مقابلة مع عصام شكــري سكرتير اللجنة المركزية حول بديل الحزب للسلطة السياسية في العراق

 

 

نحو الاشتراكية: بماذا يتميز بديلكم السياسي للسلطة عن بقية البدائل السياسية ؟ وما هو المضمون السياسي والطبقي لهذا البديل؟ ولماذا تم طرحه في ظل الأوضاع السياسية الحالية للعراق؟

 

عصام شكــري: بديلنا بشكل اساسي يطرح مسار معين امام القوى السياسية الرافضة للحكومة الحالية والتي تريد تغيير الاوضاع ويمكن ان توجه عملها باتجاهه. هناك قوى مختلفة لا تشترك مع القوى الدينية والطائفية والقومية والعشائرية الحالية وهي قد تكون مؤلفة من شخصيات او تيارات او جمعيات او نقابات عمالية او احزاب تناضل ضد السلطة الحالية. ان بديلنا يطرح بديل اخر للسلطة الحالية التي اصبحت منتهية الصلاحية. بديلنا يطرح امكانية سياسية جدية لاستعاد الجماهير لارادتها السياسية التي سلبت منذ امد طويل جدا ولكن الحرب الامريكية والارهاب الاسلامي والصراعات الرجعية والبربرية التي شنوها في العراق بعد العام 2003 قد فرضت المزيد من سلب الارادة وابعاد الجماهير عن تقرير مصيرها بايديها.

 

اما حول تميز بديلنا عن البدائل المطروحة فبرأيي يمكن توضيحه في جانبين؛ اولهما هو في طرحه لمسألة تغيير السلطة داخل المجتمع، وثانيهما في توضيح ديناميكيات تغيير السلطة الحالية. ان الحالة الراهنة تسحب قوى اصلاحية كثيرة الى السطح ( منها قوى من داخل السلطة نفسها ) وتبرز حلول اما توفيقية تصب في مصلحة المجاميع الحاكمة واما تظهر انسداد كامل للافاق. ان الافاق التي يحاول بديلنا ايجادها لا تعتمد على الترقيعات الاصلاحية ( المستحيلة على اية حال ) ولا على التحالفات مع الاسلاميين والقوميين بحجة تحرير العراق من الاحتلال الامريكي او ما يسمى بحكومة وطنية وهلمجرا. بديلنا يطرح منهج ثوري لتغيير السلطة لا يعتمد على اليات الطبقة الاستغلالية لكسب الشرعية. بديلنا  نابع من ارادة الجماهير ويهدف الى تحرير تلك الارادة عن طريق المجالس الجماهيرية. ان المسألة برأيي مرتبطة بمسألة كسب الشرعية للسلطة السياسية المقبلة. حزبنا يقول ان شرعية السلطة المقبلة يجب ان تؤمن من قبل كل الجماهير ممثلة بمجالسها وليس عن طريق البرلمان. ان الفرق شاسع وكبير.

 

بالنسبة للمضمون السياسي فان بديلنا هو بديل حزب شيوعي عمالي. وبمعنى اخر هو طرح الطبقة العاملة العراقية للسلطة السياسية. ان اهمية طرحنا تكمن في ادخال الطبقة العاملة كلاعب اساسي يصارع على السلطة السياسية في العراق. انني اعتقد ان بديلنا، ومن خلال المجالس الجماهيرية وفتحه لهذه الامكانية داخل المجتمع، بامكانه ان يطرح افق اشتراكي لمسألة السلطة السياسية في العراق بعد دمار واسع وشامل لعدة عقود. وبهذا المعنى فان طرحنا ليس فقط استجابة للاوضاع الثورية الحالية ولكنه يشكل عتلة ثورية لها. ان مقترحنا هو احد اقدامات فصيل عمالي داخل الطبقة العاملة العراقية على طرح انجاح الثورة ووضعها على مسار النصر سياسيا.

 

نحو الاشتراكية: في ظل الأزمة السياسية المستمرة في العراق، والصراع الحاد بين مختلف البدائل السياسية للبرجوازية حول السلطة السياسية، وفي ظل تشتت وضعف الحركة اليسارية وقوى العلمانية والتمدن، فهل بوسع هذا البديل ان يجد في الساحة السياسية للعراق أن يجد من يصغي اليه؟ وهل بوسعه ان يتحول الى قوة سياسية فعالة في ميدان الصراع على السلطة؟ وكيف؟

 

عصام شكـــري:اعتقد ان نقطة البدء بالنسبة لرؤية الوضع يجب ان تنطلق من المجتمع نفسه وليس من انعكاسات افراده الفكرية او السياسية يسارا كانت ام يمينا. المجتمع كما هو منقسم الى طبقتين: طبقة ساحقة محرومة من كل شئ وطبقة معدودة على اصابع اليد ولكنها فاحشة الثراء ومسيطرة على المجتمع بقوة السلاح والميليشيات. هذا الوضع ليس حكرا على العراق ولكنه الاثر فجاجة في العراق.

