" منظمة حرية العراق "

وتسليم الاشتراكية الانتهازية المنصة لليمين

عصام شكــري

ishukri@gmail.com

 

أثار احد المهتمين بالاشتراكية من بريطانيا مع "رفيق" سابق ينتمي الى الجناح اليميني لحركة الشيوعية العمالية سؤالا حول المنظمة التي انشأها ذلك الجناح والمسماة "منظمة حرية العراق" واطلقوا عليها بالانكليزية اسماً اكثر جاذبية ولكنه اكثر اثارة للجدل وهو "Iraqi Freedom Congress" (شئ فخم حقاً). وقد اعترض هذا الاشتراكي البريطاني او المهتم بالاشتراكية وبطريقة مهذبة بأن هذه المنظمة والتي يتبناها حزب يدعي انه حزب اشتراكي وثوري ويحمل راية الطبقة العاملة هي منظمة تشابه من حيث الشكل والاهداف والمحتوى منظمة المؤتمر الوطني الافريقي "African National Congress" . والتي كانت تناضل من اجل تحرير دولة جنوب افريقيا من بريطانيا وحكم الاقلية العنصرية العميلة البيضاء فيها. وقد اعترض هذا الشخص المهتم بالشيوعية العمالية بان منظمة حرية العراق بهذا المعنى هي منظمة شعبوية وليست عمالية طبقية. بمعنى انها منظمة تظم بين جنباتها او تفتح ذراعيها لكل التيارات والشرائح والطبقات الاجتماعية في العراق ( واقواها بالطبع هي البرجوازية وتياراتها) – فهي اذن منظمة ذات ميل طبقي برجوازي وليست عمالية. بمعنى اخر ان تلك المنظمة لا تعلن في اهدافها انها منظمة عمالية او مجالسية او تهدف الى تحرير الطبقة العاملة العراقية من الرأسمال وتحقيق الاشتراكية (لا سمح الله) بل الى "حرية العراق" بمعنى تحرير "الوطن" من المحتل الامريكي وايضا ترسيخ اسس التمدن والمدنية والمجتمع المدني.

والحق يقال ان "تناطحنا" كرفاق سابقين مع اولئك الذين لم يقاوموا رياح اليمين فمالوا معها حتى اوشكت ان تطرحهم ارضا كان في جوهره على كونهم تحديدا قد نبذوا هدف الاشتراكية والثورة في منهجهم – اي جوهر وزبدة برنامج "عالم افضل". حينها وصمنا نحن باننا " يساريون هامشيون" و " ايديولوجيون حالمون" و"ثرثارون" و "مخربون" و " مفتشوا عقائد"  - تشبيها بمحاكم التفتيش الكنسية التي سادت في العصور الاقطاعية الاوربية.  بل ان زعيم تيارهم السيد كورش مدرسي وصف الجناح اليساري الذي انشق هو عنه بانه حفنة من المهللين للاشتراكية كما يهلل المهووسون المسيحيون في الكنائس للرب بهذيان هللويا هللويا.!!

واليوم وبعد ذلك النضال " الايديولوجي" الذي فرض علينا وبدا في وقته لبعض الرفاق الاعزاء نظريا جدا و"ناشفا" وبلا طعم ولا معنى مفهوم على اعتبار انهم اعتقدوا انها مسألة تصفية حسابات بين شخصين مغرورين، حتى عاتبونا على المبالغة، بدأ الاشتراكيون الذيم لاناقة لهم ولا جمل في ذلك الصراع بين التيار الانتهازي والتيار الاشتراكي في حركة الشيوعية العمالية " بشم" رائحة الانتهازية العابقة وبعد مرور شهور قليلة على تلك الاحداث. وقد بدأوا بوضع شكوكهم على الورق وعلى المنابر بالقول ( للتيار اليميني) كيف وانتم اشتراكيون قولا وثوريون شكلا تؤسسوا لحركة قومية شعبوية ذات طابع تحريري برجوازي ولا علاقة لها باهداف الطبقة العاملة ولا ثورية او اشتراكية لبرنامجها واهدافها سوى "تحرير العراق من المحتل" وترسيخ المدنية في المجتمع؟!!.

