نحو الشروع الفوري بانجاز مهامنا

 

عصام شكــري

antisanctions@yahoo.com

 

ان ستراتيجية حزبنا الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي هي خطتنا لانهاء الوضع المأساوي والمدمر الذي تعيشه الجماهير في العراق. وبينما تقدم استراتيجيتنا الحل العملي الفوري العاجل لانقاذ الجماهير وعلى رأسها الطبقة العاملة وبقية الشرائح المحرومة في المجتمع فأن هذا السبيل لانهاء السيناريو الاسود انما يقدم ضمن رؤية اشتراكية ثورية لا تتنازل او تسقط او تؤجل او تسوف ولو للحظة الهدف الاساسي لنا اي تحقيق الجمهورية الاشتراكية في العراق. ان ستراتيجيتنا التي تم طرحها للمجتمع تضع على عاتقنا وعاتق الاحرار واليساريين والنساء وكل التحرريين مهمات عاجلة واجبة التنفيذ من اجل خلاص الجماهير في العراق من المأساة التي سببتها الحرب الامريكية عليها. دون تحقيق هذه المهمات ستدفع قوى اليمين الرجعية سواء كانت امريكا او قوى الاسلام السياسي او التحالف الرجعي القومي – الاسلامي المحلي بمشروعها الاسود قدما وتحاول ترسيخه في العراق اكثر مغرقة الجماهير في ظلمة هاوية لا قرار لها.

 

الدولة العلمانية اللاقومية حل فوري وعاجل للجماهير

 

ان بديل الاستراتيجية بمثابة رؤيا شاملة لمسارات الاوضاع ورسم خطة عمل ذات مهام واضحة وهدف لا محيد عنه لا يقدم مطلب تحقيق الدولة العلمانية - غير القومية بمثابة الهدف النهائي لحركتنا، بل الى ابراز ذلك المطلب بمثابة حل واقعي عاجل لمعضلة وتأزم اجتماعي وسياسي كبير (السيناريو الاسود) سببته قوى البرجوازية بشقيها العالمي والمحلي وبمعزل عن ارادة الجماهير. هذه المعضلة لا تقدر البرجوازية بكل فآتها اليوم على حلها بما يضمن حرية ومساواة وتمدن المجتمع. ان دليلنا على عجز البرجوازية هذا يتضح من خلال الانتخابات الامريكية في العراق والتي ستؤول الى قيام دولة اسلامية قومية طائفية في اطار حلها لمسألة شرعية قوى امريكا بطريقة اقتراع مزيف لقوى مفروضة على الجماهير. ان الدولة القادمة بهذه الالية المساقة ستديم السيناريو الاسود بالمعنى الواسع اي ادامة ترسيخ التفرقة الطائفية والعشائرية وطغيان الاسلام السياسي وهدر انسانية المرأة واللامساواة وانعدام الحريات الاجتماعية الخ.

 

منهج ورؤية الشيوعية العمالية:

 

ان رؤية استراتيجية حزبنا الى الاوضاع في العراق رغم قتامتها هي رؤية الشيوعية العمالية لا لاننا نطرح موضوع الدولة العلمانية كبديل فوري بل لان هذه الرؤية تحديدا هي رؤية اشتراكية وليست انتهازية. نحن ننظر الى الدولة الاشتراكية كتجسد أوحد ووحيد للدولة العلمانية في العراق. وبهذه الكيفية نحن لا ننظر للدولة العلمانية التي نسعى لتحقيقها على انها 1)  بمثابة خطوة نحو الدولة الاشتراكية و2) ولا هي بمثابة حل بامكان قوى سياسية برجوازية مؤتلفة او متحالفة انجازه (كما يقول الاشتراكيون اليمينيون المناشفة). اننا نرى ان العلمانية هي دولة الاشتراكية ذاتها وليست الخطوة نحوها. وبهذا يكون من الطبيعي القول ان ذلك مهمتنا. والحال، ان وضع مقترحات حول الدولة العلمانية باطارغير اشتراكي – تحالفي – مساوماتي يحولها الى هراء سياسي للاستهلاك لان الدولة الناتجة عن ذلك التحالف المسمى "منظمة جماهيرية" لن تكون دولة علمانية على الاطلاق. كل المراهنات على قدرة البرجوازية بالائتلافات او غير ذلك على تشكيل الدولة العلمانية في العراق انما تقدم خدمة مجانية  للبرجوازية لاجهاض الدولة العلمانية وقتل الامل عند الجماهير بها.