 

لقد بدأت بذلك لاقول ان بديلنا لا يهدف، برأيي، الى البدأ بعمل تحالف مع قوى اليسار او شئ من هذا القبيل. ليس هناك هدف غير معلن للوثيقة تخطط لذلك. وبالتالي فان الوثيقة قد تقوي وقد لا تساهم في تقوية اليسار بهذا المعنى. الهدف الاساسي لحزبنا هو رسم افق او منظور لكل المجتمع ولكل من يوافقنا على المبادئ التي وضعت في تلك الوثيقة. لا يهم من اية قوة سياسية تكون بل ان المهم هو ان توافق على مضمون بديلنا للسلطة.

 

هذه نقطة. النقطة الاخرى هي ان البديل هو لفصيل سياسي شيوعي عمالي للطبقة العاملة، اي حزبنا. ان لطرحنا هدف جعل عقلية السلطة السياسية متغلغلة في صفوف العمال بقدر ما هي ابراز بديلنا كبديل سلطة سياسية وليس من اجل عمل التحالفات. ان عقلية السلطة السياسية غير مترسخة لدى اليسار. انهم يريدون التحالف طوال الوقت، يريدون التحالف في الوضع الثوري وفي الوضع الراكد. دائما التحالف. ان العقلية التحالفية هي ليست فقط غير سائدة في اوساطنا بل انها تشكل احد تمايزاتنا مع بقية الفصائل اليسارية. اننا نريد ترسيخ عقلية السلطة السياسية بمعزل عن عددنا وامكاناتنا. ان عقلية السلطة السياسية للشيوعيين يجب ان تخرج من دائرة "المحرمات". هذه مسألة مهمة جدا.

 

نحو الاشتراكية: المعروف ان مختلف الحركات والقوى السياسية البرجوازية يعتمدون على قوى أقليمية ودولية لتقوية موقعهم التنافسي في الصراع على السلطة. فما هو مصدر قوتكم؟ ومن أين تنطلقون للصراع على السلطة؟ وبأية وسائل وآليات ستدخلون معترك التنافس على السلطة؟

 

عصام شكـــري: الظروف الحالية هي التي افرزت بديلنا للسلطة السياسية. ولكن المسألة المهمة بالنسبة لي هو اننا (تجرأنا) بطرح بديل الشيوعية العمالية للسلطة السياسية حتى دون ان نتحول الى لاعب اساسي ودون ان نحصل على دعم من احد، لا من الاطراف الاقليمية ولا غيرها. نحن حزب صغير وليس لدينا دعم. صحيح ولكننا حزب مؤثر لاننا حزب عمالي؛ حزب ملايين من الجماهير المحرومة وحزب النساء ايضا. اننا نطرح مسألة السلطة السياسية. ذلك الطرح برأيي يمكن ان يحولنا الى لاعب اساسي ولكن ذلك معتمد على حركتنا ايضا ونشاطنا من اجل هذه المسألة وليست المسألة اوتوماتيكية. ان الاشتراكية ليست حتمية. انها رهن بنضال الاشتراكيين. ولكن الفكرة التي لدي هو اننا لن ننتظر ان نتحول الى حزب واسع واجتماعي لكي نفكر بعدها بالسلطة. لن نعمل ذلك لا من خلال التأثير العميق داخل صفوف الطبقة العاملة ولا من خلال التحالفات مع احزاب يسارية. ان عقليتنا يجب ان تترسخ اليوم والان بانها عقلية سلطة. عقلية انتهاز الفرصة وطرح البدائل والاتجاهات بسرعة. هذا هو جوهر تفكير الشيوعية العمالية بصدد السلطة السياسية. بطبيعة الحال يجب ان يكون لدينا نفوذ معين داخل اوساط الجماهير المعترضة والثورية وان هذا النفوذ بالضرورة يستدعي اقدام معين وان نركز انظارنا على مسألة السلطة. ان بديلنا للسلطة السياسية هو ذلك الاقدام. ان بديلنا هو بمثابة مانيفستو يعلن: الشيوعيون يفكرون بالسلطة.

 

وعلى صعيد اشمل فان بديلنا للسلطة السياسية يمكن ان يجعل من حزبنا اكثر قدرة جماهيرية. الجماهير ترتبط بتلك القوى التي تنشط من اجل احداث التغير الفوري في حياة الجماهير بدلا من الانتظار حتى يكون لها نفوذ وتوسع وامكانيات وهكذا. وبالتالي فان تقدمنا بهذا البديل بهذا المعنى هو مسعى اخر لتحولنا الى حزب واسع حتى ضمن السياقات الحالية والتي تشهد ارتباط الاحزاب بالقوى الاقليمية الاسلامية والقومية والبرجوازية العالمية واخذ الدعم اللا محدود منها.