لقد قلنا ذلك قبل الاخرين واعتراضهم الماركسي الحريص والذي يبدو اكثر نزاهة وثورية من الرفاق المائلين الى اليمين وقلنا بوضوح ومنذ البداية بان قرار مكتبهم السياسي بتاريخ 25- 8- 2004 هو قرار يميني وستترسخ يمينيته مع مرور الوقت. وهاقد مضت ايام قلائل وهم يسيرون (ورفاقهم الاصليين بالطبع) قدما في اتجاه اليمين والانتهازية ويتخلون تدريجيا عن كل نهج ثوري واشتراكي في برنامج الشيوعية العمالية "عالم افضل". لقد بلعوا قشوره ولفظوا لبه !.

ان تنظيرات زعيم حركتهم السيد مدرسي هي مصدر الهاماتهم الانتهازية. فهو اليوم قد رسخ وبشكل ثابت "ابحاثه" المرفوضة السابقة من اقرب مقربيه وصاغها نهائيا واعلن بانه يود اسقاط الجمهورية الاسلامية وتأسيس حكومة ائتلافية مع اقطاب البرجوازية " الخيرة" ومن ثم الدعوة الى استفتاء..الخ مما سأمناه بل ورفضه حتى اصدقاءه في حينها واستنكروه وطلبوا منه سحبه كبحث.

وعلى قاعدة " شبيه الشئ منجذب اليه" يتصرف رفاقنا. فهاهم يسارعون الى تنفيذ وصايا الرفيق بأن يؤسسوا دولة المنظمة في العراق والتي " وياللسخرية" ستحرر العراق من المحتل الامريكي بعد ان تسيطر على السلطة وتتحول الى دولة وجدوا لها اسم من الان – دولة المنظمة ( اقرأ الحكومة الائتلافية اياها !).

اليوم يضعون هذه الافكار الانتهازية موضع التنفيذ ويأسسون المنظمة التي ستطرد المحتل الامريكي بعد ان تستلم السلطة بالاشتراك مع البرجوازية.  بطبيعة الحال لن يجري هذا من خلال تنظيم العمال والكادحين او تأسيس حزباً سياسيا اشتراكيا مقتدرا يستلم السلطة مثلا – كلا، عفوا، هذه خرافات وترهات ماركسية كلاسيكية كما يقول السيد مدرسي. ان لهم اساليب حديثة ومتمدنة وغير عنفية غاية في النعومة والرقة تتلخص في انشاء مؤسسات يراعى عند تأجير مركزها ان يكون فيها غرف للاجتماع مع اطراف البرجوازية التي تلتقي معهم على مطالب العلمانية او فصل الدين عن الدولة او مساواة المرأة الكاملة بالرجل وربما. ولكن... من هي تلك القوى البرجوازية العجيبة والتي لا يمكن لاعيننا "اليسارية الهامشية" ان تراها؟! لاندري. ربما استطاعوا اما اختراعها او ( وهو الاكثر واقعية) انها هي من ستجدهم وحينها سيسلموها المنصة ويرحلوا.

ان منظمة حرية العراق لمن يهمه امر الاشتراكية او حركة العمال الاعتراضية او الثورة الاجتماعية هي منظمة انتهازية للحركة الاشتراكية هدفها الخروج بحلول "متمدنة" و"علمانية" دون الم او مشقة ودون تنظيم العمال ودون تحرك ثوري او احتجاجات او تنظيم لقوة الجماهير...وبطبيعة الحال دون اشتراكية ووجع رأس. سيكفيهم الجلوس مع الاخرين والتفاوض وربما...ربما فكروا في عمل استفتاء ما على دستور ما فيما بعد.... فيما بعد.