجلوس في البيت او الذهاب الى الجامعات الاهلية الباهظة الكلفة. ليس من الغريب ابدا ان نتصور ان نفس قيادات الاحزاب القومية الكردية تملك اسهما في تلك المعاهد والجامعات الاهلية وبالتالي فان ذلك سيعود بالمنفعة المادية لهم ولكن ما هو مصير الفتيات ؟. ان اغلب الاهل لا يستطيعون تحمل تكاليف الدراسة الخاصة بهن او انهم يفضلون ارسال ابناءهم الاولاد وليس البنات. بالتالي فان مصير اغلب الفتيات هو المكوث في البيت. يقولون لها ببساطة انت غير كفوءة وانت فتاة ما لكِ والدراسة، اجلسي في البيت!. لقد آلمني ذلك بشدة حين زرت كردستان وحاولت ان اتعرف على المشاكل الواقعية والحقيقية للفتيات والنساء هناك.

 

ان وضع المرأة في كردستان في حالة تراجع على كل الاصعدة. المرأة حين خروجها للشارع فانها تتقيد كثيرا وتخاف. حكومة اقليم كردستان تحاول باستمرار ان تهبط بالوعي الاجتماعي لمسألة المرأة او بالاحرى "تحمق" الناس. ان الفتيات اللواتي يلبسن ازياء متمدنة وحديثة وجميلة يلاقين اشد انواع المضايقات والاهانات والتحرشات. المرأة في كردستان تحاول ان تكون في الظل ومخفية. اي فتاة او امرأة تتحدث عن تحرر المرأة فانها تخشى ان النبذ والهجوم وتشويه السمعة بالاتهامات الباطلة والحقيرة. حكومة اقليم كردستان نفسها متواطئة ضد المرأة وليس للمرأة اي أمل في ان الحكومة او السلطة ستدافع عن حقوقها. ان المرأة في كردستان والعراق عموما ليس لها سند. ولو كان لبعض النساء فرصة التعرف على قوى يســارية او التصورات الماركسية مثلا كأن يكون لديها اخ او صديق او ابن عم او اب يحاول ان يخبرها بالافكار التحررية ويساندها فهي تكون محظوظة حقا. ولكن الجو العام شديد التخلف وهو جو عشائري وقومي رجعي. السلطة تحاول ان تحقر المرأة في الاماكن العامة؛ في المدارس او الجامعات او الدوائر او المعامل الخ. هناك بالطبع منظمات نسوية تدعي في الظاهر الدفاع عن المرأة ولكن تلك المنظمات انشأت تحت ظل الاحزاب القومية الكردية (والامر ينطبق على بقية اجزاء العراق). والحقيقة اقول ان تلك المنظمات هدفها تحميق وتحقير المرأة اكثر من الدفاع عنها. انها واجهة تجميلية لاحزابهم العشائرية والرجعية. انهم يتحدثون في الاجتماعات عن المرأة وقضيتها ولكن في الواقع فانهم لا يعملون مطلقا، وليس لعملهم اي ربط او علاقة بمسألة تحرر المرأة او مساواتها.

 

نحو الاشتراكية: اذن رفيقة خيال باختصار من هي القوى السياسية المشخصة التي تعادي المرأة في العراق ؟

 

خيال ابراهيم: كما قلت فان القوميين في كردستان والقوميين – الاسلاميين العرب في العراق والاسلام السياسي ايضا في الجنوب والوسط. العشائرية في الشمال وجنوب ووسط العراق تشجع وتبصم على كل قانون رجعي واسلامي محقر للمرأة.

 

نحو الاشتراكية: مالسبب في عمل هذه القوى ضد المرأة ؟ ما سر كراهية ورجعية تلك القوى ازاء المرأة ؟

 

خيال ابراهيم: برأيي انهم يريدون تحقيق مكسب سياسي ونفوذ. الاسلام السياسي مبني على اظطهاد ودونية واحتقار المرأة. وانا اسأل بدوري: مالذي تستفيده الجمهورية الاسلامية مثلا في ايران او السعودية من احتقار واهانة ودونية المرأة ؟! ان الجواب هو ان الهوية والتعريف السياسيين لتلك القوى هو احتقار المرأة. من هنا نلاحظ ان المواطن في الغرب حين يذهب الى ايران او السعودية لا يشعر بوجود الاسلام السياسي في السلطة الا حين ينظر الى المرأة ويراها محجبة ومقهورة. حينها يعرف انه في بلد يسيطر على سلطة المجتمع فيه الاسلام السياسي. ان راية الاسلام السياسي هو تحقير واهانة المرأة ولا تستطيع تلك القوى الاستمرار في السلطة وفي حكم المجتمع دون هذه الراية والهوية.