 

أسس تقييم الوضع في العراق:

 

استراتيجيتنا ترجع ما يجري في العراق تحديدا الى ثلاثة اركان: اولها) النظام العالمي الجديد للولايات المتحدة الامريكية ابان سقوط عالم ثنائي الاقطاب وايجاد نظام الهيمنة الامريكية على العالم المسمى النظام العالمي الجديد. وثانيها) ان الوضع في العراق اليوم ( السيناريو الاسود) هو نتيجة للحرب الامريكية على العراق واحتلاله واسقاط الدولة دون تدخل من الجماهير. وثالثها) ان الصراع بين الاحتلال الامريكي وقوى الاسلام السياسي ( المظهر الاساسي للسيناريو الاسود) هو صراع ارهابي ذو بعد عالمي. يتضح ذلك من خلال تحول العراق الى ميدان حرب وصراع بين الارهابين الامريكي من جانب والاسلامي-القومي الطائفي من الجانب الاخر. والجدير بالذكر ان ما يشهده العراق اليوم من تفشي القوى الرجعية الاسلامية القومية المذهبية والعشائرية هو في حقيقة الامر ليس جزء من الواقع السياسي العراقي او تركيبة ونسيج المجتمع العراقي كما تحب وسائل الدعاية الغربية والبرجوازية المحلية الترويج له من خلال بث الاكاذيب بل هو جزء من سياسة الغرب وتحديدا الولايات المتحدة الامريكية تجاه العراق.  ان امريكا تدعم اخضاع المجتمع لسلطة القوى الاسلامية القومية المعادية للعلمانية وتستقدمهم لتسليط نفوذهم على المجتمع بحجة ان تخلفهم ورجعيتهم ولا انسانيتهم هي "مطالب جماهيرية". ان تلك اكاذيب دنيئة هدفها زرع الطائفية داخل الجماهير وحفر خنادق الحقد الديني والقومي والاثني بينها. ذلك يحيلنا الى استنتاج ان امريكا والبرجوازية العراقية ليست فقط غير قادرة على التماهي مع قيم العلمانية لاصطدمها بمصالحها وتمثيلها لمصالح العمال والكادحين والنساء بل لانها لا تود تحقيق دولة علمانية في العراق. ان ما يجري الاعداد له من انتخابات في العراق لن يؤدي وفق التحليل السابق لانشاء دولة علمانية بل دولة اسلامية وقومية. ومن هنا نستطيع الرجوع الى قولنا السابق في ان مهمة تأسيس الدولة العلمانية والمدنية غير القومية اليوم ملقاة على عاتق الشيوعيين والعمال وليس غيرهم.

 