 

 

نحو الاشتراكية: هل أن قرار انسحاب القوات الامريكية من العراق سيسهل مهمتكم في الصراع على السلطة ؟ وألا ترى أن هذا الانسحاب مع واقع ضعف وتشتت قوى اليسار والعلمانية من شأنه أن تساعد على تقوية القوى السياسية المذهبية والقومية لفرض بدائلهم وسياساتهم الرجعية على المجتمع العراقي؟

 

عصام شكـــري: برأيي نعم ان خروج القوات الامريكية سيسهل مهمة نضال الشيوعيين والعلمانيين والاشتراكيين. ان القوات الامريكية لم تجلب سوى الكوارث للجماهير وان الاوضاع اليوم مأساوية بما يكفي بوجود هؤلاء. ان المسألة الاساسية برأيي، هو ان الجماهير وانتفاضتها الثورية يجب ان تدخل في الحسابات. في السابق كان من الممكن القول ان نفوذ الاسلاميين سيتصاغد بعد خروج القوات الامريكية ولكن اليوم بعد كل هذه الثورات وخاصة في العراق فان هؤلاء سيكونون في موقع اضعف. هنالك بالطبع احتمال الصراع المذهبي والعرقي والديني والطائفي ولكن بروز جبهة الجماهير ووجود حزبنا في قلب تلك الجبهة مهم بالطبع.

 

القوات الامريكية يجب ان تخرج وهي التي مزقت المجتمع في العراق اربا وحولته الى كانتونات دينية وقومية واثنية متصارعة. انها العائق الجدي والداعم الاساسي للقوى السياسية الرجعية الحاكمة من اسلامية وقومية وعشائرية والتي لم يكن لها ان تجد فرصة لتحكم لولا تنصيبها بالقوة من قبل الجيش الامريكي وبحربه المدمرة المعروفة. ان خروج القوات الامريكية يعني نفض البرجوازية العالمية ليدها عن المجاميع التي نصبوها وبالتالي سيكون بمقدور الجماهير الاجهاز على تلك القوى وازاحتها وبروز القوة الاشتراكية في خضم ذلك الصراع واجراء تحولات جدية على المجتمع.

 

نحو الاشتراكية: بما ان بديلكم السياسي للسلطة يحمل مضمونا" اجتماعيا" انسانيا"، وصورة مشرقة للمستقبل السياسي للمجتمع العراقي. ألا ترى بأن يتعرض أية محاولة من قبلكم لرفع راية هذا البديل أثناء التنافس على السلطة، لهجمة شرسة من القوى المذهبية والقومية لاجهاضها وهي لاتزال في المهد؟ واذا كان الأمر كذلك، فما هو السبيل لصد واحتواء مثل هذه الهجمات؟ وكيف ستتقدمون الى الأمام بين كل هذه الضواري ؟

 

 

عصام شكــري: ان الجماهير قد ذاقت جزء من وحشية القوى الحاكمة وخاصة اثناء قمع حكومة المالكي للتظاهرات الجماهيرية. بامكاننا التحرك مع الجماهير والترويج لبديلنا داخل اوساط الجماهير وقواها الاعتراضية. يمكن عمل ذلك في العراق الان. ليس هناك حزب بعث ولا اوضاع بوليسية بل فوضى وميليشيات متناحرة. انهم منهكمون بالصراعات على النهب والسلب والمحاصصات وارضاء امريكا وايران. حركة الجماهير اليوم ممكنة وقائمة بفعل عدة عوامل، ولكن الاهم هو ان بامكان الشيوعيين اليوم العمل داخل اوساط الجماهير. كما بينت في المقدمة ان السلطة اليوم عاجزة وفاشلة وان بامكان القوى الاشتراكية العمل في ظل هذا العجز والفشل وهبة الجماهير. انها فرصة يجب علينا انتهازها . انني اعتقد ان هناك امكانية وفرصة سانحة تفتح افاقها لنا الحركة الثورية. يجب ان نتقدم ونستغل الفرصة لا ان ننتظر توسيع اعتبارنا ونفوذنا. لقد جربت العديد من الاحزاب المدعية بالشيوعية ذلك الموضوع دون ان تفكر بالسلطة السياسية ولم تهيئ نفسها لهذه الامكانية. لم تنجح تلك الاحزاب رغم ان نفوذ بعضها كان واسعا جدا. باختصار اليسار لا يفكر بالسلطة بل فقط باقامة تحالفات. علينا في العراق ان نكسر ذلك التقليد وان نقدم حزبنا كحزب سلطة وطامح بالسلطة.

 

نحو الاشتراكية: هل من الممكن أن توضح لقراء جريدتنا، كيف سيكون هرم السلطة الذي يطرحه هذا البديل؟ وكيف سيتم بنائه؟ وما هي تركيبته السياسية والاجتماعية والتنظيمية؟

 

 

عصام شكــري: جوهر بديلنا يتحدد في انشاء وتقوية ودعم المجالس الجماهيرية (بعد انجاز الثورة) والتي ستشكل العمود الفقري لبديل السلطة السياسية في العراق. ان الية العمل بهذا البديل سيشتمل على الدفع بفكرة وممارسة المجالس العمالية والتي ستكون اساسا لعملية اختيار السلطة المقبلة وجوهر شرعيتها. بطبيعة الحال يشرح برنامج حزبنا "عالم افضل" شكل السلطة المجالسية وهرميتها وصولا لانتخاب المجالس لجهازها التنفيذي – اي الحكومة باسهاب. ان حزبنا سيسعى ويناضل داخل المجالس من اجل التعبئة لبديلنا الاشتراكي وانتصاره في العراق.

 

******