 

نحو الاشتراكية: بعض المدافعات عن حقوق النساء من داخل السلطة الاسلامية والقومية في العراق يقلن بان وضع النساء غير جيد في العراق وبحاجة الى تحسين ولكنهن يطلبن ذلك من حكومة المالكي ومن القوى الاسلامية والعشائرية الرأفة بالمرأة. يتوسلون بالسلطة التي تحقر المرأة ان تحسن وضع المرأة !! بعض تلك الاصوات ايضا يحصرن مدى تقدم وضع المرأة بعدد الكراسي التي تحتلها النساء في البرلمان او تراتبيتها في السلطة ؟ ما رأيك انت ؟

 

خيال ابراهيم:  برأيي ان هكذا مطالب مثيرة للشفقة ومخذولة وتافهة لدرجة انها ليست بصالح المرأة نهائيا بل اقول انها ضد المرأة. هل تستطيع ان تطلب من المجرم ان يكون اكثر رأفة بالضحية ؟ كيف ؟. بالعكس يجب ان تفرض على المجرم ان يتوقف عن ارتكاب جرائمه وان يردع. لو كان المالكي مثلا كاسلامي لا يحتقر المرأة او انه في صف المرأة لما كان سيكون له اي اهمية برأيي. سيفقد كاسلامي هويته الاسلامية ويفقد نفوذه في السلطة. ان الدفاع عن حقوق المرأة لا يأتي من صفوف هؤلاء سواء كانوا نساءا ام رجالا. لا يمكن ان تتوسل من السلطة الرجعية ان ترأف بحال المرأة فهي سلطة مجرمة بحق المرأة وكما قلت لا يمكن للمجرم ان يرأف بضحيته التي يعيش على حساب قتلها وقمعها. ان الطلب من الحكومة او الترجي منها الرحمة هو عديم الفائدة بل ومعادي للمرأة من جهة. ومن جهة اخرى فان ما تقوم به شخصيات نسوية داخل البرلمان هو مجرد دعاية وبوق للسلطة يهدف الى تجميل وجهها الاسلامي القومي والعشائري القبيح. انهم يريدون ان يقولوا نحن نحاول ان نكسب حقوق المرأة فانتظرونا. اكرر القول للنساء في العراق وكل محبي المساواة ان تلك الاصوات لا تمثل المرأة باي درجة وان عملها هذا ضار ومعادي للمرأة في جوهره. حين يرسل الطالباني او المالكي رسائل تهنئة للنساء بيوم المرأة العالمي فان ذلك لا يعدو ان يكون دعاية و بروباكاندا رخيصة هدفها تجميل وجه هذه السلطة الاسلامية والقومية. ليس لهؤلاء ايضا جدية بمساواة المرأة او قضية المرأة على العموم.

 

ان وجود المرأة او عدد النساء في البرلمان لا يعني برأيي اي شئ.  اذا كانت المرأة في البرلمان ترفع مطالب معادية للمرأة ولتحررها ومساواتها فنحن نعتبرها في خندق معادي لحرية المرأة تماما كما نحارب قوى الاسلام السياسي والعشائريين والقوميين اعداء المرأة الصريحين. اذا لم تطالب النساء في البرلمان مثلا بمطالب تحررية ومساواتية وتنتقد قوانين الشريعة الاسلامية والعشائرية  فان وجود النساء او عدم وجودهن ليس له اي اهمية. دليلي على ذلك هو ان هناك نساء في البرلمان صوتن ايجابا على قوانين تعدد الزوجات وسفر المرأة بمحرم. العجيب ان اؤلئك النسوة في البرلمان من الداعيات لتحرر المرأة يقلن انهن لن يقبلن ان يتزوج ازواجهن عليهن ولكنهن مع ذلك يقبلن بتعدد الزوجات لبقية النساء !!. ان وجود المرأة في الحكومة او الدولة لا علاقة له بتمدن ورقي مطالب حقوق المرأة.

 

نحو الاشتراكية: اذن ممن تطلب المرأة الحرية والمساواة الكاملة اذن، ان كنت تنتقدين مخاطبة الحكومة او السلطة ؟

 