وبرغم ان الوضع في العراق الان لا يمتلك سمات الثورة بل خمود الهمة وانكسار قدرات الجماهير الا ان مسألة الدولة اليوم (كما في المراحل الثورية) تشكل بنظرنا محور الصراعات بسبب غياب الامان ووسائل العيش الطبيعية للناس. ان الملايين من العمال والكادحين في العراق لا يستطيعون النضال من اجل رفع مستوى تطلعاتهم وهم منهمكين الى حدود فظيعة بمهمة البقاء على قيد الحياة والحفاظ على امن اطفالهم والسعي من اجل الاساسيات. ترى استراتيجيتنا من هذا المنطلق ان غياب الدولة يشكل العامل المشترك بين وضع المجتمع الحالي اي السيناريو الاسود وبين المجتمع في الثورة. ففي الحالتين فان الدولة ستكون الهدف او العقدة. مرة من خلال توفيرها لمستلزمات مجتمع طبيعي ومرة من خلال تراص القوى الاجتماعية المعترضة ضدها. ان وجود الدولة كحل للسيناريو الاسود سيعزز من قدرة الطبقة العاملة والجماهير النسوية والفئآت المعترضة لا على ارجاع حياتها الى المسار الطبيعي من توفر الامان ووسائل العيش حسب وانما النهوض السريع لقدراتها الطبقية العظيمة من خلال التنظيم والتعبئة والتي لن تتجلى دون وجود الدولة بمثابة هدف لحملات الاعتراض.

 

مهماتنا العاجلة لوضع برنامجنا موضع التطبيق

 

ان استراتيجيتنا قد وضعت اضافة الى تحليل دقيق للوضع السياسي والاجتماعي في العراق ورسمت الخطوات العملية لمجموعة من المهمات التي بانجازها سيكون بالامكان تحريك الامور باتجاه مشرق مناهض للسيناريو الاسود ومشاريع البرجوازية. ان اول تلك المهمات هي النضال الحازم داخل المجتمع العراقي والعالمي لاخراج قوات الاحتلال الامريكي- البريطاني من العراق ونزع اسلحة جميع القوى والمليشيات الاسلامية القومية الرجعية الموجودة في العراق وباشراف قوة اممية. ان خروج تلك القوات بالتزامن مع نزع اسلحة القوى المليشياتية الاسلامية – القومية هي الاساس المادي لكي ننهي الوضع المأساوي الذي خلقته امريكا في العراق ويوفر الارضية المناسبة لتشكيل دولة تمثل ارادة الجماهير الحقيقية. علينا ان نطرح حركتنا في المجتمع وقدرتها وعلى اوسع نطاق كبديل للسلطة وذلك بمناهضة القوتين الارهابيتين للسيناريو الاسود. علينا ان نقوم بفضح البرجوازية وخططها للمجتمع وان نبلغ وبصوت عال بان البرجوازية وكل قواها عاجزة تماما عن الاتيان ببديل الحكومة العلمانية غير القومية وبأن الحزب الشيوعي العمالي اليساري والقطب الاشتراكي ومن خلال الجماهير قادر على الاتيان بهكذا دولة تحقق التمدن والمواطنة المتساوية والرفاه. علينا ان نقاوم مشاريع امريكا الحالية لتنصيب حكومة شرعية اسلامية – قومية وان نناضل ضد هكذا حكومة او دولة في حال تنصيبها. كما ان علينا تعبئة قوى الجماهير في المحلات والمناطق والمدن المختلفة في العراق لاخراج القوات الامريكية- البريطانية والقوى الاسلامية البعثية وانهاء وجودها المسلح وسيطرة الجماهير على ادارة امورها بانفسها. ان تعبئة القوى الاجتماعية وخصوصا المنظمات النسوية ضد المناهج الرجعية السافرة للاسلام السياسي وبداءله وتعبئة كل القوى لفضح محاولاته التدخل في شؤون الدولة او المؤسسات العامة. واخيرا يجب على قوانا في الخارج خاصة ان تعبئ الجماهير والقوى اليسارية العالمية ضد ارهاب الغرب والارهاب الاسلامي والجرائم الفظيعة المرتكبة من قبل هاتين القوتين الوحشيتين وان تدفع قدما بمطالبنا في اخراج المحتل وتجريد الاسلام السياسي والبعث من اسلحته وتحويل هذه المطالب الى قوة اجتماعية كبيرة تتمحور حولها كل القوى اليسارية والعمالية والجماهير الغفيرة داخل وخارج العراق.