خيال ابراهيم: برأيي ان هناك الحركة المتمدنة والانسانية وقوى اليسار والاشتراكية. هنالك الملايين من البشر الذي يطالبون بالتمدن وتطبيع الاوضاع في المجتمع. انهم القوى المتمدنة. لا ارى اي جهة من الجهات التي تمثلها النساء الحاليات في البرلمانات او اللواتي يشغلن مناصب في الحكومة الحالية ويمثلن جهات سياسية رجعية او تساومية يمثلن خلاص المرأة من هذه الاوضاع المأساوية والكارثية بل وان البعض منهن كما قلت سابقا اجزاء لا تتجزأ من تلك القوى السياسية المعادية والكارهة للمرأة. ان الجبهة الانســانية والطبقة العاملة وقيادة اليسار العمالي - الانساني لهذه الجبهة هو القادر على انقاذ المرأة من مأساتها. من المعروف ان المرأة تريد التمدن والتحرر في العراق. ان ذلك امر لا جدال فيه ومعروف تماما عن المرأة العراقية. المرأة العراقية ليست متخلفة ابدا وهي كحركة تحرر كانت تقود حركة تحرير المراة في المنطقة. اكاد اقول ان ليس هناك امرأة في العراق لا تداعي بتحرر المرأة ولكن فيما اذا كان لديها القدرة او الفرصة السانحة لكي تدافع عن حقوقها، فتلك مسألة اخرى. ان ذلك يعتمد على التزمت والتسلط الاسلامي وموازين القوى داخل المجتمع. نريد ان نميل ميزان القوى لصالح جبهة النساء والتحرر والمساواة والحرية اي جبهة الانسانية.

 

نحو الاشتراكية: سؤالنا الاخير. قلت ان عدو المرأة في الدول التي تسيطر عليه حركة الاسلام السياسي هو الاسلام السياسي نفسه والقوى العشائرية والقومية. ماهي برأيك القوى المعادية للمرأة في اوربا او الغرب ؟

 

خيال ابراهيم: بتصوري ان المساواة الكاملة للمرأة بالرجل لن تتحقق الا بانتصار الاشتراكية واعني المساواة الكاملة. في الغرب هناك مساواة الى درجة معينة في بعض المجالات ولكن بما ان الرأسمالية هي النظام السائد فان المرأة رغم انها لها حقوق العمل والمساواة الحقوقية ولها مكتسبات معينة الا ان المسؤوليات الاكبر مازالت مركزة عليها. هناك تربية الاطفال والخدمة المنزلية والعنف المنزلي. في اوربا وامريكا هناك العديد جدا من الملاجئ وبيوت الحماية للنساء من العنف المنزلي والضرب والاهانات. للاسف ان العديد من الدول العربية ليس لها مثل هذه الملاجئ او دور حماية النساء من العنف المنزلي. ليس للمرأة في العراق اي ملجأ تلتجأ اليه من العنف المنزلي ومن الاذى النفسي والجسدي الذي يلحق بها. ولكي لا يتم التصور بان من ينشأ الملاجئ هي السلطة الحاكمة في اوربا او الغرب، اود القول ان الحركة النسوية والمساواتية ونضالها المديد هو الذي فرض قوانين تحمي حقوق المرأة ومنها ملاجئ الحماية هذه. لقد فرضتها على الدولة والطبقة الحاكمة.

 

ان الدولة في الغرب انتجت مؤخرا سياسات في غاية الرجعية ضد المرأة. فمثلا هناك قوانين التعددية الثقافية والتي بموجبها يتم اعتبار ان للمرأة الافغانية او العراقية او الباكستانية التي تعيش هناك ثقافة اخرى لهذه المرأة ويحاولون القول ان ليس من حق الدولة في الغرب التدخل في تلك الثقافة المزعومة. مثلا الزوج الذي يفرض على زوجته او ابنته الحجاب او العنف او الزواج المتعدد يقولون ليس من المفروض على الدولة ان تتدخل في حماية المرأة بما ان لديها "ثقافة" خاصة !!. تلك السياسة تسمى "التعددية الثقافية" ولها وزارات ودعم من الحكومات الغربية.

المجتمع حسب هذه السياسة يكون مقسما الى عدد من الثقافات المتباينة. مثلا تنشأ افغانستان مصغرة او باكستان او ايران او مصر مصغرة في قلب المجتمعات الاوربية وبالتالي يفرض على النساء العنف والاظطهاد ودونية المرأة حتى وان كانت في السويد او بلجيكا او فرنسا يكون من حق الرجل ان يتسلط على المرأة ويعاملها بقسوة واهانة لان تلك "ثقافته" الخاصة!. لقد عملت وشاهدت كيف يعامل المهاجرون القادمون من العراق الى الغرب. بدلا من ان تقوم السلطات الاوربية في المطار بتوجيه النساء القادمات من العراق او فلسطين او اليمن الى انهن نساء لهن حقوق كاملة كما للمرأة الاوربية ومتساوية مع الرجل فانهم يسلمون النساء القادمات بروشور (كتيب) فيه عناوين الجوامع التي يمكن لها ان تراجعها !. تلك الجوامع فيها ملالي وشيوخ يوصون الرجال صباحا ومساء بقمع المرأة وضربها !. لقد كنت على اتصال مع امرأة هربت من جحيم اظطهاد زوجها ولكن القس كان يمنع انفصالها وينصحها بالرجوع وقبول اظطهاد الرجل لها. ونفس الشئ ينطبق على الجوامع وشيوخه. رجال الدين الاسلام مثلا يخطبون في الجوامع صباحا ومساءا حول كيف ان "ثقافتنا" خاصة وان لدينا تقاليدنا الخاصة ويخاطبون الرجال قائلين ان عليكم ان تسيطروا على نساءكم وكما تفعلون في افغانستان او ايران او العراق عليكم ان تفعلوا نفس الشئ هنا. يفرضون الحجاب على طفلة بعمر 3 سنوات واي تمرد من الفتاة او المراهقة فانها تعاقب بالضرب المبرح او الخنق او حتى القتل. لقد لاحظت حين تتعرض المرأة من خارج اطر الدول التي يحكمها الاسلام السياسي مثلا المرأة الروسية او الصينية فانها تعامل تماما كما تعامل المواطنة الاوربية وحسب قوانين الدولة المعينة. ولكن ان كانت المرأة مسلمة كردية او عربية او افغانية فانهم يتحفظون جدا في معاقبة المتهم وباسم "الثقافة" الخاصة لان هناك قوى اسلام سياسي في تلك الدولة متحالفة مع الحكومة. ان الحكومات الاوربية تريد ارضاء الشيوخ والملالي لكي تحصل على اصوات "الجاليات المسلمة" ويتخوفون من ذهاب المرأة الى الاعلام وفضحهم لتلك القوى. لقد صادفت نساء عربيات حين اسألها هل يظطهدك زوجك تجيبني ببراءة : وهل هناك امرأة عربية لا تعاني من الاظطهاد والضرب المنزلي ؟!. ان ذلك شئ قاسي جدا. اني اجازف بالقول ان وضع المرأة في بعض الاحيان يكون افضل في مجتمعها السابق حيث ان لديها بعض الحماية من ام او اخت او عائلة رؤوفة تحميها من وحشية زوجها او ابيها او اخيها ولكنها حين تأتي الى الغرب فان تحارب من جميع الجهات حتى في بعض الاحيان من اجل الاحتفاظ باطفالها.

 

ان الحل لهذه السياسة الرجعية في الغرب يجب ان تكون قانون واحد للجميع اي ان تكون حقوق المراة عالمية وليست تابعة لثقافة معينة. على الدول ان تحاسب المجرمين والمتهمين الذين يرتكبون اعتداءات وتجاوزات ضد زوجاتهم بنفس القانون الذي يحاكم به مواطنو تلك الدولة. كذلك الامر بالنسبة لقضايا الطلاق والزواج وحضانة الاطفال واي مسألة مدنية يجب ان تخضع لقانون الدولة بشكل موحد. يجب ان يخضع الجميع كمواطنين متساوين وليسوا اتباعا "لثقافات" خاصة كل واحدة تمتلك قوانينها الخاصة.

 

نحو الاشتراكية: هل لديك كلمة اخيرة؟

 

خيال ابراهيم: قضية المرأة قضية عالمية وان حلها يجب ان يكون عالميا ايضا. المسألة ليست شخصية او محلية ضيقة. حل قضية المرأة اذن يجب ان يكون حلا جذريا وانسانيا. يجب ان تتوحد قوى النساء والتحرر في العالم. المرأة العراقية والمغربية والصومالية يجب ان يكون لها نفس حقوق المراة السويدية والفرنسية والامريكية. لا يمكن ان تحصل المرأة على حقوقها دون اعلاء صوتها والاعتراض. لحد اليوم لم يدافع عن حرية ومساواة وحقوق المرأة كما دافع الشيوعيون، وان التاريخ يخبرنا بان قضية مساواة المرأة وتحررها بدأت مع الطبقة العاملة وقواها الاشتراكية. ان تقدمت حركة الشيوعية العمالية وعلت راية الاشتراكية في المجتمع فان قضية المرأة ستتقوى بشكل لا جدال فيه. والعكس صحيح ايضا فان تراجع الشيوعية العمالية والاشتراكية سيؤدي الى تدهور وضع المرأة. وبالتالي فان تشجيع الشيوعية برأيي معناه تشجيع حقوق المرأة.  ادفع المرأة للانخراط للنضال بكل اوجهه من اجل حقوقها ومساواتها وان تنظم الى الحركة الاعتراضية والراديكالية الاشتراكية. اي نضال تخوض ؟ برأيي ان يكون نضالا حقيقيا وليس كاذبا داخل السلطة الرجعية او من خنادقها.  لحد اليوم برهنت قوى الاشتراكية والشيوعية والطبقة العاملة انها هي القوى الحقيقية المادية التي تدافع عن المرأة دون اي قيد او شرط او ابتغاءا لمنفعة مادية سوى تحقيق كامل مساواة المرأة وانسانيتها.

 

نحو الاشتراكية: خيال ابراهيم نشكرك على اللقاء ونتمنى لك ولمنظمة تحرير المرأة في العراق وللحركة المساواتية السؤدد والتقدم.